07/03/2016
"شل": نمو جيد للطلب العام الجاري النفط يبدأ مسيرة التعافي .. وأنشطة الحفر الأمريكية الأدنى منذ 2009
من المنتظر أن تتعافى أسعار النفط إلى 50 دولارا للبرميل بنهاية العام.
أسامة سليمان من فيينا
استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع بتسجيل ارتفاعات جيدة، لتواصل المكاسب التي تحققت في نهاية الأسبوع الماضي وتعزز الآمال في استمرار مسيرة تعافي الأسعار، بعدما صعد خام برنت لليوم السادس على التوالي، وتغلبت الأسعار على مستوىات قياسية في الانخفاض جرى تسجيلها في الأسابيع الماضية.
وتلقت أسعار النفط الخام دعمها الأساسي من تقلص الإنتاج الأمريكي، واستمرار توقف الحفارات النفطية وتراجع أنشطة الحفر لأدنى مستوى منذ عام 2009، متزامنا مع تنامي الآمال في السوق وارتفاع معدلات الثقة بقدرة منتجي النفط على التوافق والسيطرة على فائض المعروض النفطي في الأسواق.
في المقابل، تراجع تأثير عوامل سلبية في السوق، وفى مقدمتها ارتفاع المخزونات النفطية، ورغبة إيران في رفع معدل صادراتها إلى مليوني برميل يوميا خلال أسابيع قليلة، كما رجح اتجاه الأسعار نحو الارتفاع تراجع الدولار الأمريكي، الذي يرتبط بعلاقة عكسية مع أسعار النفط الخام.
من جهته، قال بن فان بيردن؛ الرئيس التنفيذي لشركة "شل" العالمية للطاقة، إن العام الجاري 2016 سيكون عاما تاريخيا لشركة شل ولصناعة الطاقة، مشيرا إلى أن هذا العام سيشهد نموا جيدا في الطلب على الطاقة خاصة النفط والغاز.
وقال رئيس "شل" في تقرير دوري للشركة، إن أسعار النفط حققت انخفاضات قياسية في العالم الماضي 2015، ما جعله عاما مملوءا بالتحديات سواء بالنسبة لشركة شل أو بالنسبة لصناعة الطاقة ككل.
وأضاف، أن "شل" اتخذت عديدا من الخطوات المهمة والفاعلة لمواجهة الأزمة وركزت على خفض التكاليف، ونجحت في إبقاء الميزانية العامة للشركة في حالة جيدة وذلك باللجوء إلى بعض القرارات المهمة ومنها بيع الأصول من أجل مواصلة تنفيذ مشروعات جديدة.
وبين أنه رغم الحاجة إلى تحقيق وفورات كبيرة استثمرت "شل" نحو 29 مليار دولار في مشروعات تنموية من شأنها تحقيق عوائد جيدة لعقود مقبلة.
وقال إن التحديات التي مرت بها سوق النفط ليست سلبية على الدوام، لأن التحديات دائما ما توجد الفرص وهو ما حدث مع "شل"، التي نجحت في اقتناص صفقة شراء "بي جي" البريطانية للغاز، مشيرا إلى أن "الاندماج بين الشركتين يعزز استراتيجيتنا طويلة الأمد".
وأشار إلى أن منظومة الطاقة في العالم تمر حاليا بمرحلة انتقالية، حيث تتحرك بسرعة نحو مصادر الطاقة منخفضة الكربون، كما أن ديناميكية العوامل الجيوسياسية والاقتصادية تتغير أيضا، ومن المتوقع أن يستمر الطلب على الطاقة في الارتفاع نتيجة تحسن مستوىات المعيشة والنمو السكاني في العالم.
ولفت إلى أن شركة شل تعتزم القيام بدور كبير ومؤثر في هذا التحول نحو الطاقة النظيفة، وذلك بالتعاون مع الحكومات والمنظمات غير الحكومية، والأوساط الأكاديمية، والمؤسسات التجارية.
وأضاف، أن "شراء (بي جي) خطوة مهمة على هذا الطريق نحو مستقبل أفضل لمنظومة الطاقة في العالم، خاصة جهود الاعتماد على موارد الطاقة النظيفة، ولهذا السبب نعتقد أن عام 2016 هو عام تاريخي بالنسبة لشركة شل، حيث سنركز على مكامن القوة لدينا، خاصة تطوير حقول النفط والغاز في المياه العميقة، ومنظومة الغاز المتكامل خاصة مشروعات الغاز الطبيعي المسال".
من ناحيته، قال لـ"الاقتصادية" لاديسلاف جانييك؛ مدير شركة سلوفاكيا للنفط "سلفونفط"، إن أسعار النفط بدأت بالفعل مسيرة التعافي وتعويض الخسائر السابقة، ومع بداية العام المقبل قد يكون النفط الخام استعاد أسعارا متوسطة وجيدة ما بين 50 و60 دولارا.
وأشار إلى أن نجاح المنتجين في اجتماعهم المرتقب في إقرار تجميد الإنتاج واتخاذ الآليات الكفيلة بالتأكد من الالتزام بتطبيقه والنجاح عمليا، سيعمل على سحب فائض المعروض النفطي الذي تسبب في تفاقم تخمة العرض ومن ثم انهيار الأسعار.
وشدد على أن دول الخليج نجحت في اتخاذ إجراءات جيدة لتحصين اقتصاداتها من تداعيات الأزمة، وتمثلت تلك الإجراءات في تنويع مصادر الدخل وخفض الإنفاق العام والإسراع في برامج الخصخصة لعديد من الشركات، إلى جانب تطوير التشريعات الضريبية بما يكفل زيادة موارد الخزانة العامة.
بدوره، أوضح لـ"الاقتصادية" فينسيزو أروتا؛ مدير شركة تيميكس أليو الإيطالية للطاقة، أن السوق بدأت بالفعل عملية التصحيح، بعدما بلغت الأسعار مستوىات منخفضة وقاعا سعريا غير مسبوق، مشيرا إلى أنه "لا بديل حاليا عن تجميد أو خفض الإنتاج وهو ما نراه بوضوح أكثر في الإنتاج الأمريكي الذي هبط إلى مستوىات قصوى".
وأشار إلى أن قرار زيادة الإنتاج الذي تتبناه إيران هو قرار غير موفق في ظل ظروف السوق الحالية وربما يعطل نسبيا تحسن الأسعار ويؤخر استعادة التوازن في السوق، لكن في حالة توافق أغلبية المنتجين على تجميد الإنتاج سيمثل ذلك دفعة جيدة للأسعار ويقلل فترة التعافي ويؤدى إلى استعادة أسعار متوسطة في الأمد القريب.
وقال إن الإنتاج الأمريكي يتحين الفرصة للعودة إلى السوق بمجرد انتعاش الأسعار وهذه الفترة ستشهد مزيدا من الاندماجات والاستحواذات بين الشركات للتغلب على ظروف السوق المتردية، كما أن الآمال معقودة على الصين في التخلص من مرحلة التباطؤ الاقتصادي وقيادة منظومة الطلب نحو النمو والتوازن مع المعروض الوفير.
من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، واصلت أسعار النفط مكاسبها أمس التي رفعت خامات القياس بأكثر من الثلث من مستوىاتها المتدنية هذا العام، حيث عزز الحد من المعروض وتحسن الآفاق العالمية المعنويات تجاه تعافي السوق.
وفي الساعة 0945 بتوقيت جرينتش، ارتفع خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة لأقرب استحقاق شهري 65 سنتا عن التسوية السابقة إلى 39.37 دولار للبرميل، وفي كانون الثاني (يناير) تراجع برنت إلى مستوىات غير مسبوقة منذ عام 2003.
وبلغت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 36.57 دولار للبرميل، مرتفعة 65 سنتا عن الإغلاق السابق و40 في المائة عن مستوىاتها المتدنية في شباط فبراير، واستقرت عقود الخام الأمريكي تسليم أيار مايو يوم الجمعة عند 35.92 دولار بزيادة 3.91 في المائة.
وبينما أظهرت بيانات في أواخر الأسبوع الماضي، أن شركات الطاقة الأمريكية خفضت منصات الحفر النفطي للأسبوع الحادي عشر على التوالي مسجلة أدنى مستوىاتها منذ كانون الأول (ديسمبر) 2009، فلا تزال هناك تخمة في المعروض الفعلي يحذر البعض من أنها ربما تضغط مجددا على الأسعار.
ووضعت الصين حدا أقصى لاستهلاكها من الطاقة بحلول 2020 وذلك للمرة الأولى التي يحدد فيها ثاني أكبر اقتصاد في العالم مثل هذا الهدف وهو ما ألقى شكوكا على نمو استهلاك الصين.
وقال متعاملون إن تحول المعنويات دفع الأسعار للصعود مع إغلاق عدد كبير من المراكز المدينة وفتح الرهانات على صعود الأسعار.