أشاد تقرير "بتروليوم إيكونوميست" الدولي بتركيز السعودية على تطوير الاقتصاد الأخضر مشيرا إلى أن سياسات خفض الكربون تكتسب قوة كبيرة في المملكة في ضوء الحاجة الملحة إلى خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وإعادة ترتيب الأولويات في السياسات الاقتصادية والنفطية في السعودية.
ولفت التقرير الدولي إلى ارتفاع الوعي بالقضايا البيئية والحاجة إلى الحد من استهلاك الطاقة في أغلب دول الشرق الأوسط منوها إلى مشاركة دول الخليج في عملية تدريجية لإعادة تسعير الطاقة وتحسين سياسات كفاءة الطاقة ووضع استراتيجيات وطنية للحد من انبعاثات الكربون في ضوء نمو الطلب المحلي على الموارد الهيدروكربونية.
وذكر التقرير أن السعودية تنفذ عددا من السياسات الناجحة في إطار سعيها إلى محاولة إجراء خفض شامل لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
وأضاف أن هناك جهودا حثيثة في السعودية للتحول نحو زيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة، ولكن لا تزال المملكة كثيفة في استهلاك الكربون ويرجع ذلك أساسا إلى استمرار إنتاج واستهلاك الهيدروكربونات بكثافة في اقتصادها.
وأوضح التقرير أن النمو السكاني المتزايد في المملكة وارتفاع مستويات المعيشة والتوسع العمراني المكثف وتوسع الحكومة في الصناعات التحويلية الهيدروكربونية أدى إلى زيادة مستمرة في الطلب على الطاقة حيث تشير بعض التقديرات إلى أنه يمكن أن تتضاعف انبعاثات الكربون بحلول عام 2030.
وقال التقرير إن السعودية كانت مشاركا نشطا في مفاوضات المناخ الدولية وحتى قبل مفاوضات باريس قامت المملكة بتخفيض انبعاثاتها الكربونية منذ أوائل عام 2010، من خلال استراتيجية متعددة الجوانب للحد من استهلاك الطاقة من الهيدروكربونات المحلية وتنفيذ مشاريع كفاءة الطاقة والاستثمار في نشر الطاقة المتجددة وخفض تسرب الميثان.
وأشار إلى أهمية عقد السعودية اتفاقيات ثنائية للحد من الكربون كما حدث في عام 2017، عندما وقعت وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية اتفاقية لمراقبة انبعاثات الكربون مع وزارة الطاقة الأمريكية.
ونوه التقرير إلى قناعة السعودية بقيمة التنوع في صناعات الطاقة، وإدراك أن تنمية الطاقة المتجددة لن يؤثر سلبا في إنتاج النفط الخام ولا في الاستهلاك المحلي. للهيدروكربونات، ولكن بدلا من ذلك يمكن أن يؤدي ذلك إلى ازدهار صناعات الطاقة التي يمكن أن تسهل بعد ذلك في نقل التكنولوجيا المتقدمة ونمو قطاع الوظائف غير النفطية وتعزيز الحياة في اقتصاد قائم على المعرفة فضلا عن تعزيز الروابط مع جميع أنحاء العالم.
إلى ذلك، توقع محللون نفطيون أن تواصل أسعار النفط الخام مكاسبها السعرية خلال الأسبوع الجاري بعد أن صعدت نحو 2 في المائة في ختام الأسبوع الماضي بفضل التفاؤل بالمحادثات التجارية التي تجمع الولايات المتحدة والصين والتي قد تؤدي إلى إخماد الحرب التجارية بين البلدين.
ويشير المحللون إلى أن السوق تتلقى دعما قويا من التخفيضات الإنتاجية التي بدأ تحالف "أوبك+" في تنفيذها مطلع العام الجاري التي ستقلص المعروض العالمي بنحو 1.2 مليون برميل يوميا، مع توقع إزالة مزيد من المعروض بسبب التخفيضات الطوعية واضطراب الأوضاع السياسية في العديد من دول الإنتاج الرئيسة.
وفي هذا الإطار، يقول لـ "الاقتصادية"، روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، إن منظمة أوبك ما زالت مهيمنة على السوق النفطية وتلعب دورا رئيسا في استعادة التوازن واستيعاب المستجدات من خلال سياسات مرنة وتعديلات مستمرة في مستويات الإنتاج، لافتا إلى أن التخفيضات الإنتاجية التي بدأت مطلع العام الجديد ستكون لها نتائج إيجابية واسعة على السوق خلال فترة وجيزة تشمل الأشهر الأولى من العام.
وتوقع شتيهرير استمرار المكاسب السعرية خلال الأسبوع الجاري في ضوء انحسار مخاوف النمو الاقتصادي وفي ظل التقارب الأمريكي- الصيني بشأن حسم النزاعات التجارية إلى جانب التخفيضات المؤثرة التي ينفذها تحالف المنتجين في "أوبك+".
من جانبه، أوضح لـ "الاقتصادية"، أندريه جروس مدير قطاع آسيا في شركة "إم إم آي سي" الألمانية للطاقة، أن طفرة الإنتاج الأمريكي المتوقع استمرارها على مدار العام الجديد سيكون لها تأثير في كبح تحقيق مستويات مرتفعة من الأسعار، ولكن لن تمنع من تحسن جيد في مستوى الأسعار بما يلائم المنتجين ولا يضر باقتصاديات المستهلكين.
وأشار جروس إلى أن الإنتاج الأمريكي نما في العام الماضي بوتيرة سريعة للغاية ومفاجئة للسوق وربما لا يستطيع الاستمرار على نفس الوتيرة من النمو خاصة إذا هبطت الأسعار إلى المستويات الحرجة التي تحجم من نمو أنشطة الحفر والاستثمار بشكل عام.
من ناحيته، يقول لـ "الاقتصادية"، أندرو موريس مدير شركة "بويري" للاستشارات الإدارية، إن أسعار النفط الخام أقرب إلى مواصلة حصد المكاسب السعرية في ضوء تراجع القلق على مستويات الطلب والتخفيضات المؤثرة سواء الرسمية التى أقرتها "أوبك" وحلفاؤها في الشهر الماضي والانخفاضات والخسائر الاضطرارية في عدد من الدول خاصة فنزويلا وإيران.
وأضاف موريس أن المنتجين في تحالف "أوبك +" اختاروا ضبط المعروض النفطي وتقليل الفجوة مع الطلب كسبيل لا بديل عنه لاستعادة التوازن في السوق، حتى لو أدى ذلك إلى فقدان بعض الحصص السوقية، وذلك في ظل طفرة مقابلة من الإنتاج الأمريكي لافتا إلى أن السوق على أعتاب استئناف المكاسب السعرية في سيناريو أقرب لما حدث في أول تعاون للمنتجين في عام 2016.
وكانت أسعار النفط قد صعدت نحو 2 في المائة بنهاية الأسبوع الماضي، بعد أن خففت محادثات تجارية مقترحة بين الولايات المتحدة والصين بعض المخاوف من تباطؤ اقتصادي عالمي، لكن المكاسب انحسرت بعد أن أعلنت الولايات المتحدة عن زيادة حادة في مخزونات الوقود.
وبحسب "رويترز"، أنهت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت لأقرب استحقاق جلسة التداول مرتفعة 1.11 دولار، أو 1.98 في المائة، لتسجل عند التسوية 57.06 دولار للبرميل.
وأغلقت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط مرتفعة 87 سنتا، أو 1.85 في المائة، إلى 47.96 دولار للبرميل، وعند أعلى مستوياتهما في الجلسة قفزت أسعار الخامين نحو 4 في المائة.
وبعد أن أنهى الخامان القياسيان العام الماضي على هبوط حاد، سجلت الأسعار مكاسب كبيرة في الأسبوع الأول من 2019، على الرغم من بيانات أخيرا زادت القلق من تباطؤ الاقتصاد العالمي.
وأنهى برنت الأسبوع على مكاسب بنحو 9.3 في المائة في حين صعد الخام الأمريكي نحو 5.8 في المائة.
وأظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية زيادة حادة في مخزونات البنزين مع قيام مصافي التكرير برفع معدلات التشغيل إلى 97.2 في المائة من الطاقة الإنتاجية، وهو أعلى معدل مسجل لهذا الوقت من العام.
وأشارت البيانات إلى أن مخزونات البنزين ارتفعت 6.9 مليون برميل الأسبوع الماضي في حين قفزت مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة، 9.5 مليون برميل مقارنة بتوقعات لزيادتين تقل كل منهما عن مليوني برميل، ولم يطرأ تغير يذكر على مخزونات الخام الأمريكي.
وخفضت شركات الطاقة الأمريكية عدد حفارات النفط للمرة الأولى في ثلاثة أسابيع مع بدء المنتجين تقليص خططهم للحفر للعام 2019 وسط انهيار في أسعار النفط في نهاية العام الماضي.
وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة، في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة وثيقة، "إن عدد الحفارات النفطية النشطة في أمريكا انخفض بمقدار ثمانية حفارات في الأسبوع المنتهي في الرابع من كانون الثاني (يناير) ليتراجع العدد الإجمالي إلى 877 حفارا".
وعدد حفارات النفط النشطة في أمريكا، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، ما زال مرتفعا كثيرا عن مستواه قبل عام عندما بلغ 742 حفارا بعد أن زادت شركات الطاقة الإنفاق في 2018 للاستفادة من أسعار أعلى في ذلك العام.
لكن بعض المحللين يتوقعون أن يشهد عام 2019 أول انخفاض في عدد الحفارات في ثلاث سنوات بعد أن أضافت شركات الحفر النفطي 138 حفارا في 2018 و222 حفارا في 2017، وشهد عام 2016 انخفاضا بلغ 11 حفارا.
وكبح منتجو النفط الصخري في أمريكا أعمال الحفر لعام 2019 مع هبوط أسعار الخام بنسبة 40 في المائة وتزايد المخاوف من وفرة المعروض.
وسجل إنتاج النفط الأمريكي أعلى مستوى على الإطلاق فوق 11.5 مليون برميل يوميا في تشرين الأول (أكتوبر)، وفقا لبيانات حكومية شهرية نشرت الأسبوع المنصرم.
وفي تشرين الثاني (نوفمبر)، حطم إنتاج النفط الأمريكي مستواه القياسي المسجل في عام 1970 البالغ عشرة ملايين برميل يوميا وسجل مستويات قياسية شهرية لخامس شهر على التوالي منذ حزيران (يونيو).