09/01/2010
انتعاش اقتصادي بلا وظائف في دول مجلس التعاون الخليجي
تتفق التقارير العالمية على أن عام 2010 سيشهد تعافيا في الاقتصاد العالمي، وهي تتفاءل بصورة أكبر بشأن اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي التي تتوقع لها عودة للنمو بمعدل وسطي يبلغ نحو 3 في المائة. وتلفت هذه التقارير الانتباه إلى أنه بينما كانت الفقاعة المالية هي السبب وراء الركود الاقتصادي الذي ضرب العالم على مدى العام والنصف الماضيين، فإن أكثر المتضررين من هذا الركود كان أسواق العمل، حيث فقدت السوق الأمريكية وحدها نحو ثمانية ملايين وظيفة، مما قلل من نسبة العمالة إلى عدد السكان من 63 في المائة إلى 58.5 في المائة.
وتبين تجارب الدورات الاقتصادية العالمية منذ الثمانينيات وحتى منتصف العقد الحالي، أن تشغيل العمالة يتخلف على نحو متزايد وراء الناتج المحلي الإجمالي أثناء فترات التعافي من الأزمات ففي الولايات المتحدة شهدنا انتعاشاً بلا وظائف أثناء ولاية الرئيس بيل كلينتون إلى أن نشأت فقاعة ازدهار الدوت كوم أثناء القسم الأخير من التسعينيات، كما شهدنا انتعاشاً بلا وظائف أثناء ولاية جورج دبليو بوش في أعقاب التباطؤ.
في مايلي مزيد من التفاصيل:
تتفق التقارير العالمية أن عام 2010 سيشهد تعافيا في الاقتصاد العالمي، وهي تتفاءل بصورة أكبر بشأن اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي التي تتوقع لها عودة للنمو بمعدل وسطي يبلغ نحو 3 في المائة.
وتلفت هذه التقارير الانتباه أنه بينما كانت الفقاعة المالية هي السبب وراء الركود الاقتصادي الذي ضرب العالم على مدى العام والنصف الماضيين، فإن أكثر المتضررين من هذا الركود كانت أسواق العمل، حيث فقدت السوق الأمريكية وحدها نحو ثمانية ملايين وظيفة، مما قلل من نسبة العمالة إلى عدد السكان من 63 في المائة إلى 58.5 في المائة.
وتبين تجارب الدورات الاقتصادية العالمية منذ الثمانينيات وحتى منتصف العقد الحالي، أن تشغيل العمالة يتخلف على نحو متزايد وراء الناتج المحلي الإجمالي أثناء فترات التعافي من الأزمات. ففي الولايات المتحدة شهدنا انتعاشاً بلا وظائف أثناء ولاية الرئيس بِل كلينتون إلى أن نشأت فقاعة ازدهار الدوت كوم أثناء القسم الأخير من التسعينيات، كما شهدنا انتعاشاً بلا وظائف أثناء ولاية جورج دبليو بوش في أعقاب التباطؤ.
وكان يعتقد أن بعض الاقتصاديات الكبيرة تتمتع بمرونة كافية في استيعاب فائض العمالة حال التعافي الاقتصادي، ولكن هذا الوهم تبدد في الوقت الحاضر. ففي تقريرها عن توقعات تشغيل العمالة في عام 2009 ألقت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية نظرة فاحصة على إصلاحاتها السياسية المفضلة فوجدت أنها عاجزة عن مساعدة البلدان على التكيف مع الركود الناتج عن أسباب مالية. وطبقاً لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية: «ليس هناك أي سبب واضح يجعلنا نتوقع أن تكون الإصلاحات البنيوية الأخيرة سبباً في جعل أسواق العمالة في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أقل تأثراً بالانحدارات الاقتصادية الحادة».
ويرى محللون أن الحديث عن انتعاش اقتصادي بلا وظائف يصدق أيضا على دول مجلس التعاون الخليجي، إن لم ينطبق بصورة مضاعفة. ووجه المضاعفة هنا أن أسواق العمل الخليجية لا تتأخر في التعافي مع التعافي الاقتصادي فحسب، بل حينما تبدأ بتوليد الوظائف، فإنها ستكون في الغالب الأعم موجهة للعمالة الأجنبية وليس المحلية.
ولا تتوافر إحصائيات حديثة عن أسواق العمل الخليجية في الوقت الحاضر، إلا أن جل المحللين يتفقون أنها نمت على الوتيرة نفسها طوال العقود الثلاثة الماضية من حيث زيادة الاعتماد على العمالة الأجنبية مما أبرز ظاهرة البطالة في صفوف المواطنين على نحو حاد، ومن ثم برزت المعالجات المتفاوتة للتعامل معها.
ويرى هؤلاء المحللون أن أنماط التنمية في دول مجلس التعاون، وخاصة لجهة طغيان طابع الإنفاق الحكومي على مشاريع البينة التحتية والخدمات من جهة، واستثمارات القطاع الخاص في القطاعات العقارية والعمرانية والأسواق المالية لا تنطوي على قيمة مضافة عالية من جهة الوظائف المولدة للمواطنين، بل تتجه مباشرة لاستيراد المزيد من الأيدي العاملة الأجنبية.
وأوضحت دراسة لاتحاد الغرف الخليجية أن إجمالي عدد سكان دول مجلس التعاون في عام 2000 بلغ نحو 30 مليون نسمة، ارتفع إلى 32.5 مليون عام 2004 أي بزيادة نسبتها 8.3 في المائة خلال أربع سنوات فقط، ثم بلغ 39 مليون نسمة عام 2008 أي بنسبة زيادة سنوية قدرها 5 في المائة أيضا خلال أربع سنوات مما يعكس جانب من الزيادة غير الطبيعية في السكان بسبب جلب الأيدي العاملة الأجنبية. وأن نسبة غير المواطنين في كل دولة من دول مجلس التعاون الخليجي تقدر بنحو 50 في المائة في البحرين و40 في المائة في السعودية و40 في المائة في عمان و60 في المائة في الكويت ونحو 80 في المائة في الإمارات وقطر.
ووفقاً للدراسة فإن تطور نسبة العمالة الوافدة في كل دولة من دول مجلس التعاون حسب إحصائيات الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي وتقارير وزارات العمل في هذه الدول ما بين عامي 2001 و 2008 تشير إلى أن نسبة هذه العمالة من إجمالي العمالة في البحرين كانت 58.8 في المائة عام 2001 ثم ارتفعت إلى 79 في المائة، وفي السعودية ارتفعت من 50.2 في المائة إلى 88.4 في المائة وفي عمان زادت من 79 في المائة إلى 81.5 في المائة وفي قطر طفرت من 53.9 في المائة إلى 84.8 في المائة وأخيرًا الكويت زادت من 80.4 في المائة إلى 84.8 في المائة. وتشير تلك الإحصائيات إلى أن تطور العمالة الوافدة في الإمارات بلغ أقصاه وبنسبة 90 في المائة من إجمالي القوى العاملة.
وأضافت أنه وفقاً لبعض الدراسات فإن النسبة الأكبر من العمالة الوافدة تتركز في القطاع الخاص، وتتفاوت نسبتها كمؤشر عام من دولة لأخرى، ففي الإمارات تشكل نسبتها 98.7 في المائة، فيما بلغت نسبة العمالة الوطنية في القطاع الخاص في عُمان نحو 78.3 في المائة عام وفي البحرين 72.4 في المائة وفي السعودية تشكل العمالة الوافدة ما يزيد على 80 في المائة من نسبة العمالة في القطاع الخاص ويزيد كذلك على 90 في المائة في الكويت وتشكل أكثر من 96 في المائة في قطر.
ويقول الخبير الاقتصادي إحسان بوحليقة إن أسواق مجلس التعاون قد شوهت بسبب انفتاحها المفرط على اليد العاملة الأجنبية ولكون القطاع العام يشكل موظفا ملائما جدا بالنسبة للمواطنين. وقال إن تدفق العمال الأجانب إلى دول الخليج الذين يمثلون نحو 40 في المائة من السكان البالغ عددهم 37 مليون نسمة يمثل ظاهرة فريدة لا مثيل لها في أي مكان آخر في العالم، مشيرا إلى أن المملكة أصدرت العام الماضي نحو 1.7 مليون تأشيرة عمل، وهو رقم قياسي. حيث يعيش في المملكة نحو 24 مليون نسمة بينهم 6.5 ملايين أجنبي. ويصل معدل البطالة بين المواطنين إلى نحو 11 في المائة وذلك استنادا إلى أرقام رسمية، وهو ما يمثل انخفاضا قدره نقطة واحدة مقارنة بالعام السابق.
ويقول الخبير الاقتصادي والأمين العام لمركز البحرين للدراسات والبحوث الدكتور عبد الله الصادق في دراسة متخصصة حول (السياسة الاجتماعية بمنظور اقتصادي بحرينيا وخليجيا) أن ما حققته اقتصاديات دول المجلس انعكس على تطور وتقدم مؤشرات التنمية البشرية والاقتصادية، إلا أن عناصر نجاح هذا النموذج قد استنفدت بالفعل، وهذا ما أكدته الدراسات الماكرو- اقتصادية التي أجريت أخيرا وأوضحت أن نمط النمو في هذه الدول ارتبط بشكل أساسي على نمو العمل الذي اعتمد بدوره على تدفق العمالة الأجنبية – وأغلبها من العمالة غير الماهرة -، حيث شهدت العقود الثلاث الماضية زيادة في العمالة الأجنبية في أسواق العمل في دول الخليج بمعدلات مرتفعة، فارتفع حجم هذه العمالة من 1.12 مليون عام 1975 إلى 7.7 مليون عامل عام 1990 وليصبح نحو 11 مليون عامل عام 2006. وتمثل العمالة الأجنبية - في المتوسط - 60 إلى 70 في المائة من إجمالي العمالة في دول الخليج العربية. لذلك- يضيف الصادق - أن نسبة العمالة الأجنبية في سوق العمل الخليجي قد وصلت إلى حدها الأقصى، ولا يمكن الاستمرار في نمو هذه العمالة دون أن تتعرض الكيانات الاقتصادية والاجتماعية لمخاطر جسيمة. لذلك لم يكن غريبا أن شهدت اقتصاديات دول الخليج خلال العقد والنصف الماضي ظهور مشكلات البطالة وتذبذب معدلات النمو وتراجع الاستثمار وضعف الإنتاجية الكلية، وفوق ذلك أدى العجز عن الإدارة الصحيحة لسوق العمل إلى أن تتحول العمالة الأجنبية إلى أداة إغراق اجتماعي ارتبطت بها الكثير من المشاكل كتشجيع القطاعات كثيفة العمالة ذات الأجور المنخفضة والإنتاجية المتدنية.