تمسك بنك "جولدمان ساكس" الأمريكي بتوقعاته الإيجابية لأسعار النفط الخام خلال الشهور المتبقية من العام الجاري، رغم الخلاف التجاري المستمر والمتفاقم بين الولايات المتحدة والصين، لافتا إلى توقعه أن يبقى سعر خام غرب تكساس الوسيط عند مستوى 70 دولارًا للبرميل فى المتوسط لهذا العام.
وأوضح التقرير أنه على الرغم من سلسلة الخسائر الأسبوعية لخام غرب تكساس الوسيط المرتبطة بشكل واضح بالتصعيد بين الولايات المتحدة والصين يعتقد البنك أن النمو الاقتصادي العالمي سيدعم ارتفاع متوسط الأسعار لهذا العام.
وأشار إلى أن أساسيات السوق النفطية جيدة ومبشرة، لافتا إلى أن الصين لم تصل بعد إلى فرض تعريفات استيراد على الخام الأمريكي، التي رأى البعض أنها طريقة للاحتفاظ ببطاقة النفط الخام على الطاولة لاستخدامها في المستقبل، مضيفا أن "هذه تعد الخطوة الوحيدة المنطقية في ظل الظروف الحالية".
وذكر التقرير أن العلاقات معقدة في السوق النفطية وأن استقرار السوق مسؤولية مشتركة بين كل الأطراف كما أنه يجب أن ندرس العلاقات المتشابكة في السوق خاصة أن كثيرا من المنتجين هم مستهلكون فى الوقت نفسه، مشيرا إلى أن عملية التحول إلى موارد الطاقة البديلة بطيئة نسبيا.
ويقول "جولدمان ساكس"، "إنه في ضوء النزاع التجاري الأخير بين الولايات المتحدة والصين فإننا نجد أن الصين تعتبر بالكاد هي المستورد الأكثر قابلية لاستبدال النفط بأي مصدر آخر من موارد الطاقة، بينما الوضع مختلفا فى الولايات المتحدة بالنظر إلى كمية النفط الخام التي تحتاج إليها، حيث من المحتمل أن يجد المنتجون الأمريكيون صعوبة في إيجاد أسواق جديدة بسرعة لأكثر من نصف مليون برميل يوميًا تباع إلى الصين بحسب بيانات شهر يونيو الماضي".
وأضاف أنه "في ضوء العقوبات المفروضة على إيران قد يكون التحدي كبيرًا فى السوق خلال الأشهر القليلة المقبلة لتأمين مستوى جيد ومستقر من الإمدادات النفطية بما يلبي كافة احتياجات المستهلكين".
ونقل التقرير عن محللين دوليين رؤيتهم بأن تحديات السوق ستتسع في ضوء توقعات نمو الطلب بشكل قوي، مرجحا أن يؤدي ذلك إلى نقص في العرض نظرا لانخفاض المخزون العالمي، وفي ضوء حقيقة أن المنتجين وعلى رأسهم السعودية وروسيا وبقية الأعضاء في "أوبك" وخارجها يفضلون عدم التسرع في زيادة العرض بسرعة كبيرة لتجنب تخمة المعروض.
ﻓﻲ اﻟوﻗت نفسه، ذكر التقرير أن هناك أزمة حادة في مستوى الإنتاج النفطي ﻓﻲ ﮐندا بسبب ﻋدم ﮐﻔﺎية سعة خطوط اﻷنابيب، ما أدى إلى نتائج سلبية على القطاع وقد تمثلت في انخفاض أسعار النفط والغاز في كندا هذا الأسبوع بواقع 14 نقطة ليصل بذلك إجمالي عدد منصات النفط والغاز الكندية إلى 209 وهو أقل من 11 محطة مقارنة بهذا الوقت من العام الماضي، لافتا إلى تحقيق خسارة في 12 مضخة للنفط الخام وفقدان قدرات إنتاجية واسعة في مجال الغاز.
من جانبها، اعتبرت وكالة الطاقة الدولية أن التخفيف الحالي من المخاوف قصيرة الأجل بشأن إمدادات النفط قد يكون مؤقتًا فقط، لأن عودة العقوبات الأمريكية على إيران - ربما مقترنة بمشكلات الإنتاج في أماكن أخرى - يمكن أن تجعل وضع الإمداد العالمي للنفط الخام "صعبًا للغاية".
وذكرت وكالة الطاقة أن التباطؤ الأخير في السوق جاء بسبب تهدئة التوترات على المدى القصير كما أن انخفاض الأسعار حاليًا جاء نتيجة انخفاض نمو الطلب، لكن هذا الأمر لن يستمر طويلا، مشيرًا إلى التأثير الكبير لعودة العقوبات الأمريكية على صادرات النفط الإيرانية وعلى استقرار السوق وتأمين مستوى الإمدادات من النفط الخام.
وأكد تقرير الوكالة أن الإدارة الأمريكية تتطلع إلى خفض صادرات النفط الإيرانية إلى مستوى "صفر" وتحاول إقناع أكبر عدد ممكن من عملاء النفط في طهران بقطع إمداداتهم عن إيران.
وأشار التقرير إلى أنه في الوقت نفسه يتوقع محللون عدم استجابة كل الدول للقرارات الأمريكية، ومنها دول في أوروبا إلى جانب الصين التي قد رفضت بالفعل الاعتراف بالجزاءات الأمريكية المفروضة على إيران، وقالت "إنها لن تتوقف عن شراء النفط الخام الإيراني".
وأشار التقرير إلى أنه مع دخول العقوبات النفطية ضد إيران حيز التنفيذ وفي الوقت نفسه وقوع عديد من مشكلات الإنتاج في أماكن أخرى قد يكون الحفاظ على الإمداد العالمي من النفط الخام صعبًا للغاية وسيأتي على حساب الحفاظ على مستوى الطاقة الاحتياطية الكافية وبالتالي فإن توقعات السوق قد تكون أقل هدوءًا بكثير في هذه المرحلة مما هي عليه اليوم.
ولفت التقرير إلى استمرار حالة من أزمة إنتاج النفط الكندي فى ظل انخفاض الأسعار، مشيرا إلى توقع الوكالة زيادة النمو في الطلب على النفط في 2019 الذي سيسجل ارتفاعا طفيفا للعام المقبل بمقدار 110 آلاف برميل يوميا إلى 1.5 مليون برميل يوميا، لافتا إلى أن هناك توقعات بمخاطر أوسع مع تصاعد الخلافات التجارية وارتفاع الأسعار إذا كان العرض مقيدا.
وذكر تقرير الوكالة الدولية أن زيادة مخاطر تقلص الإمدادات وتراجع الاستقرار في السوق في وقت لاحق من هذا العام قد يؤدي إلى ارتفاع كبير فى مستوى الأسعار وبالتالي التأثير في نمو الطلب، مفسرا ذلك بأن العوامل الأخرى التي يجب أخذها في الحسبان هي التوترات التجارية التي قد تتصاعد وتؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وبالتالي انخفاض الطلب على النفط.
من ناحية أخرى، صعدت أسعار النفط أكثر من 1 في المائة في ختام الأسبوع الماضي بفعل توقعات بأن عقوبات أمريكية على إيران من المنتظر أن تقلل الإمدادات، لكن عقود الخام أنهت الأسبوع على خسارة مع قلق المستثمرين من أن نزاعات تجارية عالمية قد تبطئ النمو الاقتصادي وتلحق ضررا بالطلب على الطاقة.
وبحسب "رويترز"، أنهت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت جلسة التداول مرتفعة 74 سنتا، أو 1.03 في المائة، لتبلغ عند التسوية 72.96 دولار للبرميل.
وصعدت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 82 سنتا، أو 1.23 في المائة، لتسجل عند التسوية 67.63 دولار للبرميل.
وأدت موجة مبيعات في جلسة الأربعاء إلى أن ينهي الخامان القياسيان الأسبوع على خسارة مع انخفاض برنت 0.5 في المائة والخام الأمريكي 1.2 في المائة.
وقال ستيفن برينوك المحلل لدى "بي.في.إم أويل أسوسيتس" للسمسرة في لندن "المعنويات محاصرة بين المخاوف من أن نزاعا تجاريا أمريكيا صينيا سيلحق ضررا بالطلب على النفط ونقصا وشيكا في المعروض الإيراني".
وتلقي النزاعات التجارية المتصاعدة بظلالها على توقعات النمو الاقتصادي وتدفع الدولار، عملة تداول النفط عالميا، إلى الصعود وهو ما يزيد تكلفة الخام للمستهلكين من حائزي العملات الأخرى.
وسجل عدد الحفارات النفطية النشطة في الولايات المتحدة أكبر زيادة أسبوعية منذ أيار (مايو) بينما تواصل شركات الطاقة تنفيذ خطط لزيادة الإنفاق على الاستشكاف والإنتاج توقعا لارتفاع أسعار الخام في 2018 عن الأعوام القليلة الماضية.
وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة، في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة وثيقة، "إن شركات الحفر أضافت عشرة حفارات نفطية في الأسبوع المنتهي في العاشر من آب (أغسطس) ليصل العدد الإجمالي إلى 869 حفارا وهو أعلى مستوى منذ آذار (مارس) 2015.
وجاءت الزيادة في عدد الحفارات على الرغم من هبوط أسعار الخام الأمريكي لسادس أسبوع على التوالي للمرة الأولى منذ آب (أغسطس) 2015 بفعل القلق من أن التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين قد تلحق ضررا بالطلب على النفط.
وعدد الحفارات النفطية النشطة في أمريكا، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، مرتفع عن مستواه قبل عام عندما بلغ 768 مع قيام شركات النفط بزيادة الإنتاج متوقعة أن الأسعار في 2018 ستكون أعلى من السنوات السابقة.
ويبلغ متوسط أسعار عقود الخام الأمريكي منذ بداية العام الحالي 66.28 دولار للبرميل، مقارنة بمتوسط بلغ 50.85 دولار العام الماضي و43.47 دولار في 2016.