22/09/2011
صندوق النقد والبنك الدولي يكشران عن أنيابهما في مواجهة الأزمة
منذ أن تولى أوليفيير بلانكارد منصب كبير اقتصادي صندوق النقد الدولي منذ ثلاثة أعوام لم يجد لديه الكثير من الأخبار الطيبة التي يمكن أن يبشر بها العالم، بل إن هذا الرجل الذي اعتلى قمة ''أعلى جهاز إطفاء لأسواق المال العالمية'' فضل الحذر عندما لاحت في أفق هذه الأسواق بوادر تحسن الربيع الماضي في أعقاب الأزمة المالية والاقتصادية.
فرغم أن هذا الخبير الاقتصادي الفرنسي لم يفتقد أبدا للمهارة اللغوية إلا أن عرضه لحصاد نصف عام من الاقتصاد العالمي لم يكن صارما أو محبطا كما كان اليوم، والسبب: لم تتغير أشياء كثيرة في المعاناة الرئيسة في الهيكل الاقتصادي العالمي.
ومن بين هذه المعاناة أن برامج التنمية التي أطلقتها الولايات المتحدة ودعمتها بأموال دافعي الضرائب لتشجيع الطلب على المنتجات لم تؤت أكلها بعد ولم تنجح حتى الآن في تحفيز الاقتصاد؛ مما جعل بلانكارد، أستاذ الاقتصاد العالمي يقول في معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا: ''إن ما نراه لا يبشر بخير''.
ثم كان المطلب الذي دأب صندوق النقد الدولي على تكراره وهو أن تقوم الدول ذات الفائض في الموازنة بامتصاص صادرات الدول ذات العجز لتحريك عجلة الاقتصاد للأمام مرة أخرى. ولكن بلانكارد البالغ من العمر 62 عاما يرى عدم حدوث تراجع في هذا الاختلال بين الدول من ناحية العجز في الموازنة.
وطالب بلانكارد العالم خلال الملتقى السنوي المشترك لصندوق النقد والبنك الدوليين خلال نهاية الأسبوع الفائت بـ''تجاوز هذا المنعطف. وإلا حدثت تداعيات عظيمة على النمو العالمي''. ليست هذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها مسؤول بارز في صندوق النقد الدولي بمثل هذه اللهجة المباشرة، فلقد سبقته إليها رئيسة البنك، كريستين لاجارد عندما استخدمت عبارة ''مرحلة خطيرة'' وجعلتها من مفردات قاموس الاقتصاد العالمي.
ولم يمض على لاجارد أكثر من ثلاثة أشهر في منصبها الجديد حتى أثارت غضب الكثيرين في سوق المال بمطالبتها بإعادة ضخ رساميل جديدة في البنوك إذا اقتضى الأمر ذلك. ولكن يكفي لاجارد أن خبراء صندوق النقد الدولي يؤيدون هذا المسلك ''فهي لا تتخذ قراراتها بمفردها، إنها تشرك فيها مساعديها'' حسبما أوضح مسؤول بارز في صندوق النقد الدولي، مثنيا على وزيرة الاقتصاد الفرنسية السابقة.
وأكد هذا المسؤول أن لاجارد ''تمتلك حسا مرهفا إزاء الناس''. ولم يكن صندوق البنك الدولي هو المؤسسة الدولية الوحيدة التي سلكت هذا المسلك الصارم تجاه الأزمة ووجه تحذيرات شديدة اللهجة للقوى الفاعلة على مسرح الاقتصاد العالمي، بل حذا حذوه البنك الدولي الذي يعتبر شقيقا لصندوق النقد الدولي. بل إن رئيس هذه المنظمة العالمية للتنمية، روبرت تسوليك، لم يرفق بالأوروبيين أو الأمريكيين قائلا: إنه لا يمكن تبني سياسة موحدة للعملة دون انتهاج سياسة مشتركة للموازنة، وقلما كانت كلماته بهذه الصراحة من قبل.
وناشد تسوليك، الذي كان نائبا سابقا لوزير الخارجية الأمريكي في عهد الرئيس السابق جورج بوش، الأمريكيين بالتوصل أخيرا لبوصلة سياسية لخفض العجز في الموازنة. ولم يعد أمام تسوليك في منصبه سوى عام؛ مما جعل مطلعين يرون أنه يغامر بهذا المنصب إذا استمر في إلقاء مثل هذه الخطب شديدة اللهجة.
ولا يشك أحد في أن لتسوليك (58 عاما) الذي يحظى بتقدير واسع داخل البنك الدولي المزيد من المآرب والطموحات السياسية في واشنطن، ولكنه مشغول الآن بالأزمة الحالية وتداعياتها المحتملة. ولم يكن تسوليك أقل حماسة من زملائه في صندوق النقد الدولي عندما حذر من حدوث عواقب بالنسبة للدول النامية والناشئة جراء الأزمة المالية العالمية ورأى وجود ''بوادر عدوى'' بهذه الأزمة.