18/12/2010
توقعات بارتفاعها خلال عام 2011 الشتاء وتقلبات النفط والدولار تغري شركات الملاحة البحرية برفع أجور الشحن
استبعدت مصادر عاملة في قطاع الملاحة البحرية في المملكة أن تطرأ زيادة على أجور الشحن عبر خطوط الملاحة البحرية، بسبب سوء الأحوال الجوية التي ضربت عددا من دول العالم من بينها السعودية، وإعلان عن إيقاف العمل في بعض موانئها لعدة أيام لحين تحسن الأحوال الجوية.
وأكدت المصادر لـ "الاقتصادية" أمس أنه رغم وجود ارتفاع في أجور الشحن خلال العام الحالي، إلا أنها تعتبر غير "مقلقة" لشركات الملاحة البحرية والمستثمرين، على اعتبار أن العامين الماضيين شهدا انخفاضا كبيرا في أجور الشحن نتيجة تداعيات الأزمة المالية العالمية والتطورات السياسية والأمنية، غير أن المصادر ذاتها ألمحت إلى أن فصل الشتاء عادة ما يشهد ارتفاعا في أجور الشحن.
وأرجعت المصادر ذلك إلى أن استهلاك السفن والبواخر من الوقود خلال الشتاء يكون أكبر عن معدلات استهلاكه خلال بقية فصول السنة، لذا فإن شركات النقل البحري تضطر إلى رفع أجور الشحن في الشتاء لتعويض جزء من المصروفات التي تضاف إليها نتيجة استهلاكها كميات كبيرة من الوقود، كما أن بعض البواخر والسفن قد تجبرها الأحوال الجوية على التوقف اضطراريا في موانئ غير مقرر التوقف فيها لعدة أيام، ما يلزمها بدفع رسوم موانئ إضافية، وقالت المصادر "إذا كان هناك ارتفاع ملحوظ في أجور الشحن، فإن ذلك يعود بالدرجة الأولى إلى سعر صرف الدولار مقابل العملات الأخرى، وتقلبات أسعار النفط في الأسواق العالمية".
ارتفاعات متوقعة خلال 2011
وهنا، قلل المهندس إحسان عبد الجواد عضو لجنة النقل البحري في مجلس الشورى في حديثه لـ "الاقتصادية" من تأثير سوء الأحوال الجوية التي تتعرض لها المملكة وبقية دول العام في أجور الشحن عبر خطوط الملاحة البحرية، ولكنها قد تتسبب في تأخير وصول البواخر إلى الموانئ وقد تضطر بعضا منها إلى تغيير وجهتها أو عبور بعض الموانئ دون التوقف فيها بسبب سوء الأحوال الجوية.
وقال: إن أجور الشحن في مثل هذه الظروف لا تتأثر كثيرا، على اعتبار أنها تخضع لعاملي العرض والطلب، مشيرا إلى أنها قد ترتفع في حال بروز بوادر لحروب وعدم استقرار أمني أو سياسي في منطقة ما، إضافة إلى تزايد أعمال القرصنة، فإنه في مثل هذه الحالات يمكن أن تلجأ الشركات لرفع أجور الشحن أثناء مدة العقد المتفق عليه مسبقا، ما يضطر العملاء إلى الالتزام بالأجور الجديدة، مبينا أن الأحوال الجوية عادة ما تتحسن وتعود الحركة الملاحية إلى طبيعتها دون أن تطرأ أي زيادة في أجور الشحن.
وأكد المهندس عبد الجواد أن العام الحالي شهد ارتفاعا في أجور الشحن ويتوقع استمرار ارتفاعها أيضا خلال العام المقبل، خاصة أن أجور الشحن شهدت خلال العامين الماضين انخفاضا كبيرا يعتبر أقل بكثير من تكاليف النقل التي تتحملها الشركات العاملة في هذا المجال التي كانت تصارع من أجل البقاء والإيفاء بعقودها تجاه عملائها، ما أجبرها على خفض الأجور إلى مستويات منخفضة للغاية، ولكنها "شعرت" أنه ليس بمقدورها الاستمرار وفق هذه السياسة، لذا اضطرت إلى رفع أجور الشحن خلال العام الحالي. غير أن عبد الجواد لا يرى في هذه الارتفاعات أمرا "مقلقا" بالنسبة للعملاء، بل تعتبر "معقولة" بعد سلسلة انخفاضات خلال العامين الماضيين.
وأوضح المهندس عبد الجواد أن أجور الشحن تتغير كل ثلاثة أشهر معتمدة في ذلك على العرض والطلب ونوعية البضائع. وأضاف أن الأحوال الجوية التي تصاحب فترة الشتاء المتمثلة في زيادة سرعة الرياح والعواصف الثلجية وانعدام مستوى الرؤية قد تضيف تكاليف مالية جديدة على شركات النقل البحري، إلا أن تأثير ذلك على أجور الشحن يعتبر أمرا غير وارد،، على اعتبار أنها ظروف مؤقتة سرعان ما تنتهي.
استقرار نتيجة الانتعاش الاقتصادي
وفي هذا الصدد يؤكد طارق المرزوق نائب رئيس النقل البحري في مجلس الغرف السعودية على أن النصف الثاني من عام 2010 شهد استقرارا في أجور الشحن، نتيجة الانتعاش الاقتصادي والتجاري في عدد من دول المنطقة.
وقال لـ "الاقتصادية" المرزوق أمس: إن شركات النقل البحري عانت خلال عام 2009 انخفاضا في أجور الشحن ما أثر على نشاطها بسبب ضعف الإقبال على شركات النقل البحري والأزمة المالية العالمية وحدة المنافسة بين هذه الشركات، مشيرا إلى أن أي انخفاض في أجور الشحن يقود إلى تحمل هذه الشركات أعباء مالية، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى ارتفاع في الأجور. ويضيف المرزوق: إن العام الحالي خاصة في النصف الثاني منه فقد شهدت الأجور استقرارا ملحوظا. إلا أن المرزوق أشار إلى أن سوء الأحوال الجوية الذي تشهدها دول العالم بما فيها منطقة الخليج ربما يؤثر في أجور الشحن خلال الفترة المقبلة في حال استمرت هذه الأحوال على ما هي عليه الآن، خاصة أن هنالك تقارير تشير إلى إغلاق عدد من الموانئ بسبب تغيرات الطقس، مضيفا أن إغلاق قناة السويس سيكون له تأثير مباشر في أجور الشحن، حيث ستضطر الشركات العاملة في هذا المجال إلى استخدام رأس الرجاء الصالح بدلا عن قناة السويس ما يزيد من تكاليف أجور الشحن. ولكنه قال في ذات الوقت "يجب عدم الاستعجال في تقييم وضع أجور الشحن هذه الأيام، والانتظار لحين ما تسفر عنه هذه التغيرات من آثار في حركة خطوط الملاحة البحرية".
وخالف المرزوق ما ذهب إليه إحسان عبد الجواد عندما أشار إلى أن العام المقبل سيشهد استقرارا في حركة الملاحة البحرية للشركات العاملة في هذا المجال، الأمر الذي يؤدي إلى استقرار في أجور الشحن، خاصة في ظل وجود انتعاش اقتصادي في كثير من دول العالم بما فيها منطقة الخليج التي بدأت تخرج من تداعيات الأزمة المالية العالمية.
ارتفاع طفيف
إلا أن محمد علي با حكيم مستثمر في قطاع الملاحة البحرية في جدة قطع الطريق أمام الاجتهادات السابقة التي تشير إلى عدم تأثير الأحوال الجوية الحالية في أجور الشحن، ليؤكد أن شركات الملاحة البحرية عادة ما تتأثر سنويا في هذا التوقيت بتقلبات الأحوال الجوية ما يؤدي إلى ارتفاع طفيف في أجور الشحن، ويقول "منذ اليوم الأول للتغيرات الجوية كان هناك تأخير ملحوظ في مواعيد وصول البواخر إلى الموانئ المحلية والموانئ العالمية الأخرى، الأمر الذي ينتج عنه فرض رسوم إضافية على البواخر أو المستثمرين والتجار"، مشيرا إلى أن ميناء الدمام أوقف نشاطه مع بداية موجة الغبار التي ضربت المنطقة الشرقية، ولكنه أكد في ذات الوقت على أن هذا الوضع سينتهي بمجرد تحسن الأحوال الجوية.
وتوقع با حكيم أن تكون هناك زيادة طفيفة في أجور الشحن خلال الأشهر المقبلة بسبب سوء الأحوال الجوية وزيادة سرعة الرياح وارتفاعات الأمواج، مشيرا إلى أن الموانئ عادة ما يتم إغلاقها في مثل هذه الظروف حرصا منها على عدم اصطدام البواخر ببعضها البعض أو بأرصفة الموانئ وسلامة الملاحة البحرية، مبينا أن ذلك سيؤثر بشكل مباشر في أجور الشحن في حال إغلاق أكثر من ميناء لفترات طويلة.