انخفضت أسعار النفط أكثر من 2 في المائة أمس متأثرة بحالة الضبابية بشأن ما إذا كانت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ستتوصل إلى اتفاق بشأن الإنتاج بعدما قالت السعودية إنها لن تحضر مباحثات مع المنتجين المستقلين لمناقشة تقليص الإنتاج يوم الإثنين.
كما يسبق الاجتماع الوزاري، اجتماع مشترك للمنتجين في "أوبك" والمنتجين من خارجها، حيث من المرجح أن يسهم الاجتماع المزمع عقده الإثنين المقبل، في دعم نجاح اجتماع "أوبك" وتسهيل مهمة الوزراء، حيث سيبحث كيفية الدعم والتفاعل مع خطوة "أوبك" لتنفيذ اتفاق الجزائر الخاص بخفض إنتاج دول "أوبك".
ولا تزال ملامح السوق غامضة رغم اقتراب الاجتماع التاريخي لـ "أوبك" وهو ما قاد إلى تراجع الأسعار نسبيا نتيجة تضارب التكهنات حول ما ستتخذه منظمة أوبك سواء خفض أم تجميد الإنتاج أم تجدد الخلافات المعرقلة لإجماع المنتجين خاصة من جهة إيران، والعراق، اللتين تبديان مواقف متباينة بين التأييد والتحفظ.
ووفقا لـ «رويترز» فقد نمت أنباء عن عدم مشاركة السعودية في اجتماع منتجي "أوبك" مع المستقلين، وهو ما فسره المراقبون بأن التفاوض سيتم عبر الأمين العام لـ "أوبك" باعتباره ممثلا لمصالح الدول الـ 14 الأعضاء بشكل شامل، وستقود المفاوضات من الجانب الآخر روسيا إلى جانب بعض المنتجين المؤثرين مثل أذربيجان والنرويج.
وفى هذا الإطار قال لـ"الاقتصادية" سيفين شيميل مدير شركة "في جي اندستري" الألمانية "إنه من الواضح أن المفاوضات ستكون صعبة بعض الشيء خاصة في ضوء استمرار ضغوط بعض الدول للحصول على وضع استثنائي من خفض الإنتاج في مقدمتها إيران، والعراق، وليبيا، وأيضا تخوف دول "أوبك" بشكل عام من انتعاش إنتاج النفط الصخري بشكل كبير للاستفادة من خفض "أوبك" إنتاجها".
وأشار إلى أن خيار تجميد الإنتاج لفترة مؤقتة قد يكون حلا وسطا ومؤثرا في السوق، منوها بغموض الأوضاع في السوق وندرة المعلومات الموثقة إلى جانب تأثيرات التبدل المستمر في مواقف المنتجين، ما عزز حالة التقلبات السعرية.
من جانبه قال روبين نوبل مدير شركة "أوكسيرا" للاستشارات المالية "هناك أنباء تسربت عن أن اجتماعات "الخبراء" واجهت حالة تعثر واسعة وأنه تمت إحالة الملف إلى الاجتماع الوزاري لاتخاذ قرار الخفض أو التجميد وتحديد مصير اتفاق الجزائر بشكل عام".
وأشار إلى أن الدول المنتجة خارج "أوبك" خاصة روسيا وأذربيجان والنرويج وغيرها على استعداد بالفعل لتجميد الإنتاج في مقابل خفض إنتاج "أوبك"، مشيرا إلى أن السيطرة على المعروض العالمي وإنقاذه من حالة التخمة والوفرة المستمرة باتت ملقاة على عاتق "أوبك" في الأساس رغم أن "أوبك" دوما تؤكد على فكرة المسؤولية المشتركة للمنتجين، لكن يبدو أن حجم الخلافات داخل "أوبك" أكبر بكثير من خارجها.
وأضاف لويس ديل باريو المحلل في مجموعة بوسطن للاستشارات المالية في إسبانيا أن "خطة التحرك المشترك للمنتجين تتمتع بفرص نجاح كبيرة رغم المخاوف من انتعاش مقابل إنتاج النفط الصخري في ضوء التحسن المستمر في مستوى الأسعار".
وأشار إلى أن الاستثمارات النفطية تواجه أزمة واسعة في المرحلة الراهنة وأن توازن السوق وتحقيق التقارب بين العرض والطلب ستعزز نمو الاستثمارات وبالتالي منع حدوث هبوط في المعروض النفطي وتأمين الإمدادات.
من ناحية أخرى التقى محمد باركيندو الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" ميخائيل هويبل عمدة فيينا، حيث ثمن جهود العاصمة في تقديم التسهيلات الممكنة لتسهيل انعقاد الاجتماع الوزاري لمنظمة أوبك يوم الأربعاء المقبل، معربا عن شكره وتقديره لحسن ضيافة فيينا اجتماعات "أوبك" وتوفير الخدمات اللازمة.
وكان باركيندو قد قام بزيارة مماثلة إلى المستشار النمساوي كريستيان كيرن قبل أيام للتعريف بجهود "أوبك" وزيادة جهود التنسيق والتعاون مع الحكومة النمساوية.
إلى ذلك عقدت الغرفة التجارية العربية النمساوية في فيينا أمس، أعمال المنتدى الاقتصادي "العربي- النمساوي" الثامن، حيث ركز الاجتماع على مستقبل إنتاج النفط الخام والغاز في العالم وكل موارد الوقود الأحفوري بشكل عام في ضوء سرعة التحول نحو تنمية موارد الطاقة الجديدة والمتجددة كبديل للطاقة التقليدية. وقال هربرت شتبيك الرئيس الفخري للغرفة "إن الجلسة الرئيسة من أعمال المنتدى ركزت على التقلبات في أسعار النفط الخام وما ينتج عن ذلك من عديد من الفرص والتحديات، كما تطرقت الجلسة الثانية إلى مناقشة وضع الإنتاج والاستهلاك فيما يخص الطاقة الكهربائية، فيما تناولت الجلسة الأخيرة إمكانيات الطاقات الجديدة خاصة الشمسية وطاقة الرياح كطاقة بديلة ودور الابتكار في الاسراع بالنمو في هذا القطاع".
من جانبه قال السفير حسام الحسيني رئيس مجلس السفراء العرب في فيينا "إن اجتماعات مراكش هذا الشهر كانت مهمة، حيث ركزت على مناقشة تحديات الاستثمار في الطاقة التقليدية في ضوء بدء تطبيق اتفاق باريس الخاص بمكافحة التغير المناخي".
وشدد على ضرورة زيادة الاستثمارات في مجالات الطاقة بمواردها المختلفة نظرا لزيادة الطلب بشكل واسع بفعل النمو السكاني فى الدول النامية، مشددا على أهمية الحرص على تلقي الدعم الفني من دول الاتحاد الأوروبي التي قطعت شوطا جيدا فى تنمية الطاقة النظيفة.
وشهدت أسعار النفط أمس، انخفاضا، متأثرة بارتفاع الدولار وحالة عدم اليقين بشأن ما إن كانت "أوبك" ستتفق على خفض الإنتاج في اجتماع المنظمة الأسبوع المقبل، فيما تتجه عقود الخامات القياسية إلى إنهاء الأسبوع على مكاسب تقارب 4 في المائة.
وجرى تداول خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة بسعر 47.79 دولار للبرميل بانخفاض قدره 1.21 دولار في حين نزل الخام الأمريكي في العقود الآجلة 1.12 دولار ليصل إلى 46.84 دولار للبرميل.
وكان نشاط التداول في عقود الخامين هزيلا بعد عطلة عيد الشكر الأمريكية وقبل عطلة نهاية الأسبوع.
وتأثرت السوق في الأساس بحركة الدولار الذي بلغ هذا الأسبوع مستويات لم يشهدها منذ عام 2003 أمام سلة من العملات الأخرى.
وقد يحد ارتفاع العملة الأمريكية من الطلب على الوقود بسبب زيادة تكلفته على حائزي العملات الأخرى.
وقال متعاملون "إنه من المرجح وفقا لتقارير ستزيد شركة النفط الحكومية العملاقة "أرامكو" السعودية إمدادات النفط لبعض العملاء الآسيويين في كانون الثاني (يناير) المقبل، كما انخفضت واردات الصين من النفط الخام في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي إلى أدنى مستوياتها على أساس يومي منذ كانون الثاني (يناير) المقبل".
وتراجعت أسعار النفط بالتعاملات الأوروبية، أمس، مع تدفق السيولة مجددا في الأسواق بعد عطلة البارحة الأولى، فى الولايات المتحدة، ويأتي هذا التراجع تحت ضغط غموض الموقف الروسي والإيراني، من صفقة خفض الإنتاج، لكن قد تسجل الأسعار ثاني مكسب أسبوعي على التوالي قبل الاجتماع الرسمي لـ "أوبك" الأسبوع المقبل.
وتراجع الخام الأمريكي إلى مستوى 47.35 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 47.97 دولار وسجل أعلى مستوى 48.02 دولار وأدنى مستوى 47.20 دولار.
ونزل خام برنت إلى مستوى 48.37 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 48.95 دولار وسجل أعلى مستوى 49.01 دولار وأدنى مستوى 48.18 دولار.
وأنهت أسعار النفط تعاملات الخميس مستقرة دون أي تغيير يذكر، مع عزوف المتعاملين عن بناء مراكز جديدة قبل اجتماع "أوبك"، ومع ضعف السيولة في الأسواق بسبب عطلة عيد الشكر في الولايات المتحدة.
وعلى مدار الأسبوع الحالي حققت أسعار النفط ارتفاعا حتى الآن بنسبة 2.5 في المائة، في طريقها صوب تسجيل ثاني مكسب أسبوعي على التوالي، مع استمرار تحركات "أوبك" لإتمام صفقة خفض الإنتاج العالمي.