توقع مختصون نفطيون أن تميل الأسعار إلى الارتفاع في أسواق الخام خلال الأسبوع الجاري بتأثير من غياب الاستقرار والأحداث السياسية السريعة والمتعاقبة وأحدثها محاولة الانقلاب الفاشل في تركيا، التي أدت إلى ارتفاع أسعار النفط الخام بنحو 1 في المائة في ختام الأسبوع الماضي إلى جانب الهجمات الإرهابية المتوالية، التي طالت عديدا من دول العالم خلال الأسابيع الأخيرة.
وتوقع المختصون استمرار الأداء المتباين للعملة الأمريكية ولمستوى المخزونات النفطية وهي العوامل الرئيسية في التأثير على أسعار النفط وكانت السبب الرئيسي في تقلبات الأسعار خلال الفترة الماضية إلى جانب حالة عدم اليقين الخاصة بمعدلات النمو الاقتصادي العالمي ومستويات الطلب على النفط.
واعتبر المختصون أن أحداث تركيا قد تقود إلى بعض الارتفاعات السعرية للنفط إلى حين عودة الاستقرار الكامل للبلاد وذلك بسبب المخاوف على إمدادات النفط من روسيا والعراق، التي تتخذ من تركيا حلقة وصل بين آسيا وأوروبا ومعبرا مهما لتجارة النفط يربط منتجي آسيا مع بقية دول العالم خاصة موانئ البحر المتوسط.
كما توقع المختصون استمرار تداعيات الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي على نمو التكتل ومن ثم الطلب على الطاقة إلا أن بيانات عن سعى بريطاني لتعزيز التجارة والاستثمار مع كندا والصين والشرق الأوسط قللت نسبيا من تأثيرات الخروج البريطاني وجددت الثقة في أداء اقتصاد المملكة المتحدة.
ويقول لـ "الاقتصادية"، الدكتور فيليب ديبيش رئيس المبادرة الأوروبية للطاقة، إن المخاوف من الإرهاب المتصاعد في عديد من دول العالم واتساع دائرة الاضطرابات والصراعات السياسية التي لم تعد مقصورة على سورية وليبيا في الشرق الأوسط بل اتسعت مع وقوع محاولات الانقلاب في تركيا، وكل هذه العوامل ليست من مصلحة الاقتصاد الدولي وستؤثر كثيرا على معدلات النمو وقد تؤخر تعافى سوق الطاقة بصفة خاصة.
وأشار ديبيش إلى أن الملاحة في تركيا لم تتأثر وبقيت المضايق مفتوحة ولكن مستوى المخاوف ارتفع والقلق على صفقات الخام تنامي وهو ما قد يرفع الأسعار مؤقتا إلى حين استقرار السوق ولكن العوامل الاقتصادية لن تتغير كثيرا فإن حالة وفرة المعروض لازالت مستمرة في مقابل تباطؤ ملحوظ في نمو الطلب وعودة ارتفاع المخزونات والحفارات يضغطان في اتجاه تراجع الأسعار ويمكن تلخيص الأمر في أن الأسعار ما زالت موضع تجاذب بين عوامل قوية ومؤثرة في السوق.
وفيما يخص الملف البريطاني، أوضح رئيس المبادرة الأوروبية للطاقة، أن هناك حالة من محاولة استثمار خروج بريطانيا من التكتل اقتصاديا لمصلحة توسيع الشراكة الاستثمارية والتجارية مع كيانات اقتصادية أخرى وهو ما لمسناه خلال الأيام الماضية من إعلان الصين تعزيز وتسريع استثماراتها في بريطانيا والشيء نفسه مع كندا التي ترغب في شراكة تجارية أوسع، مشيرا إلى أن هذه التوجهات ستصب في مصلحة تقليل الآثار السلبية للانفصال البريطاني.
ومن جهته، ذكر لـ "الاقتصادية"، رينيه تسفانبول مدير شركة "طاقة" في هولندا، أن "بريكست" حفز العديد من اقتصاديات العالم على الإسراع في تدشين برامج عمل وشراكة جديدة مع الاقتصاد البريطاني الذي يعد من أكبر اقتصاديات العالم لافتا إلى أن بعض هذه الاقتصاديات كانت تجد صعوبة في التفاوض والتعاون مع بريطانيا من خلال منظومة الاتحاد الأوروبي.
وأضاف تسفانبول أنه من الطبيعي أن نجد حاليا تسابق بين كيانات كبيرة مثل الصين وكندا والمنطقة العربية أيضا لتوسيع الشراكة والأخيرة تتوقع نموا في علاقات التجارة والاستثمار مع بريطانيا عقب الانسحاب وأن هذه الحالة التعويضية ستقلل كثيرا من الآثار السلبية للخروج وبالتالي ربما يكون العبء الأكبر من السلبيات واقعا على عاتق بروكسل والذي فقد دولة رئيسية مؤثرة في المنظومة الأوروبية.
وأشار تسفانبول إلى أن سوق النفط الخام اختتم تعاملاته الأسبوع الماضي على ارتفاعات بعضها لعوامل اقتصادية وهي صدور بيانات إيجابية عن المؤشرات الاقتصادية في الولايات المتحدة والصين وهما أكبر دوليتين مستهلكتين للطاقة في العالم. أما العوامل السياسية فكانت بسبب محاولة الانقلاب في تركيا، ومن هذه القراءة لوضع السوق اقتصاديا وسياسيا فإن الارتفاعات السعرية مرشحة للنمو على نطاق أوسع في الأسبوع الجاري والأسابيع المقبلة.
ومن جانبه، يقول لـ "الاقتصادية"، جين باتشلدر مدير شركة "أوكسيدنتال بتروليوم" العالمية للطاقة، إن الشركة تركز على التفاعل الجيد مع ظروف السوق ومواجهة تحديات تقلب الأسعار والذي هو سمة أساسية خاصة في مجال إنتاج الطاقة التقليدية وفي هذا الإطار تركز على رفع مستوى العنصر البشرى وجذب الكفاءات القادرة على الإدارة المتميزة والابتكار ورفع مستويات الكفاءة وتحقيق أعلى مستويات الربحية.
وأشار باتشلدر إلى أنه في هذا الإطار، انتخبت الشركة جاك مور الذي كان يشغل منصب مدير الشركة الدولية للطاقة في الكاميرون ليكون عضوا في هيئة المديرين ومجلس إدارة "أوكسيدنتال بتروليوم" نظرا لما يتمتع به من خبرات واسعة في قطاع الطاقة وإدارة الشركات الدولية.
وأضاف باتشلدر أن تحقيق نجاح الأعمال والنمو المستمر في أداء الشركات الدولية مرهون بتطوير مستمر في العنصر البشرى واستقدام وجلب الكفاءات، مشيرا إلى أن الشركة ستواصل أنشطتها الاستثمارية ومشروعاتها المتميزة في الشرق الأوسط والولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية، التي تغطي كل جوانب صناعة النفط والغاز وتشمل التنقيب والإنتاج والتسويق والنقل لكل موارد الهيدروكربونات.
وأوضح باتشلدر أنه في إطار تطوير الأداء وتعظيم الربحية قرر مجلس إدارة "أوكسيدنتال بتروليوم" زيادة توزيع أرباح الأسهم إلى معدل سنوي قدره 3.04 دولار للسهم الواحد في مقابل معدل سنوي سابق قدره ثلاثة دولارات للسهم الواحد.
من ناحية أخرى وفيما يخص أسعار النفط في ختام الأسبوع الماضي، فقد أنهي خام برنت الأسبوع الماضي على مكاسب بنحو 2 في المائة في حين سجل الخام الأمريكي زيادة بنحو 1 في المائة.
ولم يكن لبيانات تظهر ثالث زيادة أسبوعية على التوالي في عدد منصات الحفر النفطية في الولايات المتحدة تأثير سلبي يذكر على السوق، وقالت شركة بيكر هيوز للخدمات النفطية إن شركات الطاقة الأمريكية أضافت ستة حفارات نفطية هذا الأسبوع ليصل إجمالي عددها إلى 357 مقارنة بـ638 حفارا قبل عام.
وبحسب "رويترز"، فقد أنهت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت لأقرب استحقاق جلسة التداول مرتفعة 24 سنتا أو 0.51 في المائة لتسجل عند التسوية 47.61 دولار للبرميل، بعد أن كانت قد هبطت في وقت سابق من الجلسة نحو 1.5 في المائة إلى 46.65 دولار.
وصعدت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 27 سنتا أو 0.57 في المائة لتبلغ عند التسوية 45.95 دولار للبرميل بعد أن كانت قد سجلت عند أدنى مستوى لها في الجلسة 45.05 دولار، وأنهى برنت الأسبوع على مكاسب نحو 2 في المائة، في حين سجل الخام الأمريكي زيادة بنحو 1 في المائة.
وقفزت أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها للجلسة بعد بيانات أظهرت زيادة أكبر من المتوقع في مبيعات التجزئة الأمريكية في حزيران (يونيو) مع إقبال الأمريكيين على شراء السيارات، وهو ما يعزز الآراء بنمو اقتصادي مطرد في الربع الثاني من العام، وزادت أيضا أسعار المستهلكين للشهر الرابع على التوالي.
ولقيت السوق دعما أيضا من النمو الاقتصادي في الصين، الذي بلغ 6.7 في المائة في الربع الثاني من العام مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وتضررت السوق في وقت سابق من الجلسة من القلق بشأن تخمة المعروض العالمي من الخام والمنتجات المكررة.
وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة، إن المنتجين أضافوا ست منصات نفطية في الأسبوع المنتهي في 15 تموز (يوليو) ليصل إجمالي عدد المنصات إلى 357 مقارنة بـ 638 منصة قبل عام.
ومنذ أوائل حزيران (يونيو) بعدما تجاوزت أسعار الخام حاجز 50 دولارا للبرميل بلغ صافي عدد منصات الحفر التي أضافها المنتجون 32 منصة في أكبر زيادة خلال فترة تسعة أسابيع منذ تموز (يوليو) - آب (أغسطس) 2015 عندما بلغ صافي عدد المنصات التي أضافها المنتجون 35 منصة.
وحدثت الزيادة العام الماضي بعدما ارتفع النفط إلى 60 دولارا للبرميل في أيار (مايو)- حزيران (يونيو) 2015، وهو ارتفاع وصفه بعض التجار بأنه "فجر زائف"؛ لأنه أعقبه هبوط آخر للسوق، وكان عدد المنصات الحفر النفطية قد تقلص بعدما سجل ذروة بلغت 1609 منصات في تشرين الأول (أكتوبر) 2014 وسط أكبر وتيرة هبوط في الأسعار في نحو 30 عاما، لكن محللين ومنتجين يقولون إن سعر 50 دولارا لبرميل النفط سيشجع على العودة إلى الإنتاج. وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، إن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة هبطت بأقل من المتوقع الأسبوع الماضي، بينما سجلت مخزونات البنزين زيادة مفاجئة وقفزت مخزونات نواتج التقطير.