14/01/2012
من أجل اقتصاد مستدام ومتنوع يرتكز على الأنشطة ذات القيمة المضافة العالية 6 استراتيجيات عالمية لتطوير الصناعات المعرفية في دول الخليج
يبحث مؤتمر الصناعيين الخليجي الذي ينطلق الثلاثاء المقبل تحت شعار ''الصناعات المعرفية والتقنيات الحديثة''، تشجيع دول المجلس نحو التحول للإنتاج الصناعي المعرفي، مع تسليط الضوء على المتطلبات الأساسية لقيام الصناعات المعرفية فيها.
ومن المقرر أن يستعرض المؤتمر الذي ينعقد في الرياض، تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ويستمر ثلاثة أيام، بعض تطبيقات الصناعات المعرفية المناسبة للدول الخليجية، إضافة إلى عرض نماذج العمل الناجحة في بعض الدول للتحول نحو الصناعات المعرفية، مع إعطاء فرصة ملائمة للشركات الصناعية العالمية المتخصصة في هذا المجال لعرض منتجاتها في المعرض المصاحب.
ودون شك، فإن الصناعات المعرفية خيار استراتيجي مهم لدول مجلس التعاون حيث سعت دول مجلس التعاون إلى إرساء اقتصاد مستدام ومتنوع يرتكز على الأنشطة ذات القيمة المضافة العالية ويشجع الروح الاستثمارية لدى الأفراد والمشروعات الخاصة ويكون على درجة عالية من الاندماج في الاقتصاد العالمي وفي هذا السياق عملت دول المجلس على تنويع الاقتصاد وصياغة أهداف طموحة لتنمية القطاعات غير النفطية وعلى رأسها قطاع الصناعة التحويلية لما لها من دور مهم في أي تركيبة اقتصادية ناجحة ومستقرة ولما لها من دور كبير في كثافة وترابط العلاقات الاقتصادية داخل دول المجلس وخاصة في حالات الركود التي تصيب قطاعات المال والسياحة والتجارة والعقار.
ووفقا للأمين العام لمنظمة الخليج للاستشارات الصناعية، فإن أسباب التقدم المحدود في التحول نحو الاقتصاد المعرفي في دول مجلس التعاون تكمن في تأخر هذه الدول نسبياً وفقاً لركائز الاقتصاد المعرفي والصناعة المعرفية، الموضحة في تقرير منهجية تقييم المعرفة لعام 2009 الصادر عن البنك الدولي، الذي يعبر عن أحد أوجه التقدم العلمي في الدول، وبالنسبة لترتيب الدول نجد أن قطر حصلت على المرتبة الأولى خليجيا والإمارات على المرتبة الثانية، وسجلت كل من الإمارات وقطر أعلى معدل لمؤشر الاقتصاد المعرفي.
كذلك التدني الكبير في نسبة الإنفاق والاستثمار في البحث والتطوير في دول المجلس باستثناء قطر التي خصصت له 2.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2009، والسعودية التي أنفقت 150 مليار ريال على التعليم في عام 2010. وفي حين نجد أن الدول المتقدمة تخصص نحو 2.5 في المائة من الناتج المحلي لنشاطات البحث والتطوير والذي ينفق عليه القطاع الخاص ما يقارب 80 في المائة من إجمالي تكلفته، نرى أن حصة الإنفاق على البحث والتطوير لا تتعدى 0.2 في المائة من الناتج المحلي في دول المجلس وفقا لبيانات تقرير ''يونسكو'' لعام 2010 (مع ملاحظة أن بعض بياناته تقديرية) مع شبه غياب للقطاع الخاص في دول المجلس. وتعتبر نسبة الإنفاق على البحث العلمي في دول المجلس متدنية مقارنة بما تنفقه الدول المتقدمة مثل: فنلندا 3.5 في المائة واليابان 3.18 في المائة والسويد 3.7 في المائة.
وعند تقسيم دول العالم إلى أربع مجموعات متساوية بحسب قيمة دليل اقتصاد المعرفة يلاحظ عدم وجود أية دولة عربية ضمن مجموعة أعلى 25 في المائة من دول العالم، أي ضمن مجموعة الدول التي يبلغ دليل اقتصاد المعرفة لها 5.7 أو أكثر، بل لا توجد أي دولة ضمن 35 في المائة وتقع ثماني دول عربية ضمـن مجموعة ثاني 25 في المائة من دول العالم التي يراوح دليـل اقتصـاد المعرفـة لها بين 5 و5.7، وهذه الدول هي بلدان مجلس التعاون الخليجي الستة والأردن ولبنان.
ومن أجل تطوير مساهمة الاقتصاد المعرفة في التنمية الاقتصادية المستدامة في دول المجلس، يتطرق الخبير المصري الدكتور مصطفى قاسم إلى ست استراتيجيات عالمية لتطوير الاقتصاد المعرفي، الأولى هي تهيئة المناخ العام وتشجيع الاستثمار. إن تأييد الإدارات السياسية لهذه الاستراتيجية كأولوية قومية قصوى هو شرط ضروري لإنجاحها حيث تقوم الحكومات بتوفير المناخ والدافع لنمو هذه الصناعات من خلال التشريعات والقوانين المحفزة للاستثمار وكذلك توفير البنية التحتية الملائمة بينما يتحمل القطاع الخاص في الأساس مهمة نقل المعرفة والتقنية وتشغيل العمالة والنهوض بالاقتصاد. وكذلك فإن العبء الأكبر لنهضة هذه الصناعات بالعالم أجمع يقع على عاتق شركات القطاع الخاص الصغيرة والمتوسطة مما يجعل الاهتمام بها ودعمها واجب أساسي للاستراتيجية وصولاً إلى التنمية الصناعية المنشودة.
والاسترايتيجة الثانية هي تهيئه البنية التحتية للاتصالات وتقنية المعلومات المعتمدة على تقنيات النانو. إن الإطار الذي يدعم الجهود المبذولة من الدول الخليجية كأساس لما تصل إليه من نتائج يتطلب الإعداد المسبق وتهيئة البنية التحتية اللازمة للاتصالات وتقنية المعلومات مع وضع آلية لاستمرار تدفق الاستثمارات العامة والخاصة لتحديث تلك البنية وخاصة شبكات الاتصالات وتخفيض تكلفة الاستخدام في نقل المعلومات، الأمر الذي يتطلب وضع خطط لرفع معدل انتشار خطوط الهاتف مع التوسع في استخدام تقنيات الشبكة الذكية وتسهيلات الخدمات التليفونية.
والاستراتيجية الثالثة هي تنمية الموارد البشرية، حيث إن الاستثمار في الموارد البشرية العلمية العربية من أهم الركائز لتحقيق التقدم والانطلاقة التقنية ويشمل ذلك التعليم والتدريب والبحث العلمي وصقل المهارات التي يحتاج إليها الإنتاج والتصدير والتسويق للمنتجات والخدمات المعتمدة على تقنيات النانو. وتمثل القوى البشرية المدربة أهم العوامل في بدء استراتيجية المعرفة التقنية واستمرارها وذلك بما تمثله هذه القوى من طاقات منتجة ومستخدمة للتقنيات المتقدمة والمعلومات. ومن ثم فإن إعداد وتنفيذ خطط مكثفة وعاجلة للتنمية البشرية في التعليم والتأهيل والتدريب المستمر على التقنيات المتقدمة يعد أساسًا لا غنى عنه لإنجاح عملية التنفيذ لهذه الاستراتيجية.
والاستراتيجية الرابعة هي توسيع قاعدة قطاع أعمال تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات. ويقع عبء تنفيذ هذا الاستراتيجية أساسًا على إسهامات القطاع الخاص من خلال الشركات الجديدة المنشأة، وحجم إنتاج هذه الشركات ومدى جودة منتجاتها وقدرتها التنافسية في الأسواق العالمية وكذلك حجم العمالة الجديدة التي توفرها هذه الشركات، مع الأخذ في الحسبان أنه يجب ألا يقتصر هذا الأمر على الشركات الصغيرة والمتوسطة ولكن يجب إنشاء شركات عملاقة مثل شركة لإدارة مناطق الصناعات التقنية أو شركة لتسويق البرمجيات والمنتجات النانوية وخدمات شركات البرمجة بغرض التصدير وكذلك شركة للتسويق الخارجي للمنتجات التقنية الأخرى.
والاستراتيجية الخامسة هي تنمية الأسواق المحلية وأسواق التصدير. إن تنشيط أسواق التصدير لمنتجات الصناعات المعرفية يحتاج إلى قاعدة قوية تتمثل في وجود أسواق محلية نشطة لهذه المنتجات. وهنا يجب الاعتراف بأن آليات السوق وحدها لا تكفى كبيئة ملائمة لتنشئة هذه الصناعات المعرفية وتنميتها ما لم يتم التأثير في هذه الآليات وتوجيهها بوعي وإدراك. لذا فمن الدروس المستفادة من تجارب الدول التي سبقتنا في هذا المجال كالولايات المتحدة واليابان والمملكة المتحدة والسويد والتى وصل دور الصناعات المعرفية فى عملية النمو والاستثمار وتحديث الصناعة ما بين 50 في المائة و60 في المائة من مدخلات جميع النواتج الصناعية والتكنولوجية وذلك من خلال قيام الحكومات بدور أساسي لتبني مشاريع تقنية متطورة تقوم بتنشيط الأسواق المحلية لهذه المنتجات شريطة أن تكون لها قيمة كبيرة في تحسين أداء مؤسسات الدولة.
وأخيرا، تتمثل الاستراتيجية السادسة في توسيع مجالات البحث التطبيقي والتطوير ونقل التقنية. إن من أهم عناصر التقنية المعلوماتية هو دعم حركة البحث التطبيقي ونقل التقنية إلي البلدان الخليجية ولا يمكن لهذه الاستراتيجية أن تحقق النجاح المأمول دون تنشيط ودعم الإنتاج الفكري مع تشجيع الابتكار والأفكار الجديدة والحاضنات التكنولوجية في إطار يدعم الأفكار الجديدة، وفى ضوء ما تشهده تقنيات النانو من تطور هائل على المستوى العالمي وتنامي الاهتمام بالبحث والتطوير في هذا المجال الحيوى الذي يعد قاطرة البحث العلمي والتطوير فإن بناء قاعدة صناعية خليجية قائمة على تكنولوجيا (تقنيات) النانو، سيؤدى إلى نهوض وتقدم الصناعات الخليجية ومن ثم تحقيق التنمية المستدامة للاقتصادات الخليجية.