04/05/2016
تراجعت 10 % خلال 2015
أسعار عقارات دبي تتجه نحو الاستقرار بعد سنوات من الطفرة
أسعار العقارات في دبي تشهد منذ أكثر من عام نسق انخفاض بطيء.
«الاقتصادية» من الرياض
تشهد أسعار العقارات في دبي منذ أكثر من عام، نسق انخفاض بطيء، بعد عشر سنين راوحت خلالها بين ارتفاع بلا ضوابط أسهم في تكوين ثروات ضخمة، وانخفاض حاد كبد كثيرين خسائر فادحة.
وبحسب "الفرنسية"، فقد باتت دبي مقصدا عقاريا رئيسيا للأجانب بعدما أطلقت في عام 2002، مناطق تملك حرة يتاح فيها لهم شراء العقارات، وبلغت الأسعار أعلى مستوياتها في 2008 بدفع رئيسي من المضاربات الاستثمارية، إلا أنها انخفضت بشكل حاد بعد ذلك بسبب الأزمة المالية العالمية.
وأدت الأزمة إلى فقدان القطاع العقاري زهاء نصف قيمته، إلا أن الطلب عاود الارتفاع بعدها، لتسجل أسعار العقارات والإيجارات مستويات قياسية بين 2012 و2014، مترافقة مع مخاوف من "فقاعة" عقارية جديدة.
وبعد عام 2014، عاودت الأسعار الانخفاض وإن بوتيرة بطيئة وأقل حدة، ويقدر كريج بلامب، رئيس بحوث الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في "جونز لانج لاسال" للاستشارات العقارية، أن أسعار العقارات في دبي تراجعت بنسبة 12 في المائة خلال عام 2015.
ويقول بلامب، إن السوق تشهد نوعا من الهبوط الناعم حاليا، لذا الأسعار تشهد تراجعا منذ أكثر من عام، ونعتقد أن السوق ستواصل التراجع بشكل إضافي، لكن ليس بقدر ما حصل حتى الآن، وأعتقد أننا شهدنا الجزء الأكبر من التراجع.
من جهتها، تقدر دانا سلباق، رئيسة قسم بحوث الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في "نايت فرانك" للعقارات انخفاض أسعار العقارات في دبي خلال 2015 بنحو 10 في المائة، مضيفة أننا رأينا تباطؤا في القطاع السكني، ورأينا الأسعار تنخفض بنحو 10 في المائة على مدى عام 2015، مشيرة إلى أن هذه الأسعار لم تنخفض بشكل كبير في الربع الأول من 2016.
ويشكل الطلب الخارجي المحرك الرئيسي للطلب على العقارات بدبي، إلا أن هذا الطلب يشهد تراجعا سببه بشكل رئيسي تراجع العملات إزاء الدولار الأمريكي الذي يرتبط به الدرهم الإماراتي، ما رفع قيمة العقارات في دبي بالنسبة للمشترين الأجانب.
وورد في تقرير "نايت فرانك" العام الماضي، أن العقارات في دبي باتت أعلى تكلفة للمشترين الذين يتعاملون بعملات أخرى، ويتربع الهنود على قائمة المستثمرين الأجانب في عقارات دبي، ففي عام 2015، أنفقوا أكثر من 20 مليار درهم (5.4 مليار دولار)، من أصل 135 مليارا (26 مليار دولار) هي قيمة مجمل التعاملات العقارية.
ويليهم المستثمرون البريطانيون (10.8 مليار درهم) والباكستانيون (8.4 مليار)، أما الإيرانيون، فبلغ حجم استثماراتهم العقارية العام الماضي 4.6 مليار، مقابل 3.7 مليار للكنديين، و2.7 مليار للروس.
وأسهم تراجع الروبية الهندية واليورو والروبل الروسي بشكل كبير أمام الدولار، في تقليص قدرة مواطني هذه الدول على شراء العقارات في دبي، ويشير بلامب إلى أن سوق العقارات تأثرت أيضا بالتباطؤ الاقتصادي الذي يؤدي إلى انخفاض نمو الوظائف، ما يعني تراجع عدد القادمين الجدد للعمل، الذين يسهمون عادة في زيادة الطلب على العقارات.
وعلى رغم أن دبي تعتمد بشكل محدود على إيرادات النفط، إلا أن تراجع أسعار النفط وتأثير ذلك على إيرادات دول المنطقة، تسبب بضغط غير مباشر على سوق العقارات، وتقول رئيسة قسم بحوث الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في "نايت فرانك" للعقارات إن فقدان النفط لجزء كبير من قيمته والتباطؤ الاقتصادي أثرا في المستثمرين وإرادتهم وشهيتهم للاستثمار، ودفعهم إلى اعتماد "مقاربة حذرة" في عملياتهم العقارية.
وعلى الرغم من هذه العوامل المتضافرة، يستبعد المحللون أن تشهد سوق العقارات انهيارا مشابها لذاك الذي شهدته في عام 2009، ويرى بلامب أنه ليس هناك ثمة احتمالا كبيرا لانهيار السوق، ولكننا نتوقع حصول تراجع إضافي، ما بين 5 و10 في المائة في 2016، على أن تبدأ الأسعار في التعافي في نهاية السنة الجارية.
وترى سلباق أن الأسعار ستستقر عند المستويات الجديدة الحالية، وتلك إشارة جيدة إلى أن السوق وصلت إلى أدنى مستوى قد تصل إليه، قبل أن تنتعش السنة المقبلة، وتعتبر أن تعهد حكومة دبي مواصلة زيادة الاستثمار في البنى التحتية يبعث برسائل إيجابية للسوق بأن الحكومة لا تزال ملتزمة بهذا القطاع.
ويعكس محمد العبار، رئيس مجلس إدارة شركة إعمار العقارية التي نفذت مشاريع ضخمة في دبي أبرزها برج خليفة، تفاؤلا بتحسن السوق، مضيفا أنه "لا بأس" بالانخفاض الراهن للأسعار، معتبرا أن سوق العقارات هي عمل بعيد المدى، وتفاوت الأسعار فيها أمر معتاد.
وأضاف العبار، أن شركته تعتزم تشييد مبنى أعلى من برج خليفة، وأن التراجع الحالي في الأسعار ليس بذلك السوء، معتبرا أن عدم صعود الأسعار بشكل جنوني كالعام 2007 هو أمر جيد، مشيرا إلى أن الجميع يريد ارتفاع الأسعار، ولكنى أعتقد أن على هذه الأسعار أن تكون مقبولة وأن التوازن بين العرض والطلب مشجع جدا.
وبحسب سلباق، فإن العرض يخضع حاليا "للضبط"، إذ بات المطورون العقاريون أكثر حذرا وإدراكا لحاجتهم إلى الشروع تدريجا في تسليم مشاريعهم، بشكل يتلاءم مع الطلب.