19/01/2012
انطلاق مؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين في الشارقة السعودية أكبر شريك تجاري عربي مع الصين بـ 43 مليار دولار سنويا
رئيس الوزراء الصيني يصافح عددا من رجال الأعمال الإماراتيين خلال مؤتمر رجال الأعمال الصينيين والعرب في الشارقة أمس. الفرنسية
انطلقت أمس في الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة فعاليات الدورة الرابعة من مؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين، حيث حضر حفل الافتتاح حاكم الشارقة الشيخ سلطان القاسمي ورئيس الوزراء الصيني ون جيا باو الذي أكد في كلمة ألقاها أمام المؤتمرين على عمق العلاقات التي تربط بين الصينيين والعرب منذ فجر التاريخ، مستشرفاً آفاق المستقبل الذي يعد بمزيد من التعاون والتقارب ليس على مستوى العلاقات الاقتصادية فحسب، وإنّما على الأصعدة والمجالات كافة.
وأكد الدكتور محمد التويجري الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية في جامعة الدول العربية أن الدورة الرابعة لمؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين تنعقد وسط أزمات مالية وسياسية عربية وعالمية لم تنجح معظم اقتصاداتنا في درء آثارها السلبية، كما أن هذه الأزمات تفرض تحديات جديدة علينا ويستدعي اجتيازها تكاتفاً وتنسيقاً للجهود بين الدول العربية والصين لاحتواء تداعياتها السلبية وللخروج في أسرع وقت وبأقل الخسائر، ومن جانب آخر توفر فرصاً طيبة لوضع أساس التفاعل الصحيح بيننا.
وأشار التويجري إلى أنّ الصين ترتبط بعلاقات تعاون اقتصادية وتجارية متميزة مع الدول العربية، إلى جانب علاقات تاريخية طيبة، موكّداً أنّ التعاون الاقتصادي بين جمهورية الصين الشعبية والدول العربية شهد تطوراً كبيراً في السنوات الأخيرة، فمنذ إقامة المنتدى تطور حجم التبادل التجاري بين الدول العربية والصين من 36.4 مليار دولار عام 2004 إلى 145.42 مليار دولار عام 2010، محققاً بذلك معدل زيادة بالنمو عن عام 2009 بنسبة مئوية قدرها 34 في المائة حيث بلغت 115.1 مليار دولار، وهو معدل كبير بكل المقاييس وبذلك تحتل الدول العربية للعام الخامس على التوالي المركز الثامن على مستوى العالم كأكبر شريك تجاري للصين، وتأتي السعودية في المرتبة الأولى كأكبر شريك تجاري عربي مع الصين، حيث بلغت قيمة التجارة بين السعودية والصين نحو 43.18 مليار دولار، تلتها الإمارات بحجم تجارة بلغت 25.69 مليار دولار، تلتها سلطنة عُمان بتجارة بلغت 10.72 مليار دولار، ثم العراق بحجم 9.89 مليار دولار، والسودان بـ 8.63 مليار دولار.. وبذلك تستحوذ هذه الدول الخمس على نحو 78 في المائة من إجمالي تجارة الدول العربية مع الصين.
وفيما يتعلق بحجم الاستثمارات العربية في الصين أشار التويجري إلى أنّها وصلت في نهاية عام 2010 إلى نحو 2.58 مليار دولار، كما بلغ حجم الاستثمارات الصينية في الدول العربية نحو 4.22 مليار دولار.
ولفت التويجري إلى أنه منذ تأسيس منتدى التعاون العربي الصيني في كانون الثاني (يناير) 2004 خطا هذا التعاون خطوات ملحوظة لعل أبرزها تجلى في التعاون الاقتصادي والتجاري، فقد تكللت دورات رجال الأعمال بالنجاح والاهتمام وبدعم كبير من مختلف الأوساط الصناعية والتجارية والزراعية في الدول العربية والصين.
من جهتها قالت الشيخة لبنى القاسمي، وزيرة التجارة الخارجية الإماراتية إنّ هذا المؤتمر يجسد حرص الإمارات على خلق قنوات فاعلة لتطوير العلاقات الاقتصادية المتبادلة وتعزيز التعاون العربي الصيني وترسيخ مفهوم التكامل الاقتصادي، وخلق فرص استثمارية جديدة في مختلف المجالات الحيوية، بما ينعكس بصورة إيجابية على النهضة الاقتصادية الشاملة في دول الخليج والعالم العربي عموماً، وذلك تحت مظلة من القيم المشتركة بين الحضارتين الصينية والعربية، التي دفعت لبناء نموذج من العلاقات بين الجانبين لا يُحددها زمن بل تُحددها ثوابت ورُؤى متواصلة ساهمت في خلق حوار حضاري وثقافي عميق بين الجانبين، فالدول العربية ترتبط مع جمهورية الصين الشعبية بعلاقات تجارية متينة تعود جذورها إلى عدة قرون مضت بالتزامن مع ازدهار طريقي الحرير وِسيلان التي ساهمت في تسهيل التبادل التجاري وتعزيز صلة الوصل بين الصين والعالم العربي. وعلى مدى العقود القليلة الماضية التي عرفت انفتاحاً اقتصادياً كبيراً على مستوى العالم، حقق حجم التجارة بين الطرفين نمواً ملحوظاً بمعدل تجاوز 20 ضعفاً منذ عام 1978 ليصل إلى 120 مليار دولار في الوقت الراهن ليعزز بذلك مكانة المنطقة العربية كشريك تجاري رئيس للاقتصاد الصيني.
وأضافت: "لم تكن الإمارات بمنأى عن هذا التطور في العلاقات التجارية مع الصين، إذ شهدت العلاقات الثنائية بين البلدين نقلة نوعية على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والتجارية، فالصين تحتل المرتبة الثانية في حجم التجارة الخارجية للإمارات بقيمة تجاوزت 14 مليار دولار في عام 2010، والمرتبة الثانية في قيمة الواردات إلى الدولة التي قاربت 13,5 مليار دولار في العام ذاته، وعلاوة على ذلك، تعتبر الصين من أبرز الشركاء التجاريين للإمارات على مستوى التصدير وإعادة التصدير".
ولفتت القاسمي إلى أنّ التداعيات السلبية المتفاوتة التي طالت مختلف الاقتصادات الإقليمية والدولية نتيجة الأزمة المالية التي ضربت العالم قبل سنوات قليلة مضت، أظهرت جلياً الترابط العضوي والتداخل بين اقتصاديات العالم التي تأثرت بدرجات متفاوتة بالتحديات المالية والاقتصادية التي سادت حينئذٍ. كما برزت أيضاً أهمية تحقيق التكامل الاقتصادي وتضافر الجهود المشتركة للوصول إلى حلول فاعلة من شأنها تجاوز حالة الكساد وتعزيز الشفافية في عمل النظام المالي العالمي وضمان التدفق المستمر للاستثمار والنشاط التجاري وغيرها، مؤكّدة أنّ مرحلة التعافي شهدت عقد المزيد من الاتفاقيات المشتركة التي كان لها دور حيوي في تسريع وتيرة الانتعاش الاقتصادي ووضع أسس متينة لتحقيق التكامل بين الاقتصادات والمجتمعات العالمية كافة.
كما ألقيت في حفل الافتتاح أيضاً كلمات مجموعة من الوزراء العرب من مصر والسودان والعراق، وعدد من المسؤولين الصينيين، ركّزت جميعها على الجهود المبذولة من قبل الأطراف العربية والصينية، ووصّف معظمها نوع وحجم الاستثمارات والتبادل التجاري المتبادل بين الجانبين.. كما دعت الكلمات إلى مزيد من التعاون والتنسيق في مجالات الاستثمار المختلفة، وتوسيع آفاق التبادل التجاري في مجالاته المتنوعة.
يذكر أنّ فعاليات اليوم الأول من المؤتمر شهدت عقد جلستين حواريتين، تحمل الأولى عنوان: (واقع وآفاق الاستثمارات العربية- الصينية)، بينما ركّزت الثانية على (سبل تطوير العلاقات التجارية العربية- الصينية).
ويعقد مؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين في إطار منتدى التعاون الصيني ـ العربي الذي بدأ تفعيله رسمياً في شهر سبتمبر عام 2004، ويعقد المؤتمر مرة واحدة كل سنتين في الصين والدول العربية بالتناوب، حيث عقد المؤتمر الأول في بكين في أبريل عام 2005، وعقد المؤتمر الثاني في العاصمة الأردنية عمان في يونيو عام 2007.. بينما عقدت الدورة الثالثة من المؤتمر في أبريل 2009 بمدينة هانغتشو حاضرة مقاطعة تشجيانغ شرقي الصين.