16/02/2018
ارتفعت أسعار النفط أكثر من 1 في المائة أمس لتواصل المكاسب التي حققتها في الجلسة السابقة بدعم من انخفاض الدولار وتصريحات سعودية تؤكد التزام المملكة بتخفيضات الإنتاج خلال 2018.
وبحسب "رويترز"، فقد ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 84 سنتا أو 1.4 في المائة عن آخر تسوية مسجلا 61.44 دولار للبرميل، بعدما ارتفع 2.4 في المائة في الجلسة السابقة.
وارتفعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت 69 سنتا أو 1.1 في المائة إلى 65.05 دولار للبرميل بعد زيادة 2.6 في المائة الأربعاء، وقال متعاملون "إن الأسعار ارتفعت بدعم من تراجع الدولار الأمريكي مقابل عملات رئيسية".
والأهم من ذلك الدعم الذي وجدته السوق في تصريحات السعودية، أكبر منتج للنفط في "أوبك"، التي أكدت دعمها لتخفيضات الإنتاج التي تقودها "أوبك" ومنتجون مستقلون من بينهم روسيا منذ 2017 في مسعى لتقليص الفجوة بين العرض والطلب في السوق وتعزيز الأسعار.
وأعلنت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية ارتفاع مخزونات الخام في البلاد بمقدار 1.8 مليون برميل خلال الأسبوع المنتهي 9 شباط (فبراير)، في ثالث زيادة أسبوعية على التوالي، لكن بأقل من توقعات الخبراء ارتفاعا بنحو 2.8 مليون برميل.
وبالنسبة إلى الإنتاج، فقد أعلنت الإدارة ارتفاعا قدره 20 ألف برميل، في خامس زيادة أسبوعية على التوالي، ليصل إجمالي الإنتاج 10.27 مليون برميل يوميا، وهو أعلى مستوى للإنتاج الأمريكي على الإطلاق، وقفز الإنتاج الأمريكي بأكثر من 20 في المائة منذ منتصف عام 2016.
إلى ذلك، أكدت منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أنه على الرغم من توقع أن تسجل الاستثمارات النفطية ارتفاعا طفيفا هذا العام إلا أن وضع الاستثمارات بشكل عام أقل بكثير مما شهدناه في الماضي، كما لا تزال السوق تركز على مزيد من المشاريع قصيرة الأجل بدلا من المشاريع طويلة الأجل التي تعتبر حيوية لنمو الصناعة في المستقبل.
وقال تقرير حديث لـ "أوبك" – عن نتائج مشاركتها في الندوة الثامنة المشتركة مع وكالة الطاقة الدولية والمنتدى العالمي للطاقة في الرياض – أن نمو الاستثمارات الجديدة أمر حيوي لتعويض معدلات الانخفاض الطبيعي في الحقول الذى يبلغ نحو 5 في المائة سنويا، مشيرا إلى أن الحفاظ على مستويات الإنتاج الحالية يتطلب من الصناعة إضافة أكثر من أربعة ملايين برميل يوميا كل عام.
ولفت التقرير إلى تأكيد محمد باركيندو أمين عام "أوبك" أن الاستثمار والنمو لن يتحققا إلا من خلال استقرار دائم في السوق، معتبرا هذا هو السبب في أن الجهود الجارية من قبل الدول المشاركة الـ 24 في "إعلان التعاون" هي مفتاح لمستقبل أفضل لصناعتنا، منوها بأن هناك صلة مباشرة بين أمن العرض على المدى الطويل والظروف القصيرة الأجل.
وأوضح التقرير أن جهود "أوبك" مستمرة في دعم الحوار والتعاون الدوليين، لافتا إلى إجراء حوارات سنوية ثنائية ومتعددة الأطراف حول الطاقة مع مجموعة واسعة من أصحاب المصلحة في العالم بما في ذلك الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين والهند والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومجموعة العشرين وشركات النفط العالمية، مؤكدا عقد اجتماعات مثمرة أخيرا مع مختلف أصحاب المصلحة في الولايات المتحدة.
وأفاد تقرير "أوبك" أن هذه الجهود الاستباقية تمثل أولوية بالنسبة إلى منظمة أوبك لأن عالم اليوم يتسم بأنه معقد ومترابط على نحو متزايد فضلا عن وضع سوق النفط العالمية المترابط أيضا حيث لا يمكن لأي طرف أن يقوم بمفرده بتحمل أعباء الصناعة، لافتا إلى أن التعاون والحوار أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى لإدراك النجاح.
ونقل التقرير الدولي عن محمد باركيندو تأكيده أنه بالنظر إلى المستقبل يمكن القول إن هناك إمكانات كبيرة في توسيع نطاق هذه الجهود التعاونية وإرسائها كمنابر تعاون أطول أجلا، مشيرا إلى أن هذا من شأنه أن يساعدنا على إثراء عملياتنا لجمع البيانات وتبادل وجهات النظر.
وشدد باركيندو – في التقرير – على أن التواصل المفتوح والشفاف سيساعد كل الأطراف على تعزيز الاستقرار الأكثر استدامة في سوق النفط العاملية وسيستفيد جميع أصحاب المصلحة في الصناعة.
وأوضح لـ "الاقتصادية"، روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، أن اللقاءات السعودية الروسية المكثفة وأحدثها لقاء الرياض أكدت التنسيق الواسع بين المنتجين الكبيرين خاصة أن هناك تطابقا إلى حد كبير في الرؤى بخصوص التعامل مع السوق خلال الفترة المقبلة.
وأشار شتيهرير إلى أنه بحسب المعلن فإن هناك إجراءات جديدة لمتابعة المخزونات وزيادة سرعة معالجة الفائض وعلى الأرجح ستتم بلورتها في شكلها النهائي خلال اجتماع لجنة مراقبة خفض الإنتاج في الرياض في أبريل المقبل وأيضا خلال الاجتماع الموسع للمنتجين في "أوبك" وخارجها في فيينا في حزيران (يونيو) المقبل.
ونوه شتيهرير إلى أن "أوبك" وروسيا تركزان على عودة المخزونات إلى المستويات الطبيعية عند المتوسط في خمس سنوت باعتبار ذلك مفتاحا لعودة الاستقرار إلى سوق النفط الدولية.
من جانبه، يقول لـ "الاقتصادية"، أندرو موريس مدير شركة "بويري" لاستشارات الطاقة، "إن مراجعة البيانات والآليات التي يتم الاعتماد عليها في متابعة المخزونات هي خطوة مهمة لزيادة فاعلية ونجاح اتفاق خفض الإنتاج، مشيرا إلى أن هذا الأمر يتطلب تنسيقا وتحضيرات خاصة بين السعودية وروسيا وهو ما حدث بالفعل، معتبرا اجتماع مراقبة خفض الإنتاج في الرياض في أبريل المقبل سيسفر عن جهود جديدة لرفع كفاءة خفض الإنتاج.
وأضاف موريس أن "خفض الإنتاج أدى بالفعل إلى رفع أسعار النفط الخام إلى أعلى مستوى في ثلاث سنوات لكن هناك عددا من العوامل المضادة في مقدمتها طفرة الإنتاج الأمريكي الواسعة ما يتطلب جهودا مقابلة من المنتجين في "أوبك" وخارجها لزيادة فاعلية الاتفاق المشترك".
من ناحيتها، تؤكد لـ "الاقتصادية"، الدكتورة نياجاندا كومنداتوفا كبير الباحثين في المعهد الدولي لتطبيقات الطاقة، أن الاتصالات السعودية الروسية المتواصلة تعزز الثقة بين الجانبين وترسل رسالة قوية للسوق برغبة البلدين في تعاون قوى طويل المدى في كل موارد الطاقة وبخاصة الوقود الأحفوري.
وأضافت كومنداتوفا أن "ذلك يجيء على الرغم من سعي شركات الطاقة الروسية لزيادة القدرات الإنتاجية استعدادا لمرحلة مقبلة تتطلب زيادة الإنتاج لمواجهة طفرة واسعة في الطلب على النفط"، لافتة إلى أن شركة روسنفت الروسية العملاقة على سبيل المثال تمكنت من زيادة الاحتياطات المؤكدة من النفط بنحو 6 في المائة في العام الماضي.