استثمرت السعودية ما قيمته 500 مليون دولار في قدرات الطاقة المتجددة في 2019 لتحقق بذلك نموا قدره 53 في المائة على أساس سنوي، وفقا لأهم تقرير سنوي للأمم المتحدة عن الطاقة المتجددة.
بهذه النتائج، جاءت السعودية في الموقع الرابع بين دول منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، الذي شغلت مركزه الأول الإمارات نتيجة استثمارها 4.5 مليار دولار في الطاقة المتجددة في 2019، الذي يعد أكبر تمويل عالمي لمشروع للطاقة الشمسية بزيادة 1223 في المائة عن العام السابق.
ويحلل تقرير "الاتجاهات العالمية في الاستثمار في الطاقة المتجددة لعام 2020"، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومركز فرانكفورت للبيئة المتعاون مع البرنامج، اتجاهات الاستثمار لعام 2019، والتزامات الطاقة النظيفة التي قطعتها الدول والشركات على نفسها للعقد المقبل.
بعد الإمارات، جاءت جنوب إفريقيا في المركز الثاني، باستثمارها مليار دولار، بهبوط قدره 76 في المائة عن 2018، ثم كينيا باستثمارها 700 مليون دولار بانخفاض 45 في المائة عن 2018.
بعد السعودية جاءت المغرب في المركز الخامس باستثمارها 500 مليون دولار في 2019 بهبوط قدره 83 في المائة عن العام السابق، ثم مصر باستثمارها 400 مليون دولار بهبوط قدره 56 في المائة، وزيمبابوي في المركز السابع باستثمارها 400 مليون دولار بنمو قدره 3754 في المائة، ثم الأردن في المركز الثامن باستثمارها 300 مليون دولار، وهو رقم مثل هبوطا قدره 69 في المائة.
ويقول التقرير "إن المناخ وأزمات كوفيد - 19 على الرغم من طبيعتهما المختلفة، هما اضطرابات تحظى باهتمام صانعي السياسات والمديرين على حد سواء، وتبين الأزمتان الحاجة إلى زيادة الطموح المناخي للتحول نحو مصادر الطاقة المتجددة".
ويضيف "تجد الطاقة النظيفة نفسها على مفترق طرق في 2020، لقد أسفر العقد الماضي عن تقدم هائل، لكن الأهداف الرسمية لعام 2030 أقل بكثير مما هو مطلوب للتصدي لتغير المناخ، عندما تخف حدة الأزمة الحالية، ستحتاج الحكومات إلى تعزيز طموحاتها ليس فقط بشأن الطاقة المتجددة، لكن أيضا بشأن إزالة الكربون من وسائل النقل والمباني والصناعة".
ويرى التقرير أن الطاقة المتجددة أثبتت أنها "أكثر فاعلية من حيث التكلفة من أي وقت مضى"، وأنها "تتيح فرصة لإعطاء الأولوية للطاقة النظيفة في الإنعاش الاقتصادي وتقريب العالم من تحقيق أهداف اتفاقية باريس".
ويخلص التقرير إلى أنه: تمت إضافة 184 جيجا واط من الطاقة النظيفة في عام 2019، وهي قفزة تمثل 20 جيجا واط من 164 جيجا واط المضافة في 2018، علما بأن الجيجا واط الواحد يماثل سعة مفاعل نووي.
ومن النقاط المثيرة التي يكشفها التقرير أن هذه القدرة الجديدة مع ما حملته من زيادة في قدرة الطاقة، تم تسليمها بالاستثمار نفسه تقريبا في 2018، أو ما يعادل 282.2 مليار دولار، "ما يدل على انخفاض التكاليف".
علاوة على ذلك، فإن 826 جيجا واط من الطاقة المتجددة الجديدة غير المائية قد تم التخطيط لطرحها بحلول 2030 بتكلفة من المرجح أن تبلغ نحو تريليون دولار، "الجيجا واط الواحد يماثل سعة مفاعل نووي".
ويتطلب المضي في الطريق الصحيح المرسوم للحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى أقل من درجتين مئويتين، وفقا لاتفاق باريس، إضافة ثلاثة آلاف جيجا واط تقريبا من مصادر الطاقة المتجددة بحلول 2030.
تقدمت الولايات المتحدة على أوروبا في العام الماضي من حيث الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة: 55.5 مليار دولار، بزيادة 28 في المائة، وساعد على ذلك الاندفاع القياسي في تغذية الرياح البرية، وأيضا الاستفادة من الإعفاءات الضريبية قبل انتهاء صلاحيتها. في الوقت نفسه استثمرت أوروبا بمبلغ 54.6 مليار دولار، بانخفاض قدره 7 في المائة.
وشهد عام 2019 عديدا من الأرقام القياسية، بما في ذلك: أعلى إضافات من الطاقة الشمسية في عام واحد: 118 جيجا واط، وأعلى استثمار في الرياح البحرية في عام واحد، ببلوغه 29.9 مليار دولار، بزيادة 19 في المائة على أساس سنوي.
كما سجل العام أعلى استثمار في مصادر الطاقة المتجددة على الإطلاق في الاقتصادات النامية غير الصين والهند، بقيمة 59.5 مليار دولار، وتوسع الاستثمار، حيث بلغ عدد الدول والأقاليم التي تستثمر أكثر من ملياري دولار في مصادر الطاقة المتجددة 21 دولة وإقليما.
ذلك علاوة على أعلى حجم من اتفاقيات شراء الطاقة في مجال الطاقة المتجددة في شركات الطاقة، عند 19.5 جيجا واط في جميع أنحاء العالم، وأعلى قدرة من الطاقة تمنح في مزادات الطاقة المتجددة، بوصولها إلى 78.5 جيجا واط في جميع أنحاء العالم.
بذلك رفع الاستثمار في 2019 حصة الطاقة المتجددة، باستثناء الطاقة المائية الكبيرة، في التوليد العالمي إلى 13.4 في المائة، بعد أن كان 12.4 في المائة في 2018 و5.9 في المائة في 2009. هذا يعني أنه في 2019 منعت محطات الطاقة المتجددة انبعاث ما يقدر بنحو 2.1 جيجا طن من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يعد وفرا كبيرا إذا ما أخذ في الحسبان أن انبعاثات قطاع الطاقة العالمي تبلغ نحو 13.5 جيجا طن في 2019.
علاوة على ذلك، يظهر التقرير أن تكلفة تركيب الطاقة المتجددة قد وصلت إلى مستويات منخفضة جديدة، ما يعني أن الاستثمارات المستقبلية ستوفر مزيدا من القدرات.
ونمت قدرة الطاقة المتجددة، باستثناء السدود الكهرومائية الكبيرة التي تزيد قدرتها على 50 ميجا واط، بمقدار 184 جيجا واط في 2019، وكانت هذه الإضافة السنوية الأعلى على الإطلاق 20 جيجا واط، أو 12 في المائة، أي أكثر من القدرة الجديدة التي تم تشغيلها في 2018، مع ذلك، كان الاستثمار في 2019 أعلى بنسبة 1 في المائة فقط عن العام السابق، حيث بلغ 282.2 مليار دولار.
ويكشف التقرير أن تكلفة الكهرباء الشاملة ما زالت تواصل انخفاضها بالنسبة إلى طاقة الرياح والطاقة الشمسية "بفضل التحسينات التقنية، ووفورات الحجم، والمنافسة الشرسة في مزادات بيع الطاقة". وكانت تكاليف الكهرباء من محطات الطاقة الشمسية الجديدة في النصف الثاني من 2019 أقل بنسبة 83 في المائة مما كانت عليه قبل عقد من الزمن.
وقال إنكر أندرسون، المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة "إن الأصوات التي تدعو الحكومات إلى استخدام حزم الانتعاش المتعلقة بوباء كوفيد - 19 لإنشاء اقتصادات مستدامة آخذة في الازدياد. يظهر هذا البحث أن الطاقة المتجددة هي واحدة من أذكى الاستثمارات وأكثرها فاعلية من حيث التكلفة التي يمكن أن تقوم بها في هذه الحزم".
ويضيف "إذا استغلت الحكومات سعر الطاقة المتجددة الذي ينخفض باستمرار لوضع الطاقة النظيفة في قلب الانتعاش الاقتصادي من وباء كوفيد - 19، فيمكنها أن تخطو خطوة كبيرة نحو عالم طبيعي صحي، وهو أفضل بوليصة تأمين ضد الأوبئة العالمية".
وقالت، سفينيا شولتسه، وزيرة البيئة وحفظ الطبيعة والسلامة النووية في ألمانيا "تمثل مصادر الطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية بالفعل ما يقرب من 80 في المائة من الطاقة المبنية حديثا لتوليد الكهرباء، وبات المستثمرون والأسواق مقتنعين بموثوقيتها وقدرتها التنافسية".
وأضافت أن "تعزيز مصادر الطاقة المتجددة يمكن أن يكون محركا قويا لإنعاش الاقتصاد بعد أزمة فيروس كورونا، ما يوفر فرص عمل جديدة وآمنة. في الوقت نفسه تعمل مصادر الطاقة المتجددة على تحسين نوعية الهواء وبالتالي حماية الصحة العامة. ومن خلال تعزيز الطاقات المتجددة في إطار مجموعات التحفيز الاقتصادي لفيروس كورونا، لدينا الفرصة للاستثمار في الرخاء والصحة وحماية المناخ في المستقبل".