28/05/2017
توافق واسع بين المنتجين ينعش الآمال بقرب تعافي السوق النفطية
تواصلت ردود الفعل الإيجابية على نتائج الاجتماع الوزاري رقم 172 لمنظمة "أوبك"، الذي أعقبه الاجتماع الثاني المشترك مع دول من خارج "أوبك" يوم الخميس الماضي، وكشف عن توافق واسع في رؤى المنتجين تجاه آليات وجهود استعادة التوازن في سوق النفط، في ظل توقعات بأن توافق المنتجين على التعاون طويل المدى ينعش الآمال بقرب تعافي الأسواق.
وذكر تقرير لمنظمة "أوبك" – عن نتائج الاجتماعين – أن الدول المنتجة من خارج المنظمة والأعضاء في الاتفاقية أبجديا هم: أذربيجان والبحرين وسلطنة بروناي وكازاخستان وماليزيا والمكسيك وسلطنة عمان والاتحاد الروسي والسودان وجنوب السودان، الذين أيدوا على الفور قرار "أوبك" بضرورة استمرار التعاون بين الدول المصدرة للنفط من أجل تحقيق استقرار دائم في سوق النفط، وتمثل ذلك في تمديد تعديلات الإنتاج لمدة تسعة أشهر اعتبارا من أول تموز (يوليو) 2017.
ونوه التقرير بأن الدول الـ 14 الأعضاء في منظمة "أوبك" وشركائها العشر من الدول المنتجة من خارج "أوبك" توافقت بشكل سريع وعميق على أهمية مواصلة الجهود للمساعدة على دعم الاستقرار في سوق النفط لما فيه مصلحة جميع منتجي ومستهلكي النفط على السواء.
وأفاد التقرير أن الاجتماع الأخير حرص على توجيه الشكر إلى جميع الدول المشاركة سواء في "أوبك" أو خارجها على التزامها التخفيضات على النحو المبين في مستويات المطابقة المعلنة التي تعتبر مستويات غير مسبوقة ومفاجئة وفاقت الحصص المتفق عليها.
ونوه التقرير بأن المشاركين في الاجتماع أكدوا التزامهم الواسع على المستويين سواء الفردي أو الجماعي بمواصلة نفس مستوى الالتزام خلال الأشهر التسعة المقبلة واستمرار تعديل مستويات الإنتاج على نحو طوعى وأكثر تأثيرا.
وأشار التقرير إلى أن وزراء الدول المنتجة أبدوا تقديرهم الواسع للمساهمات القيمة من اللجنة الوزارية الخماسية المشتركة لمراقبة اتفاق خفض الإنتاج واللجنة الفنية التابعة لها، حيث نجحوا خلال الشهور الماضية في توفير مستويات الشفافية المطلوبة في تنفيذ القرارات والتأكد من تطبيقها في الوقت المناسب وبطريقة منصفة، معتبرا أن اللجان ستمدد عملها مع مد العمل بالاتفاقية.
وأوضح التقرير اتفاق منتجي "أوبك" والدول المشاركة من خارجها على مواصلة استعراض حالة التعاون بين المنتجين بانتظام على المستويات الفنية والوزارية، كما اتفقوا كذلك على مواصلة تعزيز التعاون المشترك بما في ذلك تيسير تبادل وجهات النظر والتحليلات المشتركة بهدف ضمان نمو سوق النفط المستدامة لتلبية تطلعات ومصالح المنتجين والمستهلكين والصناعة والاقتصاد العالمي.
من جانبها، ذكرت وكالة بلاتس للمعلومات النفطية أن قرارات مد العمل بتخفيضات الإنتاج الجديدة لتسعة أشهر مقبلة تجيء في إطار تحرك "أوبك" وعدد من كبار المنتجين لدعم سوق النفط وتحسين مستوى أسعار النفط بعدما أدركوا حجم التأثيرات السلبية التي وقعت في السنوات الماضية في السوق وتقلص المشاريع النفطية الجديدة حيث توافقوا على ضرورة عودة تدفق الاستثمار بمستوى جيد.
وأضاف تقرير بلاتس أن "مشاريع المنبع النفطية الدولية تراجعت إلى 433 مليار دولار في عام 2016 مقابل 700 مليار دولار في عام 2014 بنسبة تراجع 25 في المائة سنويا، بحسب إحصائيات وكالة الطاقة الدولية، كما تم تأجيل أو الغاء مشاريع تنتج نحو ستة ملايين برميل يوميا سواء في دول "أوبك" أو خارجها".
وأضافت الوكالة أنه "في الوقت نفسه، يشهد الطلب على النفط نموا بنحو مليون برميل يوميا كل عام في حين إن معدلات الانخفاض في إنتاج الحقول تتسارع بسبب نضوب الحقول، وهو ما سيؤثر سلبا في الإمدادات والمعروض النفطي العالمي". وبحسب التقرير فإن الاعتماد العالمي على إنتاج النفط الصخري الزيتي في الولايات المتحدة يشهد نموا متلاحقا، لكن المنطق يؤكد أنه حتى في ظل أكثر السيناريوهات تفاؤلا سيعجز النفط الصخري عن سد العجز والفجوة بين العرض والطلب مستقبلا.
وألمح التقرير إلى أن "أوبك" بصفة رئيسية هي القادرة على سد النقص المتوقع في المعروض أكثر من بقية المنتجين نظرا لقدراتها الإنتاجية والتنافسية العالية، ووفقا لحسابات وكالة الطاقة الدولية فإن الطلب على خام "أوبك" من المتوقع أن يقفز ليسجل 35.8 مليون برميل يوميا بحلول عام 2022 مقارنة بـ 32.2 مليون برميل يوميا في العالم الماضي.
واعتبر التقرير أن الزيادة الحادة في الطلب ستعني أن الطاقة الإنتاجية الفائضة لدى "أوبك" ستنكمش إلى أقل من 2 في المائة من الطلب العالمي في عام 2022، وهو أدنى مستوى له منذ 14 عاما، وتقريبا تشكل نصف مستويات عام 2008 عندما بلغت أسعار النفط مستويات قياسية.
ويرى التقرير أن الإنفاق على مشاريع المنبع هو الطريق الوحيد من أجل انتعاش صناعة النفط، مشيرا إلى بدء عودة القرارات الاستثمارية النهائية لمشاريع المنبع بشكل كبير منذ نهاية عام 2016 ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الانفاق عالميا هذا العام.
ونوه التقرير بحدوث ضغط واسع في تكاليف مشاريع المنبع بما لا يقل عن 30 في المائة منذ وقوع أزمة الأسعار في عام 2014 كما تم تقليص الإنفاق الرأسمالي إلى حد كبير، مشيرا إلى ارتفاع مستويات الكفاءة وضغط التكاليف ما جعل بعض منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة يصلون إلى سعر التعادل عند 50 أو 60 دولارا للبرميل.
وأشار التقرير إلى التوقعات المتفائلة للمجموعة المصرفية الدولية "سيتي جروب" التى ترى فرصا في تقليل الفجوة بين العرض والطلب في المستقبل عن طريق السماح لمزيد من الإنتاج من المشاريع في المناطق الجليدية بالوصول إلى السوق.
ولفت التقرير إلى أن "سيتي جروب" ترى ضرورة لدعم إمكانات النمو في المياه العميقة والرمال النفطية إضافة إلى أهمية إجراء التحسينات التكنولوجية التي تمكن من الوصول إلى ضغط التكلفة وتمنع أي انكماش في المعروض النفطي في المدى المتوسط.
وشدد التقرير على أنه سيكون هناك مزيد من الأخبار السارة فيما يتعلق بتوازن السوق وذلك على مستوى الطلب، مشيرا إلى أن كفاءة الطاقة قد تقلل نسبيا من نمو الطلب على النفط، لكن الطلب سينمو بشكل أكبر ومتسارع بفعل النمو الاقتصادي الواسع وزيادة استهلاك الطاقة خاصة في دول وسط آسيا ذات الضخامة السكانية الكبيرة ومعدل نمو السكان المرتفع.
وبالنسبة إلى بدائل النفط، أوضح التقرير أن هناك حالة من الاستمرار نحو زيادة الاعتماد على الغاز الطبيعي كوقود منخفض الكربون خلال العقود المقبلة، وهو ما سيضاعف اعتماد العالم على الهيدروكربونات السائلة.
من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، فقد تعافت أسعار النفط لتصعد أكثر من 1 في المائة، لكنها أنهت الأسبوع على انخفاض يقارب 3 في المائة عقب قرار قادته "أوبك" بتمديد تخفيضات الإنتاج لم يلب تطلعات بعض المستثمرين.
وبحسب "رويترز"، فقد كان التداول محدودا بعد موجة البيع الكثيفة التي شهدتها جلسة يوم الخميس وقبل عطلة نهاية أسبوع طويلة في الولايات المتحدة وبريطانيا، وزاد خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة 69 سنتا أو 1.3 في المائة ليبلغ عند التسوية 52.15 دولار للبرميل بعدما بلغ أدنى مستوياته في الجلسة عند 50.71 دولار للبرميل.
وارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي في العقود الآجلة 90 سنتا أو 1.8 في المائة ليبلغ عند التسوية 49.80 دولار للبرميل بعدما بلغ أدنى مستوى له خلال الجلسة عند 48.18 دولار للبرميل.
وهبطت أسعار الخام 5 في المائة يوم الخميس بعد قرار "أوبك"، إذ كان بعض المشاركين في السوق يتوقعون تعميق تخفيضات الإنتاج، وعلى مدى الأسبوع انخفضت العقود الآجلة لبرنت 2.7 في المائة بينما نزلت عقود الخام الأمريكي 1.1 في المائة.
وزادت شركات الطاقة الأمريكية عدد حفارات النفط للأسبوع التاسع عشر على التوالي في الوقت الذي شجعت فيه توقعات ارتفاع أسعار الخام بعد القرار الذي قادته "أوبك" بتمديد تخفيضات الإنتاج الحالية المنتجين على تعزيز الإنفاق على أنشطة الحفر الجديدة.
لكن وتيرة الزيادة تباطأت مع انخفاض إجمالي الزيادة منذ بداية أيار (مايو) إلى أدنى مستوى لها منذ تشرين الأول (أكتوبر) بسبب ضعف أسعار النفط.
وقالت "بيكر هيوز" لخدمات الطاقة "إن الشركات أضافت منصتي حفر نفطيتين في الأسبوع المنتهي 26 أيار (مايو) ليصل العدد الإجمالي إلى 722 وهو أعلى مستوى منذ نيسان (أبريل) 2015".
ويعادل ذلك أكثر من مثلي عدد الحفارات في الأسبوع المقابل من العام الماضي عندما بلغ عدد الحفارات العاملة 316 فقط، وهو الأقل في أكثر من ست سنوات.
ويماثل ارتفاع عدد حفارات النفط على مدى 19 أسبوعا متتاليا أطول فترة زيادات متعاقبة على الإطلاق التي انتهت في آب (أغسطس) 2011، وفقا لبيانات من "بيكر هيوز" يعود تاريخها إلى 1987.
ويتوقع بعض المحللين أن تؤدي تخفيضات "أوبك" على الأرجح إلى تسارع الإنتاج من أحواض النفط الصخري الأمريكية، حيث يستطيع المنتجون العمل بتكلفة أقل كثيرا.