25/11/2019
توقع محللون نفطيون استمرار تقلبات الأسعار خلال الأسبوع الجاري بسبب عدم وضوح الرؤية لمسار مفاوضات التجارة بين الولايات المتحدة والصين، والتى تواجه إخفاقات وانفراجات متكررة ومتوالية، ما ينعكس بشكل سريع على أسعار الخام.
وأشار مختصون إلى أن تحالف المنتجين في "أوبك+"، الذي سيجتمع في فيينا الشهر المقبل سيراجع وضع السوق ويقوم بتقييم أحدث بيانات العرض والطلب وتذهب أغلب التوقعات إلى تمديد الاتفاق على الرغم من الصعوبات، التي تواجهها روسيا في خفض الإنتاج، لافتين إلى تمسك السعودية بفعل كل ما هو ضروري لموازنة العرض والطلب للحفاظ على الأسعار في مستويات صحية.
وذكر مختصون أن "أوبك" لديها رؤية عميقة لتطورات السوق خاصة المخاطر الجيوسياسية المتنامية في منطقة الشرق الأوسط واستمرار زيادة الإمدادات الأمريكية، رغم التراجع النسبي في أنشطة الحفر، مرجحين أن الإجراءات الجديدة لتحالف المنتجين على الأغلب ستكون كافية للتحرك بقوة نحو استعادة التوازن أوائل العام المقبل.
في هذا الإطار، يقول لـ"الاقتصادية"، روس كيندي العضو المنتدب لشركة "كيو إتش آي" الدولية لخدمات الطاقة، إن تقلبات الأسعار تظل السمة المهيمنة على السوق نتيجة غياب الثقة وعدم اليقين في ضوء استمرار نزاعات التجارة، مشيرا إلى انخفاض العقود الآجلة للنفط نتيجة عدم الارتياح إلى وضع المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، ما أدى إلى تراجع الحالة المعنوية للمستثمرين في نهاية الأسبوع.
وأضاف كيندي، أن الأسابيع المقبلة ربما تشهد تقدما في ملف حرب التجارة خاصة عقب تصريح الرئيس الصيني شي جين بينج أن بلاده ترغب في إبرام اتفاقية تجارية مع واشنطن بشأن المرحلة الأولى، والتي تقوم على مبدأ "الاحترام المتبادل والمساواة"، موضحا أن بكين ترى الحرب التجارية عمل غير مرغوب فيه.
من ناحيته، أوضح لـ"الاقتصادية"، ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، أن أسعار النفط قد تشهد تقلبات متلاحقة خلال الأسبوعين المقبلين حتى يتم حسم المرحلة الأولى من الصفقة التجارية منتصف الشهر المقبل، منوها إلى أن فرض تعريفات جديدة الشهر المقبل قد يؤذي الاستهلاك قبل العطلات والانتخابات الأمريكية في العام المقبل، مرجحا أن تخفف الإدارة الأمريكية من الحديث حول التعريفات الجمركية في المرحلة المقبلة.
من جانبه، يقول لـ"الاقتصادية"، أندريه يانييف، المحلل البلغاري والباحث في شؤون الطاقة، إن أسعار النفط تتلقى دعما جيدا من التزام المنتجين في "أوبك+" بخفض الإنتاج وتحسين مستويات المطابقة، مشيرا إلى أن الاجتماع المقبل للمنتجين الشهر المقبل سيسفر على الأرجح عن تعزيز خطة تقييد المعروض للتعجيل بجهود استعادة التوازن السوقي في ضوء وفرة واسعة متوقعة في الإمدادات العام المقبل.
ونوه يانييف إلى ثقة عديد من البنوك والمؤسسات المالية بطريقة تعامل "أوبك" مع تطورات السوق النفطية، مشيرا إلى توقع "كومرتس بنك" الدولي بأن تحالف "أوبك+" قد يتوافق الشهر المقبل على تمديد تخفيضات الإنتاج حتى منتصف 2020، مع تركيز الاهتمام على إنتاج العراق ونيجيريا، العضوين في "أوبك"، واللذين لم يقوما بتخفيضات مؤثرة.
بدوره، يقول لـ"الاقتصادية"، ماثيو جونسون، المحلل في شركة "أوكسيرا" الدولية للاستشارات، إن تمديد خفض الإنتاج إجراء ليس بجديد، ومتوقع، وسيدعم دون شك الأسعار في الأسابيع المتبقية من العام الجاري، متوقعا في حالة التزام العراق ونيجيريا بحصص خفض الإنتاج أن يؤدي ذلك إلى خفض المعروض النفطي بمقدار يراوح بين 300 ألف و400 ألف برميل يوميا، ما يسهم في الوصول إلى سوق متوازنة خلال النصف الأول من عام 2020، مع احتمال حدوث عجز في المعروض في الأشهر الستة التالية من العام المقبل.
وذكر جونسون أن إنتاج "أوبك" يتجه إلى التراجع المستمر، حيث لا يتجاوز حاليا 29.5 مليون برميل يوميا، مشيرا إلى أن السعودية تتحمل دوما العبء الأكبر من التخفيضات، لافتا إلى توقعات الوكالة الدولية للطاقة، التي ترجح استمرار تراجع إنتاج "أوبك" إلى نحو 28.2 مليون برميل يوميا بسبب عقوبات إيران وفنزويلا واحتمالات تعميق خفض الإنتاج.
إلى ذلك، هبطت أسعار النفط في ختام الأسبوع الماضي من أعلى مستوياتها في نحو شهرين في ظل استمرار الضبابية بشأن ما إذا كان بمقدور الولايات المتحدة والصين التوصل إلى اتفاق تجاري جزئي، ما عمق القلق بشأن معدلات نمو الاقتصاد العالمي وتوقعات الطلب العالمي النفطي.
وكان ذلك أكثر من كاف ليطغى على أنباء بشأن تمديد مرجح لتخفيضات الإنتاج، التي ينفذها منتجون كبار للنفط دفعت الأسعار للارتفاع في الجلسة السابقة.
وبحسب "رويترز"، هبطت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 42 سنتا أو 0.7 في المائة إلى 63.55 دولار للبرميل، وسجل خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 58.14 دولار للبرميل منخفضا 44 سنتا أو 0.8 في المائة.
وقال مايكل مكارثي، كبير خبراء السوق لدى "سي.إم.سي" للأسواق والوساطة في الأسهم في سيدني "العامل الرئيس لتوقعات الطلب على النفط يتمثل في المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والصين المستمرة حاليا".
وأضاف أنه "مع اقتراب النفط من أعلى نطاقات التداول، التي سجلها في الآونة الأخيرة ليس من المفاجئ أن نرى بعض الضغوط البيعية خلال الجلسات".
ولامست الأسعار أعلى مستوياتها منذ أواخر أيلول (سبتمبر) بعد أن ذكرت مصادر أن منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وروسيا ستمددان على الأرجح تخفيضات الإنتاج القائمة لمدة ثلاثة أشهر أخرى حتى منتصف 2020 حين تجتمعان في الخامس من كانون الأول (ديسمبر).
ويبقي المتعاملون أنظارهم على التأثيرات على إنتاج النفط في إيران والعراق العضوتين في "أوبك" في ظل احتجاجات جارية.
في شأن آخر، خفضت شركات الطاقة الأمريكية عدد حفارات النفط العاملة للأسبوع الخامس على التوالي، وهبط عدد الحفارات 24 في المائة على أساس سنوي مع قيام منتجين بخفض الإنفاق على عمليات الحفر الجديدة.
وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة، في تقريرها الأسبوعي، الذي يحظى بمتابعة وثيقة، إن شركات الحفر أوقفت تشغيل ثلاثة حفارات نفطية في الأسبوع المنتهي في الـ22 من تشرين الثاني (نوفمبر)، ليهبط إجمالي عدد الحفارات النشطة في الولايات المتحدة إلى 671، وهو أدنى مستوى منذ نيسان (أبريل) 2017، وفي الأسبوع نفسه قبل عام، كان هناك 885 حفارا نفطيا قيد التشغيل.
وتراجع عدد حفارات النفط النشطة في أمريكا، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، للشهر الـ11 على التوالي مع قيام شركات مستقلة للاستكشاف والإنتاج بخفض الإنفاق على عمليات الحفر الجديدة، بينما تركز بشكل أكبر على زيادة الأرباح وسط انخفاض أسعار الطاقة.
وعلى الرغم من انخفاض عدد الحفارات، فإن إنتاج النفط الأمريكي يواصل الارتفاع، فيما يرجع جزئيا إلى زيادة الإنتاجية إلى مستويات قياسية في معظم أحواض النفط الصخري في الولايات المتحدة.