13/03/2011
التقرير الأسبوعي للبورصات العالمية استقرار الأسهم العالمية بعد تقييم مخاطر الزلزال الياباني
تراجعت مشاعر القلق العالمية بعد الزلزال العنيف الذي ضرب اليابان وأحدث موجة ضخمة من المد على اليابسة (وهي ما يعرف بكلمة تسونامي في اللغة اليابانية)، وهذا جعل المتداولين يتدافعون لاحتساب الآثار السعرية المترتبة على أحدث سلسلة من الأحداث غير المتوقعة.
وفي نيويورك، ارتفع مؤشر ستاندارد أند بورز 500 بنسبة 0.7 في المائة، في حين أن مؤشر فاينانشال تايمز للأسهم العالمية تراجع بصورة يسيرة. وقد حدث هبوط حاد في أسهم شركات التأمين بسبب المخاوف من الخسائر في اليابان، لكن تم التعويض عن خسائر أسهم شركات التأمين من خلال المكاسب التي سجلتها أسهم شركات الطاقة والمواد، التي تنتفع من المزيد من التراجع في سعر النفط الخام.
كذلك تمت الوقاية من تداعيات الزلزال الذي ضرب اليابان، والذي وقع قبيل فترة قصيرة فقط من إقفال سوق الأسهم في طوكيو، من خلال تقرير من الولايات المتحدة أظهر أن مبيعات التجزئة خلال شباط (فبراير) ارتفعت بنسبة 1 في المائة، بحيث وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.
من جانب آخر، تم التعويض إلى حد ما عن أسوأ الخسائر المسجلة في أوروبا، حيث خسر قطاع التأمين 2.4 في المائة. وفي لندن تراجع مؤشر فاينانشال تايمز 100 بنسبة 0.3 في المائة، حيث كانت أسهم البنوك من الأسباب الرئيسة في تراجع المؤشر. كذلك تراجع قطاع التأمين في الولايات المتحدة بنسبة 0.6 في المائة.
وقال بريان ميريديث، وهو محلل مختص بقطاع التأمين لدى بنك يو بي إس: "من السابق لأوانه أن نضع تقديرات صحيحة لخسائر قطاع التأمين على مستوى الصناعة، لكن يبدو من المرجح أنه سيكون هناك انتشار معهود لخسائر شركات التأمين على المستوى العالمي".
وقال ميريديث: "إنه من الممكن أن تصل القيمة العليا للخسائر إلى 28 مليار دولار، على افتراض أن ذلك يعتبر حدثا تبلغ نسبة تكراره مرة واحدة كل 100 سنة. لاحظ أن الزلزال نفسه هو أقوى زلزال منذ 140 عاما بالقرب من اليابان، لكن هذا سيكون أدنى من نسبة 1 إلى 250 سنة، وهي النسبة التي تشكل اضطرابا كبيرا في الصناعة.
ومن جانب آخر، تحسن وضع السلع الصناعية وعوضت عن خسائرها، حيث يرتفع الآن سعر النحاس بالنسبة لجلسة التعاملات، على الرغم من صور الفيديو التي تُظهِر الحرائق والفيضانات في اليابان والتي تسبب التوتر في منصات التداول. وارتفع سعر النحاس بنسبة 0.8 في المائة ليصل إلى 4.23 دولارا للأونصة. وكان الذهب يمر بحالة من التقلب، حيث كان يدخل ويخرج من المنطقة الموجبة، وقد ارتفع الآن بنسبة 0.4 في المائة ليصل السعر إلى 1417 دولارا للأونصة، على اعتبار أن المتداولين يتوقعون استمرار النمو في دفع الضغوط التضخمية.
وتراجع سعر خام برنت بنسبة 1.8 في المائة، ليصل السعر إلى 113.36 دولارا للبرميل، حيث إن المتداولين يتوقعون أن من الممكن أن يؤثر الزلزال على الطلب من اليابان. وقد تراجعت أسعار عقود النفط الأمريكي في بورصة نايمكس في نيويورك إلى ما دون مستوى 100 دولار للبرميل في إحدى مراحل التعاملات، لكن سعر الإقفال سجل تراجعا بنسبة 2.1 في المائة ليصل إلى 100.51 دولارا للبرميل.
وقد أدت التدفقات الداخلة إلى موجودات الملاذ الآمن في البداية إلى دفع العائد على سندات الخزانة الأمريكية القياسية إلى الأدنى، لكنها أقفلت بزيادة 4 نقاط أساس ليصل العائد إلى 3.41 في المائة، على اعتبار أن اليابان ربما تحتاج إلى بيع جزء من مقتنياتها من سندات الخزانة الأمريكية، التي تقدر بنحو ألف مليار دولار.
وقال جاك أبلِن، كبير الإداريين الاستثماريين لدى بنك هاريس الخاص: "يدرك المستثمرون في سندات الخزانة الأمريكية أن اليابان هي ثاني بلد أجنبي (بعد الصين) من حيث قيمة مقتنياتها من سندات الخزانة الأمريكية. ومما لا شك فيه أن شهية اليابان لشراء سندات الخزانة ستتعرض للوهن في الوقت الذي ربما تعمل فيه اليابان على بيع جزء من السندات الموجودة في حوزتها لتستعين بها في تمويل مجهود هائل لإعادة البناء والإعمار".
وكان المتداولون في آسيا حذرون في الأصل قبل وقوع الزلزال. وقد أقفل مؤشر فاينانشال تايمز لأسهم منطقة آسيا الباسيفيك بتراجع مقداره 1.1 في المائة بعد أن ورثت منطقة آسيا التراجع الذي سجله وول ستريت بنسبة 1.7 في المائة يوم الخميس، وفي الوقت الذي لاحظ فيه المتداولون أن مستوى التضخم في الصين ظل مرتفعا، وهذا الأمر يهدد بأن تكون استجابة الحكومية قاسية بهدف مكافحة التضخم. وقد تراجع مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 0.8 في المائة.
وفي طوكيو خسر مؤشر نيكاي 225 ما نسبته 1.7 في المائة، رغم أن المتداولين لم يكن لديهم وقت طويل نسبيا للتوصل إلى مدى الدمار الحاصل بفعل الزلزال، على اعتبار أن الهزات وقعت مباشرة قبيل موعد إقفال جلسة التعاملات، بحدود الساعة 5:45 صباحا بتوقيت جرينتش. لكن أسعار العقود الآجلة واصلت التراجع في تداولات ما بعد ساعات الدوام الرسمي، حيث خسرت في إحدى المراحل نسبة 5 في المائة؛ ما يشير إلى تراجعات حادة حين تفتح سوق النقد الإثنين المقبل.
وتراجع سعر الين بسرعة بعد توارد الأنباء عن وقوع الزلزال، لكنه سجل بعد ذلك ارتفاعا قويا، حيث كان يعتقد المتداولون أن المستثمرين المحليين سيعيدون الين إلى بلاده.
ويقول جيفري يو، وهو محلل العملات لدى بنك يو بي إس: "كان آخر زلزال كبير ضرب اليابان هو زلزال هانشين العظيم، الذي ضرب منطقة كوبي يوم 17 كانون الثاني (يناير) عام 1995، وقد تسبب ذلك الزلزال في أضرار زادت على 100 مليار دولار، لكن الين ارتفع في مقابل الدولار بنسبة تزيد على 20 في المائة خلال الأشهر الثلاثة التي أعقبت الزلزال. وهناك أسباب تدعونا إلى الاعتقاد بأن رد الفعل هذه المرة سيكون مشابها لما حدث في السابق".
وارتفع الين الياباني بنسبة 1.4 في المائة مقابل الدولار، ليصل السعر إلى 81.84 ين، وارتفع بنسبة 0.6 في المائة مقابل اليورو، ليصل السعر إلى 113.16 ين. من جانب آخر تراجع مؤشر الدولار، الذي يقيس سعر الدولار مقابل سلة من العملات العالمية الرئيسة، بنسبة 0.7 في المائة ليصل إلى 76.72 نقطة، على اعتبار أن الدولار خسر 0.8 في المائة من قيمته أمام اليورو ليصل السعر إلى 1.3903 دولار قبيل مؤتمر قمة منطقة اليورو، التي ستعقد في عطلة نهاية الأسبوع.
وأدت الأحداث المتداخلة إلى الإضرار بمؤشرات الأسهم الرئيسة القياسية؛ ما جعل بعض المعلقين يدعون أنها في وضع يؤهلها إلى التراجع بعد الذكرى الأسبوعية الثانية لاندفاع الأسعار في السوق.
على سبيل المثال، بعد أن سجل مؤشر ستاندارد أند بورز 500 أدنى مستوى له في آذار مارس (آذار) من عام 2009، فقد تضاعفت قيمته في نيويورك بحلول منتصف شباط (فبراير) لهذا العام. وكان المحللون الفنيون يشعرون بالقلق من أن مؤشرات الأسهم الرئيسة الثلاثة كافة في وول ستريت، وهي ستاندارد أند بورز 500 ومؤشر داو جونز للشركات الصناعية ومؤشر ناسداك المركب، قد تراجعت يوم الخميس إلى ما دون مستوى حركتها المتوسطة على مدى 50 يوما.
السؤال المهم الآن بالنسبة للمستثمرين في نهاية أسبوع صعب هو إلى أي مدى سيعمل زلزال اليابان على إحداث الاضطراب في النشاط الاقتصادي العالمي، وما إذا كانت العوامل المذكورة الأخرى قد تم احتسابها بصورة ملائمة للأوضاع في السوق.