خلال ملتقى الحوكمة في الشركات العائلية بغرفة الشرقية
خبراء حوكمة يدعون إلى ضرورة تقليص ملكية العائلة في الشركة إلى 35% من الأسهم
هايدن: حتى تبقى الشركة العائلية عليها أن تُحدد من يملك السفينة، المالك أم الربان أم بالشراكة بينهما؟
المهيدب: بعض مجالس الإدارات في العالم تجتمع 12 مرة في السنة
العطيشان: الشركات العائلية مسؤولة عن تحريك ما لا يقل عن 90% من اقتصاديات المنطقة
الزامل: السمات الرئيسة لدستور عائلة الزامل تهدف إلى تعزيز قيم العائلة
خلص مُلتقى الحوكمة في الشركات العائلية الذي نظمته غرفة الشرقية أمس الأربعاء 19 أبريل الجاري تحت رعاية وزير التجارة والاستثمار، ماجد القصبي، وبالتعاون مع كلية إنسياد لإدارة الأعمال، إلى ضرورة الأخذ بالحوكمة كمنهج مُتبع في الشركات العائلية، وذلك بالتوازي مع الأخذ بها داخل العائلة ذاتها، وأن نمو واستمرارية الأعمال العائلية يأتي عبّر تغيير الثقافة بين الأجيال الناشئة داخل العائلة نحو قبول واحترام آراء الآخرين.
وأجتمع المتحدثين، على أهمية وجود الأعضاء المستقلين داخل مجلس الإدارة، وأن يكون العضو المستقل جالبًا معه قيمة علمية مضافة يمكن أن تُثري الشركة بالأفكار الإبداعية، داعين إلى ضرورة تقليص ملكية العائلة في الشركة إلى 35% من الأسهم، مؤكدين أن انهيار الشركات العائلية يأتي في جزء منه إلى إهمال الجوانب الاستراتيجية، وبذلك أشاروا إلى أهمية وجود خطط استراتيجية قابلة للتنفيذ بشكل صحيح وتحت بإشراف مجلس الإدارة.
الحوكمة ومجلس الإدارة
وقد دعت الجلسة الأولى للملتقى إلى تفعيل دور مجلس الإدارة في الشركات العائلية، دون الاكتفاء بكونه مالكًا للشركة، وذلك من خلال تفعيل العلاقة مع الجهاز التنفيذي، ووضع الرؤية والرسالة، ووضع المعايير الخاصة بالنجاح، ومساعدة الجهاز التنفيذي على تحقيقها.
وقد تحدث خلال هذه الجلسة التي حملت عنوان (الحوكمة وتفعيل دور مجلس الإدارة)، رئيس مبادرة كلية إنسياد العالمية للحوكمة البروفيسور، لودو فان دير هايدن، الذي قال إن الحوكمة كلمة صعبة بعض الشيء، لأنها ليست نشاطًا بقدر ما هي ينطوي عليها من المحاسبة والمتابعة، فهي كيان قانوني يمكن من خلالها إقالة الإدارة التنفيذية.
وذكر بأن الحوكمة كلمة يونانية تعني الإبحار، لا يملكها بالضرورة الربان لوحده، رغم أنه يتحكم في مسير السفينة، بينما مجلس الإدارة هو الذي يملك السفينة ويملك قرارها، ولكن الذي يبحر هم المدراء التنفيذيون، كونهم هم الذين يأتون ويخرجون، فالحوكمة بحسب هايدن أشبه بالسفينة، والربان هو المدير التنفيذي والمالك هو مجلس الإدارة، وفي حال أخطأ الربان فقد يُفصل ويتم الاستغناء عن خدماته، لذا فالشركة العائلية حتى تبقى عليها أن تحدد من يملك السفينة هل المالك أم الربان أم بالشراكة بينهما، وحتى تسير السفينة إلى الأمان لابد أن يكون بينهما تواؤم وانسجام.
الشركات أشبه بفريق كرة القدم
وأكد هايدن، بأن على مجلس الإدارة تحديد ماذا يريدون من الشركة وماذا يتطلعون، فلا بد أن يكون لدى أعضاء المجلس إطار عمل يتم من خلاله تحديد معايير النجاح، والتعاون مع الجهاز التنفيذي لتحقيق تلك المعايير، فلابد للمجلس أن يُحدد الرؤية والرسالة، وتوجه الرسالة في العديد من الشركات العائلية إلى العائلة نفسها ولكن المطلوب أن تكون قد صيغت حسب معطيات وتحديات السوق، والنظر إلى المستقبل.
وشبه هايدن، الشركات بفرق كرة القدم، الكل يشارك في اللعب، وكل واحد يقوم بدور ما في المهمة بمن فيهم مجلس الإدارة، والمدير التنفيذي يقوم بدور مزدوج في هذه العملية فقد يكون مهاجمًا يسعى لتحقيق الأهداف، وقد يكون مدافعًا يسعى للحفاظ على الشركة، لافتًا إلى أن المساهمين قد يؤثرون على مجلس الإدارة، كما أن المدير التنفيذي قد يؤثر أيضًا، لذا فمن اللازم على مجلس الإدارة أن يُحدد ماذا يريد من هذه الشركة أن تكون، وليس الاكتفاء فقط بتعيين الكادر التنفيذي، ومن ثم تسريحه وطرده، ومن هنا ولضمان استمرار الشركة فإن العملية تبدأ من مجلس الإدارة وعلاقته بالجهاز التنفيذي.
وأكد هايدن بأن الحوكمة تبدأ من مجلس الإدارة، والغرض من ذلك هو الالتزام بالقوانين، مشيرًا إلى أن الحوكمة هي لوضع الخطط والأفكار لتنفيذها على المدى الطويل.
إبعاد العناصر السيئة في المجالس التنفيذية
فيما استعرض من جانبه المدير المُقيم لدى مبادرة إنسياد للحوكمة، فرانك دانجيرد، بعض قصص الشركات الناجحة، والتي تمت بعضها بمبادرات وقرارات مجالس إداراتها، مؤكدًا بأنه على أعضاء المجلس المحاولة للحفاظ على الشركة، وإبعاد العناصر السيئة في المجالس التنفيذية، وإدارة الشركة بالتعددية والعمل بروح الفريق الواحد وأن يكون كل عنصر جاهزًا لخدمة الشركة، وأن تتحول القرارات إلى منتجات.
وشدد دانجيرد، على ضرورة أن تكون العلاقة بين مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية إيجابية وبها شيء من التقاطع، وإتاحة المجال للمحاسبة والتقييم، وعلى المجالس وضع استراتيجيات لشركاتهم، وذلك لحمايتها من التعثر، وأن تكون لديه القدرة على تقييم المخاطر.
ورأى دانجيراد، ضرورة تقليص ملكية العائلة في الشركة إلى 35% من الأسهم، مشددًا في الوقت نفسه على ضرورة أن يكون المدير مستقلاً عن العائلة.
وفي الجلسة الثانية، التي جاءت بعنوان (حوكمة الشركات العائلية في الشرق الأوسط)، التي أدارها دانيجيراد، وتحدث خلالها كل من نائب الرئيس للاستثمارات الاستراتيجية بمجموعة المهيدب، عصام المهيدب، ومؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة بارتنرز، وليد البنوي، وسفير جامعة إنسياد لدى مصر والأمارات، ماجد بسطة، الذي نادى بضرورة التركيز على المدراء والطاقم التنفيذي، الذي عليه أن يستخدم خبرته فهو الأكثر وجودًا في العملية، لافتًا إلى أن الثقافة الموجودة للعمل التجاري والتناغم العائلي علينا أن نحافظ عليها ونسعى أن نضيف عليها أبعاد إضافية من خلال الانفتاح على الشركات في العالم، ومن المهم التأكيد على أن الشركات العائلية في الشرق الأوسط أبدت نجاحًا من المهم الحفاظ عليه والسعي لتحقيق الاستمرارية في هذا النجاح.
فيما قال البنوي، أن التحول إلى شركة مشتركة يُسهم في رفع الأداء، وأن فعالية دور مجلس الإدارة يدفعها للأمام، وبعض الشركات فشلت لأنها أهملت الجوانب الاستراتيجية، وبالتالي لابد من وجود خطط استراتيجية قابلة للتنفيذ بشكل صحيح، يُشرف عليها مجلس الإدارة.
وأشار البنوي، إلى أنه في العديد من بلاد الشرق الأوسط ومنها المملكة تاريخ طويل من الشركات العائلية، وذلك قبل استخراج النفط، بالتالي فنحن رواد في هذا الشأن وعلينا أن نرسخ مفهوم المؤسساتية في الشركات العائلية للحفاظ عليها، وأن نتخلى قليلاً عن العاطفية العائلية التي لا دخل لها بالنشاط التجاري، مشيرًا إلى أنه في أوروبا الشركات العائلية لها عشرات السنين وهي تعمل، والسبب في ذلك هي المؤسساتية، وهو الذي يضمن الاستمرارية.
ألا يقل عدد المستقلين عن عضوين
ومن جهته، أوضح عصام المهيدب، أن الشركات العائلية بدأت بدون مجلس إدارة، أي أنها بدأت من فكرة تجارية، ومع التوسع صار من المهم لديها وضع إطار، فأصبحت الحوكمة ضرورة، مشيرًا إلى أن بعض مجالس الإدارات في العالم تجتمع 12 مرة في السنة، مؤكدًا على أهمية وجود الأعضاء المستقلين، وأن يكون العضو المستقل جالبًا معه قيمة علمية مضافة، كما لا ينبغي إضافة عضو مستقل واحد، بل ينبغي أن لا يقل عدد المستقلين عن عضوين، وإن من يملك بعد نظر سوف يزيد عدد المستقلين في مجلس الإدارة.
وذكر بأن لمجلس الإدارة دورين أساسيين، الأول هو الدور المطلوب منه وهو أن تكون أمور الشركة في الإطار القانوني النظامي، والثاني أن تكون له دور في تحفيز الجهاز التنفيذي وتطوير العمل
وفي الجلسة الرئيسية تم تكريم الرعاة والمتحدثين من قبل البروفيسور، لودو فان دير هايدن، ورئيس غرفة الشرقية، عبدالرحمن بن صالح العطيشان، الذي أكد خلال كلمته، أن الحل الأمثل لاستدامة الأعمال العائلية يكّمن في الأخذ بإجراءات الحوكمة، التي تُحقق - بحسب قوله- التوازن بين الإدارة والملكية وتأخذ الشركات مهما بلغ حجمها وعدد أعضاء مُلاكها إلى التقدم والاستمرارية، منوهًا إلى ضرورة مراجعة أصحاب الأعمال العائلية لسياساتهم في إدارة أعمالهم وفقًا للأنظمة والإجراءات المؤسسية، مُشيرًا إلى أن المُلتقى، يأتي لأجل زيادة التوعية بين أصحاب الشركات العائلية بكل ما من شأنه المُحافظة على استمرارية أعمالهم على اختلاف أنواعها.
وشدّد العطيشان، على أهمية أن يتبع أصحاب الأعمال العائلية إجراءات الحوكمة في أعمالهم، لما لها من مردودات إيجابية ليس فقط على استمرارية ونمو شركاتهم، وإنما على مختلف مناحي الاقتصاد الوطني، حيث دورها الكبير في خلق وظائف جديدة وتوطين وظائف قائمة.
التوجه ناحية مسارات الحوكمة والتحوُّل
وقال العطيشان، إن الشركات العائلية هي مُساهم فاعل ومحرّك رئيس في مختلف اقتصاديات العالم؛ إذ تُشير التقديرات إلى أنها مسؤولة عن تحريك ما لا يقل عن 90% من اقتصاديات المنطقة، ورغم ذلك، فهي عُرضة بخاصة بعد انقضاء الجيل المؤسس للكثير من الاضطرابات، مما يتطلب بحسب العطيشان، مزيدًا من التوجه ناحية مسارات الحوكمة والتحوُّل.
وفي الجلسة الثالثة التي جاءت بعنوان التخطيط لتعاقب الأجيال واستقطاب المواهب، وترأسها الشريك والمدير لمكتب شركة "كي بي ام جي" في جدة، إبراهيم باعشن، تحدث المهندس خالد الزامل، الرئيس التنفيذي لمجموعة الزامل، حول نجاح الشركات العائلية، مشيرًا في ذلك إلى مجموعة الزامل، التي بحسب قوله استطاعت باتباعها إجراءات الحوكمة داخل الشركة والعائلة معًا تحقيق انتقال سلس عبّر الأجيال، لافتًا إلى أن إدارة المجموعة انتقلت بشكل ناجح من المؤسس رحمه الله إلى الجيل الثاني من الأبناء، وهي حاليًا في طور انتقال القيادة إلى الجيل الثالث.
وأشار الزامل، إلى حلول مجموعة الزامل لمواجهة تحديات الحفاظ على قيم العائلة وإدارة تعاقب الأجيال وغيرها من التحديات، وذلك باعتمادها أفضل الممارسات في حوكمة الشركة على مستوى المجموعة القابضة، وتطبيق نهج الإدارة المتقدمة، الذي يقوم على التخطيط الاستراتيجي وإدارة المخاطر والتدقيق الداخلي وإدارة الموارد البشرية، فضلاً عن أفضل الأطر والممارسات الإدارية مثل: بطاقات الأداء المتوازن، وإنشاء نظام حوكمة العائلة والمتفق عليه من قبل أعضاء مجلس العائلة، مبينًا أنه نظام يقوم على ركيزتين أساسيتين الأولى: هي هيئات ومؤسسات حوكمة العائلة والثانية: تتمثل في دستور العائلة والقواعد السلوكية.
وقال الزامل، أن السمات الرئيسة لدستور عائلة الزامل تهدف إلى تعزيز قيم العائلة وإنشاء صلاحيات وسلطات لمؤسسات العائلة ووضع أطر ومبادئ لبناء توافق في الآراء وتحديد إجراءات مراجعة وتنقيح دستور العائلة وغيرها من الأهداف ذات الصلة.
توظيف القادة المستقبليين
وفيما يتعلق بالتعاقب وإدارة المواهب داخل المجموعة، أكد الزامل، أن توظيف القادة المستقبليين في المجموعة ليس حقًا مكتسبًا، حيث أن القادة يجب أن يستوفوا الشروط المنصوص عليها في دستور العائلة ونظام حوكمة الشركة، كالحصول على خبرة عملية خارج المجموعة والتنافس مع القيادات الأخرى في المجموعة من غير أبناء العائلة، لافتًا إلى أنه يتم منح غير المؤهلين لشغل مناصب قيادية الخيار للعمل في مركز خدمة المجتمع أو المركز الرئيسي أو عدم العمل في المجموعة.
وفي السياق ذاته أشار الزامل، إلى برنامج إدارة المواهب الذي تنفذه المجموعة ويساعد على بناء مواهب على مستوى عالٍ للحاضر والمستقبل، وذلك عبّر أربع مراحل متعاقبة تبدأ بالاستقطاب للمواهب مرورًا بإدارة أداء هذه المواهب من خلال معايير الأداء الخاضعة للمراجعة المستمرة وانتهاءً بتطوير المواهب وسُبل الاحتفاظ بها.
وفي ختام ورقته نصح الزامل، أصحاب الأعمال العائلية بتطبيق أنظمة الحوكمة سواء للعائلة أو للشركة خاصة عندما تكون العائلة متحدة، وذلك من أجل منع نشوب أي نزاعات محتملة، لافتًا إلى أهمية التوازن بين شؤون العائلة والشركة والنشاطات الخيرية، معتبرًا أن مفتاح النجاح هو ايجاد التوازن الصحيح بين تلك الجوانب الثلاثة، مشددًا على أهمية الشفافية والوضوح كونها البذور لشراكة طويلة المدى مع ضرورة عدم تذكير الآخرين بأخطائهم ولكن تعلم من تلك الأخطاء وواصل المسيرة إلى الأمام.
أهمية العضو المستقل
وفي الجلسة الختامية التي جاءت بعنوان توازن القوى في مجلس الإدارة، وترأسها الدكتور إبراهيم المطرف، رئيس مركز بئر للدراسات، الذي قال بأن تحقيق التوازن في مجلس الإدارة هو السؤال الذي يظل يبحث عن إجابة شافية، وتحدث المهيدب خلال الجلسة ذاتها حول أهمية العضو المستقل في مجلس الإدارة، مُعرفًا العضو المستقل بذلك العضو الذي لا تربطه علاقة مباشرة بالشركة قبل الالتحاق بها، لافتًا إلى أن كل مجلس إدارة لابد له من وجود شخص مستقل ولكن السر يكمن في كيفية اختيار ذلك الشخص المستقل والذي باستطاعته أن يقدم قيمة مضافة للشركة نحو تقدمها وازدهارها مستقبلاً، فيما أكد دانجيرد، خلال هذه الجلسة على أهمية أن يتحلى الشخص أو العضو المستقل بالحكمة وأن يكون دوره انطلاقًا من فكرة القيادة وليس السلطوية، منوهًا في الوقت نفسه إلى أهمية أن يكون العضو المستقل لديه قابلية لتبادل وجهات النظر وأن يكون حذرًا من إساءة استخدام السلطة، وهو ذاته ما ذهب إليه على العثيم، عضو مجلس إدارة غرفة الرياض، بأن على الشركات العائلية أن يكون لديها جهات استشارية، مشيرًا إلى أهمية عضو مجلس الإدارة المستقل بخاصة وأنه يأتي بأفكار من خارج الصندوق ومن ثم يكون قيمة كبيرة للشركة، مؤكدًا بأن الشركات العائلية تختلف عن بعضها البعض، ومن ثم رأى أن يكون دور المنظم استرشاديًا وليس مقيدًا.