25/04/2009
برميل النفط يجد أرضية سعرية يستقر عليها
رغم أن شركة كونوكو فيليبس الأمريكية حققت تراجعا في أرباحها للربع الأول من هذا العام بلغ 80 في المائة مقارنة بما حققته في العام الماضي، إلا أن هذا التراجع جاء أفضل مما كان يتوقعه الخبراء في "وول ستريت". وأدت الأرباح التي بلغت 840 مليون دولار إلى رفع سعر سهم الشركة 4.9 في المائة إلى 39.93 دولار. وبما أن كونوكو فيليبس تعد أول شركة نفطية كبرى تعلن نتائجها للربع الأول، فقد أثارت هذه النتائج شيئا من التفاؤل بأن يكون معدل الأسعار قد استقر في حدود 50 دولارا للبرميل، ما يعطي انطباعا أن الشركات الأخرى قد تعلن نتائج أفضل مما كان متوقعا.
يكتسب استقرار سعر البرميل عند هذا المعدل أهمية بالنظر إلى التوقعات الخاصة بالجانب الاقتصادي. فرغم حزم التحفيز التي أعلنتها الاقتصادات الرئيسية والجهد الجماعي من قبل مجموعة العشرين، إلا أن التقارير الأخيرة من البنك وصندوق النقد الدوليين تشير إلى تراجع في حجم النمو الاقتصادي المتوقع بنسبة 1.3 في المائة هذا العام. ولهذا حذرت مجلة الإيكونومست من الخلود إلى إحساس زائف أن الأسوأ في الأزمة المالية والاقتصادية العالمية قد تم تجاوزه. فهناك كثير من المؤشرات الطيبة من تحسن في أسعار الأسهم وأن 42 من الأسواق التي تتابعها الإيكونومست أعطت إشارات على أداء أفضل خلال فترة الأسابيع الستة الماضية، كما أن الاقتصاد الصيني بدأ مرحلة من الانتعاش، والثقة بدأت تعود إلى الأسواق بصورة عامة، مع التحذير من عدم الخلود إلى هذه المؤشرات لأن ما حدث في واقع الأمر تباطؤ في الكساد الاقتصادي وليس انتعاشا قوي الأساس، والخوف ألا تؤدي هذه المؤشرات إلى تجنب السياسيين القيام بالخطوات اللازمة لتحسين الوضع الاقتصادي في بلدانهم.
فمن ناحية لا يزال الطلب على النفط ضعيفا وفي أقل معدل له منذ مطلع عقد الثمانينيات، كما أن المخزونات الأمريكية مثلا، وهي الأعلى بين مخزونات الدول الصناعية الكبرى وهي المستهلك الرئيس للنفط، في أعلى مستوى لها منذ 19 عاما.
لكن رغم هذا الوضع فإن أحد أسباب استقرار سعر البرميل في وضعه الراهن تنامي الإحساس وبسبب الوضع الاقتصادي العالمي أن النفط كونه أحد السلع، سيكون مستودعا جاذبا للمستثمرين في مواجهة ضعف الدولار من ناحية مقابل العملات الأخرى، والخوف من انبعاث التضخم مرة أخرى مع وصول معدلات الفائدة إلى مستويات متدنية للغاية. فالدولار، وهو عملة تجارة النفط العالمية، عندما يكون ضعيفا أمام العملات الأخرى مثل اليورو والين الياباني يجعل شراء النفط رخيصا بالنسبة لهؤلاء المستهلكين، وهذا ما سيجعل السوق أكثر حساسية تجاه تحركات العملات خلال الفترة المقبلة.
من ناحية ثانية، أسهم انضباط الدول الأعضاء في منظمة الأقطار المصدرة للنفط "أوبك" وقيامها بخفض غير مسبوق للإمدادات التي تذهب من قبلها إلى الأسواق في إيجاد قناعة أن تدفق الإمدادات تحت السيطرة، بل وبروز إحساس أنه إذا حدث انتعاش اقتصادي نهاية هذا العام أو مطلع العام المقبل، فإن الطاقة الإنتاجية المتوافرة قد لا تكون قادرة على تلبية الطلب المتوقع وقتها. ففي الشهر الماضي نجحت الدول الأعضاء الـ 11 الخاضعة لنظام الحصص في خفض إمداداتها بمعدل 200 ألف برميل يوميا مما كان عليه مستوى الإنتاج في شباط (فبراير)، وذلك مقابل 600 ألف بين شباط (فبراير) وآذار (مارس).
فالتوقعات الخاصة بالطلب ظلت في تراجع مستمر من قبل الجهات التي تتابع هذا الجانب مثل الوكالة الدولية للطاقة "أوبك" نفسها وإدارة معلومات الطاقة الأمريكية والمركز الدولي لأبحاث الطاقة مع اختلاف في الأرقام خاصة تلك التي تتعلق بالإمدادات وحجم الطلب المتوقع على نفط "أوبك" وعلى المنتجين من خارجها. والتراجع المتوقع في الطلب هذا العام يراوح بين 2.8 مليون برميل يوميا أو 2.4 مليون، وهو أكبر تراجع منذ العام 1983، كما أنه يعد تراجعا للعام الثاني على التوالي إثر ما حدث في 2008.
ومع هذه الصورة أعاد رويال بانك أوف أسكوتلاند النظر في تقديراته للمعدلات التي يتوقع لسعر برميل النفط أن يستقر عليها ووضعها في حدود 56.10 دولار للبرميل هذا العام متراجعا من 80 دولارا في تقديره السابق، بينما التقدير المتوقع لمتوسط سعر البرميل العام المقبل أن يتراجع قليلا بمعدل خمسة دولارات فقط إلى 70 دولارا للبرميل وذلك مقارنة بتقديره السابق.