شركات الحفر أوقفت عمل 16 منصة خلال الأسبوع
الماضي
تراجع «الصخري» الأمريكي يعطي دفعة لأسعار النفط
الشهور القادمة قد تشهد تراجعا ملحوظا في تخمة المعروض العالمي من النفط.
أسامة سليمان من فيينا
توقع مختصون نفطيون أن تواصل أسعار الخام التحسن خلال الأسبوع الجاري بعدما
أغلق السوق على ارتفاعات سعرية في الأسبوع الماضي مدعومة من تقلص واسع في عدد
المنصات النفطية في الولايات المتحدة.
وسادت أجواء من التفاؤل في السوق بأن الشهور القادمة قد تشهد تراجعا ملحوظا في
تخمة المعروض العالمي من النفط بما يمهد لاستعادة التوازن السوقي وتضييق الفجوة
بين العرض والطلب.
وأوضح المختصون أن ميل السوق نحو تسجيل ارتفاعات سعرية قد يعوقه بعض العوامل
التي ما زال تأثيرها مباشرا وسريعا على الأسعار وفى مقدمتها ارتفاع المخزونات
الأمريكية والبيانات الضعيفة عن اقتصاد الصين المحوري والمؤثر في تطورات سوق
النفط.
وقال لـ"الاقتصادية"، الدكتور فيليب ديبيش رئيس المبادرة الأوروبية
للطاقة، إن النفط الصخري الأمريكي يتجه حاليا إلى مرحلة التقلص الحاد في
الإنتاج، وذلك بعد أن تسببت الطفرة الإنتاجية منه في انهيار الأسعار في صيف عام
2014، مشيرا إلى أن التوقعات ترجح تعافي السوق على الأمد القصير بسبب على الأقل
تقلص حدة حالة تخمة المعروض السابقة.
وأضاف ديبيش أن نفط "أوبك" سيبقى الأقدر على الاستمرار والمنافسة في
ظل مستويات الأسعار الراهنة، موضحا أنه رغم ذلك فقد تراجع إنتاج
"أوبك" أيضا في الشهر الماضي خاصة في السعودية والعراق، وهذا يعني أن
حالة وفرة المعروض توشك على الانتهاء، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار احتمالات
تعافي الطلب وتحسن معدلات النمو في دول الاستهلاك الرئيسية.
وأشار ديبيش إلى أن المراكز المالية وموازنات دول الخليج ما زالت قوية بفضل
قوة الاقتصاديات والاحتياطات والفوائض المالية، وأنه بالرغم من أن الموازنات
حققت بعض العجز هذا العام إلا أن اقتصاديات الخليج قوية وصامدة وقادرة على
التعامل مع أي عجز بسهولة وتعويض الخسائر بيسر ومرونة في السياسات المالية.
ومن جهته، أوضح لـ "الاقتصادية"، الدكتور امبرجيو فاسولى مدير مركز
دراسات الطاقة بمدينة لوزان السويسرية، أن هناك محاولات حثيثة من كبار شركات
النفط للتماسك والتواؤم الاقتصادي مع ظروف السوق الراهنة، فقد وجدنا
"شيفرون" تخفض موازنتها لعام 2016 وسبقتها "بي بي"
و"شل"، اللتين سجلتا تراجعا واسعا في الأرباح.
وأشار فاسولى إلى أن تقلص الاستثمارات يعني أن حالة وفرة المعروض لن تستمر
كثيرا وأن السوق قد تتبدل ملامحه وظروفه قريبا، وربما نشهد تفوقا للعرض على
الطلب، وفق توقعات البعض عن السنوات المقبلة ولكن هذه الخطوة ستتأخر بعض الشيء،
نظرا لبطء تعافي الطلب العالمي، حيث نشهد حاليا تراجعا لمعدلات النمو في أمريكا
والصين واليابان.
ونوه فاسولى إلى أن تأجيل رفع الفائدة على الدولار الأمريكي من قبل البنك
الفيدرالي أضعف نسبيا مستويات سعر صرف الدولار وهو ما دعم بدوره أسعار النفط
الخام نظرا للعلاقة العكسية بين الإثنين.
ورأى فاسولى أن تباطؤ النمو الأمريكي له انعكاساته السلبية الواسعة على سوق
النفط نظرا لكون الولايات المتحدة من أكبر المنتجين والمستهلكين للنفط الخام في
آن واحد، موضحا أن ارتفاع المخزونات الأمريكية يعيق أيضا تعافي السوق على النحو
السريع والمأمول من قبل كل أطراف صناعة النفط.
ويقول لـ"الاقتصادية"، نيل سيمز نائب رئيس شركة إكسبرو للخدمات
النفطية، إن الصورة ليست قاتمة بالنسبة للاستثمارات النفطية والخدمات المرتبطة
بها ويمكن أن تتجاوز الاستثمارات الصعاب الراهنة بحلول مبتكرة وبآليات جيدة
ومرنة لمواجهة الأزمات السعرية الراهنة.
وأشار سيمز إلى أن وجود كثير من الأسواق والفرص الاستثمارية الجيدة على الرغم
من استمرار حالة تدني الأسعار منبها إلى أهمية التركيز على الأسواق الجديدة ذات
التكاليف الإنتاجية المنخفضة ومعظم هذه الفرص موجودة في المنطقة العربية وآسيا
وإفريقيا.
وأضاف سيمز أن شركته تركز في مشروعاتها على التكنولوجيا الحديثة والمتطورة،
حيث أنفقت أكثر من عشرة ملايين دولار منذ عام 2012 على المعدات الجديدة في
مشروعات الخدمات النفطية، مشيرا إلى سعي إكسبرو إلى تطوير علاقات التعاون مع
كبار العملاء في أوروبا وأمريكا والشرق الأوسط.
ومن جانبه، أشار لـ"الاقتصادية"، الدكتور ليوناردو موتينو المستشار
الإعلامي لشركة "أوكسيرا" للدراسات الاقتصادية في لندن، إلى أن
المرحلة الراهنة تتطلب من الدول المنتجة للنفط والغاز الاهتمام بإدارة الموارد
بكفاءة عالية وزيادة الحوافز، التي تشجع على الاستثمار في مجال الموارد
التقليدية للطاقة مع إعطاء اهتمام خاص لتطوير البنية التحتية بعد أن أصبحت بعض
المناطق الإنتاجية صعبة بسبب ارتفاع التكلفة ومنها الجرف القاري النرويجي، الذي
يكافح من أجل التغلب على عقبات السوق الراهنة.
وشدد موتينو على ضرورة أن تركز الحكومات في دول الإنتاج على وضع سياسات
إنتاجية رشيدة تضمن الحفاظ على صناعاتها الوطنية وتطويرها بحيث تظل قادرة على
المنافسة في السوق العالمي.
وقال موتينو إن وزارة النفط والطاقة النرويجية على سبيل المثال أقدمت أخيرا
على تقديم تسهيلات واسعة في مجال البنية التحتية لنقل الغاز البحري خاصة من
منطقة الجرف القاري النرويجي، كما يجري تنفيذ إجراءات مماثلة لتطوير الاستثمار
وتخفيف الأعباء على المستثمرين.
وكانت أسعار الخام قد شهدت في نهاية تعاملات الأسبوع الماضي، ارتفاعاً بعد
بيانات أظهرت انخفاض عدد المنصات النفطية العاملة في الولايات المتحدة للأسبوع
التاسع على التوالي، فيما يشير إلى أن إنتاج الخام قد ينخفض في الشهور المقبلة
وهو ما قد يقلص تخمة المعروض العالمي.
وحصلت الأسعار على دعم إضافي من بيانات منفصلة أظهرت انخفاض إنتاج الخام
الأمريكي في آب (أغسطس) لثالث أدنى مستوى له هذا العام.
وبحسب "رويترز"، فقد ارتفع سعر مزيج برنت خام القياس العالمي 60
سنتا أو ما يعادل 1.2 في المائة إلى 49.40 دولار للبرميل، بينما زاد سعر الخام
الأمريكي 40 سنتا أو بنحو 1 في المائة إلى 46.46 دولار للبرميل.
وخلال الأسبوع الماضي بأكمله حقق خام برنت والخام الأمريكي مكاسب لأول مرة في
ثلاثة أسابيع بعدما قفزا نحو 6 في المائة الأربعاء الماضي فيما ساعدهما على وقف
أسبوعين من الخسائر. وكان الصعود مدعوما بعوامل منها هبوط أكبر من المتوقع في
مخزونات البنزين والديزل وزيادة أقل من المتوقع في مخزونات الخام الأمريكية.
وقالت شركة "بيكر هيوز" للخدمات النفطية في تقريرها الذي يحظى
بمتابعة واسعة، إن شركات الحفر الأمريكية أوقفت عمل 16 منصة في الأسبوع الذي
ينتهي في 30 من تشرين الأول (أكتوبر) لينخفض العدد الإجمالي للمنصات إلى 578 -
وهو الأدنى منذ حزيران (يونيو) 2010.
وهذه أطول موجة من التخفيضات في علامة على أن استمرار هبوط أسعار الخام يدفع
الشركات إلى تقليص خطط الحفر وهو ما يشير إلى أن الإنتاج قد ينخفض خلال الشهور
المقبلة.
|