26/05/2009
حذر من ارتفاع صاروخي لأسعار النفط بسبب تجاهل الاستثمار في الطاقةالنعيمي: سياستنا النفطية تتسم ببعد النظر ولا تتأثر باضطرابات الأسواق
م. علي النعيمي في الجلسة الثانية لاجتماع وزراء الطاقة في الدول الصناعية الثمان المنعقد في روما. الفرنسية
أوضح المهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية أمس في الجلسة الثانية لاجتماع وزراء الطاقة في الدول الصناعية الثمان المنعقد في روما، أن سياسة المملكة في استثماراتها في مجال زيادة الإنتاج تتسم ببعد النظر ولا تتأثر بالاضطراب الذي ينتاب السياسات المتعلقة بالطاقة وأسواقها على حدٍّ سواء. وقال "إنه في الوقت الذي قام فيه البعض بتأخير استثماراته في قطاع الطاقة أو حتى إلغائها، واصلت المملكة تنفيذ استثماراتها الحالية في قطاعات التنقيب والإنتاج والتسويق والتكرير من أجل ضمان استمرار تدفق الإمدادات عندما يتعافى الاقتصاد العالمي من جديد. ومع ذلك، فإذا لم يبدأ الآخرون الاستثمار في مشاريع زيادة الطاقة الإنتاجية كما تفعل السعودية، فإننا قد نشهد صعودًا صاروخيًا آخر للأسعار يستمر هذه المرة لعامين أو ثلاثة بصورة مشابهة للتي شهدناها في عام 2008 أو أسوأ".
ولفت النعيمي النظر إلى أن صناعة البترول اليوم تشهد فترة مضطربة في الطلب مع انخفاض الأسعار، مبينا أن هذا يتناقض مع الحالة النفسية التي شهدتها السوق وشهدناها جميعًا العام المنصرم، وذلك عندما أدى الانتشار الواسع للفكرة الخاطئة التي تروج لنقص الإمدادات والخوف من تعرض قطاع الطاقة للاضطرابات إلى تغذية المضاربات، التي أدت دورًا كبيرًا في زيادة الأسعار إلى مستويات قياسية في بادئ الأمر، ومن ثم انهيارها بوتيرة سريعة بعد ذلك.
وعد الاضطرابات الشديدة التي شهدتها صناعة النفط تشكل عائقًا كبيرًا أمام تحقيق الهدف الأسمى في هذا المجال، الذي يتمثل في تأسيس أسواق مأمونة ومستقرة لمصادر الطاقة. فهي تعمل على كبح جماح تدفق رؤوس الأموال وانسيابيتها في قطاع الطاقة، وبالتالي تقويض منظومة الأمن الشامل لقطاع الطاقة الذي يعنينا جميعًا.
وقال "إن هذا هو السبب الذي يجعل الدول المستهلكة والمنتجة على حدٍّ سواء في حاجة ماسّة إلى تكثيف جهودها من أجل فهم الآليات التي تعمل بموجبها الأسواق النفطية بصورة أعمق وأشمل، وكذلك تحسين مستويات الشفافية في كل ما يتعلق بأعمال هذا القطاع.
ودعا إلى النظر فيما إذا كانت زيادة الدور الحكومي وتدخله في تنظيم هذه الأسواق يضمن لها التصدي للممارسات التي تعمل على تقويض الشفافية وتعزيز الاضطرابات الشديدة التي تشهدها الأسواق التي من شأنها أن تؤدي إلى إحداث اضطرابات كبيرة في قطاع الطاقة في المستقبل.
وبين أن الأوضاع الحالية للسوق النفطية ما هي إلا مجرد انعكاس للتأثير السلبي للركود الاقتصادي العالمي، وليست في الحقيقة مؤشرًا لما تخبئه الأيام. وفيما يتعلق بالمدى القصير، قال وزير البترول والثروة المعدنية "إن تدني الأسعار وتدني مستويات الطلب على مصادر الطاقة تعمل على تثبيط الاستثمارات في تطوير الصناعة البترولية، والبنية التحتية بصورة جوهرية. كما أن التكاليف المرتفعة لأعمال التطوير وشح الأسواق الائتمانية تزيد من هذه الصعوبات. وإضافةً إلى ذلك، فإن السياسات التي تدعو إلى التحول السريع من البترول إلى البدائل غير المضمونة تزيد من حالات عدم استقرار السوق ومخاطر الاستثمار. فكما نعلم جميعًا، فإن رأس المال لا يتعايش مع حالات عدم الاستقرار، كما أن انعدام الرؤية الواضحة المتعلقة بسياسات الطاقة يعمل على تفاقم التوجهات التي تتبنى الابتعاد عن الاستثمار في قطاع البترول. كما أنه يمكن للعواقب التي تنجم عن السياسات التي يجري النظر فيها في هذه الآونة أن تؤدي إلى اضطراب الآليات التي تعمل بها أسواق الطاقة العالمية، وتؤثر سلبًا في عملية النمو الاقتصادي، وتؤدي في نهاية المطاف إلى انحدار مستويات أمن الطاقة عما هي عليه الآن". وأعرب عن اعتقاده بأن أحد أهم مزايا أي إستراتيجية يجري تبنيها وتنفيذها يجب أن تتضمن سياسات ترمي إلى تعزيز كفاءة مصادر الطاقة وفعاليتها وترشيد استخدامها في الوقت ذاته.
وأضاف "أن استخدامنا لمواردنا الحالية من مصادر الطاقة بحكمة وتعقل يعد خطوةً بالغة الأهمية لتحقيق قدر أكبر من الاستقرار والاستمرار. فالسياسات التي تعمل على تعزيز كفاءة مصادر الطاقة وفعاليتها وترشيد استخدامها تمثل جانبًا بالغ الأهمية في أي تصور مستقبلي بشأن أسعار مصادر الطاقة، وستكون أرخص وسيلة من وسائل "إمدادات الطاقة الجديدة" في العديد من الحالات ".
من جهة أخرى، وصف المهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية مبادرة الطاقة للفقراء التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، في "مؤتمر جدة للطاقة" في حزيران (يونيو) 2008 بأنها مثال حي وبارز لما تقدمه المملكة في مجال مكافحة الفقر.
وقال "إن هذه المبادرة التي تتكون من جزأين وتُعنى بعناصر الطاقة المكونة من الطعام والطاقة والأزمة المالية، تتكون من تقديم مساعدة مالية سريعة للمساعدة في التعامل مع تقلبات الأسعار، وتمويل مشاريع الطاقة التي تساندها الجهات التمويلية المشاركة والاستثمار المتوازي".
وأوضح أن المملكة ستسهم في هذه المبادرة من خلال تمويل المرحلة الأولى، ثم ستقدم دعمًا إضافيًا للمرحلة الثانية من خلال منظمات تقديم العون ذات العلاقة، مشيراً إلى دعوة "البنك الدولي" للمساعدة في تسهيل مشاركة المتبرعين ونشر الموارد الإضافية.
وكشف وزير البترول والثروة المعدنية عن أن "مبادرة الطاقة للفقراء" أصبحت الآن جزءًا من برنامج "طاقة وأصول البنية التحتية لمجموعة البنك الدولي"، وهو برنامج يُعنى بالمسألة التمويلية الشاملة بعد الأزمة العالمية، التي قلصت إلى حد بعيد المبادرات الائتمانية الخاصة وتدفق الاستثمارات إلى الدول النامية.
وأكد أن "مبادرة الطاقة للفقراء" حظيت بترحيب واسع من قبل عدد من المستثمرين المحتملين، وإنه يجري حاليًا إنشاء خط أنابيب للمشروع. وسيتم العمل عن كثب مع المعاهد التنموية الأخرى لتحقيق هذه المبادرة حاثاً في الوقت نفسه الآخرين على التبرع لها ومساندتها أيضًا.
وشدد على إتاحة مصادر الطاقة وتوفيرها للجميع، وخاصةً للشعوب الإفريقية التي لا يؤدي نقص مصادر الطاقة لديها إلى إعاقة عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية فحسب، بل يحرم تلك الشعوب أيضًا من حقها في توفير الحياة الصحية والآمنة لها، ما سيفيد الجميع في السعي لتحقيق الاستدامة والاستقرار في مجال الطاقة متطلعاً إلى تحقيق التقدم المنشود لهذه الغاية البالغة الأهمية.