26/10/2010
من خلال التجارب العملية لعدد من المدن العربية
المشاركون في ندوة (التنمية العمرانية الأولى ) يدعون الى تطوير عقاري استراتيجي يراعي كل تقلبات المناخ والبيئة
تحت عنوان (التطوير العقاري المستدام على المستوى الاستراتيجي)، وبرئاسة امين الاحساء المهندس فهد بن محمد الجبير ، تم يوم امس الثلاثاء عرض سبع اوراق عمل، ركزت على التطوير المستدام، على ضوء مجمةعة تجارب في تمت في الرياض والدمام ومدن معينة في الجزائر ومصر.
وقد تحدث كل من الدكتور نويبات ابرهيم (وهو استاذ محاضر بجامعة المسيلة بالجزائر)، وسعودي هجيرة (ماجستير بجامعة المسيلة بالجزائر)، في ورقة عمل بعنوان (دراسة نقدية للترقية العقارية من خلال تنوع البرامج السكنية بالجزائر)، قدمت الورقة دراسة نقدية تحليلية للتنمية العقارية في اطار البرامج السكنية المتنوعة للتجرية الجزائرية وذلك من خلال تحليل السكن من خلال التطور الحاصل في السكن الاجتماعي، حيث اكدت الورقة على أن الأحياء السكنية الجديدة افتقرت الى التجهيزات والمرافق الضرورية ونقص التهيئة الخارجية، وتعرضها للتشوه العمراني، والمعماري، وغياب النظرة التكاملية بين الأنماط والعوامل الاجتماعية والاقتصادية والبيئية المميزة للمدن الجزائريةمن جهة والمحافظة على الثروة العقارية، وترقيتها لتحقيق تنمية مستدامة من جهة ثانية.
وقدمت الورقة دراسة تحليلية ميدانية للاحياء المنجزة وفق هذه البرامج لتحديد السلبيات والايجابيات على مستويات المحيط العمراني البيئي والاجتماعي والاقتصادي..
وتحت عنوان (استراتيجيات التصميم من اجل استكان مستدام ..حالة دراسية نابلس واريحا) قدم مهند حاج حسين، والدكتور كاثريم سيمدور ورقة عمل تتناول الدراسة نهج التصميم في المباني السكنية المعاصرة في فلسطين، مركزة على مدينتي (اريحا ونابلس)، بحكم كونهما مدينتين مختلفتين مناخيا، وهما من المدن الفلسطينية التي شهدت تطورا وتوسعا في قطاع الاسكان بهدف التخفيف من مشاكل نقص المساكن. لقد ركز هذا النوع من البناء السريع علاى قضايا كالتكلفة والحجم والشكل والنواحي الجمالية بدلا من الاهتمام بالارتياح المناحي والبيئي لقاطنيه. وحتى الآن فإن الآثار الناجمة عن كل من التنظيم الاجتماعي للفراغات وغلاف المبنى والمناخ، على ارتياح السكان واداء الطاقة في هذه المساكن الحديثة لم يؤخذ بعد بالاعتبار.
وتؤكد الورقة على ان النهج الحالي المتبع في تصميم المساكن لا يأخذ في الاعتبار التدابير اللازمة سواء لمعالجة الارتياح الحراري او البصري في الفراغات الرئيسية للمساكن المعاصرة بخلاف نظيرتها التقليدية، وعلى وجه الخصوص فإن للتصميم الفراغي والغلاف الخارجي للمبنى تأثيرا هاما على استهلاك الطاقة لما قد يترتب عليهما من استخدام كبير لأنظمة الطاقة الكهربائية والميكانيكية على مدار السنة، كما اظهرت المساكن التقليدية نموذجا مرجعيا مستداما للمساكن الفلسطينية المستقبلية، بالاضافة الى كل ذلك فإن الفراغات الخارجية (الباحة السماوية) التي هي واحدة من اهم الخصائص المادية والمعمارية الموصى بها قد تلعب دورا مهما في تخطيط المساكن المستقبلية، باعتبار كنظام للطاقة السلبية، وبالتالي فإنه يوصي بتخصيص مزيد من الدراسات التفصيلية التي تتناول مثل هذا الدور للباحة السماوية في المساكن الفلسطينية المستقبلية.
اما الدكتور محمد عاطف إلهامي (استاذ مشارك بالاكاديمية العربية للعولم والتكنولوجيا والنقل البحري بالاسكندرية بجمهورية مصر العربية) فقد تحدث عن ( تأثير الاحتباس الحراي العاليم على التنمية العقارية المستدامة بجمهورية مصر العربية ) ذكر فيها ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي تشكل تهديدا كبيرا يواجه البشرية، وتسبب هذه الظاهرة زيادة في متوسط درجة حرارة الهواء القريب من سطح الأرض والمحيطات منذ منتصف القرن العشرين ومن المتوقع استمرارها. ومع ارتفاع درجات الحرارة العالمية، تصير المحيطات أكثر دفئا، وعندما ترتفع درجة حرارة المياه فإنها تتمدد وتسبب ارتفاع مستويات سطح البحر والذي يشكل تهديدا خاصا للبلدان ذات الكثافات السكانية العالية خاصة في المناطق الساحلية.
وقد أشار الى تقارير الأمم المتحدة وهى الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إلى أن مستوى سطح البحر قد ارتفع حوالي 3 ملليمترات سنويا فى الفترة من 1993 إلى 2003، ويعود حوالي نصف تلك الزيادة إلى توسيع نطاق المحيطات وارتفاع حرارتها، هذا الارتفاع في مستوى سطح البحر والذي يأتي مع تغير المناخ أصبح أمرا واقعا لا مفر منه وسوف يجعل من الصعوبة بمكان السيطرة على الفيضانات في المناطق المنخفضة عن سطح البحر. ففي مصر وخاصة في دلتا النيل قد يضطر الملايين من المصريين الى الهجرة من منازلهم بشكل دائم، ومن هنا تكمن خطورة هذه المشكلة والتى تتطلب اهتماما فوريا، حيث أن أي تأخير في هذا الأمر يعني خسائر إضافية فادحة.
وخلصت هذه الورقة إلى أن مصر يجب أن تعد نفسها لتفادي هذا الضرر الخطير والذى يستهدف البنية التحتية والممتلكات والأرواح وذلك من خلال اختيار أنسب الاستراتيجيات، ومن هنا تصبح الاستدامة مسألة وجود، أو بمعنى آخر مسألة حياه أو موت.
وتحت عنوان (المجال العمراني للمدينة الجزائرية بين التدهور وآليات الاستدامة) تحدثت المهندسة حليمة زيداني (أستاذ مساعد بمعهد تسيير التقنيات الحضرية، قسم تسيير المدينة- جامعة المسيلة، الجزائر) معتبرة أن التخطيط هو الوسيلة الهامة والكفيلة لعلاج كثير من المشكلات الحضرية التي تعاني منها المدن العربية والإسلامية،والمدينة الجزائرية واحدة من هذه المدن التي شهدت خلال العقود الماضية توسعا هائلا في العمران نتيجة لعوامل متعددة،إلا أن الخبرة والتجربة توضح عدم وجود سياسة تخطيطية فعالة لكثير من المشاريع العمرانية خاصة السكنية منها،والتي كانت بعيدة في مجملها عن الأبعاد الثقافية والاجتماعية والبيئية،و النتيجة بروز تداعيات على العمران في المدينة بشقيه المبني وغير المبني وانعكس ذلك في صورة فوضى عمرانية ومعمارية تسودها اللامسئولية والاستغلال اللاعقلاني ..هذه الوضعية التي وصلت إليها المدينة الجزائرية من خلال هذه المشاريع العمرانية المنجزة أوالمبرمجة للإنجاز والتي يستلزم من خلالها ـــ حسب الورقة ــ دق ناقوس الخطر على مجال المدينة، مما يستوجب منا إعادة النظر بصورة شاملة في دراسة هذا الوضع الحالي للمشاريع العمرانية من خلال رؤية مستدامة لمعالجة وتحسين ما يمكن تحسينه من جهة،ومن جهة أخرى العمل على تحديد أطر وأسس عمران مستدام يحترم في توجهاته التخطيطية والتصميمية المستقبلية خصائص ومتطلبات المدينة الجزائرية،
ويقدم د. عبدالعزيز ناصر الدوسري (مشرف الشئون الفنية والهندسية، وادي الرياض للتقنية، جامعة الملك سعود، ) ورقة عمل بعنوان (وادي الرياض للتقنية:نموذج للتنمية العقارية المستدامة) تبرز عددا من الدروس المستفادة المكتسبة من تجربة وادي الرياض للتقنية باعتباره نموذجاً من الممكن أن يساهم في تحسين استدامة مشروعات التنمية العقارية المماثلة.
اذ اشار الدوسري في ورقة العمل الى حرص جامعة الملك سعود بأن يكون مشروع وادي الرياض للتقنية مشروعاً مستداماً، متطرقا الى كيفية تحقيق استدامة التنمية في المشروعات العمرانية من خلال عرض عدة اعتبارات بيئية واقتصادية واجتماعية تتضمن:الاستفادة القصوى من خصائص الموقع الطبيعية لتكون عناصر إيجابية تضفي ميزات إضافية لمخطط المشروع، وكذلك تشكيل وطبوغرافية الموقع بما فيه من مرتفعات ومنخفضات والوادي الطبيعي داخل الموقع والمساييل المتفرعة منه كتصريف طبيعي للسيول ومياه الأمطار والمياه الرمادية التي سيعاد استخدامها إلى المناطق المنخفضة التي خصصت كبحيرات تصريف طبيعية ومناطق مفتوحة وجعلها عناصر هامة ورئيسية في تصميم الفراغات وتنسيق المواقع وعمارة البيئة بمختلف جوانبها
ودعت الورقة الى التصميم المستدام لعناصر الحركة، بحيث يتم توفير بدائل متعددة في النقل والوصول الى الموقع، من خلال ايجاد مداخل لكل منطقة من مناطق المشروع مرتبة كلها بطريق خدمة دائرية داخل الموقع بالإضافة لربط عناصر المشروع بمسارات مشاة وممر ناقل لحركة المشاة يتخلله مسارات متحركة رئيسية وفرعية لتقليل استخدام السيارات بالتنقل، وتقليل الزمن المهدر في الانتقال من منطقة إلى أخرى وبشكل مريح وآمن وبدون التعرض لمصادر التلوث الهوائي والبصري والسمعي والحد من تأثيراتها السلبية على المستخدمين. وكذلك تنسيق المواقع وعمارة البيئة بحيث توجد بيئة مستدامة ومريحة وجاذبة للسكان والزائرين، تخصيص مساحة المناطق المفتوحة والطبيعية.
وتدعو الورقة الى إيجاد مناطق خدمات باستعمالات مختلطة ومتنوعة بشكل مدروس في القلب النابض بالحياة بالمشروع وهي ما أطلق علية القرية العلمية Science Villageلخدمة سكان المشروع والمدينة الجامعية ومجتمع مدينة الرياض للتفاعل الايجابي بين المجتمع المحلي ومجتمع هذه الواحة العلمية (وادي الرياض للتقنية) بحيث يكون وسيلة لتوعية المجتمع بهذه الواحة العلمية للتقنية ومعرفة دورها وأهميتها من خلال زيارة القرية العلمية التي ستشمل متاحف ذكية وصالات عرض لمنتجات شركات ومراكز البحث والتطوير داخل المشروع لعرضها على المجتمع بأسلوب واع ومتجدد ومبتكر لجميع الفئات والأعمار بالشكل والطريقة المناسبة، مشيرا الى أن ضرورة وجود فندق وأجنحة فندقية وصالة مؤتمرات وفعاليات متعددة الاستخدامات وبازار أو سوق تجاري مصغر بما فيه من محلات بيع الكتب والهدايا التذكارية ومقاهي ذكية تفاعلية للجلوس والاستمتاع بهذه الواحة العلمية ومرافقها بما تحويه من نزهة وترفيه للعقل والفكر والبدن.
وتحت هذا المحور وبعنوان (تطوير المخططات السكنية وتأثيرها على التطوير العقاري والاسكان المستدام، تجربة امانة المنطقة الشرقية ) تحدث وكيل امين المنطقة الشرقية لشؤون البلديات والمشرف العام على الادارة العامة للتخطيط العمراني بأمانة المنطقة الشرقية المهندس شجاع بن يحي المصلح ، وقدم ورقة عمل بهذا الخصوص تطرق فيها الى عدد من القضايا المتعلقة بالتنمية الإسكانية المستدامة وعلاقتها بالتطوير العقاري بشكل عام من خلال تجربة أمانة المنطقة الشرقية بإعتماد عدد من الدراسات التخطيطية والحضرية وتطبيق القوانين والتشريعات المحددة لعملية التطوير العقاري بمدن حاضرة الدمام.
وتناول المصلح التجربة من عدة محاور يتمثل لمحور الأول (دور الدراسات التخطيطية بمختلف مستوياتها وهي ( المخطط الإقليمي – المخطط الهيكلي – المخطط المحلي - الدراسات والمخططات التفصيلية) في ضبط العملية التخطيطية والقضاء على العشوائية وتعريف المجتمع باتجاهات النمو ومتطلبات التنمية من خلال تحديد الاستعمالات وضبط وتنمية المناطق ومن ثم يتم الحديث عن مدى التزام شركاء التنمية (المطور العقاري والقطاعات الحكومية الأخرى ) بتطبيق هذه السياسات..
وتناول المحور الثاني: تجربة الأمانة في تنمية وتطوير المخططات الحكومية (مخططات المنح) ومدى تأثير ذلك على السوق العقاري وتأمين الإسكان المستدام، في حين استعرض المحور الثالث: أهم التحديات والمعوقات التي تواجه الأمانة لتحقيق التنمية الإسكانية المستدامة.
وتحت عنوان (تخطيط مدن مستدامة قي إفريقيا ) تتحدث د. جيوفري نواكا من جامعة ولاية أبيا، أوتارو، نيجيريا لتؤكد على ان الفقر والتحضر السريع هما من أكبر التحديات التي تواجه أفريقيا اليوم. حيث يقدر برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية أن مدن أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى تأوي أكثر من 166 مليون من سكان الأحياء الفقيرة، معظمهم من الذين يعملون في القطاع غير الرسمي لا يكسبون ما يكفي لتوفير المأوى اللائق والخدمات. ماذا تعني الاستدامة بالنسبة لهذه المدن وسكانها؟ جدول أعمال القرن 21 من "قمة الأرض في ريو”أكد على أن التنمية المستدامة يجب أن تحقق العدالة الاجتماعية والبيئة المستقرة، وإقامة المستوطنات البشرية المستدامة جزءا لا يتجزأ من تحقيق التنمية المستدامة. في مناطق شاسعة من نيجيريا وغيرها من المدن الأفريقية المنافع البيئية متخلفة عن النمو السكاني، فضلاً عن عدم كفاية المرافق الصحية وسوء إدارة النفايات، وتدهور حالة البنية التحتية مما أدى إلى تدهور الصحة العامة وأدى إلى انتشار طائفة متنوعة من الأمراض المنقولة عن طريق المياه والقذاره. ويتمثل التحدي السياسي الرئيسي لأفريقيا في كيفية تخطيط وإدارة النمو الحضري السريع بطريقة تعزز فرص العمل والدخل والمأوى للفقراء، وفي الوقت نفسه تضمن بيئة صحية مأمونة ومقبولة اجتماعيا؛ وكيفية الحيلولة دون نمو وانتشار الأحياء الفقيرة، وضمان رفع مستوى القائم منها ودمجها تدريجيا في صلب الحياة الحضرية الجيدة. وتشير البحوث الحالية إلى أن الطريق إلى السلام الحضري والاستدامة في أفريقيا يكمن في محاولة بناء وإدارة أكثر شمولية
وتدعو الورقة أنه لكي تتحقق للمدينة العدالة الاجتماعية ينبغي إعطاء أولوية أكبر للصحة والتنمية للفئات الفقيرة، وتحاول الورقة التعرف على الدروس التي يمكن أن تساعد على تعزيز نظرة أكثر إيجابية للسياسات التي تتعلق بالفقراء الذين يعيشون في الأجزاء غير الرسمية من المدينة. ويختتم البحث ببعض الأفكار العامة بشأن مستقبل المدينة الأفريقية، والشكل الذي سوف تصل إليه وكيفية أحداث التغييرات اللازمة لجعل هذه المدن أكثر صحة أكثر إنتاجية، وأقدر على تلبية احتياجات الناس وبطريقة شاملة ومنصفة.