17/10/2019
ارتفعت أسعار النفط أمس مقتفية أثر مكاسب الأسهم مع تعليق المستثمرين الآمال على اتفاق محتمل بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بشأن خروجها من التكتل إلى جانب مؤشرات من "أوبك" وحلفائها على أن مزيدا من تخفيضات الإنتاج قد يكون ممكنا، لكن المكاسب كانت محدودة بسبب المخاوف المستمرة من تباطؤ اقتصادي عالمي.
بحسب "رويترز"، ارتفعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت 25 سنتا إلى 58.99 دولار للبرميل، بزيادة 0.4 في المائة تقريبا مقارنة بإغلاق اليوم السابق، وصعد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 23 سنتا أو 0.4 في المائة إلى 53.04 دولار للبرميل.
ويرى محللون نفطيون أن المنتجين في تحالف "أوبك +" ربما يكونون على أعتاب تخفيضات جديدة خلال اجتماع كانون الأول (ديسمبر)، خاصة في ضوء توقعات كل من الوكالة الدولية للطاقة وإدارة معلومات الطاقة الأمريكية ومنظمة "أوبك" ارتفاع مستوى المخزونات العالمية خلال النصف الأول من العام المقبل، كما خفضوا توقعاتهم لنمو الطلب النفطي لعامي 2019 و2020.
في هذا الإطار، يقول لـ"الاقتصادية"، مفيد ماندرا نائب رئيس شركة "إل إم إف" النمساوية للطاقة، "إن أسعار النفط ما زالت تتلقى دعما قويا من مواقف "أوبك" التي تسعى إلى دعم الاستقرار وتزويد السوق بشكل آمن وكاف"، لافتا إلى أن توقعات تعميق تخفيضات الإنتاج الحالية أدت إلى تشديد المعروض وتقليل المخاوف من تكرار تخمة الأسواق، وهو ما أدى بدوره إلى عودة المكاسب السعرية.
وأضاف ماندرا أن "الطلب الصيني يحتفظ بمستويات قوية رغم مخاوف التباطؤ والركود المنتشرة في السوق، وقد تغلب الطلب الصيني على مشكلة العقوبات على ايران وهبوط صادراتها النفطية بشكل حاد بعدما حولت بكين انتباهها -في الوقت الحالي على الأقل- إلى بغداد، حيث تتمتع الصين في العراق بعديد من المزايا، وهو ما أبقى الطلب على نفط "أوبك" قويا في ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم".
من جانبه، يقول لـ"الاقتصادية"، ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، "إن تداعيات الحرب التجارية متواصلة ومتسعة، والقلق على النمو يتزايد خاصة بعدما خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو العالمي مرة أخرى متنبئا بأن النمو الاقتصادي سينخفض إلى أضعف معدل له منذ الأزمة المالية قبل عقد من الزمان".
وأشار هوبر إلى أن تحديات النمو ليست قاصرة على حرب التجارة بين الولايات المتحدة والصين، لكن هناك عوامل أخرى مؤثرة بقوة أبرزها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهو ما سيرفع درجة المخاطر الاقتصادية والاضطرابات المالية وتحجيم النمو في اقتصادات السوق الناشئة، لافتا إلى أن انتشار المخاوف في سوق النفط في الوقت الحالي يلقي بظلال قوية على أساسيات السوق وصعوبة تقييم الوضع في ظل هذه التوترات والمتغيرات المتلاحقة.
من ناحيته، أوضح لـ"الاقتصادية"، روبين نوبل مدير شركة "أوكسيرا" الدولية للاستشارات، أن حالة وفرة الإمدادات عادت بقوة لتهيمن على السوق خاصة مع عودة إنتاج النفط في السعودية هذا الشهر إلى ما كان عليه قبل الهجمات على محطتي نفط بقيق وخريص في 14 أيلول (سبتمبر) الماضي، وهو ما ينبئ بارتفاع مستوى المخزونات العالمية بشكل ملحوظ على مدار النصف الأول من العام المقبل.
وذكر نوبل أن هناك ضغوطا كبيرة على الأسعار وتوازن السوق خاصة إذا أخذنا في الحسبان حدوث تخفيضات كبيرة من قبل المؤسسات الدولية في تقييماتها لنمو الطلب خلال النصف الأول المقبل، وهو ما يفرض التحرك نحو مزيد من القيود على الإمدادات لضمان تماسك الأسعار وتوازن العرض والطلب.
بدورها، تقول لـ"الاقتصادية"، جولميرا رازيفا كبيرة المحللين في المركز الاستراتيجي للطاقة في أذربيجان، "إن الرهانات الاقتصادية وتقييمات الوضع الاقتصادي العالمي تشير إلى تباطؤ واسع النطاق في أكبر اقتصادات العالم، حيث تقوض التوترات التجارية النمو، وتضيف جولميرا أن "الانخفاض الكبير في إنتاج "أوبك" خلال أيلول (سبتمبر) الماضي لم يساعد كثيرا على استنزاف المخزونات التي ما زالت مرتفعة ومرشحة لتسجيل مزيد من الارتفاعات العام المقبل"، لافتة إلى وجود عاملين مهمين يمكن الاعتماد عليهما في تجنب بناء المخزون المتنامي في النصف الأول من عام 2020، هما تحقيق مزيد من الطلب أو خفض العرض أو الاثنين معا، موضحة أنه يمكن أن توفر الصفقة التجارية بين الولايات المتحدة والصين دفعة للاقتصاد العالمي وبالتالي تعزيز مستويات الطلب على النفط.