23/06/2016
الخام يصعد فوق 50 دولارا مدعوما بهبوط المخزون الأمريكيسباق بين شركات الطاقة للتخلص من أصول المشروعات غير الفعالةأسعار النفط وجدت دعما من شهية المستثمرين للمخاطرة في الأسواق العالمية. «رويترز»
أسامة سليمان من فيينا
تسارع شركات الطاقة العالمية إلى التخلص من أصولها في المشروعات غير الفعالة في مسعى منها إلى مواجهة تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية.
وقال لـ "الاقتصادية"، يقول إيفيليو ستايلوف المستشار الاقتصادي البلغاري في فيينا، إن خطط إعادة الهيكلة تمضى قدما في أغلب شركات الطاقة خاصة الشركات الدولية ووجدنا أخيرا شركات مثل "شل" و"إكسون موبيل" ترفع مستوى الكفاءة من خلال التخلص من أصول غير أساسية وأحدث الشركات في هذا التوجه هي "روس هيدرو" الروسية التي تخلصت من أصول بنحو 300 مليون دولار وذلك في إطار منظومة الشركات التي تركز على التخلص من المشروعات غير الفعالة، التي ترهق المراكز المالية للشركات.
وفيما يخص أوروبا، أكد ستايلوف أن قوة الاتحاد الأوروبي الاقتصادية ستتراجع كثيرا في حالة خروج بريطانيا من الاتحاد كما أن علاقات التعاون الاقتصادي بين ألمانيا وبريطانيا وهما أكبر اقتصادين في أوروبا ستتأثر سلبا على نحو واسع مشيرا إلى ان الأسواق تحبس أنفاسها حاليا في انتظار نتائج الاستفتاء.
وقال ستايلوف إن مستوى المخزونات سيظل العنصر الأقوى في التأثير على مستوى الأسعار مشيرا إلى أن تراجع المخزونات يعكس نمو الطلب ويدعم استقرار السوق مشددا على ضرورة تفادى الأزمات في السوق خاصة الإضرابات العمالية التي تعطل الإنتاج وتكررت تلك الأزمات أخيرا في فرنسا والكويت وكان من المحتمل تكرارها في النرويج لولا تدارك الأمر.
وتقول لـ "الاقتصادية"، إيريكا ماندرفينو مدير العلاقات العامة في شركة "إيني" الإيطالية العملاقة للطاقة، إن مستقبل أفضل للاستثمارات في مجال الطاقة يتطلب مزيدا من برامج التعاون والشراكة بين الشركات الدولية موضحة أنه في هذا الإطار جاءت مباحثات قيادات شركة "إيني" مع نظرائهم في شركة "سوناطراك" الجزائرية.
وأشارت ماندرفينو إلى أنه تم الاتفاق على أطر جديدة لتعميق الشراكة بين "إيني" و"سوناطراك" وسيتضمن ذلك برنامجا طموحا من الأنشطة التي من شأنها أن تشمل التقنيات المتقدمة التي تسهم في انتعاش صناعة النفط والغاز.
وأضافت ماندرفينو أن زيارة كلاوديو ديسكالى الرئيس التنفيذي لشركة "إيني" إلى الجزائر قبل يومين عززت الأمل في تعاون أوسع بين الشركتين أكثر من أي وقت مضي وستشمل برامج التعاون إعادة إطلاق أنشطة تطوير إنتاج الغاز في الامتيازات القائمة في الجزائر والبدء بالفعل في أنشطة جديدة مشتركة للإنتاج من موارد الطاقة المتجددة، مشيرة إلى أن الشركتين سيؤسسان لنموذج تنمية قادر على تعزيز قدرات المرافق القائمة لـ"إيني" و"سوناطراك" في الجزائر.
وأوضحت ماندرفينو أن "إيني" استثمرت 1.51 مليار دولار في الجزائر بين عامي 2010 و2015 وأسهمت على نحو كبير في تطوير القدرات الإنتاجية للهيدروكربونات في البلاد وهو ما يمثل نحو 26 في المائة من إجمالي الاستثمارات المنفذة من قبل جميع الشركات العالمية العاملة ويبلغ إنتاج "إيني" في الجزائر نحو 100 ألف برميل من النفط المكافئ يوميا.
ومن جانبه، يقول لـ "الاقتصادية"، سبنسر دال كبير الاقتصاديين في مجموعة بريتش بتروليوم "بي بي" العالمية للطاقة، إن الإنتاج الأمريكي يواجه مرحلة مؤقتة من الانكماش نتيجة ضعف الأسعار على الرغم من ظهور بعض مؤشرات التحسن أخيرا نتيجة حدوث زيادة في عدد الحفارات النفطية.
وأضاف دال أن العام الماضي شهد حدثا تاريخيا في الولايات المتحدة بالإقدام على رفع الحظر الذي كان مفروضا على صادرات الخام الأمريكي خارج أمريكا الشمالية الذي كان قد فرض قبل أكثر من 40 عاما في أعقاب الحظر النفطي العربي في سبعينيات القرن الماضي.
وأشار دال إلى أن القرار لم يحدث أي تأثيرات في السوق ولم ينعكس ايجابيا على الاقتصاد الأمريكي نظرا لانخفاض إنتاج الولايات المتحدة خلال الفترة الماضية وقد تم تصدير القليل نسبيا من الخام الأمريكي حتى الآن لكن رفع الحظر يعني أن هناك الآن أكثر من السقف الطبيعي على الخام الأمريكي وستتضح تأثيراته، حينما يبدأ إنتاج الولايات المتحدة في الانتعاش مرة أخرى.
وأوضح دال أن الطاقة التكريرية للنفط ارتفعت عالميا في العام الماضي 2015، بأكثر من ثلاثة أضعاف لتسجل أعلى متوسط للنمو في عشرة أعوام مع نمو هوامش الأرباح إلى مستويات شبه قياسية مشيرا إلى أن السوق اتسم بوجود اتجاهات متباينة في الطلب على المنتجات النفطية خاصة البنزين الذي سجل أعلى مستويات الطلب على الإطلاق في حين انخفض الطلب نسبيا على الديزل، لافتا إلى أن قوة هوامش الأرباح شجعت شركات التكرير على زيادة مخزونات المنتجات النفطية وتخفيف الضغط على سعات تخزين النفط الخام خاصة في الدول الصناعية.
وحققت أسعار النفط في الأسواق الدولية ارتفاعات جديدة واستقر خاما برنت والأمريكي فوق 50 دولارا للبرميل بدعم من تراجع غير متوقع في مستوى المخزونات الأمريكية فيما ما زالت حالة الترقب تغلب على الأسواق قبل ساعات من عقد الاستفتاء المرتقب حول استمرار بريطانيا في عضوية الاتحاد الأوروبي وسط حالة من تضارب التوقعات حول نتائج الاستفتاء ووسط مخاوف بشأن مستقبل النمو في التكتل الذي يضم 28 دولة.
وعزز تراجع الدولار أمام بقية العملات الرئيسية من مستوى أسعار النفط الخام وفق العلاقة العكسية بينهما واستمر كبار المنتجين في تحقيق مستويات مرتفعة للصادرات خاصة روسيا، التي تنامت صادراتها في الأسواق الآسيوية، خاصة الصين.
وأظهرت بيانات من معهد البترول الأمريكي تراجعا في مخزونات النفط الخام بالولايات المتحدة تراجعا حادا الأسبوع الماضي بما فيها مخزونات نقطة التسليم في كاشينج بولاية أوكلاهوما في حين هبطت أيضا مخزونات البنزين ونواتج التقطير.
وتراجعت مخزونات الخام 5.2 مليون برميل في الأسبوع المنتهي يوم 17 حزيران (يونيو) إلى 531.5 مليون وهو هبوط أعلى بكثير مما توقعه المحللون، حيث توقعوا تراجعها 1.7 مليون برميل، وقال معهد البترول إن مخزونات الخام بنقطة التسليم في كاشينج انخفضت 1.3 مليون برميل.
وانخفضت مخزونات البنزين 1.5 مليون برميل بينما كان من المتوقع تراجعها 326 ألف برميل. وهبطت مخزونات نواتج التقطير التي تشمل الديزل وزيت التدفئة 1.7 مليون برميل مقارنة بتوقعات بأن تنخفض 257 ألف برميل، وأظهرت أرقام معهد البترول ارتفاع استهلاك الخام بمصافي التكرير إلى 151 ألف برميل يوميا، وارتفعت واردات الخام الأمريكية الأسبوع الماضي 98 ألف برميل يوميا إلى 7.7 مليون برميل يوميا.
وبحسب "رويترز"، فقد زاد خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة 33 سنتا إلى 50.95 دولار للبرميل، وقفز الخام الأمريكي في العقود الآجلة 46 سنتا إلى 50.31 دولار للبرميل ليصعد فوق مستوى 50 دولار للمرة الأولى منذ العاشر من حزيران (يونيو).
ووجد النفط دعما أيضا في شهية المستثمرين للمخاطرة بالأسواق العالمية وسط تفاؤلهم الحذر بتصويت البريطانيين لمصلحة البقاء في الاتحاد الأوروبي في استفتاء اليوم، وإذا أكدت وزارة الطاقة الأمريكية هبوط المخزونات بالولايات المتحدة في وقت لاحق فسيكون هذا هو الأسبوع الخامس على التوالي الذي ينخفض فيه المخزون في علامة جديدة على انحسار تخمة المعروض التي تسببت في نزول أسعار النفط إلى النصف في العامين الماضيين.
وانخفضت مخزونات الخام الأمريكي في الأسبوع الماضي لكن الانخفاض جاء أقل بكثير من المتوقع في حين هبطت مخزونات البنزين هبوطا حادا، وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إن مخزونات الخام الأمريكي هبطت 933 ألف برميل في الأسبوع الماضي بما يقل عن نصف وتيرة الانخفاض التي توقعها المحللون والبالغة 2.3 مليون برميل.
إلى ذلك، أفاد مسح أصدرته "إي. واي" أن ربع شركات الاستثمار المباشر تخطط لاستحواذات بقطاع النفط والغاز بنهاية السنة متلمسة الفرصة بعد أن نالت أسعار الخام المنخفضة من ربحية الصناعة.
وخلص المسح الذي شمل 100 شركة من شركات الاستثمار المباشر إلى أن 25 منها تخطط لصفقة شراء بحلول كانون الأول (ديسمبر) في حين قالت 43 شركة إنها ستبرم صفقة خلال عام.
وأظهر المسح أن شركات الاستثمار المباشر في أنحاء العالم تجنب نحو تريليون دولار انتظارا لتوافر الفرصة لاقتناص شركات في قطاع الطاقة المتضرر من تراجع أسعار النفط أكثر من 50 في المائة منذ 2014.
وقالت ديبورا بايرز مديرة قسم الطاقة الأمريكية في "إي. واي" إن قطاع الاستثمار المباشر متفائل بشأن النفط والغاز وهناك حاجة واضحة للسيولة في الصناعة، ورغم أن المسح أوضح أن الكثيرين في القطاع غير متيقنين من اتجاه أسعار النفط فإن هناك قناعة واسعة بأن موجة الإفلاسات التي شهدها القطاع في الفترة الأخيرة تنطوي على فرصة استثمارية.
وأشهرت ما لا يقل عن 28 شركة منتجة للنفط والغاز بأمريكا الشمالية إفلاسها منذ أوائل 2015، وقالت بايرز إن كثيرا من حالات إشهار الإفلاس الأخيرة بقطاع المنبع هي لإصلاح الميزانيات، وفور انتهاء تلك الشركات من إعادة الهيكلة فإنها ستعيد تقييم أصولها، ما قد يفضي إلى مبيعات متزايدة في السوق.