أوصى دول الخليج بالتأقلم مع "الواقع
الجديد" لانخفاض النفط«صندوق النقد»: الرياض تدرس مجموعة واسعة من
الإصلاحات المالية
دول الخليج تملك احتياطيات مالية هائلة تمكنها من التصدي لأزمة تراجع أسعار
الخام.
«الاقتصادية» من الرياض
قال مسؤول رفيع في صندوق النقد الدولي إن السعودية تدرس مجموعة واسعة من
التعديلات المحتملة على سياسات الإنفاق والإيرادات للتكيف مع هبوط أسعار النفط.
ووفقا لـ"رويترز"، قال مسعود أحمد مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا
الوسطى في صندوق النقد الدولي لـ"رويترز" في مقابلة "من الواضح
جدا أن السعودية بحاجة إلى إجراء تعديلات مالية كبيرة وهيكلية تستمر عدة
سنوات".
وأضاف أن السلطات "تقيم النواحي كافة" لكن لم يتضح بعد كيف ستقرر
الموازنة بين الأولويات في الإصلاحات المالية.
وكان الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية قد قال الشهر الماضي إن الحكومة
بدأت في خفض النفقات غير الضرورية مع الاستمرار في التركيز على مشاريع التنمية
الأساسية. وقال أحمد إن الإصلاحات المالية السعودية قد تشمل أربعة جوانب رئيسة
أحدها تعديل فاتورة الدعم المكلف الذي يبقي على أسعار الطاقة عند مستويات
متدنية. والثاني دعم إيرادات القطاع غير النفطي عبر فرض ضريبة القيمة المضافة
على سبيل المثال. كما يمكن للحكومة توفير الأموال عن طريق تحسين كفاءة المشاريع
الاستثمارية والسيطرة على الإنفاق الحالي عبر ترشيد فاتورة رواتب القطاع العام.
إلى ذلك قال الصندوق إنه يتعين على دول الخليج أن تتأقلم مع "الواقع
الجديد" الناجم عن انخفاض أسعار النفط الذي قد يستمر لسنوات، وأوصى بخفض
الإنفاق العام وتنويع مصادر الدخل.
وبحسب "الفرنسية"، فقد أكد الصندوق في تقريره حول النظرة المستقبلية
للاقتصاد العالمي الذي نشر أمس، أن دول الخليج تبدو في موقع جيد لاتخاذ التدابير
اللازمة لتعديل نهجها المالي، وذلك بفضل احتياطاتها المالية الضخمة التي جمعتها
أثناء فورة أسعار النفط. وقال مسعود أحمد مدير منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى
في الصندوق الذي قدم إلى دبي من أجل إطلاق تقرير النظرة المستقبلية، إنه يتعين
على دول الخليج أن تجري تعديلات من أجل مواءمة إنفاقها مع الواقع الجديد لأسعار
النفط، وذلك ليس فقط هذه السنة، بل على مدى السنوات المقبلة.
مسعود احمد
وأضاف أحمد أن ميزانيات دول مجلس التعاون الخليجي، تواجه عجزا بنسبة 13 في
المائة من إجمالي ناتجها المحلي كمعدل وسط هذه السنة. وتوقع صندوق النقد الدولي
أن يتباطأ النمو في المجموعة الخليجية إلى 3.25 في المائة هذه السنة و2.75 في
المائة العام المقبل، مقارنة بـ 3.5 في المائة في 2014.
وأشار إلى أن الأغلبية من المختصين يعتقدون أن أسعار النفط قد ترتفع بعض الشيء
عن المستوى الذي هي فيه حاليا، ونحن نرى أنه بحلول عام 2020 ستكون الأسعار في
حدود 65 دولارا أو أقل وليس عند مستوى الأسعار التي عهدناها، وذلك يعني أنه
يتعين على معظم هذه الدول أن تمضي قدما في عملية تعديل مستدامة وواسعة النطاق في
ماليتها. وبحسب المسؤول في صندوق النقد، فإن التعديلات يجب أن تشمل تنويع مصادر
الدخل بعيدا عن النفط، إضافة إلى خفض الدعم على الأسعار والحد من فاتورة الرواتب
في القطاع العام، لافتاً إلى أن معظم مواطني دول مجلس التعاون الخليجي يعملون في
القطاع العام، ويجب تغيير هذا النموذج خلال السنوات القليلة المقبلة.
ورحب أحمد برفع الإمارات أخيرا الدعم عن المحروقات، واعتبر أن هذه الخطوة تشكل
"مثالا يحتذى به" بالنسبة لباقي دول مجلس التعاون. ورفعت الكويت
بدورها الدعم عن الديزل وفيول الطائرات، فيما تخطط دول أخرى في المنطقة لخطوات
مشابهة، ويتعين بحسب المسؤول في صندوق النقد الدولي أيضا خفض الإنفاق على
المشاريع والتركيز أكثر على الكفاءة.
ومعظم دول الخليج تجد نفسها في موقع جيد للتأقلم مع الواقع الجديد في سوق
النفط بفضل احتياطاتها المالية الضخمة، وفي هذا الصدد أكد أحمد أن دول الخليج
ادخرت بكثير من الحكمة أثناء فترة ارتفاع أسعار النفط، وأن ذلك يضع هذه الدول في
موقع قوي اليوم في مواجهة موجات الصدمة التي تتسبب بها الأسعار المنخفضة التي
نشهدها.
واعتبر أنه يتعين على دول الخليج أن تستخدم بعض هذه الاحتياطات لتكون عملية
التأقلم مع واقع الأسعار الجديد، أكثر تدريجية، ولكي تحظى بمزيد من الوقت للقيام
بالتغيير. وخلص المسؤول في صندوق النقد إلى أن دول الخليج لديها اقتصادات قوية
تملك الكثير من الاحتياطات ورؤوس أموال كبيرة كما تملك القدرة على اللجوء
للأسواق المالية للاقتراض، معتبراً أنها دول في موقع قوة.
|