على وقع مكاسب خام مزيج برنت التي بلغت منذ بداية العام الجاري نحو 17.5 في المائة، أكدت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" أن نجاح الشراكة مع منتجين خارج المنظمة أثبت أن رؤية المنتجين للسوق صحيحة، وأن المتشائمين – من منتقدي الاتفاق - كانوا على خطأ، لافتة إلى أن إعلان التعاون أحدث تأثيرات تحويلية عميقة في مسار السوق وتأثيرات أعمق في الصناعة العالمية.
وأفاد تقرير حديث للمنظمة الدولية أن أساسيات السوق صارت قوية للغاية خاصة مع ارتفاع نسبة المطابقة في تحقيق تعديلات مستويات الإنتاج الطوعية، مشيرة إلى أن التعاون مستمر والآفاق المستقبلية لهذه الصناعة أكثر إشراقا.
وتوقع التقرير – نقلا عن المنتدى الدولي للطاقة – أن تلعب منظمة أوبك دورًا مهمًا جدًا في المستقبل بسبب قدراتها الهائلة والبناءة في التعامل مع تحديات وملفات مهمة تواجه منظومة الطاقة في العالم أبرزها قدرتها على معالجة مشكلة فقر الطاقة العالمية وإمكانياتها الواسعة في الوصول إلى موارد الطاقة فضلا عن قدراتها الكبيرة على تحمل تكاليف الطاقة وتحقيق التنمية المستدامة.
وأضاف أنه "مع التحديات التي تلوح في آفاق الاقتصاد العالمي اليوم، فقد أصبح الحوار أكثر أهمية خاصة في وجود عديد من القضايا الاقتصادية المعقدة مثل تغير المناخ وانتقال الطاقة وتأثير العوامل الجيوسياسية"، مشيرا إلى أنه لا بديل عن مواجهة هذه القضايا والعمل معًا كشركاء من خلال الحوار والتعاون.
وبحسب رؤية المنتدى العالمي للطاقة فإنه إذا استمرت أنماط الاستثمار على المسار والمستويات الحالية المتواضعة فسيعني ذلك أننا على أعتاب موجة جديدة من الارتفاعات القياسية في أسعار النفط، وسيمثل ذلك تحديا ليس فقط للمنتجين، لكن أيضا للمستهلكين.
وبحسب التقرير فإن الخطر الأكبر يقع على كاهل المستهلكين، مشيرا إلى أن الارتفاعات السعرية المفرطة ليست جيدة لكلا الجانبين سواء المنتجين أو المستهلكين، لافتا إلى أن المستثمرين يواجهون حالة من التردد النسبي لأنه ليس لديهم صورة واضحة عن مستقبل السوق.
وذكر أن حالة عدم اليقين الحالية تلفت الأنظار إلى أهمية تأثير التوقعات الصادرة عن المنظمات الدولية خاصة منظمة أوبك ووكالة الطاقة الدولية اللتين تحتلان مكانة كبيرة ورائدة وذات تأثير واسع في الأسواق، مشيرا إلى أن المنتدى الدولي للطاقة اختار العمل مع منظمة أوبك بشكل جاد وقوي من أجل توفير منصة مهمة للتوقعات حتى يستطيع الناس رؤيتها بوضوح.
ونوه التقرير إلى زيارات ناجحة قامت بها بعثة لمنظمة أوبك أخيرا إلى كل من أذربيجان والهند والعراق، لافتا إلى أن الدول الثلاث تلعب دورا محوريا في سوق النفط الخام وهم سواء كانوا منتجين أو مستهلكين يتمتعون بأعلى درجات التعاون والرغبة في النهوض بالصناعة وتعزيز وضعية سوق النفط العالمية.
وأشاد التقرير بمكانة أذربيجان الفريدة في تاريخ النفط، موضحا أنها لعبت دورا خاصا جدا في ثروات الصناعة في القرن الـ 21، مشددا على أهمية وفاء البلاد بمسؤولياتها كمنتج انضم إلى "إعلان التعاون في 10 كانون الأول (ديسمبر) 2016، فقد كانت على الدوام واحدا من أعلى المنتجين في معدلات المطابقة مع إجراء تعديلات طوعية في الإنتاج.
وأشار التقرير إلى أنه علاوة على ذلك ترتبط "أوبك" بعلاقات مميزة مع أذربيجان وتسجل حاليا أعلى مستوياتها، لافتا إلى أن هذا التميز في العلاقات هو ما سهل زيارة الأمين محمد باركيندو والبعثة المرافقة في آذار (مارس) الماضي.
وأوضح أن "أوبك" منذ تأسيسها قبل 58 عاما في بغداد شهدت تغييرات على نطاق هائل ومع ذلك بقي شيء واحد ثابت هو التزام "أوبك" الثابت باستقرار السوق والعمل على تعزيز مصالح المنتجين والمستهلكين والاقتصاد العالمي على حد سواء.
وشدد التقرير على أن "إعلان التعاون" التاريخي عكس الالتزام العميق للمنتجين وعزز المبادئ الراسخة من زمن في منظومة عمل "أوبك"، متوقعا تطوير شكل التعاون وبقاء التحالف بين دول أوبك مع عشرة منتجين آخرين من خارج المنظمة من أجل الوفاء بالمسؤوليات المتأصلة كمنتجين بارزين يقودون صناعة النفط.
ولفت إلى أن التعاون الأول من نوعه الذى ظهر في كانون الأول (ديسمبر) عام 2016 كان البعض يرى أنه ليس واعدا وتخوف كثيرون من الإقدام عليه مع توقع عدم حدوث تأثير له في السوق، وهو ما أثبتت الأيام عكس التوقعات المسبقة.
ويرى تقرير منظمة أوبك أن الروح التي بثها "إعلان التعاون" أظهرت أن هذه الصناعة لديها أيام أفضل مقبلة ومستقبل واعد يمكن صناعته بجهود جميع الاطراف.
وأوضح نقلا عن بيانات لمنتدى الطاقة العالمي أن سوق الطاقة العالمية حدث فيها عديد من التحولات الجوهرية بسبب وفرة الإنتاج من النفط الصخري الزيتي وأيضا الطاقة المتجددة وهو ما جعل حالة عدم اليقين تحيط بالسوق ولا يعرف أحد تطورات أسعار النفط في العامين أو الأعوام الثلاثة المقبلة بسبب احتمال حدوث تطورات غير متوقعة في إنتاج الطاقة المتجددة.
وأشار إلى أنه قبل عشر سنوات كان المستثمرون في النفط والغاز أكثر ثقة وتأكدا من وضعية السوق بينما الآن تراجعت هذه الحالة من التأكد، لافتا إلى أنه في السنوات الثلاث الماضية سجل الاستثمار في احتياطيات النفط الخام أدنى مستوياته في الـ 60 عاما الماضية وهو ما فرض عديدا من التحديات الكبيرة على مستقبل صناعة النفط الخام.
واعتبر التقرير الدولي أن توقعات السوق النفطية حتى عام 2040 المعلنة من كل المنظمات والأطراف الدولية المعنية تؤكد أن المعروض من الوقود الأحفوري سيظل يوفر أغلب احتياجات الاستهلاك مقارنة بموارد الطاقة الأخرى.
ولفت إلى تأكيد محمد باركيندو الأمين العام لـ "أوبك" أن هناك كثيرا من الحديث عن طاقة جديدة أو ما قد يطلق عليه البعض "انتقال الطاقة" في الآونة الأخيرة، مشيرا إلى أن الشيء الوحيد الذي يمكن أن نتفق عليه جميعًا هو أن العالم سيحتاج إلى مزيد من الطاقة في العقود المقبلة، لافتا إلى توقع زيادة الطلب على الطاقة بنسبة 35 في المائة حتى عام 2040.
وأضاف باركيندو في التقرير أنه "في الوقت نفسه يتعين علينا إدراك التهديد الذي يشكله تغير المناخ على بيئتنا"، منوها بأن منظمة أوبك لا تزال تشارك بشكل كامل في اتفاقية باريس.
وذكر باركيندو أن التحدي الأساسي للطاقة في عصرها الجديد يمكن تلخيصه في سؤالين هما كيف يمكننا ضمان وجود إمدادات كافية للوفاء بالمتوقع من نمو الطلب في المستقبل؟ وكيف يمكن تحقيق هذا النمو بطريقة مستدامة وبما يحقق التوازن بين احتياجات الناس فيما يتعلق برفاهيتهم الاجتماعية وبين الاقتصاد وحماية البيئة؟
وفيما يتعلق بمستقبل الاعتماد على النفط والغاز، أوضح التقرير الدولي أن النفط والغاز معا من المتوقع أن يوفرا أكثر من نصف احتياجات العالم من الطاقة حتى عام 2040 مع تسجيل حصة مشتركة مستقرة نسبيا عند مستوى 52-53 في المائة على مدار فترة التوقع البالغة 25 عامًا تقريبًا.
ومن المتوقع أن يصل استهلاك النفط إلى أكثر من 111 مليون برميل يوميا بحلول عام 2040، بزيادة قدرها نحو 15 مليون برميل يوميا.
وخلص التقرير إلى أن الاستقرار مطلوب بقوة في سوق النفط الخام، لافتا إلى أهمية تعزيز الاستثمار وتوسيع إنتاج الطاقة لتوفير خدمات الطاقة الحديثة إلى المحرومين منها وبما يعزز نمو الاقتصاد العالمي ويحقق كلا من أمن الطلب والعرض وتلبية وتوفير وتأمين احتياجات المستهلكين.
وكانت أسعار النفط قد تراجعت في ختام الأسبوع الماضي، لكن خام برنت سجل سادس أسبوع على التوالي من المكاسب، مدعوما بهبوط حاد في إنتاج فنزويلا وطلب عالمي قوي وعقوبات أمريكية مرتقبة على إيران.
وبحسب "رويترز"، أنهت عقود برنت جلسة التداول منخفضة 79 سنتا، أو 1 في المائة، لتبلغ عند التسوية 78.51 دولار للبرميل. وفي الجلسة السابقة قفز خام القياس العالمي فوق 80 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 ويتوقع مستثمرون أن يسجل مزيدا من المكاسب على الأقل في الأجل القصير، بسبب المخاوف بشأن الإمدادات.
وأنهى برنت الأسبوع مرتفعا نحو 1.9 في المائة، موسعا مكاسبه منذ بداية العام إلى نحو 17.5 في المائة، بينما انخفضت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 21 سنتا، أو 0.29 في المائة، لتبلغ عند التسوية 71.28 دولار للبرميل ومنهية الأسبوع على زيادة قدرها 0.9 في المائة، هي ثالث مكاسب أسبوعية على التوالي.
وتلقت أسعار الخام دعما من تخفيضات المعروض التوافقية بقيادة منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" الهادفة إلى كبح العرض.
وقال جاك ألاردايس محلل أبحاث النفط والغاز في "كانتور فيتزجيرالد"، "المخزونات العالمية تقترب من متوسطات المدى الطويل، ما ينبئ بأن تخفيضات المعروض المنسقة بين "أوبك" وغير الأعضاء ناجحة".
وفضلا عن تخفيضات "أوبك" فإن الطلب القوي وتراجع إنتاج فنزويلا وإعلان الولايات المتحدة في وقت سابق هذا الشهر عزمها تجديد عقوبات على إيران عضو "أوبك" ساعد على دفع برنت إلى الارتفاع 20 في المائة منذ بداية العام الحالي.
ويرى بنك الاستثمار الأمريكي جيفريز أن العقوبات على إيران قد تحجب أكثر من مليون برميل يوميا عن السوق.
وفي ظل بلوغ أسعار الخام مستويات لم تشهدها منذ 2014 فقد حذر ألاردايس من أن ارتفاع تكاليف الوقود قد ينال من الاستهلاك.
فعند 80 دولارا للبرميل، يكلف عطش آسيا للنفط المنطقة تريليون دولار سنويا أي أكثر من مثلي 2015-2016، العامين السابقين على تخفيضات "أوبك" التي بدأت في 2017.
ورفع بنك باركليز البريطاني توقعاته أمس لأسعار النفط الخام للعامين الجاري والمقبل، قائلا "إن السوق تزداد شحا في ظل انخفاض الإنتاج في فنزويلا واحتمال حدوث تعطيلات إضافية للإمدادات مع إعادة فرض الولايات المتحدة عقوبات على إيران".
ورفع البنك توقعاته لسعر خام برنت لعام 2018 إلى 73 دولارا للبرميل من 61.8 دولار وتوقعاته للسعر في 2019 إلى 70 دولارا للبرميل من 60 دولارا.
وزاد توقعاته لسعر الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط إلى 68.20 دولار للبرميل هذا العام من 57 دولارا في وقت سابق، وتوقعاته لعام 2019 إلى 65 دولارا للبرميل من 55 دولارا، وقال "باركليز"، "إن أسواق النفط قد تعاني شحا أكبر في كل من 2019 و2020".
من جهة أخرى، استقر عدد حفارات النفط النشطة في الولايات المتحدة هذا الأسبوع بعد صعوده لستة أسابيع متتالية رغم أن أسعار الخام قفزت إلى أعلى مستوياتها منذ 2014 وهو ما يدفع شركات الحفر إلى استخراج كميات قياسية من النفط، خصوصا الخام الصخري.
وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة وثيقة "إن إجمالي عدد الحفارات النفطية استقر عند 844 حفارا في الأسبوع المنتهي في الثامن عشر من أيار (مايو)".
وإجمالي عدد الحفارات النفطية في أمريكا، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، مرتفع كثيرا عن مستواه قبل عام عندما بلغ 720 حفارا مع قيام شركات الطاقة بزيادة الإنتاج بالتوازي مع مساعي "أوبك" لخفض الإمدادات العالمية في محاولة للاستفادة من صعود الأسعار.
وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية هذا الأسبوع "إن إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة من المتوقع أن يرتفع إلى مستوى قياسي عند 7.2 مليون برميل يوميا في حزيران (يونيو)".
وفي وقت سابق هذا الشهر توقعت إدارة المعلومات أن المتوسط السنوي لإنتاج النفط الأمريكي سيرتفع إلى مستوى قياسي عند 10.7 مليون برميل يوميا في 2018 وإلى 11.9 مليون برميل يوميا في 2019، من 9.4 مليون برميل يوميا في 2017.
وبلغ متوسط إجمالي عدد حفارات النفط والغاز النشطة في الولايات المتحدة منذ بداية العام الحالي 987 حفارا، ارتفاعا من متوسط بلغ 876 حفارا في 2017، ويشير ذلك إلى أن عدد الحفارات يتجه إلى أن يكون الأعلى منذ 2014 عندما سجل متوسطا بلغ 1862 حفارا.