10/09/2015
65 ألف عامل في القطاع فقدوا وظائفهم منذ بداية العام
قطاع النفط البريطاني يخسر 15 % من موظفيه
قطاع النفط البريطاني يشهد أسوأ فتراته عبر تاريخه الطويل.
هشام محمود من لندن
ربما لم يشهد قطاع النفط البريطاني عبر تاريخة الطويل وضعا أسوأ مما هو عليه الآن.
آخر التقديرات التي صدرت أمس عن منظمة تجارة النفط والغاز في المملكة المتحدة تشير إلى انكماش قطاع إنتاج النفط البحري في بريطانيا، وقدر التراجع منذ بداية العام حتى الآن بنحو 15 في المائة من قوة العمل، حيث خسر نحو 65 ألفا من العاملين في هذا القطاع وظائفهم.
وقدر التقرير عدد العاملين حاليا سواء في وظائف مرتبطة بالإنتاج النفطي البحري مباشرة أو بمهن مرتبطة بسلسلة التوريد والتوظيف لصناعة النفط البريطانية بأنها انخفضت من 440 ألف عامل إلى 375 ألفا حاليا.
ويقول لـ "الاقتصادية"، آندروا ماك دين المختص النفطي، "إن الانهيار في أسعار النفط ترك انعكاسات كبيرة وسلبية على هيكل صناعة النفط البريطانية، فقد خفضت نفقات التشغيل بنحو 8 في المائة أي ما يعادل 800 مليون جنية استرليني، ويتوقع أن يكون هناك مزيد من الاستقطاعات العام المقبل، والتقديرات الأولية أنها ستبلغ 14 في المائة أي نحو 1.3 مليار جنيه استرليني، وبعض التقديرات تصل إلى أنها مليارا جنيه استرليني إذا ما واصلت أسعار النفط الانخفاض".
وتبدو روح القلق في صياغة تقرير منظمة تجارة النفط والغاز في المملكة المتحدة، حيث توقع التقرير تقلص مزيد من أعداد العاملين في القطاع النفطي خلال السنوات المقبلة، وأنه رغم محاولة ضخ مليار جنيه استرليني لتحسين الأمور، إلا أن الوضع لم يتحسن.
وأشار التقرير إلى أن حجر الزاوية في النشاط الصناعي النفطي سيصبح خلال الأشهر المقبلة وتحديدا في عمليات إنتاج النفط البحري منصبا على خفض التكاليف، على أمل أن يساعد ذلك على إنعاش الصناعة خلال السنوات الثلاث المقبلة، عبر رفع الكفاءة وهو ما قد يعني مزيدا من خفض اليد العاملة في قطاع النفط البريطاني مستقبلا.
ويوضح لـ "الاقتصادية"، الدكتور طوني دين أستاذ اقتصادات الطاقة في جامعة أكسفورد أن المشكلة الرئيسية أن تطوير القطاع النفطي يتطلب استثمارات مالية هائلة، ومع عدم شعور المستثمرين في بريطانيا أو حاملي الأسهم بأن الفترة المقبلة تصب في غير مصلحة أسعار النفط، فإن هناك ترددا في الاستثمار في هذا القطاع، وهو ما يضع شكوكا حول قدرة القطاع النفطي على إحداث عملية تطوير بتعويض نقص اليد العاملة عبر رفع كفاءة باقي العاملين.
وأضاف أن "المطلوب هو استعادة الأسواق توازنها الطبيعي ووصول سعر برميل النفط إلى السعر العادل الذي يقدره البعض بنحو 100 دولار للبرميل، حيث إن ارتفاع الأسعار هو الضامن الأساسي لضخ مزيد من الاستثمارات في القطاع النفطي".
ومع تراجع أسعار النفط من 150 دولارا للبرميل في الصيف الماضي إلى 43 دولارا للبرميل حالياً، فإن صناعة النفط في بحر الشمال باتت تعاني مشكلات جمة، خاصة مع ارتفاع تكلفة الإنتاج في عديد من الحقول النفطية القديمة، التي تعاني انخفاض الإنتاج.
وسعت الشركات البريطانية إلى التغلب على المشكلة بالتخطيط لخفض تكلفة إنتاج البرميل من 17.80 جنيه استرليني للبرميل إلى 15 جنيها بنهاية العام المقبل، وللآن فإن ما نجحت فيه الشركات البريطانية هو الوصول بالتكلفة إلى 17 جنيها استرلينيا للبرميل.
وفي ظل هذا الوضع فإن النفقات الرأسمالية التي بلغت ذروتها العام الماضي لتصل إلى 14.8 مليار جنيه استرليني يتوقع أن تنخفض إلى 11 مليارا فقط هذا العام، وسط توقعات بأن تنخفض بنحو 2 إلى 4 مليارات سنويا خلال الأعوام الثلاثة المقبلة.
وهو ما يعني عمليا أن كثيراً من المشاريع البترولية الكبيرة التي بدأت العام الماضي ستتوقف حاليا، وتزداد القضية تعقيدا مع البدء بالفعل في الإنتاج في عدد من الحقول الجديدة.
ومن المرجح أن يزيد إنتاج بريطانيا من النفط هذا العام لأول مرة منذ عام 2000، وتشير البيانات إلى أن النصف الأول من هذا العام شهد ارتفاعا في الإنتاج بنسبة 3 في المائة.
وأشار ديردري ميتشي، الرئيس التنفيذي لشركة النفط والغاز في المملكة المتحدة لوسائل الإعلام البريطانية عن الوضع الراهن للصناعة النفطية، إلى أن هذه الصناعة الكبيرة في بريطانيا تواجه الآن أوقاتا صعبة جدا، ففي العام الماضي كان الإنفاق على عمليات الإنتاج أكثر من المبيعات، وهذه الحالة تتفاقم بفعل استمرار الانخفاض في أسعار النفط الخام، وهو وضع غير قابل للاستمرار.
وأضاف ميتشي، أن "الحل الذي يقترحه الآن يكمن في خفض الضرائب الحكومية على قطاع إنتاج النفط عامة والنفط البحري خاصة".