19/06/2019
ارتفعت أسعار النفط نحو دولارين للبرميل أمس بعد أن قال الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، إنه سيعقد اجتماعا مكثفا مع نظيره الصيني شي جين بينج خلال قمة مجموعة العشرين هذا الشهر.
ودعمت السوق أيضا بفعل توترات الشرق الأوسط بعد تعرض ناقلتين لهجمات الأسبوع الماضي، وعزم الولايات المتحدة إرسال مزيد من القوات لمواجهة الاعتداءات الإيرانية في المنطقة.
وبحسب "رويترز"، زادت العقود الآجلة للخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط 2.26 دولار بما يعادل 4.4 في المائة إلى 54.19 دولار للبرميل، بينما ارتفعت عقود خام برنت 1.80 دولار أو ثلاثة في المائة إلى 62.74 دولار للبرميل.
وقال جين مكجيليان نائب الرئيس لأبحاث السوق في "تراديشن إنرجي": "، السوق في الوقت الحالي تحركها الشائعات.. هناك توقع أنك إذا استطعت التوصل إلى حل تجاري، فإنه سيساعد النمو الاقتصادي العالمي ومن ثم الطلب على النفط".
وذكر بنك الاحتياطي الاتحادي في نيويورك، أن مقياسه لنمو الأعمال في ولاية نيويورك سجل هبوطا قياسيا هذا الشهر، لينزل إلى أقل مستوى فيما يزيد على عامين ونصف العام، ما يشير إلى انكماش مفاجئ في النشاط المحلي.
وانخفضت أسعار النفط نحو 20 في المائة من أعلى مستوياتها في 2019، التي بلغتها في نيسان (أبريل)، ويرجع ذلك في جزء منه إلى المخاوف المرتبطة بالحرب التجارية الأمريكية- الصينية وبيانات اقتصادية محبطة.
ويزيد من الضغط على النفط إعلان إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، أنه من المتوقع أن يصل إنتاج النفط الصخري إلى مستوى قياسي في تموز (يوليو)، غير أن بعض المحللين يقولون، إن من المرجح أن تظل التوترات في الشرق الأوسط داعمة للأسعار.
وأوضحت البيانات، ارتفاع إنتاج النفط الصخري الأمريكي من الحقول السبعة الرئيسة بمقدار 70 ألف برميل يوميا ليصل إلى 8.520 مليون برميل يوميا في تموز (يوليو) المقبل، مقارنة بتقديرات الشهر الحالي.
وأضافت البيانات أن حوض "بيرميان" هو أكثر المناطق التي ستشهد زيادة في الإنتاج خلال الشهر المقبل بنحو 55 ألف برميل يوميا.
وتراجع عدد منصات التنقيب عن النفط في الولايات المتحدة خلال الأسبوع الماضي، كما انخفضت منصات الغاز الطبيعي خلال الفترة نفسها.
وأغلقت الشركات الأمريكية منصة واحدة للتنقيب عن النفط في الولايات المتحدة خلال الأسبوع الماضي لتصل إلى 788 منصة، كما انخفض عدد منصات التنقيب عن الغاز الطبيعي الأمريكي بمقدار خمس منصات لتسجل 181 منصة.
ويقاوم الخام الخسائر السعرية حالة التوتر السياسي في الشرق الأوسط بعد الاعتداء على ناقلتي نفط الأسبوع الماضي، وهو ما أدى إلى مخاوف واسعة على استقرار الإمدادات وقاد إلى ارتفاعات سعرية جيدة في ختام الأسبوع الماضي، ولكنها لم تصمد طويلا.
واعد محللون نفطيون أن وضع السوق ما زال هشا في ضوء التقلبات السعرية المستمرة وحالة الضبابية بشأن الحرب التجارية والنزاعات السياسية في الشرق الأوسط، وهي عوامل متضادة وتتجاذب وضع السوق وتتبدل التأثيرات بشكل شبه يومي. وأوضح المحللون أن اتجاهات جديدة ظهرت تؤيد تأخير اجتماع تحالف المنتجين في "أوبك+" إلى الأسبوع الثاني من الشهر المقبل، لافتين إلى أنه في أي الأحوال يجب الإعداد الجيد للاجتماع وعقده في التوقيت الملائم الذي يضمن أن يتمخض عن قرارات جيدة بتوافق جماعي وداعمة لاستعادة الاستقرار والتوازن في السوق النفطية وبما يمكن من التغلب على كل التحديات الراهنة.
وفى هذا الإطار، يقول لـ"الاقتصادية" رينهولد جوتير مدير قطاع النفط والغاز في شركة سيمنس العالمية، إن تأجيل اجتماعات "أوبك" أكثر من مرة، وبحسب أحدث المعلومات فقد تعقد في الفترة من 10 إلى 12 تموز (يوليو) ينبئ عن الإعداد لشيء جيد وإيجابي وداعم لاستقرار السوق وقادر على التغلب على تحديات المرحلة الراهنة، خاصة الحرب التجارية والصراع في الشرق الأوسط.
ويعتقد جوتير أن مد العمل بخفض الإنتاج صار محسوما إلى حد كبير في ضوء استمرار ارتفاع مستوى المخزونات والزيادات المتوالية في إمدادات كل من النفط الصخري الأمريكي، وإنتاج كل من البرازيل والنرويج والمكسيك، لافتا إلى أن نجاح "أوبك+" في ضم أعضاء جدد سيسهم بشكل كبير في السيطرة على وفرة الإمدادات الحالية وضمان بقاء الأسعار في مستويات معززة للاستثمارات.
ومن ناحيته، يقول لـ"الاقتصادية"، ماركوس كروج كبير محللي شركة "أيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، إن هناك بالفعل خطرا يحيط بالاقتصاد العالمي، خاصة إذا تدهورت العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين بشكل أكبر، مشيرا إلى أن بنوكا دولية مثل بنك أوف أميركا خفضت توقعاتها لنمو الطلب خلال العامين الجاري والمقبل. ولفت كروج إلى أن تجار النفط يعانون حالة الاقتصاد المتوتر مؤكدا أن صناديق التحوط تركز رهاناتها على المدى القصير فقط، موضحا أن التعريفات الإضافية بين الولايات المتحدة والصين أدت إلى قيام عديد من البنوك بمراجعة توقعاتها للسوق مع تخفيض التوقعات بالنسبة لأسعار خام مزيج برنت والخام الأمريكي في النصف الثاني من العام الحالي، لتدور حول 63 و56 دولارا للبرميل على التوالي، بحسب تقديرات "بنك أوف أميركا".
وبدورها، تقول لـ"الاقتصادية"، فالسكا هاف مديرة الإنتاج والعلاقات العامة في إحدى شركات السيارات، إن تباطؤ الطلب وارتفاع مستوى الكفاءة في استهلاك النفط أديا بشكل واضح وسريع إلى ارتفاع مستمر في مستوى المخزونات النفطية سواء في الاقتصادات المستهلكة أو في الدول المصدرة مشيرة إلى أنه بحسب أحدث البيانات الدولية ارتفعت المخزونات بنحو 40 مليون برميل في شهر أيار (مايو)، وهي الآن أكثر من 90 مليون برميل فوق مستويات 2018. ولفتت فالسكا هاف، إلى أن النمو المستمر في إنتاج النفط من خارج "أوبك" يسجل وتيرة سريعة ولافتة للنظر في السوق، على الرغم من انخفاض أسعار الخام، منوهة إلى أن الاستثمار في مشاريع المنبع لا يزال أقل من مستوياته الطبيعية بنحو 40 في المائة، موضحة أن نمو المعروض في الولايات المتحدة سيستمر على وتيرة قياسية حتى عام 2020 على أقل تقدير، وهو ما يفرض مزيدا من الأعباء على تحالف المنتجين للتعامل مع هذه الطفرة والاستمرار في سياسات ضبط المعروض.