أسامة سليمان من فيينا
أكد مختصون نفطيون تنامي حصص منتجي الشرق الأوسط في سوق النفط العالمية على حساب منافسيها التقليديين، وذلك في ظل زيادة صادرات دول منتجة كبرى في المنطقة تقودها السعودية.
وقال لـ "الاقتصادية"، الدكتور امبرجيو فاسولي مدير مركز دراسات الطاقة في مدينة لوزان في سويسرا، إن هناك بالفعل زيادة مستمرة في الحصص السوقية لكبار منتجي النفط في الشرق الأوسط من السوق العالمية وهو ما رصده أحدث تقارير وكالة الطاقة الدولية حيث ركز التقرير على حدوث تنام مطرد في مستويات الطلب على الخام.
وأضاف فاسولي أن زيادة الاعتماد على نفط الشرق الأوسط نتيجة طبيعية في ظل انخفاض الأسعار ما أعطى نفط المنطقة عديدا من المزايا التنافسية وأصبح صاحب اليد العليا في السوق بسبب رخص تكاليف استخراجه مقارنة بإنتاج الولايات المتحدة عالي التكلفة.
وأشار فاسولي إلى أن تقرير وكالة الطاقة كشف عن أن نصيب دول الشرق الأوسط من سوق النفط العالمية يتجاوز 34 في المائة وهو من أعلى المعدلات المسجلة في السنوات الأخيرة، لافتا إلى أن مركز ثقل الإنتاج يعود من جديد إلى دول "أوبك" والشرق الأوسط بعد أن كان هذا المركز قد مال نحو الولايات المتحدة مع بداية انطلاق ثورة النفط الصخري الزيتي.
وأوضح فاسولي أن "أوبك" تسهم حاليا بنحو ثلث المعروض النفطي العالمي ولكنها من المتوقع أن تزيد من طاقتها الإنتاجية في العامين المقبلين، خاصة في ظل ارتفاع صادرات السعودية والعراق وقد يصل حجم مساهمة "أوبك" في المعروض العالمي إلى نحو 40 في المائة خلال الأمد القريب.
ويرى فاسولي أن المبادرة الأمريكية ـــ الأوروبية لمساعدة حكومة الوفاق في ليبيا على تحقيق الاستقرار في القطاع النفطي والقضاء على الاتجار غير المشروع والتهريب الذي تقوم به الجماعات المسلحة يمكن أن تكون خطوة جيدة تكلل بالنجاح وتعيد الاستقرار للإنتاج الليبي الذي هو مكون أساسي من المعروض النفطي الشرق أوسطى كما أنه سيعزز وحدة البلاد وقدرتها على التنمية.
وتوقع المختصون النفطيون أن يشهد الأسبوع الجاري استمرار حالة التقلبات السعرية التي غلبت على الأسواق على مدى عدة أسابيع ماضية وتراجع الخام في الأسبوع الماضي نحو 8 في المائة بفعل القلق على النمو الاقتصادي العالمي عقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كما تأثرت السوق بصعود الدولار على حساب بقية العملات الرئيسية وكذلك استمرار نمو عدد الحفارات النفطية الأمريكية للأسبوع الخامس.
ومن المتوقع استمرار صعود الدولار خاصة بعد بيانات إيجابية عن الوظائف الأمريكية فيما زادت المخاوف على الاستثمارات النفطية بعد إعلان شركة "رويال داتش شل" تباطؤ خطة لبيع أصول بنحو 30 مليار دولار بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مع توقع انكماشات واسعة في مستوى الاستثمارات النفطية الأوروبية بصفة خاصة.
وتلقت السوق بارتياح عرض الولايات المتحدة وخمس دول أوروبية بمساعدة ليبيا على وقف الاتجار غير المشروع في النفط الخام ودعم جهود الوحدة من أجل إنجاح عمليات إنتاج وتصدير النفط الخام، مؤكدين أن هذه الجهود إذا تكللت بالنجاح ستؤمن الإمدادات من منتج مهم وعضو مؤثر في منظمة "أوبك" وهو ما سيكون له تأثير إيجابي على استقرار السوق.
ويقول لـ "الاقتصادية"، مايكل تورنتون المختص بمبادرة الطاقة الأوروبية، إن حالة عدم الاستقرار في سوق النفط من الواضح أنها تحتاج إلى وقت أطول للتغلب على تداعياتها خاصة في ضوء عوامل جيوسياسية لها تأثير واسع على السوق إلى جانب الحاجة إلى تهدئة المخاوف والشكوك المتنامية المتعلقة بمستقبل النمو الاقتصادي العالمي.
وأشار تورنتون إلى أن مستوى المخزونات النفطية الأمريكية سيستمر في التأثير على مستوى أسعار الخام حيث يعطى مؤشرات قوية عن تطورات مستويات الطلب العالمي منوها إلى أن النفط الخام تلقى دعما في الأسبوع الماضي بسبب تراجع المخزونات الأمريكية.
وأوضح تورنتون أن أطراف السوق الفاعلة متفقة على أن آفاق نمو الطلب مبهرة وواسعة خاصة الطلب الآسيوي، ولكن لا أحد يعلم متى يتحقق بالفعل التعافي الكامل في السوق والتوازن بين العرض والطلب، حيث إن بيانات الأسبوع الماضي كشفت عن تباطؤ في نمو الطلب الآسيوي ما هبط بأسعار النفط بشكل سريع ومباشر، مشيرا إلى أن السوق بكل أطيافه يمر بمرحلة النفس الطويل للتعافي والجميع يرى نورا في نهاية النفق ولكن لا أحد يعلم متى يحدث ذلك كما أن كثيرين لا يستطيعون الصمود طويلا أمام فترة الصعوبات الطويلة.
من جهته، أوضح لـ "الاقتصادية"، جاي جونسون نائب رئيس شركة "شيفرون" الأمريكية لشؤون الاستكشاف والإنتاج، أن مشروعات الشركة في المرحلة الراهنة تركز على ضمان أعلى مستويات النجاح وعلى إجراء توسعات على المشروعات المتميزة القائمة بالفعل إلى جانب الأخذ بعين الاعتبار حسن التخطيط والتقييم المستمر واختيار التوقيت الجيد والعمل على الاستفادة من انخفاض تكاليف السلع والخدمات في صناعة النفط. وأضاف جونسون أن "شيفرون" قررت في هذا الإطار تركيز الجهود على زيادة إنتاج الخام في حقول النفط في كازاخستان بنحو 260 ألف برميل يوميا، مشيرا إلى أن خطط التوسع في كازاخستان تجيء بناء على سجل الأداء القوي في هذه المنطقة ومن المتوقع أن تضيف هذه الخطط قيمة للشركة ومساهميها.
وذكر جونسون أن مشروعات "شيفرون" في كازاخستان تركز على رفع إنتاج الطاقة إلى ما يقرب من مليون برميل من النفط المكافئ يوميا وتشمل هذه المشروعات توسيع الإنتاج والحفاظ على المصانع القائمة المنتجة بكامل طاقتها والتوسع التكنولوجي وتعزيز استخراج النفط ومن المقرر تنطلق منظومة الإنتاج بكامل قدراتها في عام 2022.
وكان خام القياس العالمي برنت قد تكبد في نهاية الأسبوع الماضي أكبر خسارة أسبوعية في نحو ستة أشهر رغم بيانات قوية بشأن الوظائف في الولايات المتحدة وإقبال المستثمرين على تصيد الصفقات وذلك في مواجهة ضعف موسمي في استهلاك الخام.
وارتفعت سوق النفط في البداية نحو 1 في المائة بعدما سجل الاقتصاد الأمريكي أكبر زيادة في الوظائف في ثمانية أشهر في حزيران (يونيو) وبفعل مخاوف بسبب هجمات جديدة شنها متشددون على منشآت نفط في نيجيريا.
غير أن مكاسب الخام تبددت مع عودة القلق بشأن تخمة الإمدادات حيث أظهرت بيانات ارتفاع عدد منصات الحفر العاملة في الولايات المتحدة بواقع عشر منصات مع إضافة الشركات منصات جديدة للأسبوع الخامس في ستة أسابيع.
ووفقا لـ "رويترز"، فقد أنهت العقود الآجلة لبرنت الجلسة مرتفعة 36 سنتا أو بنسبة 0.8 في المائة إلى 46.76 دولار للبرميل عند التسوية في تعاملات راوحت بين 46.15 دولار و47.23 دولار للبرميل.
وارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 27 سنتا عند التسوية إلى 45.41 دولار للبرميل بعدما تراوح خلال الجلسة بين 44.77 دولار و45.97 دولار للبرميل، وهبط الخامان القياسيان بنحو 8 في المائة خلال الأسبوع في أكبر خسارة أسبوعية لبرنت منذ كانون الثاني (يناير) وللخام الأمريكي منذ شباط (فبراير) الماضي. وأفادت شركة بيكر هيوز للخدمات النفطية أن شركات النفط الأمريكية زادت عدد المنصات العاملة للأسبوع الخامس في ستة أسابيع فيما دفع محليين للتكهن بأن العدد بلغ بالفعل أدنى مستوى للهبوط وإن الإنتاج سيبدأ في الارتفاع في مطلع العام المقبل.
وقالت بيكر هيوز في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة واسعة إن شركات الحفر أضافت عشر منصات في الأسبوع المنتهي في الثامن من تموز (يوليو) ليصل إجمالي عدد الحفارات العاملة إلى 351 انخفاضا من 645 حفارا كانت قيد التشغيل قبل نحو عام.
وقبل الأسبوع الحالي لم تزد الشركات عدد المنصات هذا العام إلا خمس مرات فقط، وخفضت الشركات العدد بمتوسط ثماني منصات أسبوعيا وبإجمالي 195 هذا العام، وفي 2015 خفضت شركات الحفر النفطي عدد المنصات بمتوسط 18 حفارا في الأسبوع وبعدد إجمالي للعام بلغ 963 وهو أكبر انخفاض سنوي منذ عام 1988 على الأقل.