بلغت عوائد عدد محدود من عمليات الخصخصة السعودية خلال خمس سنوات (2003 - 2008) أكثر من 21 مليار دولار، أي ما يعادل 1.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة نفسها.
ووفقا لتقرير صادر عن هيئة السوق المالية اختصت "الاقتصادية" به، فإن عوائد التخصيص في هذه الفترة تعد عالية مقابل عمليات خصخصة قليلة، وهذا يعد معاكسا للاتجاه السائد في المنطقة التي تكون عوائد تخصيصها منخفضة مقابل عمليات كبيرة.
وأشار التقرير إلى أن القيمة السوقية للشركات المخصصة تشكل الآن أكثر من 40 في المائة من إجمالي القيمة الكلية للسوق السعودي.
وعلى مدار قرابة 30 عاما تم تخصيص عشر جهات حكومية ما بين 1984 وحتى 2015، وكانت البداية بعام 1984 بعملاق البتروكيماويات الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) حيث كانت أول نموذج كبير لخصخصة بعض من الأصول الحكومية، إذ تم طرح 30 في المائة من أسهم الشركة للاكتتاب العام.
أما آخر تجارب الخصخصة عن طريق الطرح العام، فهو لأسهم الشركة السعودية للخدمات الأرضية التي طرحت للاكتتاب العام بنسبة 30 في المائة، وذلك في عام 2015.
ونقل التقرير عن صندوق النقد الدولي أن وجود قطاع كبير من الشركات المملوكة للدولة في السعودية ودول الخليج الأخرى يوجد فرصة كبيرة لبرامج خصخصة تركز على الشركات الحكومية كمرحلة أولى، وهذا ما بدأ العمل عليه الآن من خلال برنامج التخصيص الذي أطلق في عام 2017م كأحد برامج تحقيق "رؤية المملكة 2030".
وأكد أن خصخصة الشركات الحكومية الناجحة والمربحة فقط وفق فلسفة التخصيص السابقة أسهم في أن تتميز الشركات الحكومية المطروحة بعوائد سعرية أعلى (250 في المائة في اليوم الأول من التداول) مقارنة بطرح بقية شركات القطاع الخاص التي تكون أعلى (176 في المائة في اليوم الأول من التداول والمطروحة طرحا عاما).
وأكد التقرير نقلا عن صندوق النقد الدولي أن برنامج الخصخصة في السعودية كان محدودا ومركزا في الأغلب على المشاريع التجارية الناجحة والمربحة مثل "سابك" و"الاتصالات" وغيرهما، في حين أن الخصخصة المتبناة في برامج الإصلاح الاقتصادي في تجارب الدول الأخرى ركزت على المشاريع الخاسرة لتحسين أدائها وجعلها مربحة.
وقال التقرير إن تسعير الأصول الحكومية بأقل من قيمتها العادلة ظاهرة عالمية تتبعها كثير من الدول وهي أكثر تطبيقا في المملكة ودول الخليج، ويعكس ذلك رغبة الحكومات في أن تكون الخصخصة مصدرا من مصادر التوزيع العادل للدخل وتقاسم الثروة النفطية مع المواطنين.
وبحسب التقرير فقد بلغ حجم العوائد من عمليات التخصيص على مستوى العالم قرابة 300 مليار دولار لعام 2016، حيث شهدت عمليات الخصخصة نموا هائلا على مستوى العالم، ولقد شهدت بريطانيا موجة عالية من الخصخصة في الثمانينيات الميلادية ثم موجة أخرى في التسعينيات في البرازيل ثم موجة لاحقة في الصين بعد عام 2000.
وبحسب بيانات البنك الدولي، فإن أكثر القطاعات التي يتم خصخصتها يتم في قطاعات البنية التحتية والقطاع المالي، يليهما قطاع الطاقة ومن ثم باقي القطاعات، ما يتضح أن القطاع المالي حائز على النسبة اعلى في عمليات الخصخصة وذلك لطبيعة رؤوس الأموال الضخمة في هذا القطاع.
وأسهمت الخصخصة في زيادة الرسملة الكلية لأسواق الأوراق المالية في العالم ما يقرب إلى 11 ضعفا ولعبت الخصخصة دورا مهما في زيادة السيولة العالمية في أسوق الأسهم، إذ نتج عن كل عملية خصخصة زيادة دوران سوق الأسهم بنسبة 3.2 في المائة في السنة الأولى و7.1 في المائة في العام التالي.
وكان مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية اعتمد برنامج التخصيص ضمن قائمة تضم 12 برنامجا لتحقيق الرؤية، ويهدف إلى تعزيز دور القطاع الخاص في تقديم الخدمات وإتاحة الأصول الحكومية أمامه، ما يحسن جودة الخدمات بشكل عام ويقلل تكاليفها على الحكومة.
ويسهم البرنامج في تعزيز جذب المستثمر الأجنبي المباشر، وتحسين موازنة المدفوعات، ويستهدف عشرة قطاعات، بينها البيئة والمياه والزراعة، النقل، الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، العمل والتنمية الاجتماعية، الإسكان، التعليم، الصحة، البلديات، الاتصالات وتقنية المعلومات.