09/04/2017
ما زال اتفاق خفض الإنتاج بين كبار المنتجين يقاوم العوامل السلبية، التي أضعفت الأسعار على مدى الأسابيع الماضية، خاصة مع اقتراب موعد الاجتماع الثالث للجنة الوزارية الخماسية المعنية بمراقبة اتفاق خفض الإنتاج، وذلك بمقر سكرتارية "أوبك" في فيينا يوم 21 من الشهر الجاري وسط توقعات واسعة في السوق بقرب التوصل إلى توافق كامل على مد العمل باتفاقية خفض الإنتاج لستة أشهر جديدة واستكمال طريق استعادة التوازن في السوق خاصة في ضوء مستويات الالتزام الواسعة التي طبقها المنتجون أخيرا لتنفيذ حصص خفض الإنتاج. وقال محللون في سوق النفط إن عادت العوامل الجيوسياسية ألقت بظلال قوية ومؤثرة على سوق النفط بعد أن اختتمت الأسعار الأسبوع الماضي على مكاسب سعرية تتجاوز 3 في المائة بفعل الضربات الأمريكية التي وجهت إلى قاعدة جوية حكومية في سورية، لتتجاهل الضغوط وفي مقدمتها زيادة الإنتاج الأمريكى واستمرار زيادة الحفارات النفطية الأمريكية. وفي هذا الإطار ذكر تقرير "أويل برو" الدولي إلى أن تخفيض روسيا لإنتاجها بحسب اتفاق فيينا في 10 كانون الأول (ديسمبر) الماضي جاء بطيئا، حيث أعلن وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك أن بلاده لن تستطيع الوفاء بكامل حصة الخفض المتفق عليها وقدرها 300 ألف برميل يوميا قبل حلول نهاية الشهر الجاري، مشيرا إلى أن هذا التباطؤ الروسي – بحسب التقرير - قلل كثيرا من التأثيرات الإيجابية والعميقة الي كان مرجوا تحقيقها في السوق خلال الشهور الأربعة التي مضت من عمر اتفاقية خفض الإنتاج. ولفت تقرير "أويل برو" إلى أن الثقة باتفاق خفض الإنتاج الموقع بين "أوبك" والمنتجين المستقلين يعد أهم وسيلة وآلية لحماية أسعار النفط ودعم خطة استعادة الاستقرار في السوق، مضيفا أن بقية المنتجين المشاركين في الاتفاق لن ينتقدوا ضعف أو بطء امتثال روسيا للخفض لأن هذا الأمر ليس في مصلحة الاتفاق وقد يثير كثيرا من القلق والمخاوف في السوق. وأوضح التقرير أن منظمة أوبك وشركاءها من خارج الأعضاء يخوضون حاليا الشهر الرابع من عمر الاتفاق، الذي يهدف إلى تقليص إنتاج الدول المشاركة بنحو 1.8 مليون برميل يوميا في محاولة للقضاء على فائض المعروض العالمي المقدر بمليوني برميل يوميا، مشيرا إلى أن هذه الخطوة جاءت بعد نحو ثلاث سنوات فيما يشبه حالة الفوضى في السوق. ونوه التقرير إلى أن بداية تطبيق الاتفاق في كانون الثاني (يناير) الماضي جاءت قوية ومبشرة رغم تباطؤ التنفيذ في الإنتاج الروسي والذي تجاوز حاليا أكثر من نصف الطريق نحو الحد من إنتاجه، وفق المستويات التي وعدت بها موسكو معتبرا أن الاجتماع الوزاري الثالث لمراقبة الاتفاق في فيينا 21 من الشهر الجاري سيضع النقاط على الحروف ويوضح تطورات أداء المنتجين بشكل شفاف ودقيق. ونقل التقرير عن المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية في تصريحات صحفية سابقة قوله إن التخفيضات الروسية جاءت أبطأ مما يريد المنتجون لكن الجميع سيصبر حتى أيار (مايو) المقبل لتقييم الموقف بشكل نهائي واتخاذ القرارات الصائبة لصالح عودة التوازن في السوق، معتبرا أن ارتفاع المخزونات ونشاط الإنتاج الأمريكي كان السبب الرئيسى وراء هبوط الأسعار دون 50 دولارا للبرميل بنهاية الربع الأول. ونوه تقرير "أويل برو" الدولي إلى وجهة النظر الروسية في هذا الأمر، موضحا أن هيكل صناعة النفط الروسية يجعل من الصعب على البلاد تنفيذ تعهدات الإمدادات بشكل دقيق مشيرا إلى أن الوضع في روسيا يختلف عن دول "أوبك"، حيث توجد في كل دولة شركة نفط وطنية واحدة فقط تتحكم في الصناعة، بينما نجد صناعة النفط في روسيا مجزأة على العديد من الشركات وبالتالي فإن أعمالها الجماعية والإجمالية لا يمكن التنبؤ بها بدقة. وأشار التقرير إلى تقديرات محللين روس بأنه حتى مع خفض موسكو لإنتاجها، فإن حالة وفرة المعروض ستظل قائمة في ظل استعداد أغلب المنتجين لزيادة طاقاتهم الإنتاجية وضخ رؤوس أموال جديدة في الصناعة وزيادة النفقات الرأسمالية في أغلب الشركات ودول الإنتاج. وكشف تقرير "أويل برو" عن أن الكويت أكثر الدول المنتجة في العالم تواؤما مع سعر منخفض للنفط وهو 45 دولارا للبرميل – بحسب فيتش – مشيرا إلى أن موازنة الكويت ستكون أكثر الموازنات تعادلا هذا العام مع توقعات بقاء أسعار النفط عند مستوى متوسط يبلغ 52.50 دولار للبرميل. ونقل التقرير عن وكالة فيتش الأمريكية للتصنيف الائتمانى أنه بين 14 دولة رئيسية مصدرة للنفط في الشرق الأوسط وإفريقيا وأوروبا، فإن نيجيريا تعتبر الدولة المنتجة الأسوأ حالا، إذ تحتاج إلى سعر للنفط الخام يبلغ 139 دولارا للبرميل لتحقيق التوازن في ميزانيتها، مشيرا إلى أنه حتى بعد خفض الدعم الحكومي وتخفيض قيمة العملة في عديد من الدول فإن الدول الـ11 المنتجة لن تكون لديها ميزانيات حكومية متوازنة هذا العام. وذكر التقرير أن عديدا من الدول المنتجة للنفط أدركت خطورة أوضاع السوق ومدى حجم تأثر ومعاناة موازاناتها على مدار السنوات الثلاث الماضية، ما دفعها إلى اتخاذ إجراءات اقتصادية علاجية فعالة شملت تنوع الموارد وتطبيق الإصلاحات المالية وضبط أسعار الصرف، ما يدعم عموما تحسن الوضع المالي في هذه الدول، مقارنة بعام 2015 لكنها – وبحسب تقديرات وكالة فيتش الأمريكية - لم تمنع تآكل الجدارة الائتمانية السيادية. وبحسب التقرير فقد تمكنت ثلاث دول رئيسية منتجة للنفط هذا العام من التوازن في ميزانياتها عند سعر للنفط أقل من التقديرات التي أطلقتها سابقا وكالة فيتش الدولية، وهذه الدول هي الكويت وقطر والكونغو الديمقراطية، مشيرا إلى أن الكويت على سبيل المثال تستطيع تحقيق تعادل في الموازنة عند سعر 45 دولارا للبرميل بسبب الإنتاج الوفير من الموارد الهيدركربونية أخيرا التي تحقق لها عائدا واسعا بسبب استثمارات صندوق الثروة السيادية. ونقل تقرير "أويل برو" عن وكالة فيتش الأمريكية للتصنيف الائتمانى توقعها بأن متوسط سعر خام القياس العالمى "برنت" سيبلغ نحو 55 دولارا للبرميل على مدار العام الجارى 2017. وأضاف التقرير أن وكالة "فيتش" رفعت على نحو كبير تقديراتها لأسعار النفط الملائمة لتوازن ميزانيات بعض الدول المنتجة خاصة نيجيريا وأنجولا والجابون، مقارنة بمستويات عام 2015 بسبب ارتفاع الإنفاق الحكومي في هذه الدول على نحو واسع. ولفت التقرير إلى أن قائمة الدول المنتجة التي تتعادل موازناتها عند سعر عال للبرميل نسبيا تضم أيضا البحرين 84 دولارا وأنجولا 82 دولارا وسلطنة عمان 75 دولارا، وفي المقابل تضم قائمة الدول التي تتعادل موازناتها عن أسعار منخفضة نسبيا قطر 51 دولارا، والإمارات 60 دولارا، والعراق 61 دولارا . وعادت العوامل الجيوسياسية لتلقي بظلال قوية ومؤثرة على سوق النفط بعد أن اختتمت الأسعار الأسبوع الماضي على مكاسب سعرية تتجاوز 3 في المائة بفعل الضربات الأمريكية التي وجهت إلى قاعدة جوية حكومية في سورية، ما جدد المخاوف من تزايد حدة الصراعات في المنطقة وغياب الاستقرار، ما يثير القلق بشأن أمن إمدادات الطاقة في الشرق الأوسط. ورغم استمرار العوامل السلبية الضاغطة على أسعار النفط وفي مقدمتها زيادة الإنتاج الأمريكى واستمرار زيادة الحفارات النفطية الأمريكية للأسبوع الثانى عشر على التوالي إلا أن العوامل المتعلقة بدعم نمو الأسعار جاءت كما هو متوقع أكثر تأثيرا على السوق، ما دفع الأسعار إلى زيادة ملحوظة. وصعدت أسعار النفط في ختام تعاملات الأسبوع الماضي، ليجري تداول الخام بالقرب من أعلى مستوى في شهر منهيا الأسبوع على ارتفاع نسبته 3 في المائة بعدما أطلقت الولايات المتحدة صواريخ على قاعدة جوية حكومية في سورية، ما أثار مخاوف من احتمال امتداد الصراع في المنطقة الغنية بالنفط. وزادت الضبابية الجيوسياسية في الشرق الأوسط بفعل التحرك الأمريكي الذي يعد الأكثر قوة في عمر الحرب الأهلية الدائرة في سورية منذ ست سنوات، ورغم أن إنتاج سورية من النفط محدود إلا أن موقعها في منطقة الشرق الأوسط والتحالفات مع منتجين كبار للخام أثار مخاوف بشأن اتساع دائرة الصراع بما قد يعطل شحنات الخام. وأثرت الضربات أيضا على الأسواق العالمية، حيث قفزت أدوات الاستثمار الآمنة مثل الذهب، بينما هبطت أسواق الأسهم والدولار الأمريكي، وقال جيفري هالي المحلل لدى مجموعة "أواندا" المالية إن: "الصواريخ الأمريكية أدت إلى ارتفاع وصل إلى نحو 2 في المائة والنفط الخفيف والبرنت وصلا إلى السقف"، وأضاف "بين الأسئلة التي ستطرح، معرفة ما إذا كانت الضربات استثنائية أم أن دولا أخرى ستتدخل؟". وتجاهلت السوق تقريرا أظهر أن الشركات الأمريكية أضافت منصات حفر نفطية للأسبوع الثاني عشر على التوالي للاستفادة من تعافي أسعار الخام، وزادت الشركات عدد الحفارات العاملة بواقع عشر منصات، حسبما أشارت شركة "بيكر هيوز" لخدمات الطاقة. وبحسب "رويترز"، فقد جرت تسوية خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة بارتفاع قدره 35 سنتا إلى 55.24 دولار للبرميل، وسجل الخام أعلى مستوى خلال الجلسة عند 56.08 دولار للبرميل، وهو أعلى مستوى أيضا منذ السابع من آذار (مارس)، بعد وقت قليل من الإعلان عن الضربة الصاروخية الأمريكية، وارتفع الخام 4.4 في المائة على أساس أسبوعي. وزاد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي في العقود الآجلة 54 سنتا إلى 52.24 دولار للبرميل ليقبع دون المستويات المرتفعة التي سجلها خلال الجلسة، التي بلغت 52.94 دولار للبرميل. وزادت الشركات الأمريكية عدد حفارات النفط للأسبوع الثاني عشر على التوالي في استمرار لموجة تعاف مدتها 11 شهرا مع تعزيز شركات الطاقة إنفاقها على الإنتاج الجديد للاستفادة من ميزة تعافي أسعار النفط. وأفادت "بيكر هيوز" لخدمات الطاقة أن الشركات أضافت عشرة حفارات نفطية في الأسبوع المنتهي في السابع من نيسان (أبريل) ليصل العدد الإجمالي إلى 672 حفارة وهو الأكبر منذ آب (أغسطس) 2015، وكان عدد حفارات النفط العاملة في الأسبوع المماثل قبل عام 354 منصة. وتوقع محللون أن تزيد شركات الطاقة الأمريكية إنفاقها على أنشطة الحفر وتضخ مزيدا من النفط والغاز الطبيعي الصخري في السنوات المقبلة وسط توقعات بصعود أسعار النفط.