09/07/2018
مجلة الاقتصاد بغرفة الشرقية تستعرض نماذج الاستفادة من الطبيعية
اقتصاديون : مشروع الطاقة الشمسية أحد أبرز عناوين المستقبل السعودي
اتفق خبراء اقتصاديون ومراقبون على أن مشروع الطاقة الشمسية يعد أحد أبرز عناوين المستقبل السعودي الزاخر بالخير، وأنه مثال حي ومتميز للمبادرات الاستراتيجية، ونموذج للاستفادة القصوى من الإمكانات الطبيعية، كالشمس، والاستغلال الأمثل للثروات والمقومات المتوافرة، والدفع بها نحو التنمية، بما يعود بالنفع على أجيال المستقبل.
مشروع الطاقة الشمسية الجديد الذي ينطلق من "رؤية المملكة 2030" تقدر تكلفتُه الإجمالية بنحو 200 مليار دولار، ويجعل المملكة ـ وفقاً لتقديرات الخبراء ـ أكبر مُنتج للطاقة الشمسية في العالم، ويحولها من مجرّد مستهلك لهذه الطاقة إلى أكبر المصدّرين لها عالميا. أهمية التحول تعكسُها بجلاء إشارة أحد الباحثين السعوديين في هذا المجال، قائلا: كنا نطمح لتوفير 20% من الكهرباء بالطاقة الشمسية، فأصبحنا أمام أكبر المشروعات العالمية التي ستضع المملكة في صدارة المنتجين للطاقة الشمسية.
"مجلة الاقتصاد" الصادرة عن غرفة الشرقية رصدت آراء العديد من الاقتصاديين والخبراء فيقول رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية الأمير الدكتور تركي بن سعود بن محمد، إن المملكة تمتاز بمساحات شاسعة يمكن استثمارها لبناء محطات إنتاج طاقة شمسية ضخمة، واستخدام 7.5% من مساحة المملكة لمشروعات الطاقة الشمسية يكفي لسد احتياج العالم من الطاقة، مشيرا إلى أن احتياجات المملكة من الطاقة حاليا تعادل 75 جيجا واط، وهنا سيمكن مشروع خطة الطاقة الشمسية 2030 المملكة من تصدير الفائض منها عبر الشبكات الكهربائية المترابطة، وتعد بذلك طاقة بديلة لطاقة النفط في المملكة.
وأضاف إن خطة الطاقة الشمسية 2030 لها العديد من الجوانب الإيجابية أقلها تخفيض تكلفة إنتاج الطاقة الشمسية للإسهام في استخدامات تحلية المياه المالحة لأغراض الزراعة، وستعمل هذه الخطوة على سد احتياج المملكة من الطاقة في الزراعة الذي يقدر بنحو 20 جيجا واط، مبينا أن من المقومات الأساسية التي تتمتع بها المملكة، الكميات الهائلة من الرمال الغنية بمادة السليكا التي يمكن تحويلها إلى سيليكون عالي النقاوة، وهي المادة الأساسية في إنتاج الخلايا الشمسية، والتكامل مع مجال التعدين، باستخدام مخلفات الفوسفات في المناجم، لإنتاج كيلو مترات أخرى من مادة السيليكون، مبينا أن المملكة عملت على تطوير خلايا شمسية عالية الكفاءة باستخدام تقنيات متعددة وتوطين صناعة الألواح الشمسية، والعواكس، والمتابعات الشمسية، ومعامل اختبار موثوقية الألواح الشمسية، كما تعمل على تطوير تقنيات تخزين الطاقة وتخفيض تكلفتها لدعم المنظومة الصناعية للطاقة الشمسية في المملكة.
الكاتب الاقتصادي فضل البوعينين استقرأ خطوة المملكة وقال إننا كنا نطمح إلى وقت قريب، بالتوسع التدريجي في إنتاج الطاقة الشمسية لتوفير ما يقرب من 20% من مجمل الطاقة الكهربائية المنتجة، فأصبحنا أمام أكبر المشروعات العالمية التي ستضع المملكة في صدارة المنتجين للطاقة الشمسية، ليس بهدف استهلاكها داخليا، بل تصديرها للخارج، موضحا أن المملكة تمتلك مقومات صناعة الطاقة الشمسية، من أجوائها المشمسة، واحتضان أراضيها لمادة "السليكا" المادة الأساسية في صناعة الألواح الشمسية، إضافة إلى التقنية، وملاءتها المالية القادرة على تنفيذ مشروعات ضخمة بالشراكة مع شركائها العالميين الذين يثقون في قدراتها ورؤية ولي العهد.
ولفت البوعينين إلى أن المشروع سيخلق قطاعا صناعيا جديدا مرتبطا بالطاقة الشمسية، ومنها صناعة الألواح الشمسية، والتوربينات والأجزاء المهمة لمحطات الطاقة، موضحا أن ذلك ستنتج عنه مساهمة ملموسة في خلق إيرادات مجزية لخزينة الدولة وعوائد مهمة لصندوق الاستثمارات العامة، ستكون بديلا استراتيجيا لإيرادات النفط مستقبلا.
أما المختص في شؤون الطاقة وتسويق النفط ومدير دراسات الطاقة في منظمة أوبك سابقا الدكتور فيصل مرزا، فيقول إن خطة الطاقة الشمسية ستسهم في تمركز المملكة على قمة الدول المصنعة للألواح الشمسية، من خلال المخزون الوفير لرمال السيلكا النقي فيها الذي يعد العنصر الأساسي في تصنيع الألواح الشمسية والأعلى نقاوة عالميا، موضحا أن المملكة من خلال الاتفاقية ستكون أكبر مستخدم للطاقة الشمسية في العالم بلا منازع، متجاوزةً في ذلك الصين التي تتصدر مستخدمي الطاقة الشمسية عالمياً، بطاقة تصل إلى 120 جيجا واط، مؤكدا أهمية فتح مساحات مهمة لمشاركة المؤسسات الوطنية الصغيرة والمتوسطة المؤهلة، لتنمو مع نمو المشروع وتتطور مع تقدمه، لتكتسبَ الخبرة والمهارة المطلوبة.
في حين يرى الكاتب الاقتصادي والأكاديمي المختص بالتمويل الدكتور صلاح الشلهوب أن خطة الطاقة الشمسية 2030 تؤسس لمرحلة جديدة تبقى فيها المملكة في مركز الريادة كإحدى أكبر الدول المنتجة للطاقة في العالم.
ويشدد الشهلوب على أن الطاقة الشمسية ليست مشروعا عاديا، ولابد أن يتضمن مجموعة من الإجراءات التي تسبقه، لافتا إلى أن مسؤولية الجامعات في بناء برامج متخصصة في مجال الطاقة النظيفة عموما، والطاقة الشمسية خصوصا بات جليا، إذ أن المدة المتوقعة لإنجاز المراحل الأولى منه قريبة جدا، ومع ذلك لا توجد برامج متخصصة في هذا المجال في الجامعات حاليا، مؤكدا أهمية العناية بإنشاء المراكز المتخصصة في مجال الطاقة المتجددة، وأن يكون لها إسهام في هذه المشاريع بصورة مباشرة لإجراء الدراسات الخاصة بهذا المجال، وتقديم الحلول فيما يتعلق بالعوائق المحتملة، كما أنه لابد من أن يكون للقطاع الخاص إسهام في الاستثمارات النوعية.
من ناحيته يقول المختص في تمويل مشاريع الطاقة بندر الهويش إن التزام المملكة بإطلاق استثمارات ضخمة في سلاسل الإمداد كافة، سيتيح فرصة إعادة تشكيل هويتها المرتبطة بالنفط منذ عقود إلى مصدر موثوق للطاقة بأنواعها كافة المتجددة منها والتقليدية، مبينا أن مشروع الطاقة الشمسية يمثل خطوة جريئة وكبيرة للمملكة، مبينا أن المشروع سيتيح فرصة اقتحام أسواق لم تكن قد دخلتها من قبل، وتحديدا عبر فرص تغطية احتياجات المحرومين من الكهرباء عالميا.
إلى ذلك، يصف الأكاديمي والكاتب الاقتصادي المختص بشؤون الطاقة الدكتور هيثم باحيدرة، المشروع الجديد بأنه "قفزة إلى الشمس" وأن رحلة المملكة إلى المستقبل مضاءة بالشمس ضمن مسار تحويل تركيزها نحو تسخير الطاقة الشمسية، موضحا أن مشروع الطاقة الشمسية يشكل إطارا جديدا لتطوير قطاع الطاقة الشمسية في البلاد. ويرى أن ديناميكيات مختلفة تشير بشكل مطرد إلى ضرورة بدء المملكة مسيرة خضراء لضمان غد مستدام، مشيرا في ذلك إلى أن نجاح خطط الطاقة المتجددة سيؤدي إلى تحقيق وفورات تراكمية في المنطقة والتي ستجعل الظروف الجغرافية السائدة عبر الطاقة الشمسية أقوى الموارد المتجددة وأكثرها فعالية.
ويرى عضو مجلس الشورى الكاتب الاقتصادي الدكتور فهد بن جمعه، أن اتفاقية التفاهم في مشروع الطاقة الشمسية سوف تنقل اقتصاد الطاقة من عصر الطاقة الناضبة إلى عصر الطاقة المتجددة ذات العوائد الجيدة وبدون مخاطر بيئية مستقبلية، مبينا أن الصناعة المحلية لهذا المشروع ستسهم في سد الحاجة المحلية من الألواح الشمسية إضافة إلى تصديرها للأسواق العالمية مما يزيد من القيمة الاقتصادية في إجمالي الناتج الاقتصادي.