09/07/2013
إذا كنت من كِبار المستهلكين فلا بُدَّ أن تكون على علاقة بـ «أرامكو»السعودية الأقدر عالمياً على توفير النفط عند شح الإمدادات
أجاي ماكان من لندن إيد كروكس من نيويورك
في عام 2007 قال علي النعيمي، وزير البترول في أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم: "إن السعودية حددت مشاريع لزيادة طاقة إنتاج النفط إلى 15 مليون برميل يومياً". لكن في نيسان (أبريل) الماضي قال النعيمي في واشنطن: "إن الطاقة الإنتاجية لن ترتفع عن 12.5 مليون برميل يومياً في السنوات الـ 30 المقبلة".
والسبب في هذا التراجع ينبع جزئياً من اعتدال كبير في نمو الطلب على النفط منذ الأزمة المالية، لكنه يعكس أيضاً طفرة غير متوقعة في الإمدادات، ولا سيما من ثورة النفط الصخري الأمريكية.
ومع أن السعودية جمدت خطط التوسع في الإنتاج، إلا أنها تستهلك كميات أكبر من نفطها الخاص. ومن المتوقع أن ترتفع طاقة التكرير المحلية من نحو 2.1 مليون برميل يومياً إلى 3.3 مليون برميل يومياً في غضون بضع سنوات، حين تدخل ثلاث منشآت جديدة في مرحلة الإنتاج.
ويمكن القول إن السعودية الآن أكثر أهمية لإمدادات سوق النفط المستقبلية من أي وقت مضى. وهناك سببان لهذا، هما: التزام المملكة بالمحافظة على الطاقة الإنتاجية الاحتياطية، وطبيعة عقودها مع الزبائن، التي تسمح لهم بطلب المزيد من النفط حين تشح الإمدادات في السوق.
وعلى الرغم من أن السعودية لا تحاول الآن توسيع الطاقة الإنتاجية، إلا أنها لا تزال تستثمر بكثافة في مشاريع جديدة.
وتطوير حقل نفط منيفة الذي اشتمل على بناء جزر صناعية، و41 كيلومتراً من الممرات المائية المرتفعة، وثلاثة كيلومترات من الجسور، يظهر نطاق طموحاتها. وقد قدرت تكلفة تطوير الحقل عام 2009 بـ 16 مليار دولار.
ويتجه الناتج من حقل منيفة الذي يتوقع أن يصل إلى900 ألف برميل يومياً عندما يعمل بكامل طاقته، إلى معامل تكرير جديدة في البلاد. وبدأ حقل منيفة العمل في نيسان (أبريل) الماضي، ومن المنتظر أن ينتج نصف مليون برميل من النفط يومياً بنهاية العام الحالي.
ويتوقع أيضاً أن تزيد أرامكو السعودية الإنتاج من حقلي خريص والشيبة بأكثر من نصف مليون برميل يومياً. ومن شأن ذلك أن يسمح للمملكة بالحفاظ على القدرة التصديرية، وفي الوقت نفسه خفض الإنتاج من حقل الغوار.
وفي المقابل، معظم المصادر المهمة والجديدة للنفط على مدى العقد المقبل – من حقل نفط كاشاغان في كازاخستان إلى حقول النفط الرملي الكندية – توجد في أيدي شركات النفط العالمية التي تميل إلى إنتاج سريع لتحقيق أقصى قدر من الإيرادات.
وحتى مع تسارع وتيرة الإنتاج الأمريكي أثبتت الطاقة الإنتاجية الاحتياطية السعودية أنها حاسمة في تلبية النقص في الإمدادات. فقد رفعت المملكة الإنتاج خلال الحرب الأهلية في ليبيا، ورفعته في العام الماضي إلى أعلى مستوى في 30 عاما، ليصل إلى عشرة ملايين برميل يومياً في الوقت الذي أدت فيه عقوبات تقودها الولايات المتحدة إلى تخفيض الصادرات من إيران. ويتشكك مسؤولون سعوديون في السرعة التي سيرتفع بها إنتاج النفط الصخري الأمريكي على نحو يؤدي إلى تقليل الطلب على الخام السعودي.
وتسيطر أرامكو بإحكام على بيع نفطها الخام، حيث تقوم ببيعه فقط إلى المستخدمين النهائيين، وتقيد قدرتهم على إعادة بيعه. ولا يتم التعامل مع المتداولين المستقلين، مثل فيتول وجلينكور. والزبائن الذين يشتملون على الشركات الغربية الكبرى وشركات النفط الصينية التابعة للدولة، لديهم عقود "دائمة" يتم تجديدها تلقائياً كل عام. ويقول محللون: إن من المرجح أن تظل هذه العقود تحظى بتقدير كبير حتى لو ارتفع الإنتاج من البلدان غير الأعضاء في منظمة أوبك.
وقال ياسر الجندي، من شركة ميدلي للاستشارات العالمية: "سواء قامت السعودية بضخ عشرة أو تسعة أو ثمانية ملايين برميل يومياً، إذا كنت من كبار المستهلكين ستبقى بحاجة لأن تكون لديك علاقة مع أرامكو. إنها فقط التي تستطيع أن تلبي احتياجاتك عندما تِقل الإمدادات، ولا تستطيع الحصول على أي منها في السوق الفورية".
وكثفت السعودية كذلك من عمليات الحَفر لاستكشاف الغاز في الوقت الذي تسعى فيه لتخفيف الضغط على الطلب على النفط من محطات الكهرباء المحلية.
وارتفع عدد منصات الحفر النشطة في المملكة إلى 150 منصة في مطلع حزيران (يونيو)، بعد أن كان العدد 134 في مطلع العام، وفقاً لبنك باركليز.
وقال مسؤولون خليجيون في قطاع الطاقة: إنهم يتوقعون أن يتجاوز عدد منصات الحفر السعودية 200 منصة هذا العام أو أوائل 2014.
ويعتبر استكشاف الغاز مهماً لخطط الحكومة الخاصة بالمحافظة على مرونة الإمدادات المحلية، حتى تتمكن من الوفاء بالطلب على النفط الخاص بالتصدير.
ويشهد الطلب على النفط ارتفاعاً من قطاع التكرير الذي يسجل نمواً سريعاً في السعودية، إلى جانب محطات توليد الكهرباء المحلية، التي تحرق النفط الخام في أشهر الصيف للوفاء بالطلب على الكهرباء بسبب المكيفات، وأدى هذا إلى وجود حاجة لإنتاج مزيد من الغاز.
ووفقاً لمراجعة إحصائية تصدرها "برتيش بتروليوم" للطاقة العالمية، أنتجت المملكة 9.9 مليار قدم مكعبة من الغاز يومياً في 2012، وهي زيادة بنسبة 11 في المائة عن السنة السابقة.
وقال سداد إبراهيم الحسيني، وهو نائب سابق للرئيس التنفيذي لشؤون التنقيب والتطوير في أرامكو السعودية، الذي يدير الآن شركة الاستشارات "الحسيني للطاقة": "الواقع أن حرق الخام المحلي تراجع في السنة الماضية إلى 700 ألف برميل هبوطاً من 800 ألف برميل يومياً في موسم الذروة في السنة السابقة، بسبب توافر المزيد من الغاز. والتحدي الآن هو المحافظة على النمو في إنتاج الغاز وتحرير المزيد من الخام للتصدير".
وقال النعيمي: إن السعودية ستحفر هذا العام آباراً لاختبار وجود الغاز الصخري.
ووفقاً للوكالة الدولية للطاقة، سيرتفع الإنتاج العالمي من النفط من 84 مليون برميل يومياً في 2011 إلى 97 مليون برميل يومياً في 2035، لكن من المتوقع أن يأتي قسم كبير من هذه الكمية من أربع بلدان خارج منظمة أوبك، هي: البرازيل، وكندا، وكازاخستان، والولايات المتحدة.