27/12/2018
قفزت أسعار النفط أمس بنحو 8 في المائة لأعلى مستوى متجاوزة 54 دولارا للبرميل وسط مطلع التداولات، بعد أسبوع حافل من التأرجح وصل بها إلى أن لامست 50 دولارا للبرميل.
واعتبر مراقبون أن قفزة الأسعار أمس إشارة واضحة إلى استجابة أسواق النفط العالمية لتلويحات "أوبك+" بعقد اجتماع استثنائي لمراجعة السوق وتنفيذ خفض عاجل في حال احتاجت الأسواق لذلك.
وكان سهيل المزروعي وزير الطاقة الإماراتي قد قال في تصريحات صحافية: "إذا لم يكف الخفض الجديد البالغ 1.2 مليون برميل يوميا فسوف نجتمع استثنائيا ونفعل ما هو كاف لتوازن سوق النفط"، مضيفا أن "تمديد الاتفاق الجديد على تخفيضات النفط لن يكون مشكلة وسنفعل ما تطلبه السوق".
وبحسب "رويترز"، ارتفع الخامان الأمريكي وبرنت بنحو 8 في المائة أمس، وارتفع الخام الأمريكي 2.86 دولار للبرميل، أو ما يعادل 6.78 في المائة، إلى 45.48 دولار للبرميل.
وزاد خام القياس العالمي مزيج برنت 3.12 دولار، أو 6.62 في المائة، إلى 54.12 دولار للبرميل.
وقالت مارجريت يانج محللة السوق لدى "سي.إم.سي ماركتس" في سنغافورة "إن 50 دولارا مستوى دعم نفسي لبرنت".
ويعتقد أوليفييه جاكوب المحلل في "بتروماتركس"، أن "التراجع تجاوز الحد بعض الشيء بسبب مخاوف السوق العالمية.. الأمر برمته يتعلق بالأسهم.. أظهرت "أوبك" رغبتها في أسعار أعلى وهي تعمل صوب ذلك الهدف".
ويرى ستيفن إينيس المحلل في مجموعة "أواندا" المالية، أنه "ما لم تجد "أوبك" حلا سحريا وتطمئن الأسواق بأن اقتطاعاتها جديرة بالثقة، بما في ذلك عبر اتخاذ قرار بتخفيضات أكبر كما اقترح بعض الأعضاء، فستواصل المخاوف بالاقتصاد الكلي التأثير في الأسواق".
واتسمت التعاملات بالضعف بسبب عطلات الأعياد، وتراجعت أسواق الأسهم الآسيوية مجددا أمس في حين تظل الأسواق مغلقة في بريطانيا وألمانيا وفرنسا.
وقال كانات بوزمباييف وزير طاقة قازاخستان أمس "إن بلاده تتوقع أن يعمل المشاركون في اتفاق عالمي لخفض إنتاج النفط على استقرار الأسعار في الربع الأول من 2019 وإصدار بيان مشترك في الشهر المقبل لدعم السوق".
واتفقت منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" بقيادة السعودية ومنتجون مستقلون منهم روسيا في الشهر الجاري على البدء في خفض الإنتاج في كانون الثاني (يناير) لتخفيف تخمة المعروض التي ضغطت على أسعار الخام القياسية ودفعتها إلى أدنى مستوى خلال أكثر من عام.
وقال الوزير في إفادة صحفية "يتعين أن تعمل جميع هذه البلدان على استقرار الوضع بإجراءات فعالة في يناير وفبراير ومارس. يتعين أن تستقر الأسعار وتدخل نطاقا إيجابيا على نحو ما".
ولم يذكر تفاصيل بشأن البيان المرتقب في كانون الثاني (يناير) لكنه قال "إنه ناقش الوضع مع أطراف رئيسية في الاتفاق منهم السعودية وروسيا والإمارات ومحمد باركيندو الأمين العام لـ "أوبك".
وأضاف بوزمباييف أن "قازاخستان تخطط لخفض إنتاجها النفطي إلى 89.5 مليون طن في العام المقبل من 90.3 مليون طن في العام الحالي لأسباب منها إغلاقات مزمعة للصيانة في أكبر ثلاثة حقول نفطية لديها، هي: كاشاجان، وكاراتشاجاناك، وتنجيز".
إلى ذلك، تباينت تقديرات ثلاثة مصارف عالمية لأسعار النفط الخام خلال العام الجديد ما بين تعافي الأسعار واستقرارها واحتمال تراجعها بسبب حالة عدم اليقين التى تسيطر على الأسواق فى الفترة الأخيرة.
وتوقعت بيانات لبنك "جولدمان ساكس" العالمي أن تعوض أسعار النفط بعض الخسائر التي تكبدتها في الشهرين الماضيين وأن تستعيد عافيتها مع بداية عام 2019.
فى المقابل، خفض بنك "جيه. بي مورجان" توقعاته بشأن أسعار خام برنت من 83.50 دولار للبرميل في عام 2019 إلى 73 دولارا للبرميل، بسبب تخمة المعروض ومخاوف التباطؤ الاقتصادي.
بدوره، رجح بنك "سيتي جروب" من جانبه عدم حدوث تغييرات هائلة في أسعار النفط في العام المقبل حيث سيؤدي ارتفاع الإنتاج في الولايات المتحدة إلى تعويض تخفيضات "أوبك +"، بحسب تقديرات البنك الاستثماري الأبرز في السوق العالمية.
واعتبرت بيانات حديثة للبنك أن يكون سعر خام برنت حول 60 دولارا للبرميل، هو السعر المرجح فى المتوسط على مدى شهور العام المقبل.
من جانبه، أشار تقرير "ريج زون" الدولي إلى انخفاض أسعار الخام بنسبة تقترب من 25 في المائة في الشهر الماضي وحده، وتعد هذه أكبر خسارة شهرية منذ عشر سنوات، حيث يتخوف المتداولون من استمرار وفرة محتملة في الإمدادات العالمية.
وأفاد التقرير – المعني بأنشطة الحفر والمخزونات - أن الإنتاج القياسي في السعودية والولايات المتحدة وروسيا ساعد – على نحو كبير - في انخفاض الأسعار إلى أدنى مستوياتها منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2017، وإضافة إلى ذلك أدت التنازلات الأمريكية إلى ثمانية مستوردين للنفط الإيراني إلى تخفيف مخاوف نقص المعروض.
وأضاف، أنه "من ناحية تقييم مستويات الطلب أدت قوة الدولار إلى جعل النفط أكثر تكلفة بالنسبة إلى المستوردين العالميين ما أثر في مستوى الاستهلاك، كما تسببت المخاوف بشأن النمو الاقتصادي العالمي في إضعاف الطلب على النفط وإيجاد سوق هابطة على الرغم من التوصل إلى صفقة حديثة لتعليق التعريفات الجديدة لمدة 90 يوما، إلا أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين ما زالت تثير حالة من عدم اليقين بشأن النمو الاقتصادي لعام 2019".
وتوقع التقرير أن يراوح سعر نفط خام غرب تكساس بين 64 و72 دولارا في 2019، لافتا إلى أن هذا أقل من مستوى 72 إلى 80 دولارا الذي كان متوقعا قبل بضعة أشهر، حينما كانت التوقعات تصب في نطاق واسع على استمرار العقوبات الأمريكية على إيران الأمر الذي يدعم الأسعار.
وأشار التقرير إلى أن خام برنت النفط القياسي الدولي يعد أكثر تأثرا بالأحداث الجيوسياسية والدولية وأيضا بتقلبات الطلب العالمي التي تختلف مع تحركات الأسعار نفسها ووتيرة النمو الاقتصادي، مرجحا أن متوسط أسعار خام برنت سيدور في نطاق 72 إلى 80 دولارا لعام 2019.
إلى ذلك، قال لـ "الاقتصادية"، دان بوسكا كبير المحللين في "بنك يوني كريديت" البريطاني، "إن عديدا من المصارف العالمية يرجح تباطؤ النمو خلال العام المقبل، لكن لن يؤدي ذلك إلى حالة ركود واسع أو أزمة اقتصادية لوجود عديد من الآليات التى تحمي الاقتصاد العالمي".
وتوقع بوسكا ألا تستمر اضطرابات الأسواق الحالية طويلا، لأن تخفيضات الإنتاج سيتم مد العمل بها على الأرجح إلى حين استعادة التوازن الكامل في السوق، وذلك بفضل التنسيق المشترك المستمر بين "أوبك" والمنتجين خارجها، منوها بأن النفط مؤشر حساس للتوسع أو الانكماش الاقتصادي.
من جانبه، أوضح لـ "الاقتصادية"، ديفيد لديسما المحلل في شركة "ساوث كورت" لاستشارات الطاقة، أن تخمة المعروض ما زالت مهيمنة على السوق وهي السبب وراء بعض التوقعات السلبية، لكن هناك في المقابل توقعات إيجابية واسعة ومنها تقديرات بنك "يو بي إس" السويسري، الذي يتوقع استعادة أسعار النفط مستوى 80 دولارا للبرميل في العام المقبل.
وأشار لديسما إلى أن البنك السويسري وغيره من البنوك الأوروبية والعالمية تعول كثيرا على تخفيضات الإنتاج التي تقودها "أوبك +" التي ستطبق بحلول العام المقبل وعلى الأرجح ستقود السوق إلى استعادة التوازن بعلاج فائض المعروض مثلما نجحت فى نفس المهمة في عام 2016.
من ناحيتها، تقول لـ "الاقتصادية"، كاتي كريسكي مدير شركة "آر بي سي كابيتال ماركتس"، "إن اتفاق "أوبك +" ستتضح تأثيراته المتلاحقة في الأشهر الأولى من العام الجديد خاصة في ضوء توقع تخفيضات طوعية مؤثرة في الصادرات النفطية السعودية إلى جانب تراجعات حادة في إنتاج فنزويلا بفعل الأزمة الاقتصادية، وإنتاج إيران بفعل العقوبات الأمريكية".
وترى كريسكي أن الإنتاج السعودي يتمتع بمرونة كبيرة وقدرة واسعة على التكيف والتعاطي مع مستجدات السوق، لافتة إلى أن السعودية على الأرجح ستتحمل وحدها 500 ألف برميل يوميا من 800 ألف برميل يوميا هي حصة دول "أوبك" في خفض الإنتاج، وهو ما يمثل تهدئة لوتيرة الإنتاج المرتفعة والقياسية التي قفزت بالإنتاج السعودي فوق 11 مليون برميل يوميا في الشهر الماضي.