تتجه الأنظار غدا الخميس إلى الاجتماع الـ16 للجنة الوزارية لمراقبة خفض إنتاج النفط في أبوظبي برئاسة الأمير عبدالعزيز بن سلمان، وزير الطاقة، ونظيره الروسي ألكسندر نوفاك، التي تستهدف تقييم وضع السوق ومراجعة خطط خفض الإنتاج في ضوء التحديات الراهنة للسوق ومنها حرب التجارة والتوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط.
ويأتي ذلك في وقت تواصل أسعار النفط الخام مكاسبها السعرية بعد انخفاض مفاجئ ومؤثر في مستوى المخزونات النفطية الأمريكية، إلى جانب الثقة باستمرارية خطة "أوبك" في تقييد المعروض لعلاج الوفرة في الإمدادات ودعم أسعار الخام.
وتتلقى الأسعار دعما من إصرار الإدارة الأمريكية على تطبيق عقوبات صارمة هبطت بإنتاج وتصدير إيران من النفط الخام على نحو واسع، بينما تراجعت المخاوف نسبيا من الحرب التجارية في ضوء تجدد الآمال في نجاح المفاوضات بين الدولتين في احتواء مخاطر حرب التجارة.
وقال لـ"الاقتصادية"، مختصون ومحللون نفطيون، إن الطلب العالمي على النفط الخام يواجه تحديات واسعة في العام المقبل وسط توقعات بتسجيل تباطؤ ملحوظ وهو ما جاء في التقرير الشهري لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، الذي عزا ذلك إلى مخاوف الركود والتباطؤ الاقتصادي الناجمة عن الحرب التجارية.
وشددوا على ضرورة تكثيف جهود المنتجين لتفادي تخمة المعروض من خلال زيادة فاعلية اتفاق خفض الإنتاج.
وأوضح مفيد ماندرا، نائب رئيس شركة "إل إم إف" النمساوية للطاقة، أن التقلبات تهيمن على سوق النفط الخام، لافتا إلى تأكيد "أوبك" تباطؤ الطلب نتيجة النزاعات التجارية، الأمر الذي يجدد حالة المخاوف من وفرة المعروض في العام المقبل، ما يتطلب جهدا أكبر لإنعاش الاستثمار وتحفيز الأسعار على التماسك والتعافي.
وأفاد بأن شركات النفط الوطنية الكبرى في دول "أوبك" حذرت منذ بضعة أعوام من أن وفرة المعروض لن تستمر كثيرا، كما أن الفجوة في العرض قد تتجدد في غضون بضعة أعوام فقط نتيجة لانخفاض الاستثمارات بعد انهيار أسعار النفط بشكل حاد في عام 2014 وعدم حدوث التعافي الكامل والمنشود للاستثمار بسبب تقلبات السوق الحادة على مدار الأعوام الماضية.
من جانبه، قال أندريه جروس، مدير قطاع آسيا في شركة "إم إم إيه سي" الألمانية للطاقة، إن الإنتاج الأمريكي يحاول تعويض التراجعات في المعروض الناتجة عن تخفيضات "أوبك" الطوعية وتأثير العقوبات على إيران وفنزويلا، ولكن تراجع الأسعار يحول دون استمرار الإنتاج الأمريكي على الوتيرة المرتفعة نفسها والتدفقات الضخمة.
وتوقع زيادة إنتاج النفط الأمريكي خلال الأعوام القليلة المقبلة بوتيرة أقل على أن يصل إلى الذروة في الأمد القريب، لافتا إلى أن معظم موارد النفط الصخري الأمريكي – بحسب تقييمات شركات دولية – ستكون قد استخرجت كثيرا من الاحتياطيات القابلة للاسترداد بحلول عام 2024 تاركة فجوة في إمدادات النفط العالمية، التي لا يمكن سدها إلا عن طريق المشروعات البحرية التقليدية المكتشفة حديثا، إضافة إلى احتمال عودة المنتجين التقليديين في "أوبك" وخارجها إلى زيادة الإنتاج.
من ناحيته، أوضح ألكسندر بوجل، المحلل في شركة "جي بي سي إنرجي" النمساوية، أن "أوبك" وحلفاءها يحاولون حثيثا حاليا القضاء على وفرة عالمية للحفاظ على توازن الأسواق وتماسك الأسعار، بينما توجد مخاوف حقيقية من نمو الطلب جراء تصاعد وتيرة النزاعات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
وأشار إلى أن "أوبك" خفضت توقعاتها للطلب في العام المقبل وهو ما يعكس قراءة جيدة لتطورات السوق في ضوء التحديات الراهنة المحيطة بالاقتصاد العالمي.
ولفت إلى قيام وكالة الطاقة الدولية أيضا بتعديل تقديرات نمو الطلب لعام 2019 بانخفاض قدره 100 ألف برميل إلى 1.1 مليون برميل يوميا بعد أن لاحظت أن نمو الطلب في الفترة بين كانون الثاني (يناير) وأيار (مايو) كان ضعيفا وعند أدنى زيادة منذ 2008.
بدورها، قالت أرفي ناهار، محلل شؤون النفط والغاز في شركة "أفريكان ليدرشيب"، إن صناعة النفط الصخري الأمريكي ليست في أفضل حالاتها في ضوء عديد من العوامل الضاغطة منها ارتفاع التكاليف وصعوبة المنافسة في الأسواق الآسيوية ومخاوف النمو الاقتصادي.
وذكرت أن صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة قد تكافح من أجل تحقيق مزيد من المكاسب الإنتاجية، مشيرة إلى تقديرات لبنوك دولية تؤكد حدوث تراجعات مؤثرة في العرض والطلب على النفط الصخري في المستقبل.
وشددت على ضرورة انخراط المنتجين الأمريكيين في التنسيق والتعاون مع المنتجين التقليديين من أجل بلوغ سوق مستقرة للنفط الخام قادرة على مواجهة تحديات النمو والتوترات الجيوسياسية من خلال سياسات موحدة تدفع نحو توازن مستدام بين العرض والطلب.
وفيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط اليوم الخميس، بعد تقرير للقطاع قال إن مخزونات الخام الأمريكية انخفضت الأسبوع الماضي بما يزيد على مثلي الكمية، التي توقعها محللون في استطلاع للرأي أجرته "رويترز".
وبحلول الساعة 06:43 بتوقيت جرينتش، ارتفعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 40 سنتا أو 0.6 في المائة إلى 62.78 دولار للبرميل، بينما زادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 37 سنتا أو 0.6 في المائة إلى 57.77 دولار للبرميل.
وأغلقت الأسعار منخفضة أمس الأول، لكن الأسعار زادت بعد أن أظهرت بيانات من معهد البترول الأمريكي أمس الأول، هبوط مخزونات النفط الخام والبنزين في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، بينما ارتفعت مخزونات نواتج التقطير.
وأظهرت بيانات من المعهد تراجع مخزون الخام 7.2 مليون برميل للأسبوع المنتهي في السادس من أيلول (سبتمبر) الجاري إلى 421.9 مليون برميل، بينما توقع محللون في استطلاع أجرته "رويترز" انخفاضه بواقع 2.7 مليون برميل.
وصعدت الأسعار بقوة قبل إقالة بولتون، بعد أن تلقت الدعم عقب أن قال الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة الجديد، إن سياسة المملكة النفطية لن تتغير وإن اتفاقا مع منتجين آخرين لخفض الإنتاج بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا سيظل مستمرا.
وهبطت صادرات إيران النفطية بأكثر من 80 في المائة بسبب إعادة فرض الولايات المتحدة عقوبات على طهران بعد أن قرر ترمب العام الماضي الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم في عام 2015 بين إيران وقوى عالمية.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 62.74 دولار للبرميل أمس الأول مقابل 62 دولارا للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس، إن سعر السلة، التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق خامس ارتفاع له على التوالي، كما أن السلة كسبت نحو خمسة دولارات، مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 57.81 دولار للبرميل.