07/07/2011
4 ملفات تستقبل «لاجارد» المتفائلة.. «صندوق النقد» أمام اختبارات نوعية
ملفات شائكة ومتعددة كانت في استقبال كريستين لاجارد التي أصبحت أول امرأة تشغل منصب مدير صندوق النقد الدولي. إ.ب.أ
تجد كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولي نفسها أمام كومة من الملفات الاقتصادية، التي تتقاطع مع عديد من الملفات الأخرى، وبالذات السياسية، والعسكرية، في حالة قلما شكلت استقبالا لشاغل المنصب الدولي.
وبدت السيدة الفرنسية متفائلة في يومها الأول بصفتها مديرة صندوق النقد الدولي (أول أمس) بأن الاقتصاد العالمي يتعافى من الأزمة المالية، لكن التعافي لا يزال يفتقر إلى التوازن.
وأضافت في أول مؤتمر صحافي بعد توليها المنصب عندما ننظر إلى توقعاتنا للنمو في 2011 و2012 نرى أننا بوضوح نتعافى وأن الأوضاع تتحسن مقارنة بالوضع الذي كانت عليه في 2009 في ذروة الأزمة. لكنها قالت إن النمو لا يزال "غير متوازن" حيث تحقق الاقتصادات الصاعدة نموا أسرع من اقتصادات الدول المتقدمة.
ويؤكد مراقبون أن ملفات عديدة تتزاحم في صندوق النقد الدولي، لكن الديون اليونانية تلوي أعناق كثيرين حول العالم، بمن فيهم مسؤولو الصندوق، وإضافة إلى الملف اليوناني، تتناثر ملفات تعني بالوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة، ومستقبل اقتصاديات عديد من الدول العربية، وبخاصة مصر، ليبيا، سورية، واليمن، وغير بعيد يتواجد ملف العملات غير المستقرة بمعادلته المعقدة، وأطرافه المتعددة.
وكانت المديرة العامة الجديدة لصندوق النقد الدولي كريستين لاجارد قد تسلمت مهامها أمس الأول براتب سنوي قدره 551700 دولار، كما أعلنت المؤسسة المالية الدولية. ونشر صندوق النقد عقد عملها الذي ينص على راتب أساسي قدره 467940 دولارا سنويا، إضافة إلى 83760 دولارا سنويا كمخصصات لنفقات التمثيل (بدون إيصالات)، ما يساوي في الإجمال 551700 دولار، وذلك يوازي بحسب سعر الصرف الحالي نحو 31700 يورو شهريا.
ويشير مراقب إلى أن التفاؤل قد يبدو طبيعيا، في ظل "حلحلة" عديد من التعقيدات الاقتصادية التي ظهرت بعد تفجر الأزمة المالية العالمية في صيف 2008، لكنه يستدرك إلى أن بعض تلك القضايا "تأجل حلها... هذا كل ما في الأمر".
وفازت لاجارد في 28 حزيران (يونيو) برئاسة صندوق النقد الدولي لتبقي على مؤسسة الإقراض الدولية في أيدي الأوروبيين في حين يتزايد القلق بشأن احتمال تأخر اليونان عن سداد ديون، وخلفت الوزيرة الفرنسية دومينيك ستروس الذي استقال من رئاسة صندوق النقد الدولي في أيار (مايو) ليدافع عن نفسه ضد اتهامات تحرش جنسي بعاملة في فندق في نيويورك وهي التهم التي نفى صحتها.
ووصف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي النبأ بأنه "انتصار لفرنسا" في حين قالت لاجارد إنه "شرف عظيم"، وبعد دقائق من إعلان نبأ تعيينها ضغطت لاجارد على اليونان لتتحرك سريعا في إقرار إجراءات تقشف لا تحظى بالشعبية قال صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي إنها شرط مسبق لتقديم المزيد من المساعدة.
وحينها قالت لاجارد "إذا كانت عندي رسالة واحدة الليلة بشأن اليونان فهي أن أدعو المعارضة السياسية اليونانية لدعم الحزب الموجود حاليا في السلطة بروح الوحدة الوطنية." وتأكد تغلب لاجارد على محافظ البنك المركزي المكسيكي أوجستن كارتسنز بعدما عبرت الولايات المتحدة بوضوح عن دعمها للمرشحة الفرنسية وكذلك فعلت القوى الاقتصادية الصاعدة الصين والبرازيل والهند وروسيا. وهنأ كارستنز لاجارد على فوزها وقال إنه يأمل أن تواصل "التقدم المهم في تعزيز الإدارة الرشيدة للمؤسسة لأجل تعزيز شرعيتها وتماسكها وفعاليتها في نهاية الأمر".
وكانت الولايات المتحدة التي تخشى حدوث عدوى من الأزمة اليونانية حذرت من حدوث تأخير في تعيين الرئيس الجديد للصندوق . وقال حينها، تيموثي جايتنر وزير الخزانة الأمريكي في بيان الموهبة الاستثنائية والخبرة الواسعة للوزيرة لاجارد ستوفر قيادة لا تقدر بثمن لهذه المؤسسة التي لا غنى عنها في وقت حرج بالنسبة للاقتصاد العالمي. وحسب عرف يرجع إلى وقت إنشاء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي تشغل أوروبا عادة منصب رئاسة الصندوق في حين تذهب رئاسة البنك إلى شخصية أمريكية.
وتضع الاقتصاديات سريعة النمو في آسيا نصب عينيها تأمين حصولها على مناصب مهمة في صندوق النقد الدولي مع تولي كريستين لاجارد منصب المدير العام للصندوق أملا أن تكون هي الشخص الذي يفي بوعود ترددت كثيرا بمنح الأسواق الناشئة دورا أكبر.
ورددت لاجارد كل ما تريد الدول الآسيوية سماعه خلال جولتها الأخيرة في آسيا لكسب التأييد لتوليها المنصب. واعترفت بأن دولا مثل الصين والهند جديرة بحقوق تصويت أكبر تتناسب مع تنامي مكانتها الاقتصادية وفرصة عادلة لتولي مناصب قيادية في المؤسسة. وقال مصدر بارز في الحكومة الهندية "لاجارد صديقة للهند. لم نستطع شغل منصب المدير العام للصندوق في الوقت الحالي ولكن على الأقل يمكن أن تحصل الهند على بعض المناصب الرفيعة في الصندوق خلال ولايتها لاجارد ونحن نعمل تجاه ذلك".
وتبدأ لاجارد شغل منصب المدير العام للصندوق في الخامس من تموز (يوليو) ولمدة خمسة أعوام وستجد نفسها على الفور منغمسة في جهود رامية لتفادي تعثر اليونان عن سداد ديون مما قد يقود لازمة دولية. ولقيت لاجارد دعما من عديد من الاقتصادات الآسيوية الكبرى رغم أنها تكرس تقليدا يمقتونه وهو تولي شخصية أوروبية أرفع منصب في الصندوق. ولم يتقدم مشرح آسيوي لمنافسة لاجارد والمكسيكي اوجستن كارستنز.
وقال هارتادي سارونو نائب محافظ البنك المركزي الإندونيسي لرويترز "حققت لاجارد نجاحا أكبر في الوصول لتوافق لتحقق تقاربا في العلاقات بين الدول المتقدمة والأسواق الناشئة"، وتحتاج لهذه المهارة في اتخاذ قرارات صعبة بشأن تعيينات. وتدرس الولايات المتحدة ترشيح مسؤول بوزارة الخزانة لشغل ثاني أهم منصب في الصندوق والذي يحتله أمريكي عادة. وربما يسهم الخروج عن هذا التقليد في إقناع الدول الآسيوية بأن لاجارد جادة بشأن إصلاح الصندوق رغم عدم وجود أي دلائل عل تعهدها بأن يكون الرجل الثاني في الصندوق آسيويا.