أكد تقرير فوربس الأمريكي، أن السعودية عادت بالفعل إلى إدارة سوق النفط الخام مرة أخرى، حيث تتطلع إليها السوق الدولية باعتبارها المنتج الجاهز والبديل للنفط، خصوصا في أوقات الأزمات، مثل الأوقات الحالية.
وأشار التقرير إلى أن السعودية قادرة على رفع الإنتاج بشكل سريع، من خلال طاقتها الاحتياطية الهائلة، بهدف استقرار السوق وتهدئة أسعار النفط.
وقال التقرير، إن دور السعودية ليس جديدا عليها، حيث سبق أن قامت به كثيرا على مدار تاريخ صناعة النفط الخام، لافتا إلى أنها في أيلول (سبتمبر) 2016 قادت التوافق على خفض الإنتاج بالتعاون مع المنتجين المستقلين لمواجهة صعود النفط الأمريكي ولتحفيز الأسعار على التعافي من أجل صالح السوق النفطية.
ولفت التقرير إلى ترحيب السعودية بإجراء زيادات إنتاجية تدريجية أوسع في الشهور المقبلة استجابة لمناشدات من الولايات المتحدة والهند من أجل تهدئة الأسعار وتأمين المعروض النفطي بسبب الانخفاضات الحادة الحالية والمتوقعة في فنزويلا، وإيران بصفة خاصة.
وتوقع التقرير أن يرتفع الإنتاج السعودي تدريجيا على مدار العام المقبل ليسجل – بحسب بعض التقديرات الدولية – 12 مليون برميل يوميا في ضوء توافق المنتجين والمستهلكين على الحاجة إلى مزيد من النفط في الأسواق واعتبار الزيادة التي أقرتها "أوبك" أخيرا، غير كافية لتأمين المعروض وتلبية احتياجات الاستهلاك المتنامية.
وذكر التقرير، أن زيادة الإنتاج السعودي بحجم كبير، بات خطوة حتمية تتطلبها السوق باستخدام الطاقة الاحتياطية لتجنب أزمات انقطاع الإمدادات، متوقعا أن يفقد الإنتاج الإيراني بسبب العقوبات الأمريكية نحو مليون برميل يوميا.
ورجح أن يفقد الإنتاج الفنزويلي خلال الشهور القليلة المقبلة 500 ألف برميل يوميا، إضافة إلى نحو 350 ألف برميل يوميا فاقدا في النفط الكندي بسبب تعثراته المتكررة.
وسلط التقرير الضوء على العلاقات المتميزة بين السعودية والولايات المتحدة، وهو ما جعل الرئيس الأمريكي دونالد ترمب يقدم على عقوبات موجعة ضد طهران واثقا في قدرة السعودية على تعويض النقص في المعروض من خلال زيادة استخراج النفط الخام.
وبعد نجاح السعودية في تطبيق اتفاق خفض الإنتاج على مدار 18 شهرا، عاد الإنتاج ليسجل مستويات قياسية في الارتفاع خلال الشهر الماضي ليكسر حاجز عشرة ملايين برميل يوميا، ومن المتوقع أن يكمل مشوار النمو في إطار مطالبات دولية بزيادة المعروض النفطي بعد تقلص متوقع في إمدادات فنزويلا وإيران.
وكان الإنتاج السعودي قد سجل مستوى 9.868 مليون برميل يوميا في نيسان (أبريل) الماضي مقابل 9.83 مليون برميل يوميا في كانون الثاني (يناير) الماضي ومقارنة مع 10.010 مليون برميل يوميا في تموز (يوليو) 2017.
وارتفع الإنتاج إلى 10.03 مليون برميل يوميا الشهر الماضي، بعد قرار "أوبك" زيادة الإنتاج الشهر الماضي بالتعاون مع المنتجين خارج المنظمة.
وفي سياق متصل، مالت أسعار النفط الخام إلى الارتفاع بسبب تأزم وضع الإنتاج الليبي وإعلان حالة القوة القاهرة، إلى جانب استمرار المخاوف من تأثير العقوبات الأمريكية على إيران على استقرار المعروض النفطي في الأسواق.
وكبح جماح صعود الأسعار زيادة الإنتاج التي تقودها "أوبك" بالتعاون مع الحلفاء من خارج المنظمة إلى جانب حدوث حالة من التباطؤ النسبي في مستويات الطلب على النفط الخام.
وفي هذا الإطار، قال لـ"الاقتصادية"، تورستين أندربو، الأمين العام الفخري للاتحاد العالمي للغاز، إن أزمات الإنتاج تتوالى في فنزويلا وإيران وأخيرا في ليبيا، وهو ما يعمق المخاوف على المعروض، لكن التدخلات السعودية جاءت قوية وفي الوقت المناسب، حيث نجحت زيادة الإنتاج السعودي في تعويض كافة تلك الانخفاضات وبقاء إنتاج دول "أوبك" مجتمعة مستقرا عند المستوى نفسه، وفقا لبيانات شهر يونيو الماضي.
وأشار إلى أن قطاعي النفط والغاز يتوقعان نموا واسعا في الطلب، وهو ما يفرض تحديات خاصة بزيادة الاستثمار لتعويض فقد الإنتاج في عديد من الدول، علاوة على النضوب الطبيعي في الحقول، الذي يقدر بـ 5 في المائة، متوقعا أن يشهد الطلب على الغاز نموا أسرع يصل إلى 50 في المائة خلال أقل من عشر سنوات مقبلة.
من جانبه، أكد لـ"الاقتصادية"، روبرت شتيهرير، مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، أن الإنتاج السعودي حقق الشهر الماضي أكبر زيادة شهرية منذ عام 2013 تقدر بنحو 330 ألف برميل يوميا، وتأتي استجابة لارتفاع مستويات الطلب المحلي في فصل الصيف، علاوة على تلبية الحاجات المتزايدة للمستهلكين.
ولفت إلى أن السياسات النفطية السعودية في تهدئة الأسعار تسير بوتيرة جيدة من خلال زيادات تدريجية متوقعة تخفف الضغوط على الاقتصاد الدولي، مؤكدا نجاح السعودية في سد الفجوة الناجمة عن تأثير العقوبات الأمريكية على إيران، التي من المرجح أن تكون أكثر شدة من العقوبات السابقة، وقد تهبط بشكل حاد وسريع بمستوى الصادرات النفطية الإيرانية.
من ناحيته، قال لـ"الاقتصادية"، رينهولد جوتير، مدير قطاع النفط والغاز في شركة سيمنس العالمية، إن السعودية وحدها قادرة على تعويض كامل الصادرات الإيرانية حتى إن وصلت إلى مستوى الصفر، مشيرا إلى أنه لا مخاوف حقيقية لدى المستهلكين، مضيفا "يكفي أن نعرف أن الهند، وهي أحد أكبر مستهلكي النفط الخام في العالم، لديها خطة تقوم على تنويع موارد النفط الخام وإعداد البدائل المتاحة".
وذكر أن النفطين السعودي والعراقي سيكونان الأقرب إلى تغطية كافة احتياجات الاستهلاك في السوق الهندية المتسعة، التي تتسم بمعدلات النمو الكبيرة والمتسارعة، مبينا أن إنتاج "أوبك" في الإجمال لن يتأثر، بل سيسجل زيادات جديدة مستمرة، بينما تبقى المشاكل متفاقمة في داخل بعض الدول الأعضاء.
وفيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط أمس، بعدما أعلنت ليبيا حالة القوة القاهرة في بعض صادراتها من الخام، بينما ساهم فقد إمدادات كندية في رفع سعر الخام الأمريكي لأعلى مستوى في ثلاثة أعوام ونصف العام.
وقفز الخام الأمريكي 90 سنتا بما يعادل 1.2 في المائة إلى 74.84 دولار للبرميل، وهو أعلى مستوى منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2014، قبل أن يقلص مكاسبه ليصل إلى 74.74 دولار مسجلا زيادة قدرها 80 سنتا بحلول الساعة 10:00 بتوقيت جرينتش.