27/06/2011
اليورو المتعثر يتسبب في جلسة تعاملات متقلبة
سمسار يرصد حركة الأسهم في بورصة نيويورك. وأقفل مؤشر ''ستاندارد أند بورز'' 500 على تراجع بنسبة 1.2 في المائة يوم الجمعة الماضي. الفرنسية
جلسة التعاملات المتقلبة في أجواء الجيشان العالمي العنيفة – مدفوعة في الفترة الأخيرة بالتصورات حول النمو الاقتصادي ومشاعر القلق حول الديون على اليونان – انتهت على الجانب السلبي في أعقاب تراجع اليورو.
الطبيعة المتشعبة إلى حد ما للتداولات يوم الجمعة ظهرت بصورة واضحة من خلال النحاس، أهم المعادن الصناعية، حيث ارتفع سعره بنسبة 1.4 في المائة ليصل إلى 4.11 دولار للباوند، في الوقت الذي واصل فيه خام برنت خسائره في أعقاب الإعلان يوم الخميس عن أرقام الاحتياطي الغربي ليصل إلى 104 دولارات للبرميل، وهو أدنى مستوى له منذ أربعة أشهر.
تراجع مؤشر فاينانشيال تايمز لعموم الأسهم العالمية بنسبة 0.3 في المائة، حيث أقفل مؤشر ستاندارد آند بورز 500 هذا الأسبوع على تراجع لا يستهان به. فقد تراجع هذا المؤشر القياسي بنسبة 1.2 في المائة يوم الجمعة، ما أدى إلى أن يسجل تراجعا إجماليا على مدى الأسبوع – حيث يبدو أنه قد انتهت فترة الراحة التي سجلها في الأسبوع الماضي محققا زيادة هامشية، حيث قطع سلسلة متصلة من التراجعات استمرت على مدى ست جلسات.
وحدث تراجع في المكاسب المبكرة في كثير من الموجودات الخطرة، بما في ذلك الأسهم الآسيوية والأوروبية، بعد منتصف الوقت في جلسة التعاملات في أعقاب التراجع الذي أخذه يشهده اليورو من جديد.
يلاحظ أن العملة الأوروبية الموحدة تضررت بفعل التراجعات الحادة في أسهم البنوك الأوروبية، خصوصا الإيطالية منها، والتي تراجعت بدورها إلى أدنى من ذي قبل على خلفية المخاوف بسبب مقتنياتها من السندات السيادية لبلدان منطقة اليورو، وعمليات جمع رأس المال ورد الفعل المتأخر على التحذيرات التي أطلقتها وكالة موديز للتقييم الائتماني بخصوص القطاع البنكي.
وتعافى اليورو إلى حد ما في الوقت الذي كان فيه الزعماء الأوروبيون يتباحثون حول أحد مكونات السوق الخاصة ودوره في صفقة جديدة للإنقاذ بقيمة 30 مليار يورو، رغم أن المعارضة النيابية في جناح المحافظين في اليونان لا تزال تقول إنها لن تساند إجراءات التقشف المتشددة في اليونان أثناء التصويت على ذلك في البرلمان في الأسبوع المقبل.
فروق العوائد بين السندات الحكومية الإيطالية لأجل 10 سنوات وسندات الخزانة الألمانية المماثلة سجلت رقما قياسيا هو الأول من نوعه في عهد منطقة اليورو، حيث بلغت 212 نقطة أساس، وهذا يعتبر علامة على أن مشاعر القلق والتخوف من انتقال العدوى بخصوص السندات اليونانية لم تختف بعد. وقد أقفل هذا الأسبوع مؤشر ماركِت سوف إكس Markit SovX (الذي يقيس عقود التأمين ضد الإعسار على السندات السيادية الغربية في منطقة اليورو)، أقفل عند رقم قياسي مقداره 244 نقطة أساس.
في الوقت نفسه، استمر الطلب على سندات الخزانة الأمريكية، التي تُعتبر بمثابة الملاذ الآمن. فقد سجلت السندات لأجل 10 سنوات عائدا متدنيا على مستوى العام الحالي مقداره 2.87 في المائة، في حين أن سندات الخزانة لأجل سنتين قاربت من تسجيل أدنى رقم قياسي لها، عند 0.32 في المائة. وتعزز وضع سندات الخزانة قصيرة الأجل – وكثير منها يدفع في الفترة الحالية عوائد متدنية تماما عند 0.01 في المائة – بسبب صناديق التحوط التي جعلت أسواق الصناديق المشتركة مكشوفة أمام سندات البنوك في الاتحاد الأوروبي.
في بيئة من هذا القبيل، حيث يعتقد المتفائلون في مجال السندات أن الأرباح التي لا تزال قوية في قطاع الشركات عن الربع الثاني من العام ستخفف الضغط عن الأسهم، لم تتمكن من بناء أي زخم من طلبات البضائع الصلبة عن شهر أيار (مايو)، والتي كانت أقوى من التوقعات، أو من تعديل أرقام الناتج المحلي الإجمالي إلى الأعلى.
في الوقت الحاضر يبدو أن المتداولين يتعاملون مع عدد يفوق الحد من العوامل السلبية. قضى المتداولون معظم الجلسة السابقة في حالة توتر حول تباطؤ الاقتصاد العالمي في أعقاب التعليقات المتشائمة من البنك المركزي الأمريكي بعد أن أظهرت تقارير التصنيع في الصين ومنطقة اليورو تراجعا في الزخم الإنتاجي في كل منهما.
كذلك تضررت شهية التداول في الموجودات الخطرة بفعل المخاوف من أن اليونان ربما تواجه أوضاعا شديدة في سبيل تأمين الاتفاق مع المقرضين لكي تستطيع تجنب الوقوع في الإعسار. وتضررت كذلك بفعل التقارير التي أفادت بأن المحادثات تعثرت بين البيت الأبيض وأعضاء الحزب الجمهوري حول صفقة من شأنها تأمين التصويت لرفع سقف الميزانية الأمريكية.
لكن هناك ثلاثة عوامل اقترنت لإطلاق المتشائمين.
كان العامل الأول هو الغضب البطيء. كان البعض في السوق يخشى أن قرار الوكالة الدولية للطاقة بإطلاق 60 مليون برميل من مخزونات الخام يشي بأنه محاولة يائسة تشير إلى أن السلطات تقر بأن الوضع الاقتصادي أصبح حرجا وشديدا إلى درجة تستدعي التدخل الإضافي.
لكن هناك وجهة نظر أكثر هدوءا ترى أنه حيث إن السياسة النقدية متراخية إلى أقصى مدى ممكن فإن اقتصاد البلدان الكبرى في العالم المتقدم – وكثير منها يجادل بأن الجولة الثانية من برنامج التسهيل الكمي فقدت سمعتها وجدواها – فإن القرار باتجاه تخفيض أسعار الطاقة، وبالتالي إعطاء تخفيض ضريبي إلى المستهلكين، هو أداة جديدة مرحَّب بها في محاولة جرجرة النمو الاقتصادي العالمي وإخراجه من مساره اللين.
كذلك يُنظَر إلى قرار الوكالة الدولية للطاقة على أنه يخفف من أثر الضغوط التضخمية، وهذا يمكن بدوره أن يتيح للسلطات في بلدان الأسواق الناشئة سريعة النمو، مثل الصين، استخدام قدر أقل من القوة على الكوابح النقدية، ما يؤدي أكثر من ذي قبل إلى تقليص مخاطر حدوث تراجع اقتصادي حاد.
وهذا يتفق مع التعليقات الصادرة عن رئيس الوزراء الصيني وين جياباو، ومفادها أن بكين تمكنت من ترويض النمر التضخمي، وهو تصريح ساعد الأسعار في أسواق المال الصينية لأجل سبعة أيام على اقتناص تقدم لمدة سبعة أيام، وساهم هذا بدوره في اندفاع بنسبة 2.2 في المائة في مؤشر شنغهاي المركب وزيادة مقدارها 1.3 في المائة في المؤشر الخاص بمنطقة آسيا.
العامل الثاني كان الأنباء التي وردت في وقت متأخر من يوم الخميس بأن اليونان وافقت على تطبيق حزمة من التخفيضات التقشفية مع الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي من شأنها أن تسمح بإعطاء اليونان شريحة أخرى من أموال المساعدات.
لكن لعل أهم العوامل الثلاثة، بالنسبة للمتشائمين بخصوص الأسهم على الأقل، هو أن مؤشر ستاندارد آند بورز 500 في نيويورك ارتد مرتين بصورة حادة عن متوسط حركته لمدة 200 يوم خلال ستة أيام فقط.
وكانت آخر مرة حدث فيها ذلك هي عند مستوى 1262 نقطة، حيث أقفل هذا المؤشر القياسي عند 1284 نقطة. وفي يوم الجمعة أوقِف التراجع عند 1268 نقطة قبل أن تبدأ الأسهم في التعويض عن خسائرها.
هذا النوع من الحركات الفنية يعطي نجدة قوية للمتفائلين، ومع أخذ جميع العوامل المساعدة الأخرى في الاعتبار، فإن المتفائلين سيرجون أن ذلك سيكون المحرك الرئيسي خلال عطلة نهاية الأسبوع.