أغلقت السعودية، أحد أهم المصدرين في الأسواق الناشئة، البارحة، باكورة إصداراتها المقومة باليورو، وذلك بعد تحقيق إحدى شرائح الإصدار عائدا قريبا من مستويات 0.80 في المائة، وفقا لحسابات صحيفة "الاقتصادية".
وأظهرت وثيقة صادرة من أحد البنوك المرتبة لإصدار السعودية، أن المملكة جمعت ثلاثة مليار يورو، وذلك بعد أن تعدى مستوى الطلبات 14.5 مليار يورو "أي أن أحجام التغطية لامست خمس مرات الحجم الأصلي للإصدار الذي كانت السعودية تنوي جمعه".
وكشفت الوثيقة أن البنوك المرتبة للإصدار شاركت في الاكتتاب، وذلك بقيمة إجمالية وصلت إلى 1.5 مليار يورو.
وتوزع الإصدار السعودي على شريحتين، حيث بلغ حجم شريحة الثماني سنوات مليار يورو، في حين بلغ حجم شريحة 20 سنة ملياري يورو.
وأظهر رصد "الاقتصادية" لأسواق منطقة الدخل الثابت في منطقة اليورو، مساهمة ثلاثة عوامل في دفع المملكة إلى الاستدانة بتكلفة دون 0.80 في المائة لشريحة الثماني سنوات بعائد قريب يصل إلى 2.06 في المائة لشريحة 20 سنة، وقد تتغير تلك الأرقام قليلا وفقا لحركة مؤشر القياس.
ويكمن العامل الأول لتحقيق تلك العوائد المتدنية إلى كون السعودية حاصلة على خامس أعلى تصنيف ائتماني "A+". في حين يكمن السبب الثاني في انخفاض أسعار الفائدة في القارة الأوربية، وذلك أن سندات فرنسا وألمانيا والنمسا العشرية كلها تتداول عوائدها دون الفائدة الصفرية، وكذلك السندات الإيطالية ذات أجل سنتين.
وبذلك منح الإصدار السعودي المستثمرين الأوربيين فرصة جني عوائد مقبولة. أما السبب الثالث فيكمن في أن الإصدار السعودي يعد مؤهلا للانضمام إلى مؤشر سندات "جي بي مورجان" للأسواق الناشئة، المتعلق بإصدارات الحكومات المقومة باليورو.
جزء لا يتجزأ من المحافظ العالمية
أظهر الرصد بعد الاطلاع على بيان الجهة التي تدير "مؤشرات السندات"، الصادر في يناير، أن الإصدار السعودي مؤهل للانضمام إلى مؤشر سندات اليورو المعروف بـ EURO EM--BIG.
ومن المنتظر أن يعزز ذلك الانضمام الطلب على الإصدار السعودي خلال التداولات الثانوية بعد أن يتم إدراج الشريحتين.
ومع الإصدار المرتقب، ترتفع أعداد الإصدارات القائمة للسعودية من 14 إلى 16 إصدارا مقوما بالعملة الصعبة "إلا أن 15 من تلك الإصدارات تنطبق عليها شروط الانضمام إلى المؤشر".
وبذلك ستصبح الديون السيادية للمملكة جزءا لا يتجزأ من محافظ شركات إدارة الأصول العالمية "سواء الخاملة منها أو النشطة".
وفي الوقت الذي تتريث فيه جهات الإصدار الشرق أوسطية عن إصدار أدوات الدين، وذلك بسبب احتدام التوترات الجيوسياسية وتذبذبات أسعار النفط، تقبل السعودية - بكل ثقة - نحو إصدار اليورو في إشارة منها على وجود مؤشرات بوجود إقبال قوي على أوراقها المالية.
استدانة بتكلفة أقل من الدولار
يظهر رصد صحيفة "الاقتصادية" أن عائد شريحة الثماني سنوات يعد أقل عائدا تم تسجيله في تاريخ إصدارات السعودية الدولية المقومة بالعملات الصعبة، ويقوم افتراض الصحيفة باعتبار استخدام متحصلات الإصدار المقومة باليورو وتوجيهها نحو أغراض مقومة بعملة الإصدار نفسها، وذلك من دون الحاجة لاستبدال عملة الإصدار بعملة أخرى.
وتظهر الدراسة لمنحنى العائد الدولاري للمملكة أن تكلفة الاستدانة أقرب إلى الميسرة لشريحة الثماني سنوات، خصوصا عند مقارنتها بالسندات العشرية الدولارية "يحين أجلها في 2029" التي تعطي عائدا 3.32 في المائة مقارنة بشريحة اليورو لثماني سنوات "يحين أجلها في يوليو 2027"، التي من المرجح أن تكون دون 0.80 في المائة.
انخفاض مؤشر القياس
كما توقع تحليل "الاقتصادية" أمس، استعانة السعودية بمؤشر القياس "المقوم باليورو" المعروف بـEuro Mid-Swap، وذلك مع الأسعار الاسترشادية لكل شريحة، التي تم تقليص هوامشها الائتمانية على ثلاث مراحل.
وتتداول بعض آجال هذا المؤشر بالفائدة السالبة "مقارنة بنظيره الدولاري"، حيث دخلت عوائد هذا المؤشر مع التسعير النهائي للسندات السعودية، وذلك بعد أن تمت إضافة "هوامش الائتمان" لكل شريحة.
وأظهر الرصد أن "مؤشر متوسط عقود المبادلة " "المقوم باليورو" يقف بقليل عند الفائدة السلبية للثماني سنوات (- 0.01) و0.64 نقطة أساس لـ20 سنة.
تحليل الأسعار الاسترشادية
استهلت السعودية أسعارها الاسترشادية لشريحة الثماني سنوات عند 115 نقطة أساس قبل أن يتقلص هذا الرقم إلى 0.95 نقطة أساس ومن ثم إلى 0.80 نقطة أساس. و20 سنة عند 170 نقطة أساس قبل أن يتقلص هذا الرقم إلى 155 نقطة أساس، ومن ثم إلى 140 نقطة أساس.
ومن أجل تحديد القيمة العادلة للإصدار السعودي، استعانت "الاقتصادية" بمنهجية مقارنة منحنى العائد للدول، التي لديها تصنيفات ائتمانية قريبة من تصنيف السعودية وسبق لها في الوقت نفسه أن أصدرت سندات اليورو. ولذلك، تم النظر إلى سندات تشيلي "التي أصدرت سندات ذات أجل 12 سنة بعائد نهائي بلغ 0.83 في المائة"، إضافة إلى إصدارات دول أخرى. واتضح من خلال الرصد أن الهامش الائتماني للقيمة العادلة لشريحة الثماني سنوات يراوح بين 95 و70 نقطة أساس، وهذا ما تم تحقيقه للسعودية حتى الآن.
في حين أظهر الرصد أن القيمة العادلة لشريحة 20 سنة تراوح بين 140 و115 نقطة أساس، حيث تظهر الأسعار الاسترشادية تحقيق تسعير أقرب إلى السخي على هذه الشريحة من الإصدار السعودي.
* محلل أدوات الدين والائتمان