06/07/2011
وكالات التصنيف الائتماني تهدد الاقتصاد اليوناني
تجمع أصحاب سيارات الأجرة في وسط جزيرة كريت اليونانية احتجاجا على رفع القيود في قطاع سيارات الأجرة الذي دخل حيز التنفيذ في 2 تموز (يوليو). إ.ب.أ
إذا تحرك إصبع إبهامهم لأسفل فإن ذلك يمكن أن يتسبب في حدوث زلزال في أسواق المال العالمية، لذلك فإن وكالات التصنيف الائتماني تلعب أيضا دورا حاسما في أزمة اليونان وذلك لأن الحزمة الثانية المنتظرة لمساعدة اليونان ضد الإفلاس تقوم بشكل أساسي على إشراك القطاع الخاص والبنوك وشركات التأمين في توفير مبلغ الـ 120 مليار يورو الذي تمثله هذه الحزمة الهائلة من المساعدات.
ويخشى صناع القرار السياسي وأسواق المال من أن تقيم أشهر ثلاث وكالات للتصنيف الائتماني في العالم وهي: ستاندرد آند بورس "إس آند بي" و"موديز" و"فيتش" هذا الإشراك على أنه عجز عن الدفع سواء بالنسبة لجميع السندات المالية اليونانية أو على الأقل لبعضها وهو ما من شأنه أن يثير سلسلة من التفاعلات يشبهها بعض الخبراء بما حدث من تطورات كارثية في أعقاب إفلاس مصرف ليمان براذرز الاستثماري الأمريكي في خريف عام 2008.
ومن الممكن أن يؤدي "العجز عن الدفع" لمثل هذه التفاعلات لأنه سيستوجب دفع تأمينات طائلة على القروض التي لم تسدد، ومن الصعب حساب عواقب مثل هذا الخطر. وربما لم تستطع البنوك عندئذ اعتبار السندات اليونانية رأس مال خاصا بها وهو ما من شأنه أن يدفع بالنظام المصرفي في اليونان للانهيار وربما أدى أيضا إلى مخاطر انتقال هذه العدوى إلى دول أخرى، مثل البرتغال وإيرلندا وإسبانيا أو حتى إيطاليا. إن حجم نفوذ وكالات التصنيف الائتماني هائل.
وتتخذ جميع هذه الوكالات من الولايات المتحدة مقرا لها، ولا تمثل مرجعا لصغار المستثمرين وحدهم بل تعتمد على تقديراتها أيضا هيئات حكومية معنية بالرقابة المالية، وكذلك بنوك الإصدار مثل البنك المركزي الأوروبي.
ولا تكاد تجد السندات المالية ذات التصنيف الائتماني السيئ فرصة للعثور على مشتر. وهكذا فإن وكالة إس آند بي تضع اليونان تحت تصنيف "سي سي سي" السيئ مما جعل الكثير من المستثمرين مثل شركات التأمين وصناديق التقاعد يعزفون عن شراء السندات اليونانية.
إن اعتماد البنك المركزي الأوروبي بالذات على تصنيف هذه الوكالات يجعل إشراك مستثمري القطاع الخاص في توفير المساعدة المالية لليونان أمرا صعبا. فعندما تتقدم المصارف بسندات مالية كضمانات فإنه من الضروري أن تمتلك هذه السندات تصنيفا ماليا معينا. ورغم تيسير معايير تصنيف هذه السندات في خضم الأزمة المالية والاقتصادية إلا أنه إذا حدث وتخلت الجهات الدائنة مثل المصارف والمؤسسات الاستثمارية طوعا عن المطالبة بقيمة السندات اليونانية التي بحوزتها فإن البنك المركزي الأوروبي ربما لم يجد خيارا آخر غير رفض هذه السندات كضمانات وهو ما أوضحه رئيس البنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشه وغيره من قيادات المركزي الأوروبي بشكل جلي أكثر من مرة.
ولذلك حذرت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني من التبديل الطوعي للسندات اليونانية وهددت بخفض التصنيف الائتماني لليونان إلى درجة "عاجز". وها هي وكالة إس آند بي تحذر هي الأخرى من أن "نموذج باريس" ربما أصبح هو نفسه بمثابة شكل من أشكال العجز المالي رغم أن هذا النموذج أعد بعناية بالغة من قبل الخبراء.
ولكن هناك جدلا منذ وقت طويل بشأن قدرات وكالات التصنيف الائتماني، حيث إنها كثيرا ما صنفت قبيل الأزمة المالية الأخيرة القروض المؤمن عليها بعقارات تحت درجة "أيه أيه أيه" وهي أفضل درجة تصنيف وهو ما أدى إلى شراء هذه السندات باستخفاف وتهور وأدى في النهاية إلى فقدانها قيمتها تقريبا.
كما حصلت سندات الدول المدينة في منطقة اليورو وقتا طويلا على درجات تصنيف تنم عن مصداقيتها. وفي هذا السياق فإن وكالة ستاندرد آند بورز تدافع عن نفسها بالقول إنها خفضت تصنيف اليونان بالفعل عام 2004 وأن هذا القرار لم يؤبه له تقريبا آنذاك.