توقع محللون نفطيون أن تواصل أسعار النفط مكاسبها خلال الأسبوع الجاري، بعد أن كسبت نحو 1.5 في المائة في ختام الأسبوع الماضي بفعل تحسن مؤشرات الطلب والقلق على مستوى الإمدادات من ليبيا.
وتتلقى الأسعار الدعم الرئيس من تخفيضات الإنتاج التي تنفذها "أوبك" بالتعاون مع المستقلين من خارج المنظمة، إلى جانب التأثير المتنامي للعقوبات الأمريكية في إيران وفنزويلا وتوقعات حدوث تباطؤ في إمدادات الإنتاج الأمريكي.
ويرى المحللون أن الأسعار تتلقى دعما أيضا من حالة التفاؤل بقرب التوصل إلى اتفاق بين الولايات المتحدة والصين، ما ينهي النزاعات التجارية الممتدة، التي أثارت المخاوف على النمو العالمي على مدار الشهور الماضية. ويضيف المحللون أن تعهد السعودية ببذل كل جهد ممكن لإعادة التوازن للسوق أمر يدعم الثقة بين المتعاملين ويجدد حالة التفاؤل بشراكة المنتجين في تحالف "أوبك+"، ويبشر بأداء قوي للسوق خلال الربع الثاني.
ويعتقد المحللون أن الإنتاج الأمريكي ربما لا يستفيد كثيرا من صعود الأسعار بسبب حالة التباطؤ النسبي الناجمة عن استنزاف المناطق الإنتاجية الرخيصة وارتفاع تكاليف الحفر، ما يمثل أعباء متزايدة خاصة على الشركات الصغيرة والمتوسطة.
ورجح المحللون أن يأتي الاجتماع المقبل للمنتجين في حزيران (يونيو) المقبل عقب حسم عدة ملفات ساخنة أهمها احتمالية إنهاء العمل بالتنازلات الممنوحة لمشتري النفط الإيراني وفي ظل تقييم دقيق لحجم الخسائر الناجمة عن العقوبات بالنسبة لإنتاج كل من فنزويلا وإيران إلى جانب وضع الإنتاج الليبي في ضوء التوترات السياسية الأخيرة. وفي هذا الإطار، يقول لـ "الاقتصادية"، روس كيندي العضو المنتدب لمجموعة "كيو إتش أيه" للطاقة، إن أسعار النفط حققت أداء متميزا خلال الربع الأول بينما كان كثيرون يراهنون على ضعف الطلب، مشيرا إلى أن المكاسب مرشحة للاستمرار خلال الأسبوع الجاري والربع الثاني بوجه عام. وأوضح كيندي أن وصول خام برنت إلى مستوى 70 دولارا انعكاس لفاعلية وقوة خطة "أوبك+" في خفض المعروض النفطي في الأسواق، ودعم هذه الخطة العقوبات على إيران وفنزويلا، معتبرا أن هذه الخطة جاءت في توقيت دقيق مع بداية العام وبعد موجة عنيفة من تهاوي الأسعار في نهاية العام الماضي بسبب تخمة المعروض.
ومن ناحيته، يقول لـ "الاقتصادية"، أندرو موريس مدير شركة "بويري" للاستشارات الإدارية، إن المخاوف من تعثر الطلب كان مبالغا فيها، وما زالت مستويات الطلب قوية ومبشرة، خاصة في الاقتصاديات الآسيوية الناشئة، وفي ضوء توقعات وشيكة بقرب حل النزاعات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، ما يدعم توقعات النمو العالمي.
وأشار موريس إلى أن ارتفاع أسعار الخام ستؤدي إلى ارتفاع البنزين في الولايات المتحدة، ما يضغط على المستهلكين، الأمر الذي يدفع بالإدارة الأمريكية لمطالبة المنتجين بالعودة إلى زيادة الإنتاج لخفض الأسعار، لافتا إلى أن "أوبك" لا تنظر إلى الأسعار برؤية وقتية قاصرة وتدرك طبيعتها المتغيرة، ولذا فإن "أوبك" تركز على أهداف الاستقرار والتوازن المستدام في السوق.
ومن جانبه، أوضح ديفيد لديسما المحلل في شركة "ساوث كورت" لاستشارات الطاقة، أن عديدا من المصارف الدولية مثل "جولدمان ساكس" يتوقعون استمرار صعود الأسعار خلال الأسابيع المقبلة بفعل نقص المعروض وقوة الطلب وتأثير العقوبات الواسع في المنتجين إلى جانب احتمال حدوث انقطاعات في الإمدادات الليبية بسبب التطورات السياسية في البلاد.
وأوضح لديسما أن ارتفاع الأسعار على الأرجح سيؤدي إلى إنعاش الإنتاج من النفط الصخري الأمريكي مجددا، ولكن الإنتاج الصخري غير كاف لتلبية احتياجات المستهلكين في ظل نقص المعروض من الخام الثقيل، على الرغم من محاولات مصافي دول مستهلكة كبيرة مثل كوريا الجنوبية اختبار التعامل مع النفط الأمريكي الخفيف بعد توقف شراء النفطين الفنزويلي والإيراني.
وبدورها، تقول لـ "الاقتصادية"، نينا أنيجبوجو المحللة الروسية ومختص التحكيم الدولي، إن اجتماع المنتجين في حزيران (يونيو) المقبل سيجيء وقد اتضحت كثير من ظروف السوق بشكل دقيق خاصة فيما يتعلق بالقرار الأمريكي فيما يخص تمديد التنازلات لمشتري النفط الأمريكي من عدمه. ولفتت أنيجبوجو إلى أن أسعار النفط على الأرجح ستواصل حصد المكاسب خاصة إذا تم حل النزاعات التجارية بشكل كامل وإنهاء التنازلات الممنوحة لمشتري النفط الإيراني إلى جانب احتمال حدوث انقطاعات مؤثرة في الإنتاج الليبي علاوة على تعافي الطلب وتمسك "أوبك" بخطة خفض المعروض التي حققت نجاحا واسعا في الربع الأول من العام الجاري.
من ناحية أخرى، صعدت أسعار النفط 1.5 في المائة في ختام الأسبوع الماضي، بدعم من بيانات قوية للوظائف في الولايات المتحدة هدأت المخاوف من ضعف الطلب العالمي على الخام، وتوقعات بأن تصعيدا للصراع في ليبيا قد يقلص إمدادات النفط.
ولقيت الأسعار دعما أيضا من تزايد التفاؤل بأن واشنطن وبكين تقتربان من اتفاق للتجارة.
وفقا لـ"رويترز"، أنهت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت جلسة التداول مرتفعة 94 سنتا، أو 1.35 في المائة، لتبلغ عند التسوية 70.34 دولار للبرميل، وفي وقت سابق من الجلسة سجل برنت 70.46 دولار وهو أعلى مستوى منذ الـ12 من تشرين الثاني (نوفمبر).
وصعدت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 98 سنتا، أو 1.58 في المائة، لتسجل عند التسوية 63.08 دولار للبرميل، وأثناء الجلسة سجل الخام الأمريكي 63.24 دولار وهو أعلى مستوى منذ السادس من تشرين الثاني (نوفمبر).
وسجل برنت ثاني أسبوع على التوالي من المكاسب، في حين سجل الخام الأمريكي خامس زيادة أسبوعية على التوالي.
وزادت شركات الطاقة الأمريكية عدد الحفارات النفطية العاملة للمرة الأولى في سبعة أسابيع بعد أن قفزت عقود الخام نحو 40 في المائة هذا العام.
وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة، في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة وثيقة، "إن شركات الحفر أضافت 15 حفارا نفطيا في الأسبوع المنتهي في الخامس من نيسان (أبريل)، وهي أكبر زيادة منذ أيار (مايو)، ليصل إجمالي عدد الحفارات النشطة إلى 831".
وفي الأسبوع السابق، هبط عدد الحفارات إلى أدنى مستوى منذ نيسان (أبريل) 2018، وعدد الحفارات النفطية النشطة في أمريكا، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، أعلى من مستواه قبل عام عندما كان هناك 808 حفارات قيد التشغيل.
وما زال إنتاج النفط الأمريكي يتزايد على الرغم من توقعات بأن النمو سيتباطأ، ووفقا لبيانات من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، سجل الإنتاج أعلى مستوى له على الإطلاق عند 12.2 مليون برميل يوميا الأسبوع الماضي ارتفاعا من المستوى القياسي السابق البالغ 12.1 مليون برميل يوميا الذي سجله في الأسابيع القليلة الماضية.
وبحسب تقرير "بيكر هيوز"، بلغ إجمالي عدد حفارات النفط والغاز الطبيعي النشطة في الولايات المتحدة هذا الأسبوع 1025، وتنتج معظم الحفارات النفط والغاز.