29/05/2017
برنامج ترمب الاقتصادي أمام تحديات النمو الأمريكي الضعيف
يستند برنامج الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الاقتصادي والمالي على انتعاش مستديم للنمو الاقتصادي، لكن ضعف هذا النمو يحمل عديدا من المحللين على التشكيك في إمكانية تحقيق أهداف الخطة.
ورغم أن وزارة التجارة الأمريكية راجعت نسبة النمو الاقتصادي في الفصل الأول من السنة لترفعها إلى 1.2 في المائة مقابل 0.7 في المائة كانت أعلنتها مسبقا، إلا أن هذه الوتيرة تبقى ضعيفة مقارنة بالفصل الرابع من السنة الماضية (+2.1 في المائة).
وبحسب "الفرنسية"، فإن فصل الشتاء لا يشجع عادة النشاط الاقتصادي واقتصار نمو النفقات الاستهلاكية التي تشكل محرك الاقتصاد الامريكي خلال الفصل المنصرم على 0.6 في المائة، وهو أضعف نمو تسجله منذ نهاية 2009.
أما بالنسبة للشركات، فقد سجلت الاستثمارات انتعاشا لاسيما بفضل ارتفاع ملفت (+28.4 في المائة) للاستثمارات في البنى التحتية كآبار النفط والمناجم، وهو قطاع مدعوم بجهود إدارة ترمب من أجل النهوض بإنتاج الطاقة.
لكن نهج ترمب الاقتصادي الذي يطلق عليه اسم "ترامبونوميكس" ينطلق من فرضية تحقيق نمو يصل إلى 3 في المائة في 2018 ويبقى بهذا المستوى لعشر سنوات، وهي فرضية تستند إليها أيضا توقعاته للميزانية التي عرضتها إدارته للتو.
ويتوقع خبراء الاقتصاد أن يتسارع النمو في الفصل الثاني، وتشير توقعات فرع الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا الذي يعتبر في غالب الأحيان معيارا متفائلا، إلى نمو بنسبة سنوية قدرها 4.1 في المائة، فيما يتوقع خبراء الاقتصاد في شركة "ماكرو إيكونوميكس" نسبة 3.2 في المائة.
لكن جويل ناروف الخبير الاقتصادي المستقل رأى أنه "حتى مع نمو يقارب 3 في المائة في الفصل الثاني، هذا يتركنا أمام نصف أول من السنة بالكاد يتخطى 2 في المائة من النمو. ولا أرى أي عامل يدعو إلى الاعتقاد بأن الشركات والأسر ستنفق أكثر خلال الأشهر المقبلة".
وتابع الخبير: "إذا قدر للاقتصاد أن ينمو بنسبة 3 في المائة إلى أبعد ما يمكننا أن نتوقع، فسيتحتم على الشركات أن تستثمر أكثر بكثير" في أدواتها الإنتاجية، مشيرا إلى أنها الطريقة الوحيدة لتحريك الإنتاجية التي لا تظهر حتى الآن أي بوادر نهوض.
وتقضي خطة إدارة ترمب لتسريع النمو بخفض الضرائب، خصوصا على الشركات، وإزالة الضوابط عن القطاع المالي وتحفيز الصادرات، ودافع ستيفن منوتشين وزير المالية الأمريكي عن مشروع ميزانيته لعام 2018 في الكونجرس قائلا: "أعرف أن هناك عديدا من الخبراء الاقتصاديين الذين يوردون أسبابا تحول دون تمكننا من تحقيق نمو بنيوي بهذه الوتيرة، لكننا على قناعة ثابتة أن الاقتصاد يمكنه العودة إلى نسبة نمو موحدة قدرها 3 في المائة أو أكثر في هذا البلد".
ولم يتجاوز المتوسط السنوي للنمو في الولايات المتحدة منذ عام 2000 نسبة 2 في المائة بسبب الأزمة المالية عام 2008 وعدم تحقيق نمو بصورة إجمالية في الإنتاجية وشيخوخة السكان.
ومن غير المتوقع أن يتحسن العامل الأخير حال مواصلة الإدارة سياسات معادية للهجرة، لكن إذا ما عدنا بالزمن إلى عام 1947، فإن متوسط النمو السنوي كان بنسبة 3.2 في المائة.
وواجه وزير الخزانة الأمريكي أمام لجنة في مجلس الشيوخ انتقادات حادة من أعضاء ديمقراطيين أخذوا عليه تضمين مشروع الميزانية "حسابات تقريبية"، وندد بعضهم حتى باحتساب مزدوج لتوقعات النمو.
ورد وزير الخزانة على الانتقادات مؤكدا أن الاقتطاعات الضريبية التي يتضمنها مشروع الميزانية ستمول نفسها بنفسها دون أن تزيد العجز، وذلك بفضل النمو الذي سينتج عن التخفيضات الضريبية نفسها.
وعلق رون وايدن السيناتور الديمقراطي بأنها حسابات يخجل منها حتى برنارد مادوف، الذي دبر أكبر عملية احتيال في تاريخ وول ستريت، وأضاف زميله من نيو جيرسي بوب ميننديز إنها أرقام "غامضة فعلا".
وأكد منوتشين أنه لا ازدواجية في الحسابات في مشروع الميزانية وأشار مدافعا عن خطته: "ليست حماقة. ولسنا متقدمين بما فيه الكفاية على صعيد الإصلاح الضريبي لوضع نماذج لجميع المفاعيل".
ويتحتم الأخذ بالسياسة المالية للاحتياطي الفيدرالي الذي يعتبر التدابير التي يمكن أن يتخذها ترمب لتحريك النمو بمثابة "مخاطر متزايدة" على توقعاته للنمو والتضخم.
ومع ترقب زيادتين في معدل الفائدة لهذه السنة، يضاف إليهما التخفيض المتوقع في الأصول المتراكمة بعد أزمة 2008 الذي سيؤدي إلى الحد من كلفة القروض، فإن الاحتياطي الفيدرالي قد يعيق طموحات دونالد ترمب.