24/05/2015
بعد حصارهم في السوق الفورية ومراهنتهم على ارتفاع الأسعار
صفقات العقود الآجلة .. الملاذ الجديد للمضاربين في أسواق النفط
استمرار تراجع مخزونات الخام للأسبوع الثالث على التوالي، وتعطل بعض إمدادات نفط الشمال تدعم ارتفاع الأسعار.
مالت أسعار النفط في العقود الآجلة إلى الارتفاع خلال الأسبوع المنصرم وارتفعت فوق 65 دولارا قبل أن تتجه إلى الانخفاض في ختام تعاملات أول أمس وتأثرت عقود النفط الآجلة بعديد من العوامل الرئيسية أبرزها تراجع تخمة المعروض العالمي والتوقعات الاقتصادية لدى دوائر واسعة التي تؤكد أن وفرة المعروض في طريقها إلى الانحسار.
وتسببت التوترات في الشرق الأوسط خاصة في العراق والمخاوف على إمدادات النفط في ارتفاعات أسعار العقود الآجلة في معظم التداولات خلال الأسبوع الماضي.
وقال لـ "الاقتصادية"، مختصون نفطيون، "إن البيانات الدورية عن المخزونات النفطية من المؤثرات المهمة على أسعار العقود الآجلة للنفط لأن تقلص طاقة التخزين يؤدى إلى ارتفاع العقود الآجلة".
وأشارت التقارير إلى استمرار تراجع مخزونات الخام للأسبوع الثالث على التوالي وكانت المخزونات بلغت سابقا مستويات قياسية بسبب وفرة المعروض وهو ما أثار مخاوف من تقلص طاقة التخزين.
وأوضح ألكس فولر مدير تنمية الأعمال في مبادرة الطاقة الأوروبية، أن عقود النفط الخام الآجلة لقيت دعما كبيرا في الفترة الماضية بسبب عوامل منها تعطل إمدادات في بحر الشمال وزيادة الطلب الصيني بقوة على النفط الخام واضطراب الإنتاج والصادرات في بعض مراكز الإنتاج البارزة في الشرق الأوسط خاصة في العراق وليبيا بفعل الصراعات السياسية.
وأشار فولر إلى أن أسعار العقود الآجلة أصبح تحديدها أكثر صعوبة مع اضطراب وتقلبات الأسعار في السوق وهو ما حدث خلال الشهور الماضية وأدى إلى انتشار أنشطة المضاربة على نطاق واسع.
وأضاف فولر أن "العقود الآجلة بطبيعتها هي عملية شراء وبيع للنفط في المستقبل وبالتالي من الضروري قراءة متغيرات السوق على نحو جيد لأن السعر المتفق عليه لا يتغير حتى نهاية العقد مهما تغيرت ظروف السوق".
وذكر فولر أن عقود النفط الآجلة هي الأنسب في حالة الحاجة إلى شراء كميات ضخمة من النفط مع تسديد ما يقرب من 10 في المائة فقط من السعر على أن يسدد باقي المبلغ عند تسوية العقد، وهذا يمثل نوعا من المضاربة والمخاطرة خاصة في حالات عدم استقرار السوق أما في حالة استقرار السوق فتكون نسبة المخاطرة أقل بسبب محدودية تغير الأسعار مثل الفترة قبل حزيران (يونيو) 2014 حيث كانت أسعار النفط الخام مستقرة لنحو أكثر من أربع سنوات.
من جهته، اعتبر أوسكار آنديسنر مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية، عقود النفط الخام الآجلة مكونا مهما ورئيسيا من التعاملات على النفط الخام في السوق العالمية، لافتاً إلى أنها تأثرت كثيرا بتقلبات الأسعار خلال الفترة الماضية وأن السوق تتمتع حاليا بتنامي الثقة خاصة مع لجوء أغلب المؤسسات المالية الدولية لرفع توقعاتها بالنسبة لأسعار النفط.
وأشار آنديسنر إلى أن تقلص المعروض العالمي بسبب توقف الحفارات الأمريكية يجعل كثيرا من صفقات النفط الآجلة تراهن على مستويات أعلى للنفط الخام خاصة خلال النصف الثاني من العام الجاري والعام المقبل.
وأوضح آنديسنر أن المتابع لتطورات السوق يدرك أن أسعار العقود الآجلة لخام برنت المستخرج ارتفعت بنسبة 20 في المائة في الوقت الذي زادت فيه عقود النفط الخام الأمريكي بنسبة تصل إلى نحو 30 في المائة منذ أواخر آذار (مارس) الماضي بسبب صعوبات استمرار الإنتاج سواء في الولايات المتحدة وبحر الشمال.
وقال آنديسنر "إن ارتفاع مستويات الطلب العالمي وهبوط المخزونات الأمريكية تسبب أيضا في زيادة أسعار العقود الآجلة للنفط".
من جانبها، ذكرت ين بيتش المختصة الفيتنامية في شؤون النفط، أن أسعار العقود الآجلة للنفط الخام تتأثر مثل البيع الفوري، بمستوى الأسعار اليومي للنفط وبعلاقة التوازن بين العرض والطلب كما تتأثر أيضا بالعلاقة العكسية التي تربط سعر صرف الدولار الأمريكي بسعر النفط، مشيرة إلى أن العقود الآجلة شهدت انتعاشاً واسعاً أخيرا بفعل نمو الأسعار لمستويات قياسية خلال العام الجاري.
وأضافت بيتش أن "العقود الآجلة للنفط تتفاعل أيضا مع عديد من المؤثرات التي تضغط على أسواق النفط الخام وفى مقدمتها العوامل الخاصة بالأداء الاقتصادي العالمي وحالة الانكماش الاقتصادي التي يتعرض لها عديد من الدول في العالم خاصة دول الاستهلاك الرئيسية ما ينعكس على مستويات الطلب".
وأوضحت بيتش أن عقود النفط الخام تتفاعل مع زيادة أنشطة المضاربة في السوق التي أدت إلى خسائر واسعة في السوق خلال الأشهر الستة الأخيرة من العام الماضي حيث ذكرت إحصائيات لمنظمة أوبك أن أنشطة المضاربة تنامت في الفترة السابقة وتجاوزت الأرباح في بعض الحالات نحو 30 دولارا في البرميل.
وشددت بيتش على أن استقرار السوق وعودتها للنمو بمعدلات طبيعية وفقا للعلاقة بين العرض والطلب ستحجم كثيرا من أنشطة المضاربة وستؤدي إلى رواج العقود الآجلة للنفط التي تلبى عديدا من أغراض التنمية الواسعة في عديد من دول العالم.
من ناحية أخرى، ذكر تقرير اقتصادي أن ارتفاع أسعار العقود الآجلة للنفط في الآونة الأخيرة يرجع إلى عديد من المؤشرات أبرزها صدور بيانات قوية للوظائف في أمريكا وخفض توقعات الحكومة الأمريكية لنمو إنتاج الخام المحلي وزيادة توقعاتها للطلب العالمي على النفط.
وقال تقرير دوري لوزارة العمل الأمريكية "إن التوظيف القوي يعني طلبا قويا على الوقود خاصة البنزين واستفادت عقود الخام أيضا من رفع التوقعات لنمو الطلب الأمريكي والعالمي وخفض توقعات نمو إنتاج النفط الخام في أمريكا". وشهدت تعاملات نهاية الأسبوع هبوطاً في العقود الآجلة للنفط بنحو 2 في المائة بعد أن وضع صعود الدولار ومبيعات لجني الأرباح نهاية لجلستين من المكاسب لأسعار الخام.
وبحسب "رويترز"، فقد ذكر متعاملون أن السوق شهدت أمس الأول مبيعات لجني الأرباح بعد المكاسب التي سجلها النفط في الجلستين السابقتين التي صعدت فيهما عقود برنت 4 في المائة وعقود الخام الأمريكي 6 في المائة.
وأنهت عقود خام القياس الدولي مزيج برنت لأقرب استحقاق جلسة التداول منخفضة 1.17 دولار أو ما يوازي 1.8 في المائة لتسجل عند التسوية 65.37 دولار للبرميل لتنهي الأسبوع على هبوط قدره 2.1 في المائة.
وانخفضت عقود الخام الأمريكي دولارا أو 1.7 في المائة لتبلغ عند التسوية 59.72 دولار للبرميل لكنها أنهت الأسبوع على ارتفاع طفيف قدره ثلاثة سنتات في عاشر أسبوع على التوالي من المكاسب.