كان هناك شيء صغير غائب في احتفال السوق بالعام الجديد: تقلبات كبيرة في النفط والملاذات، مثل الذهب. بالنسبة للمستثمرين على المدى الطويل، التصاعد المفاجئ وقصير الأمد – كما نرجو - في التوترات بين إيران والولايات المتحدة يوفر درسا حول أهمية انتظار اجتياز العواصف العابرة والتركيز على قياس آفاق الاقتصاد العالمي وأرباح الشركات.
تشير مرونة أسواق الأسهم في الأسبوع الماضي إلى أن المستثمرين متفهمون جيدا للكيفية التي يمكن بها للمواقف الجيوسياسية الفوضوية أن تفتح الفرص لتخصيص أموال جديدة.
على مدار الـ18 شهرا الماضية التي خاضت خلالها الولايات المتحدة والصين حربا تجارية مطولة، كانت هناك نوبات منتظمة من الضعف في أسواق الأسهم والسندات. كان الشراء خلال تلك الانخفاضات مجزيا، لكن هنا يجب على المرء أن يعترف بالدور الحاسم الذي لعبته البنوك المركزية الداعمة للغاية، وبخلفية عوائد السندات الحكومية المنخفضة. باختصار، لا يزال امتلاك الأسهم وغيرها من الأصول الخطرة جذابا للغاية، بالنظر إلى الجانب الإيجابي المحدود الناتج عن الاحتفاظ بالسندات باهظة الثمن التي توفر معدلات فائدة ثابتة ضئيلة. يساعد هذا على تفسير كثير من الارتفاع في تقييم الأسهم العام الماضي، على الرغم من قلة النمو في أرباح الشركات.
في الواقع، مع ارتفاع النفط لفترة وجيزة في الأسبوع الماضي، على خلفية تعليقات لا بأس بها تحذر من صدمة أسعار ومن تصاعد أكبر للأحداث في الشرق الأوسط، الاستجابة المتفائلة نسبيا في الأسهم كانت دلالة على شيئين: أولا، بدأ الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في توسيع ميزانيته العمومية مرة أخرى، ما ألقى بثقله على الدولار وعمل على تعزيز أسعار الأصول المحفوفة بالمخاطر. ثانيا، اعتبر المتداولون أن خطر مهاجمة إيران لشحنات النفط في مضيق هرمز منخفض، لأن الصين - أحد الأصدقاء القلائل لدى طهران - تستمد ما يقارب نصف وارداتها الخام من المنطقة.
كان هناك عامل آخر في حسابات المستثمرين في الأسهم - وهو عامل دفع في النهاية وول ستريت مرة أخرى إلى منطقة قياسية وأدى إلى كثافة في تداولات الملاذ والنفط يوم الأربعاء – وهو الرسالة الرصينة من الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، الذي بدا أنه تراجع عن مواجهة عسكرية مع إيران. هذا الموقف أكد الرأي السائد بين المستثمرين بأنه في عام الانتخابات، فإن آخر ما يحتاج إليه الاقتصاد الأمريكي هو سعر النفط المتقلب والأثر المترتب على ذلك على ثقة المستهلكين وقطاع الأعمال.
عند قياس المرونة الحالية للأسهم، عليك أيضا أن تضع في الحسبان أن مراكز المستثمرين في معظم العام الماضي كانت دفاعية بشكل عام، إلى أن دفعت موجة شراء في الربع الأخير مؤشر مورجان ستانلي المركب لعموم الأسهم العالمية إلى ارتفاع قياسي. اجتذبت أسواق المال وصناديق السندات تدفقات قياسية داخلة في العام الماضي، في حين أن مبيعات صناديق الأسهم العالمية - التي سجلت تدفقات خارجة صافية مقدارها 143 مليار دولار - كانت الأدنى منذ ثلاثة أعوام، وفقا لمصرف الاستثمار الأمريكي "جيفريز"، على الرغم من الطفرة في الربع الرابع.
احتضان الأسهم المذكور في أواخر العام هو علامة على كيفية تماسك المشاعر بشأن حدوث انتعاش اقتصادي عالمي يحقق نموا أفضل في الأرباح في عام 2020. ويمكن لهذه القناعة أن تضع حدا أدنى للأسهم لفترة من الوقت.
من بين الأسئلة الرئيسية لعام 2020 هي ما إذا كانت البنوك المركزية قد مهدت الطريق لدورة اقتصادية ممتدة، وما إذا كانت أرباح الشركات ستنتعش لتخفيف الضغط على الهوامش. قد يضطر المستثمرون إلى الانتظار حتى نيسان (أبريل) ـ أقرب وقت ممكن ـ للحكم على دليل يثبت حدوث طفرة مستمرة في النشاط والأرباح. لذا في حين أن مزاج السوق يمكن أن يتقلب خلال الأشهر المقبلة، فإن أي انخفاضات من المحتمل أن تجذب المشترين الذين ينتظرون هبوط الأسعار.
لكن هذا سيناريو دقيق، على اعتبار أن كثيرا من الأخبار الجيدة مدرجة منذ الآن ضمن أسواق الأسهم. يلاحظ محللون في "يونيجسشن" Unigestion أن نسب التقييم الأساسية، مثل قيمة المؤسسة للمبيعات، أو السعر إلى القيمة الدفترية "توضح المدى المكلف الذي وصلت إليه الأسهم الأمريكية والأوروبية".
الأسعار مرتفعة بشكل مشابه في أسواق سندات الشركات. فوسط كل الضجيج الذي حدث خلال الأسبوع الماضي، كانت أقساط مخاطر الائتمان بالكاد تتزحزح عن مستوياتها الضيقة التي ظلت عليها. هذا النوع من السلوك يميل إلى زيادة الشهية للأسهم، لأن التوترات في أسواق السندات أثارت في الماضي انهيارات في أسواق الأسهم.
نظر محللون في الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك الأسبوع الماضي إلى الارتفاع المذهل في حجم السندات التي تصدرها الشركات ذات التصنيف الائتماني الأعلى قليلا من تصنيف السندات الخطرة، معتبرين أن ذلك "قد يثير قلقا بشأن الاستقرار المالي". وأشار المحللون إلى أن أهمية نمو الأرباح والنشاط العالمي الأقوى في عام 2020 ينبغي ألا تغيب عن أذهان المستثمرين، على اعتبار أن الشركات التي لديها هذه التصنيفات تحمل الآن صافي ديون أكبر، مقارنة بأرباحها التشغيلية.
إذن، الدرس الرئيسي الأسبوع الماضي هو: التطورات السياسية مهمة، إلا أن الحكم النهائي بشأن أداء الأسهم والائتمان في عام 2020 يعتمد على ما إذا كانت التقييمات العالية مدعومة ببيانات وأرباح اقتصادية أقوى.