20/05/2010
خلال مشاركته في مؤتمر يوروموني السعودي.. الصريصري: الأزمة المالية وضعت مشاريع النقل في قاع الخطط الاستثمارية للقطاع الخاص
جانب من حضور مؤتمر يوروموني السعودية الذي اختتم أعماله في الرياض أمس.
اعترف الدكتور جبارة الصريصري وزير النقل أمس، أن مشاريع قطاع النقل الصلبة (الطرق، الموانئ، وسكك الحديد) بطبيعتها ذات جاذبية متواضعة أمام استثمارات القطاع الخاص حتى قبل حدوث الأزمة المالية العالمية التي ضربت العالم قبل سنتين، معللا ذلك بأن القطاع الخاص بطبيعته يسعى إلى العائد المجزي والسريع، وفي حال دخوله في الاستثمارات طويلة الأجل يطلب ضمانات حكومية قد لا تتسق مع السياسات المالية للحكومات في بعض الأحيان.
واستدرك الصريصري في حديثه خلال مشاركته في مؤتمر يوروموني السعودية أمس، بالقول "إن هذا لا يعني أن الاستثمارات الخاصة لا تدخل في مشاريع النقل، ففي دول عديدة نرى موانئ وطرق مطارات وحتى سكك حديد بنيت باستثمارات خاصة، غير أن هذه المشاريع محدودة إذا ما نسبت إلى مجموع المشاريع المنفذة من قبل الحكومات، باعتبارها تخضع لحجم السيولة المتوافرة وشروط التمويل"، مؤكدا في الوقت ذاته أن الأزمة المالية الأخيرة جاءت لتزيد من إحجام الاستثمارات الخاصة عن الدخول في البنية التحتية ولتعيد ترتيب أولويات الاستثمارات الخاصة، خاصة وأن شح السيولة وارتفاع تكاليفها وحالة الترقب وتضارب المؤشرات ذات الصلة بنمو الاقتصاد العالمي جعلت الاستثمارات ذات العائد المنخفض وبالذات التي تحتاج إلى وقت طويل لاستعادة رأسمالها مثل النقل توضع في قاع الخطط الاستثمارية للقطاع الخاص.
ولفت وزير النقل إلى أن البنية التحتية في المملكة منذ تأسيسها على يد الملك عبد العزيز - رحمه الله - كانت وما زالت تحظى بالدعم والاهتمام وتوضع في مقدمة أولويات الدولة، وذلك نتاج إدراك عميق بأنه لا تنمية دون بنية تحتية، ولا نموا اقتصاديا مستداما دون عوامل تمكين قاعدتها شبكة من الطرق، سكك الحديد، الاتصالات، المطارات، الموانئ، المدارس، الجامعات، المستشفيات، والمياه والكهرباء. وأكد في هذا الصدد أن ميزانيات الدولة نجدها - فيما عدا السنوات التي يتعرض فيها أهم مصادر الإيرادات الحكومية النفط لانخفاض كبير، تنموية بامتياز. وتابع "على سبيل المثال بلغت تكاليف المشاريع الجديدة لمشاريع اعتمدت سابقا 260 مليار ريال في ميزانية العام الجاري2010، بزيادة بلغت 16 في المائة عنها في ميزانية العام الماضي، الذي كانت فيه تكاليف المشاريع الجديدة الأعلى، وإذا أردتم المزيد تبلغ الاعتمادات في هذا العام لهذه المشاريع ثلاثة أضعاف ما اعتمد لها في عام 2005 وهو العام الأول لخطة التنمية الثامنة".
د. جبارة الصريصري
وقال الصريصري، إن التخطيط لمشاريع البنية التحتية يتم وفق عمل مؤسساتي لا مكان فيه للازدواجية والارتجال، حيث إنه عند إعداد خطة التنمية الخمسية تقوم الجهات الحكومية المسؤولة عن قطاعات البنية التحتية بإعداد خطط لمشاريعها المستقبلية للسنوات الخمس المقبلة وفقا لرؤيتها لمستقبل هذه القطاعات وما تسعى إليه من تطوير وتحديث، بعد ذلك تخضع هذه الخطط للدراسة والتحليل من قبل خبراء وزارة التخطيط والجهات التي أعدت هذه المشاريع للتأكد من أنها تشكل منظومة متكاملة، وأنها تتسق مع أهداف خطة التنمية المدروسة بعناية والمقرة من مجلس الوزراء لتصدر بعد ذلك خطة التنمية الخمسية بهذه المشاريع، مؤكد أنه لإضفاء المرونة والتأكد من أن المشاريع المقرة في الخطة تتلاءم مع المتغيرات التنموية وما يطرأ من مستجدات في ظل غياب ديناميكية زادت وتيرتها بسبب العولمة والتطور المذهل السريع في التقنية والعلوم فإنه تتم مراجعة هذه المشاريع سنويا عند أعداد الميزانية العامة للدولة من قبل المسؤولين عنها ومن وزارتي المالية والتخطيط ليجري التعديل المناسب إذا اقتضت الظروف ذلك.
ولفت الوزير إلى أن هذا الإعداد والتخطيط والجهد يقود إلى أن البنية التحتية وقطاع النقل خصوصا تقع في قلب السياسة الاقتصادية للمملكة، وأن تنفيذ هذه المشاريع المقرة يأتي في المقدمة ليأتي بعد ذلك قرار التمويل الذي يدرس ويتخذ في إطار سياسة اقتصادية ومالية حصيفة تأخذ في الحسبان الاستقرار الاقتصادي والمالي للمملكة وتجنبها الأزمات التي تعصف باقتصادات عديد من الدول بما في ذلك الدول المتقدمة. وقال "تحدثت في العام الماضي وفي مثل هذا اليوم وقلت إن مشاريع البنية التحتية المعتمد من قبل حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز سوف لن تتأثر بالأزمة المالية، وأن الحكومة ستمول هذه المشاريع بالكامل حتى المشاريع التي كان مخططا لها تمويلا جزئيا أو كليا من قبل القطاع الخاص وقد تحقق ذلك. وتساءلت عن أي مدى يستطيع التمويل الخاص المساهمة في تمويل مشاريع البنية التحتية مستقبلا، وهل سيكون بإمكان سوق التمويل الدولي التعافي نتيجة للقرارات التي اتخذت في قمة العشرين في لندن وما بعدها؟". وتابع "اليوم مضى عام كامل على هذا الحديث، ومضى أكثر من عام على اجتماع قمة العشرين التاريخي في لندن وما اتخذ فيه من قرارت، فماذا نجد؟ نجد أننا على الرغم من القرارات التاريخية لهذه القمة وما تلاها من قرارات مهمة أننا تجاوزنا أزمة الرهن العقاري ولكننا دخلنا في أزمة هي الأخرى مفاجئة، وهي أيضا خطيرة ومستوطنة في الدول المتقدمة ذات التأثير الكبير في الاقتصاد العالمي.. هي أزمة الديون السيادية، حيث نجد أن ديون اليونان والتردد في تقديم الدعم المالي لها والعدوى التي انتقلت إلى دول أوروبية أخرى مثل البرتغال وإسبانيا وربما دول أخرى، وما تلى ذلك من علامات استفهام حول كفاءة وموثوقية مراقبة صندوق النقد الدولي للدول والأعضاء وخصوصا المتقدمة.. أوجدت حالة من عدم اليقين بشأن قدرة الاقتصاد العالمي على تحويل النمو الهش الحالي إلى نمو صلب SOLID GROWTH، وعلامات استفهام أخرى حول قدرة الدول التي قدمت الدعم المالي على استمرار تحمل العجز في ميزانيتها في حالة عدم قدرة القطاع الخاص على تجاوز الأزمة".
ولفت وزير النقل إلى أنه رغم كل هذه الأحداث المتسارعة والمفاجئة في بعض الأحيان التي جعلت المستثمرين يتخذون جانب الحيطة والحذر فيما يتعلق بالطلب على القروض الاستثمارية والتشدد في الاستجابة لطلب التمويل من قبل المؤسسات الملية الخاصة، إلا أن ما يبعث على التفاؤل حدوث تطورات إيجابية في أسواق رأس المال منذ بداية الأزمة المالية وخصوصا المتعلقة بتمويل المشاريع ذات العائد المرتفع والمخاطرة المنخفضة، وبالذات في الدول التي اتبعت سياسة اقتصادية حكيمة تجنبت من خلالها الأزمات الاقتصادية والتي تقع المملكة في مقدمتها، مؤكدا أن السياسات الحكيمة التي اتخذتها حكومة خادم الحرمين الشريفين في مختلف المجالات سواء على مستوى الاقتصاد الجزئي أو الكلي أو الهيكلي عززت ما تتمتع به المملكة منذ سنين عديدة من استقرار مالي واقتصادي.
المتقاعدون والـ 282 مليارا
من جهته، أكد محمد بن عبد الله الخراشي محافظ المؤسسة العامة للتقاعد أن المؤسسة ماضية في لعب دورا أكبر في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة من خلال مشاريعها المستقبلية، لافتا إلى أنها تحرص على إدارة وتنمية مواردها المالية بما يحقق أهدافها الاستثمارية على المدى الطويل وبشكل يضمن لها الوفاء بالتزاماتها الحالية والمستقبلية.
الخراشي: «التقاعد» تدير مواردها المالية وتنميها بما يحقق أهدافها الاستثمارية ويضمن لها الوفاء بالتزاماتها.
وتناول الخراشي, خلال مشاركته في جلسات مؤتمر يورومني أمس, الدور الحيوي الذي تلعبه المؤسسة العامة للتقاعد في خدمة وتنمية الاقتصاد السعودي بشكل عام، وخدمة المستفيدين من أنظمة التقاعد بشكل خاص من خلال الحديث عن استثماراتها ولاسيما الاستثمارات العقارية في مشروع مركز الملك عبد الله المالي وجمع التقنية والمشاريع المستقبلية. وقال إن المؤسسة لعبت منذ تأسيسها عام 1378هـ دورا حيويا ومتعددا في أبعاده الاجتماعية والتنموية والاقتصادية، فقد وفرت الحماية الاجتماعية والمظلة التأمينية لموظفي الدولة المدنيين والعسكريين من خلال تأمين مورد مالي لهم بعد انتهاء خدماتهم يوفر لهم حياة كريمة، مبينا أن عدد المتقاعدين الذين استفادوا من نظام التقاعد عبر مسيرة المؤسسة التي دامت أكثر من نصف قرن أكثر من 1.2 مليون شخص، صرف لهم ولأسرهم 282 مليار ريال حتى نهاية عام 2009.
وبشأن البعد الاقتصادي والتنموي الذي تلعبه "التقاعد"، نوه الخراشي إلى أن هذا البعد جاء ثمرة التخطيط والإدارة الجيدة للموارد والرؤية الاستثمارية من خلال المشاريع العملاقة ذات الموارد الاقتصادية والبعد التنموي والحضاري والتي من أهمها مشروع مركز الملك عبد الله المالي ومجمع التقنية والاتصالات، اللذان يصنفان في عداد المشاريع التنموية الحضارية التي يتعدى هدفها تحقيق العائد المادي، بحيث تشكل قيمة مضافة للاقتصاد الوطني وتمثل واجهة حضارية راقية تعزز نهضة المملكة الشاملة كإحدى الدول الناهضة التي تكرس حضورها الدولي بقوة. كما أكد أن المؤسسة تحرص على أن تكون النسبة العظمى من استثماراتها محلية بشكل يخدم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة، والتي تشكل الاستثمارات في المشاريع العقارية جزءا مهما منها ولاسيما مشروع مركز الملك عبد الله المالي المقام في الرياض بمساحة 106 ملايين متر مربع، والذي يعد من أحد المركز المالية الرئيسية في العالم لوجودها في أحد أكبر اقتصاديات المنطقة وهو الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط من حيث الحجم والتنظيم والمواصفات التقنية والتجهيز.
وأوضح المحافظ أن المركز سيضم جميع المؤسسات المالية العاملة في القطاع المالي مثل مركز التداول وهيئة السوق المالية، شركات الوساطة وتقديم الخدمات الاستثمارية والمالية، سوق السلع والخدمات البنكية، وشركات التأمين وبالتالي سيوفر المركز عديدا من الآثار الإيجابية على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة والمنطقة، منها المساهمة في استقطاب الاستثمارات الأجنبية من خلال تسهيل ممارسة الأعمال المالية والاستثمار في المملكة من خلال توفير بيئة عمل عالية الجودة تجمع المؤسسات المالية في مكان واحد، خلق فرص وظيفية جديدة للقوى الوطنية العاملة، تلبية حاجات التدريب والتطوير بإقامة أكاديمية مالية وقاعات للمؤتمرات والمعارض، وخدمة المجتمع المحلي وجذب المستثمرين من خلال توفير مبان خدمية ذات جودة عالية من فنادق ومراكز تجارية وترفيهية ورياضية داخل المركز.
وتابع الخراشي أن من مشاريع المؤسسة الأخرى التي تشكل إضافة حقيقية للنهضة التنموية التي تشهدها البلاد مشروع مجمع الاتصالات وتقنية المعلومات في الرياض، الذي تم الانتهاء من أعمال البنية التحتية فيه وتم البدء في تنفيذ مباني المجمع، الذي صمم ليكون مركزا لأحدث شبكات الاتصال ونظم تقنية المعلومات، بحيث يحتوي على أنشطة تصنيع منتجات عالية التقنية في مجالات تقنية المعلومات وأنشطة أعمال البحث والتطوير وخدمات التعليم والتدريب والاستثمارات الفنية، والذي يهدف إلى زيادة قوة المنافسة العالمية لشركات تقنية المعلومات في المملكة، جذب الرساميل إلى قطاع تقنية المعلومات والاتصالات، وتطوير القوى العاملة الوطنية في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات.
وأختتم المحافظ حديثه بالتأكيد على أن المؤسسة العامة للتقاعد لعبت دورا حيويا مهما في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة من خلال استثماراتها السابقة والحالية، وستستمر أيضا في استثماراتها المستقبلية، والتي منها مشروع أبحر في جدة وهو أول مشروع سكني على مستوى المملكة يحتوي على 1500 وحدة سكنية وأسواق تجارية، ويهدف إلى تلبية نحو 10 في المائة من احتياج السوق من الوحدات السكنية خلال الأعوام العشرة المقبلة، إلى جانب خلق تنمية مستدامة في مدينة جدة ذات أثر عمراني واقتصادي واستثماري وبيئي.