12/03/2012
الأسهم العالمية تنافس الدولار صعودا
سماسرة يراقبون شاشة المؤشرات قبل لحظات من افتتاح جلسة الجمعة الماضي في قاعة بورصة نيويورك للأوراق المالية.
تراجع اليورو في الوقت الذي تتابع فيه اليونان مساعيها في إعادة هيكلة ديون تبلغ قيمتها 206 مليارات يورو، لكن الأسهم في وول ستريت تصدرت عدداً من الموجودات الخطرة المختارة في تحقيق مكاسب طيبة بعد صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية التي كانت أفضل من التوقعات.
ارتفع مؤشر فاينانشيال تايمز لعموم الأسهم العالمية بنسبة 0.1 في المائة، كما ارتفعت أسعار كثير من السلع، في الوقت الذي ابتعدت فيه صناديق الاستثمار عن فئات الموجودات التي تُعتبَر من الملاذات الآمنة، مثل سندات الخزانة الأمريكية.
الاتفاق بين أثينا ودائنيها يعتبر من الأمور الحيوية من أجل ضمان حصول اليونان، التي تعاني من متاعب ضخمة في ماليتها العامة، على صفقة إنقاذ ثانية بقيمة 130 مليار يورو، وحتى تتجنب الوقوع في إعسار تسوده الفوضى، على نحو يمكن أن يحدث هزة عميقة في الأسواق المالية ويشعل من جديد فتيل المخاوف من انتقال عدوى السندات السيادية عبر أوروبا.
وكانت الآمال في التوصل إلى تسوية لهذه المسألة – والتي تعتبر أكبر عملية في التاريخ لإعادة الهيكلة في المالية العامة، حيث سيتحمل حاملو السندات خسائر تصل إلى 74 في المائة – من العوامل التي تقف وراء الاندفاع العالمي في الموجودات الخطرة على مدى الأسابيع القليلة الماضية.
مع ذلك، في الوقت الذي تمضي فيه اليونان قدماً في إعادة هيكلة ديونها السيادية، أعلنت المنظمة الدولية لعقود المبادلة والمشتقات – وهي الاتحاد الذي يختص بشؤون المشتقات – خلال ساعات العصر في نيويورك أنه ستكون هناك دفعات لحاملي عقود المبادلة الخاصة بالتأمين على السندات، والتي يمكن أن تزيد على ثلاثة مليارات دولار.
وفي وقت مبكر من يوم الجمعة تعزز وضع المتفائلين بارتفاع الأسعار بسبب الآمال التي ترجو أن يكون الاقتصاد الأمريكي يكتسب الزخم في الوقت الحاضر. فقد أظهر التقرير الشهري الخاص بالوظائف في الولايات المتحدة، الذي يتابعه المراقبون عن كثب، أن عدد الوظائف الجديدة التي دخلت الاقتصاد الأمريكي في شهر شباط (فبراير) كان 227 ألف وظيفة، وهو رقم يزيد على توقعات المحللين.
قالت أناليزا بيازا من مؤسسة نيو إيدج استراتيجي: ''للوهلة الأولى، يبدو تقرير الوظائف الأمريكية متيناً في شباط (فبراير)، ما يؤكد الفكرة القائلة إن التحسن في النشاط الاقتصادي يرشح الآن بالتدريج ويسري في سوق العمل''.
وقال أندرو وِلكِنسون من مؤسسة ميلر تاباك :''إن التقرير خطوة إيجابية من حيث المؤشرات والمقاييس الرئيسية التي تسير في الاتجاه الصحيح''. لكنه حذر من أنه ''ليس هناك الكثير من العلامات التي تشير إلى أن معدل النمو في حالة تسارع، وفي حين أننا ربما نكون مقبلين على صدور سلسلة من التقارير الطيبة من قبيل تقرير الوظائف الحالي، إلا أن البيانات الخاصة بشهر شباط (فبراير) هي الحد الأدنى الضروري للمساعدة على تسريع الانتعاش الاقتصادي''.
لعل الحذر الذي من هذا القبيل يفسر لنا السبب في أن رد فعل السوق كان متفائلاً بصورة مبدئية إلى حد ما لكنه لم يكن يتسم بالنشوة والابتهاج الشديد. وفي وول ستريت ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 0.4 في المائة، كما ارتفع مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 لعموم الأسهم الأوروبية بنسبة 0.5 في المائة.
لكن اليورو لم يكن جزءاً من الاندفاع، ما يشير إلى أن المشترين كانوا قد انتهوا من وضع رهاناتهم التي تشير إلى أن عدداً كافياً من حاملي السندات سيوافقون على صفقة السندات اليونانية بحيث إن من الممكن أن تُحَل هذه المسألة وينتهي منها أهل الاختصاص. لكن اليونان تقول إنها ستمدد الموعد النهائي لحاملي السندات الذين يسري عليهم القانون الدولي حتى الثالث والعشرين من شهر آذار (مارس).
لعل السبب في وجود عنصر من ''البيع على أساس الأخبار'' هو إمكانية ظهور المزيد من المخاطر الرئيسية، ما جعل اليورو يتراجع بنسبة 1.2 في المائة أمام الدولار ليصل السعر إلى 1.3116 دولار.
مع ذلك فإن تقييم السوق الأرحب لعقود المبادلة على السندات كان في معظمه إيجابياً، خصوصاً في مجمع السندات السيادية لبلدان منطقة اليورو، حيث تراجعت العوائد على السندات الحكومية الإيطالية لأجل عشر سنوات في مرحلة من المراحل إلى مستوى متدن جديد، هو الأدنى منذ ثمانية أشهر، عند 4.68 في المائة، بعد أن سجل مستوى يزيد على 7 في المائة في كانون الثاني (يناير).
وإلى جانب البيانات الخاصة بالوظائف الأمريكية والسندات اليونانية، تعزز المزاج العام بفعل تقرير يفيد أن التضخم في الصين يمر في أبطأ مراحله منذ 20 شهراً، ما يعطي بكين المجال لتعزيز الاقتصاد بعد أن أظهرت تقارير إنتاج المصانع ومبيعات التجزئة أنها سجلت نمواً أبطأ من المتوقع. وارتفع مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 0.8 في المائة، كما سجل مؤشر هانج سينج في هونج كونج زيادة بنسبة 0.9 في المائة.
على صعيد آخر كان هناك ارتفاع في كثير من الموجودات الخطرة، لكن الأمر العجيب هو أن الدولار ارتفع كذلك في أعقاب تقرير الوظائف الأمريكية الذي لقي ترحيباً من المحللين. فقد كان هناك ارتفاع بنسبة 1 في المائة في مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من العملات الرئيسية، والذي يرتبط بصورة عكسية مع تحسن المزاج العام. وأدى هذا في البداية إلى دفع الذهب إلى الأدنى، لكن المعدن الأصفر عكس مسيرته وسجل زيادة بنسبة 0.7 في المائة، ليصل السعر إلى 1710 دولارات للأونصة.
وتصرفت موجودات الملاذ الآمن على النحو التقليدي، حيث تحركت الصناديق الاستثمارية للسعي وراء الموجودات التي تعطي عوائد مرتفعة، وهذا أدى إلى التراجع في سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات، حيث ارتفعت العوائد على تلك السندات بنسبة نقطتي أساس، لتصل إلى 2.04 في المائة.
بصورة عامة كان وضع السلع قوياً، حيث ارتفع النحاس بنسبة 1.8 في المائة ليصل السعر إلى 3.86 دولار للباوند، لكن الدولار الأسترالي، الحساس لأسعار الموارد الطبيعية، تراجع بنسبة 0.3 في المائة بعد أن سجلت أستراليا عجزاً مفاجئاً في الميزان التجاري مقداره 673 مليون دولار أسترالي في كانون الثاني (يناير).