28/09/2017
خبراء : استثمار البحار .. نهار جديد للاقتصاد السعودي
اتفق خبراء اقتصاديون ومراقبون على أن مشروع البحر الأحمر مثال حي ومتميز للمبادرات الاستراتيجية، ونموذج للاستفادة القصوى من إمكانات البحار، كالبحر الأحمر، والاستغلال الأمثل للثروات والمقومات المتوافرة، والدفع بها نحو التنمية، بما يعود بالنفع على أجيال المستقبل.
يقول الكاتب الاقتصادي راشد الفوزان لمجلة "الاقتصاد" الصادرة عن غرفة الشرقية في عددها الأخير إن مشروع البحر الأحمر، يعني إعادة استثمار مقومات وثروات تملكها المملكة من خلال السياحة، ويمكن جذب الشركات العالمية أو المحلية من جانبين هما "مرونة الأنظمة والتشريعات"، والسرعة المشجعة على الاستثمار، والمحفزات سواء بالتمويل أو قوانين الاستثمار والبنية التحتية المساعدة لذلك، وهذا مهم لأن منطقة البحر الأحمر تتميز بعدة ثروات مهمة يمكن استثمارها، وأولها الموقع فهي منطقة مرور سفن دولية تربط بين أوروبا وآسيا بالاتجاهين، وأيضا تمتلك المملكة العديد من الجزر التي يمكن استثمارها وبمساحات متعددة، كذلك فإن المنطقة غنية بالشعب المرجانية التي تشجع على سياحة الغوص، وحين تطرح هذه المقومات للاستثمار بالقطاع الخاص سنجد متغيرات كبيرة جدا، وهذا ما يتطلب أنظمة وتشريعات مناسبة التي يفترض أن تكون جاذبة ومرنة ومشجعة.
ويضيف أن جذب سائحين من خارج المملكة، إضافة إلى استقطاب الجزء الأكبر من السياحة الداخلية، وإدخال مواقع غير مطروحة إلى الخريطة الاستثمارية، يعتمد على ما يتم إنجازه من نوعية المشروعات التي ستطرح، وإلى أي مدى ستكون مرونة الأنظمة في منح التأشيرات للأجانب وأعتقد أنها هي المحك المهم، حتى تكون استثمارا طوال العام، وأن لا نعتمد على السياحة المحلية فهي موسمية غالبا، ويجب أن ننظر لها نظرة استثمار ومصدر إيراد مهم لأموال جديدة تأتي من السياحة.
وأكد الفوزان لـ "الاقتصاد" أن مشروع البحر الأحمر يتوافق مع رؤية المملكة 2030 لأنه يحقق استثمار ثروات المملكة ومنها المواقع السياحية، والبحر والشواطئ، والموقع المهم، والطقس الجيد، وأيضا يحقق تنويع الدخل، وجذب الاستثمارات للمملكة، وتحقيق فرص عمل جديدة، فهي صناعة مهمة بعوائد عالية، وهو مما تهدف له رؤية 2030. فهذه الرؤية ترى في كل منطقة ميزاتها الجاذبة، ولكن البداية من البحر الأحمر مميزة، فهي من أهم المناطق جذبا للمستثمر والسائح.
إلى ذلك أوضح الإعلامي والكاتب الاقتصادي أحمد الخطيب لـ "الاقتصاد" أن المشروع يضع هيكلية جديدة لصناعة السياحة في المملكة والاستثمار فيها، لافتا إلى أن الاقتصاد السعودي لم يستغل في السابق المساحات الواسعة، واختلاف الأجواء بين المناطق، حيث نلاحظ في منطقة البحر الأحمر وجود مواقع ناجحة سياحيا في دول أخرى، رغم صغر مساحتها، ولذلك فإن المشروع سيستقطب شركات السياحة والفنادق العالمية التي تبحث دائما عن مواقع جديدة للاستثمار.
واعتبر الخطيب أن التنافس بين المواقع السياحية على مستوى الدول موجود دائما، ولكن المنافسة لا تحد من أهمية بعضها لحساب البعض، حيث نرى باستمرار ظهور مدن جديدة على الخريطة السياحية، مع استمرار المدن الأقدم بالنمو سياحيا، فالتحدي هو في قدرة أي موقع جديد على جذب الزوار إليه، وهو ما أعتقد أن مشروع البحر الأحمر سيوفره بسبب مساحته الكبيرة، وقدرته على إنشاء الكثير من الفعاليات الضخمة.
من جانبه ذكر رئيس مجلس إدارة مؤسسة البحر الأحمر فهد الرشيد أن رؤية 2030، ترتكز على ثلاثة عوامل رئيسية، من ضمنها الموقع الاستراتيجي للمملكة كمحور ربط بين القارات الثلاث، وموقعها الجغرافي بين أهم المعابر المائية وفي مقدمتها البحر الأحمر، واستثمار الطاقات الكامنة عبر عدد من البرامج الاقتصادية الطموحة. وأكد أن إعلان مشروع البحر الأحمر يدل على تبني رؤية اقتصادية تمثل نموذجا يحتذى به لكيفية الاستفادة من المقومات السياحية المتعددة التي تتمتع بها المملكة، خصوصا البحر الأحمر، وما تملكه من تنوع بيئي وتوازن مناخي وموارد وثروات معدنية وطبيعية،
واستشهد بوجود أكثر من 1200 نوع من الأحياء البحرية بينها 10% لا توجد في أي مكان آخر، فيما تحتضن الشعب المرجانية الممتدة على طول 2000 كيلو متر ويصل عمرها إلى 7000 عام، إضافة إلى ما تحمله السواحل من آثار وبراكين وحياة فطرية، وما تتميز به من تضاريس برية وجزر طبيعية وأفضل مواقع للغوص حول العالم.
وشدد الرشيد على أن مشروع البحر الأحمر سيعزز من مكانة دول المنطقة الاقتصادية عالميا، خاصة فيما يتعلق باستقطاب السياح من داخل المملكة وخارجها، ما يؤدي لزيادة الناتج المحلي، وتحقيق مكاسب تنموية كبيرة من خلال فتح المجال لعقد شراكات مع أبرز الشركات العالمية الكبرى خاصة في مجالات السياحة والضيافة. إضافة إلى أنه سيسهم في جلب مزيد من الاستثمارات المباشرة على المستويات الخليجية والإقليمية والعالمية، كما سيعزز من الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وسيفتح المجال أمام رواد وشباب الأعمال، كما سيؤدي إلى إنعاش مسارات تنموية موازية كالمطارات والموانئ وشبكات الطرق وقطاعات الإيواء، الأمر الذي سيشكل نقلة نوعية في المجال الاقتصادي والسياحي والاستثماري، بما يحقق بشكل فعال وسريع عددا من أهم أهداف ومبادرات رؤية المملكة الطموحة 2030.
من جهته قال الكاتب الاقتصادي جمال بنون إن مشروع البحر الأحمر السياحي يعتمد على فكر جديد تدخل به المملكة مجال السياحة حيث سيكون لهذا المشروع أنظمة وقوانين منفصلة، بحيث يمكن للزوار أن يأتوا إليها ويعودوا منها، وفق أنظمة وقوانين سيتم إقرارها، الأمر الذي يتوقع أن تشهد معه المنطقة بعض التسهيلات والاستثناءات للشركات والمستثمرين، بما يتوافق مع رؤية المملكة وتطلعاتها، لتكون دولة منافسة في مجال السياحة مستفيدة مما منحها الله من مزايا وأرض خصبة.
وأوضح بنون أن المملكة تمتلك قطاعات وأنشطة اقتصادية بإمكانها أن تلعب نفس دور النفط، مستشهدا بأن المملكة خلال ثلاثة شهور فقط كشفت النقاب عن مشروعات نوعية في فكرها ومفهومها الاقتصادي، وأكد أن هذه المشروعات ستؤدي نتائج جيدة في المستقبل، وستسهم في تنويع مصادر الدخل، وخلق فرص وظيفية، ودخول استثمارات أجنبية ومحلية، الأمر الذي سيؤدي في نهاية المطاف إلى رفع مكانة المملكة في سوق التنافسية العالمية.