25/07/2009
حذر اقتصاديون الشركات الخليجية من تكرار تعرضها لاتهامات ودعاوى إغراق لمنتجاتها من قبل الشركات الأجنبية على غرار ما حدث لبعض الشركات السعودية أخيراً من بعض الشركات الصينية والهندية، مطالبين بإنشاء جهاز خليجي موحد متخصص في مواجهة قضايا الإغراق التي تواجهها الشركات الخليجية، وأهمية التعرف على كيفية التعامل مع مثل هذه القضايا بكل جوانبها ولاسيما القانونية.
وأكد الاقتصاديون أن الأزمة الاقتصادية العالمية جعلت بعض الدول تتخذ إجراءات احترازية وحمائية عندما تشعر بوجود منافسة لمنتجاتها متهمة الدول الأخرى بإغراق أسواقها في مخالفة واضحة وصريحة لاتفاقات منظمة التجارة العالمية. ونبه الاقتصاديون أنفسهم من مغبة إضاعة الوقت في محاولة إثبات عكس الاتهامات الموجهة لبعض الشركات الخليجية بقضايا إغراق وجهت إليهم من قبل بعض الشركات الصينية والهندية، مشددين على أهمية تحول الموقف الخليجي من الدفاع إلى «الهجوم» من خلال المصالح الاقتصادية التي تربطها مع هذه الدول.
وكشفوا أن الصين والهند تستورد أن أكثر من 50 في المائة من الطاقة من دول الخليج، كما تشكل الدول الخليجية سوقاً لإعادة توزيع المنتجات الصينية لمنطقة الشرق الأوسط برمته، الأمر الذي يؤكد المصالح الكبيرة المتبادلة بين الطرفين.
وأوضح لـ «الاقتصادية» الدكتور رجا المرزوقي الخبير الاقتصادي والأستاذ في المعهد الدبلوماسي في الرياض أن انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية وتحديات المرحلة المقبلة يحتمان وجود جهة متخصصة تتعامل مع القضايا التي تواجه الشركات السعودية، لافتاً إلى أن قضايا الإغراق دائماً ما يشوبها كثير من الضبابية فما أن تجد أي دولة منافسة لمنتجاتها حتى توجه الاتهام للآخرين بإغراق أسواقها.
وأضاف المرزوقي «يجب على السعودية عدم إضاعة الوقت في محاولة إثبات عكس التهم الموجهة إليها في قضايا الإغراق، وينبغي على الدول الخليجية اتخاذ موقف موحد ككتلة اقتصادية للحفاظ على مصالحها وأهمية إنشاء جهاز متخصص لديه القدرة على التعامل السريع مع مثل هذه القضايا مستقبلاً»، «لو أخذنا الصين والهند على سبيل المثال وهما الدولتان اللتان زعمتا وجود قضايا إغراق من قبل صادرات بعض الشركات السعودية، نجد أن لها مصالح كبيرة معنا، يجب ألا يكون موقفنا هو الدفاع فقط، ينبغي أن يتطور هذا الموقف ليصبح موقفنا «هجوميا» منطقة الخليج ككل تصدر أكثر من 50 في المائة من حاجة هاتين الدولتين من الطاقة، كما أن الخليج يشكل سوقاً لإعادة توزيع جميع المنتجات الصينية والهندية لمنطقة الشرق الأوسط، وإذا وقفت الدول الخليجية موقفاً موحداً أمام هذه الهجمة الشرسة للصادرات السعودية فإنها بذلك تحمي وتقي بقية دول المجلس من التعرض لمثل هذه الاتهامات مستقبلاً».
وشكك المرزوقي في مدى قدرة وزارة التجارة والصناعة السعودية على التعامل بحرفية مع مثل هذه القضايا الشائكة الأمر الذي يوجب تحرك الدول الخليجية بشكل جماعي لحماية مصالحها الاقتصادية الكلية ووضع الخطط المناسبة للتعامل مع القضايا المستقبلية.
من جانبه، أكد الدكتور مقبل الذكير أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز في جدة أن مسائل الإغراق في مجملها قانونية إلى حد كبير، وقال «يبدو لنا مما نشاهد عدم وجود جهة محددة للتعامل مع مثل هذه القضايا، مع الأسف نحن نفتقر إلى الآلية الواضحة لمواجهة قضايا الإغراق وهو ما يتوجب على وزارة التجارة القيام به وتحديد جهة خاصة تعنى بمثل هذه المسائل».
وبيّن الذكير أن مثل هذه القضايا تحتاج إلى ترتيب قانوني والاستعانة بمستشارين ذوي دراية عميقة بأنظمة منظمة التجارة العالمية ولوائحها يمكنهم دحض وكشف الاتهامات التي قد توجه لأي شركة خليجية في المستقبل.
إلى ذلك، وصف الدكتور إحسان بو حليقة الخبير الاقتصادي التحركات الأخيرة التي قام بها مركز تنمية الصادرات السعودية ووزارة التجارة والصناعة بالجيدة، وأضاف «أعتقد أن تعامل السعودية مع قضايا الإغراق التي واجهتها بعض الشركات في قطاع البتروكيماويات كان ممتازا والدليل التنسيق الكبير والواضح بين مجلس تنمية الصادرات السعودية ووزارة التجارة والصناعة، والتحرك السريع التي تم اتخاذه لمواجهة هذه الاتهامات من قبل بعض الشركات الصينية والهندية، يمكننا وصفه بتحرك مهني ومؤقت من الجهات الحكومية بتنسيق من الأطراف المعنية في القطاع الخاص وهي الطريقة التي يجب أن تكون للتعامل مع مثل هذه القضايا في المستقبل.»
وأردف بوحليقة «موضوع الإغراق أخذ حيزا كبيرا من الاهتمام في دول مجلس التعاون حيث أصدرت الدول الست نظاما خاصا بالإغراق وهو خطوة مهمة في هذا الجانب، المطروح الآن هو اتخاذ عديد من الدول لإجراءات احترازية وحمائية إثر الأزمة الاقتصادية العالمية وهو ما يشكل إعاقة ومخالفات واضحة لاتفاقات منظمة التجارة العالمية وهو ما يستدعي وجود جهد منسق بين دول الخليج من خلال اتحاد مجلس الغرف الخليجية إما عبر مبادرة أو مؤتمرات وورش عمل لتنسيق عمل القطاع الخاص والتشاور أو ضمن لجنة التعاون الاقتصادي التابعة للمجلس بعضوية وزراء التجارة والاقتصاد في الدول الست».
وأشاد بوحليقة بفكرة إنشاء هيئة خليجية لمكافحة الإغراق، إلا أنه رأى أن الوقت ليس مناسباً لذلك حالياً، وقال «ما زالت الدول الخليجية تحتاج للمزيد من التنسيق في سياسات التصدير فيما بينها، ويجب أن تحقيق حد أدنى من هذا التنسيق قبل الحديث عن إنشاء مثل هذه الهيئة، أعتقد بأننا نحتاج إلى خطوات تحضيرية قبل اتخاذ مثل هذه الخطوة».