18/05/2010
هبوط حاد لليورو أمام الدولار لم تسجله الأسواق منذ 4 أعوام .. و إسبانيا تلجأ إلى 60 دولة لمعالجة عجزها الاقتصادي اليورو «يحتضر».. المستثمرون يستبدلونه بالذهب
هبط اليورو إلى أدنى مستوى له منذ أربعة أعوام أمام الدولار أمس، في حين مُنيت البورصات الآسيوية بخسائر فادحة مدفوعة باشتداد المخاوف الناجمة عن ارتفاع مديونية عدد من الدول الأوروبية وانعكاسها على النهوض الاقتصادي في القارة العجوز.
ويأتي هذا الهبوط التاريخي بفعل مخاوف من أن إجراءات التقشف ستخنق الانتعاش، في الوقت الذي استعد فيه وزراء المالية الأوروبيون لمناقشة تشديد القواعد بعد أسبوع من خطة إنقاذ تتكلف تريليون دولار.
وتراجع اليورو أمس في الأسواق الآسيوية بعد عمليات البيع الواسعة في الأسواق الغربية الجمعة الماضي، في الوقت الذي اشترى فيه المستثمرون الذهب بحثا عن ملاذ آمن. وقال متعامل في الذهب يقيم في أوروبا ''إنها مسألة ملاذ آمن، الذهب لا يدر أي فوائد أو توزيعات نقدية.. لكن من يأبه بهذا.. منطقة اليورو أصبحت غير مستقرة''.
في مايلي مزيد من التفاصيل:
هبط اليورو إلى أدنى مستوى له منذ أربعة أعوام أمام الدولار أمس، في حين منيت البورصات الآسيوية بخسائر فادحة مدفوعة باشتداد المخاوف الناجمة عن ارتفاع مديونية عدد من الدول الأوروبية وانعكاسها على النهوض الاقتصادي في القارة العجوز.
ويأتي هذا الهبوط التأريخي بفعل مخاوف من أن إجراءات التقشف ستخنق الانتعاش في الوقت الذي استعد فيه وزراء المالية الأوروبيون لمناقشة تشديد القواعد بعد أسبوع من خطة إنقاذ تتكلف تريليون دولار.
ويسعى وزراء مالية دول منطقة اليورو في بروكسل لتبديد أزمة الثقة التي لا تزال تهز هذا الاتحاد النقدي، ودعم التحكم في عجز ميزانيات بلدانهم، الأمر الذي تدفع باتجاهه ألمانيا بشكل خاص.
واستمرت المخاوف بشأن ديون بلدان أوروبية رغم خطة الدعم في منطقة اليورو البالغة قيمتها 750 مليار يورو التي أقرت قبل ثمانية أيام فقط بهدف تفادي انتقال عدوى الأزمة اليونانية إلى بلدان أخرى تعاني صعوبات.
واقترحت المفوضية الأوروبية في الأثناء فرض فحص ميزانيات بلدان الاتحاد الأوروبي بداية من 2011 قبل عرضها على مصادقة البرلمانات الوطنية، وذلك لضمان أن يبقى عجز الميزانيات تحت السيطرة.
غير أن بعض الدول وفي طليعتها ألمانيا، مصممة فيما يبدو على الذهاب أبعد من ذلك. وقالت صحف ألمانية أمس، إن فولفجانج شوبلي وزير المالية الألماني سيدعو ـ مدعوما من النمسا ـ نظراءه في منطقة اليورو إلى الاتفاق على برنامج لخفض عجز الميزانيات.
وبحسب صحيفة ''فايننشيال تايمز'' البريطانية أمس، فإن الأمر يتعلق بإدراج سقف لعجز الميزانيات في دستور باقي بلدان منطقة اليورو على غرار ما فعلت ألمانيا العام الماضي.
ويفرض بند دستوري جديد في ألمانيا على الحكومة خفض العجز في الميزانية بداية من 2011 إلى حدود عشرة مليارات يورو سنويا حتى 2016 لتقليصه إلى نسبة 0.35 في المائة من الناتج الإجمالي الداخلي.
غير أن المتحدث باسم وزارة المالية رفض تأكيد ما إذا كانت ألمانيا ستطلب إدراج تحديد سقف العجز في دساتير منطقة اليورو. وقال المتحدث مع ذلك خلال مؤتمر صحافي أمس، ''نحن نعتقد أن معاهدة الاستقرار والنمو (التي تحكم العملة الموحدة) غير كافية للوقاية من أزمات الميزانية ليس فقط في اليونان بل أيضا في بلدان أخرى في منطقة اليورو''. وأشار إلى ثلاثة محاور أساسية: ''وقاية أفضل من أزمات الميزانية'' و''رقابة وتنسيق أفضل'' و''وضع إطار ثابت لتجاوز أزمات منطقة اليورو''.
وفي حال تطبيق الإجراء الدستوري الألماني على بلدان منطقة اليورو، فإن ذلك سيؤدي إلى تبني انضباط في الميزانيات أشد صرامة وإلى تشديد إجراءات معاهدة الاستقرار لمنطقة اليورو التي تحدد مستوى العجز في الميزانية الذي لا ينبغي تجاوزه بـ 3 في المائة من الناتج الإجمالي.
وبالنسبة لفرنسا قال دبلوماسي إن ''الرئيس نيكولا ساركوزي أعرب عن استعداده للتفكير''في الأمر مع الإشارة إلى ضرورة التأكد من القدرة على الالتزام بمثل هذا الهدف'' وإلا فإن ذلك سيؤدي إلى ضرب مصداقية الدستور''.
وأعرب جوزف برول وزير المالية النمساوي من جهته عن نيته زيادة الضغط على البرتغال وإسبانيا لتقرير إجراءات تقشف في الميزانية.
وأعلن هذان البلدان الأسبوع الماضي عن إجراءات تقشف جديدة بينها بالخصوص خفض رواتب الموظفين في إسبانيا وزيادة في ضريبة القيمة المضافة وزيادة استثنائية في الضرائب بـ 1 في المائة أو 1.5 في المائة بحسب الدخل في البرتغال.
ومن المقرر أن يكون وزراء مالية بلدان منطقة اليورو قد بحثوا هذه الإجراءات أمس، ثم مجمل وزراء مالية بلدان الاتحاد الأوروبي اليوم.وتنكب إيطاليا أيضا على إجراءات تقشف جديدة بينها تجميد رواتب الموظفين أو اقتطاعات من نفقات الميزانية.
وسعى عديد من المسؤولين الأوروبيين إلى الطمأنة أمس. وأكدت كريستين لاجارد وزيرة الاقتصاد الفرنسية بهذا بالخصوص، أن العملية الأوروبية الموحدة ''ليست في خطر''. وتراجع اليورو اليوم إلى أدنى مستوى في أربع سنوات في الأسواق الآسيوية بعد عمليات البيع الواسعة في الأسواق الغربية الجمعة الماضي، في الوقت الذي اشترى فيه المستثمرون الذهب بحثا عن ملاذ آمن.
وقال متعامل في الذهب يقيم في أوروبا ''إنها مسألة ملاذ آمن. الذهب لا يدر أي فوائد أو توزيعات نقدية.. لكن من يأبه بهذا.. منطقة اليورو أصبحت غير مستقرة.وهوت أسهم البنوك اليونانية 4 في المائة اليوم. وكانت أزمة ديون اليونان سببا في إعداد حزمة الإنقاذ الرامية إلى منع انتشار الأزمة إلى الاقتصادات الأخرى المعرضة للمخاطر في منطقة اليورو ومنع زعزعة استقرار الاقتصاد العالمي.
وفي مقابلة مع صحيفة هاندلشبلات الألمانية أمس، انتقد جورج باباندريو رئيس الوزراء اليوناني الأسواق المالية بسبب ردود فعلها المبالغ فيها تجاه أزمة ديون اليونان واتهم المضاربين بالمساعدة في إثارة ردود فعل مذعورة.
وقال ''اقترحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وجان كلود يونكر رئيس منطقة اليورو في رسالة مشتركة إلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما ما إذا كان ينبغي إغلاق أسواق.. مقايضة عجز الائتمان. ترغب مجموعة العشرين في مناقشة ذلك''.
وطالما دعا السياسيون إلى تشديد القيود على المضاربين الذين يعتقد السياسيون أنهم تسببوا في تفاقم مشكلات الاقتراض اليونانية من خلال التهافت على شراء التأمين تحسبا لعجزها عن السداد. لكن دعوة باباندريو لبحث إغلاق سوق التأمين هذه ذهبت على ما يبدو إلى أبعد من أي مطلب آخر حتى الآن ومن المرجح أن يلقى معارضة قوية من الشركات وغيرها من مشتري السندات الذين يعتمدون على سوق التأمين لتغطية المخاطر. وتأتي تصريحات باباندريو قبل اجتماع لوزراء المالية الأوروبيين في بروكسل من المنتظر أن يشهد البت في تشديد القواعد الخاصة بصناديق التحوط وشركات الاستثمار الخاص. وطالما سعت بريطانيا إلى تخفيف تلك القواعد إلا أن من المحتمل في الوقت الحالي أن تتفوق عليها دول مثل: ألمانيا وفرنسا في تصويت، ما يجبرها على قبول نظام مشدد.وقال جورج أوزبورن وزير المالية البريطاني أمس، إن الحكومة الائتلافية الجديدة ستطرح الخطوط العريضة لتخفيضات في الإنفاق بقيمة ستة مليارات جنيه استرليني 8.75 مليار دولار هذا العام قبل أول ميزانية لها في 22 حزيران (يونيو) المقبل. ويقترب عجز ميزانية بريطانيا من 12 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وهو مستوى مماثل لعجز اليونان التي تعصف بها الأزمة، وتقول الحكومة الائتلافية الجديدة إن خفض العجز أحد الأولويات لتجنب أزمة اقتصادية أخرى.
وأيدت ميركل في كلمة لها أمس الأول خطة الإنقاذ الأوروبية. لكن المستشارة الألمانية ـ التي كانت حتى فترة قريبة مترددة في دعم خطط إنقاذ لليونان ودول أخرى ـ قالت إنه ما زالت هناك حاجة لعمل الكثير. وباتت الأسواق تنتظر عقد اجتماع جديد لوزراء مال منطقة اليورو، في الساعة 15:00 بتوقيت جرينتش أمس في بروكسل. وسيحاول الأوروبيون مرة أخرى، إيجاد حل لقلق الأسواق الذي يترجم تدهورا للعملة الموحدة، على رغم خطة دعم عملاقة أقرت الأسبوع الماضي.وإضافة إلى الديون، يتخوف المستثمرون أيضا من أن تؤثر على النمو الضعيف في منطقة اليورو خطط اقتصادية تتسم بسياسات تقشف متشددة على صعيد الموازنات في المستقبل.
وقال هيداكي أينو المسؤول عن صرف العملات في ميتسوبيشي يو.جي. غف تراست آند بانكينج ''إن المتعاملين في السوق يتساءلون ''عما إذا كان التقشف في الموازنة هو فعلا أفضل ما يتعين القيام به، نظرا إلى التأثير السلبي الذي يسببه ذلك على الاقتصاد''.
ولم تقاوم البورصات الآسيوية مناخ القلق هذا، فقد خسرت بورصة طوكيو 2,17 في المائة، متأثرة بارتفاع الين الذي يقلص أرباح شركات التصدير اليابانية. وتراجعت بورصة شانغهاي أكثر من 5 في المائة، متأثرة أيضا بمعطيات اقتصادية داخلية، بينما أصيبت بورصة هونج كونج بتراجع كبير قبل دقائق من إقفال الجلسة.
وفي أوروبا، بدأت كبرى المراكز المالية يومها بأرقام متدنية، لكنها تحسنت خلال الفترة الصباحية. حتى إن بعضا منها سجل في نحو الساعة 7.35 بتوقيت جرينتش، تحسنا بلغ في باريس 0.6 في المائة وفي لندن 0.23 في المائة، إلا أن التراجع في مدريد كان لا يزال عند 0.35 في المائة.
أما بورصة أثينا التي تفتح متأخرة عن البورصات الأخرى، فسلكت اتجاها واضحا نحو التراجع، وخسرت أكثر من 2 في المائة في المبادلات الأولى.
وأوجز دايسوك كراكاما المحلل في بنك ميزوهو الوضع بالقول إن ''السوق لا تثق باليورو''. فلم تكف الـ 750 مليار يورو التي أقرها الأسبوع الماضي الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، لطمأنة المستثمرين القلقين من ارتفاع مستوى الديون في عدد من بلدان منطقة اليورو وفي طليعتها اليونان، البرتغال، إسبانيا، وإيطاليا.
وقد حاول عدد من المسؤولين الأوروبيين أن يطمئنوا الأسواق على الرغم من كل شيء، في مقابلات نشرت صباح أمس.ومن جهتها، أكدت كريستين لاجارد وزيرة الاقتصاد الفرنسية أن اليورو ''ليس في خطر''، مشيرة إلى أن الأعضاء الستة عشر في منطقة اليورو يريدون ''الدفاع عن عملتهم''.من جانبه، أكد جونتر أوتينجر المفوض الأوروبي للطاقة، الألماني أن ''أخطر تهديد كانت تواجهه عملتنا بات وراءنا''.
وقال جان بيار جويه رئيس سلطة الأسواق المالية الفرنسية إن مستوى اليورو ''مقبول تماما'' والوضع ليس مأساويا على الإطلاق. لكنه أوضح صباح أمس، أن سرعة تراجع العملة الأوروبية ''خطرة''.
من جانبه قال ميجل أنخيل موراتينوس وزير الخارجية الإسباني في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية إن بلاده تتوقع أن يكون تجمع نحو 60 زعيما من أمريكا اللاتينية ودول البحر الكاريبي والاتحاد الأوروبي في القمة السادسة لهم في مدريد اليوم الثلاثاء بمثابة حدث تاريخ حقيقي.
وتحتاج إسبانيا إلى أن تحقق القمة نجاحا بارزا بعد فقدان بريقها نوعا ما خلال رئاستها الاتحاد الأوروبي حتى الآن، لكن محللين حذروا من أن الاجتماع ربما لا يلبي أي آمال كبيرة.
وتأمل إسبانيا، التي ترغب في استغلال علاقاتها التاريخية واللغوية مع أمريكا اللاتينية لتعزيز التعاون، في الإعلان في مدريد عن عقد صفقات تجارية مع أمريكا اللاتينية ومع بيرو وكولومبيا في جزء من مفاوضاتها معمجموعة دول الإنديز.
وعلى الصعيد نفسه، طالب أيف لوترم رئيس الوزراء البلجيكي المستشارة الألمانية أنجيلا مركيل بضرورة توخي الحذر والتزام التحفظ حين يتعلق الأمر بشؤون منطقة الوحدة النقدية والاقتصادية الأوروبية، وعدم تعريض العملة الأوروبية إلى مزيد من الضغوط التي تمارسها أسواق المال.