02/02/2015
إضرابات عمال النفط في الولايات المتحدة تعكس تفاقم أزمة إنتاج الصخري
أسعار النفط تبدأ التصحيح التدريجي بعد شهور عصيبة من الانخفاض
ارتفاع أسعار النفط 8 في المائة نهاية الأسبوع الماضي يعد مؤشرا على بدء تعافي السوق.
أسامة سليمان من فيينا
قال لـ "الاقتصادية"، مختصون نفطيون إن ارتفاع أسعار النفط بنسبة 8 في المائة نهاية الأسبوع الماضي يعد مؤشرا على بدء تعافي السوق واتجاه الأسعار إلى تصحيح أوضاعها بعد عدة شهور عصيبة على السوق عانى خلالها من انخفاضات حادة ومتتالية.
وأشار المختصون إلى أن التحسن سيظل نسبيا ما لم يحدث تغير جوهري في السوق من خلال تضييق الفجوة بين العرض والطلب حيث سيظل يعانى السوق من الوفرة والتخمة في العرض على حساب تباطؤ نمو الطلب.
وشدد هؤلاء على أن التحسن قادم بسبب تقارير اقتصادية عن نمو متوقع في الصين، التي تعد أكبر مستهلك للنفط في العالم ويواكب ذلك تقلص في الإنتاج من دول خارج "أوبك"، خاصة منتجي النفط الصخري الأمريكي الذين يعانون الآن من تداعيات تدنى الأسعار، التي تهدد كل أنشطتهم الإنتاجية والاستثمارية.
وقال لـ"الاقتصادية"، الدكتور فيليب ديبيش رئيس المبادرة الأوروبية المتوسطية للطاقة، إن تحسن أسعار النفط الخام سيستغرق بعض الوقت، لكنها تعود إلى المستويات شديدة الارتفاع السابقة، التي وصلت إلى 115 دولار للبرميل.
وأشار ديبيش إلى أن المنتجين عليهم سرعة التأقلم مع الأسعار المنخفضة وتعديل أوجه الإنفاق ومصادر الدخل وعلى المستهلكين الإسراع في برامج التنمية والإنتاج للاستفادة من رخص تكلفة الإنتاج والوفورات الكبيرة في فواتير استهلاك الطاقة .
وأوضح ديبيش أن تقرير حديث للبنك الدولي خاص بالشرق الأوسط أكد على أن الدول المستهلكة للنفط تتمتع بمزايا اقتصادية كبيرة وبظروف مواتية للإنتاج وتسريع برامج النمو، ومن بين هذه الدول المستهلكة عدة دول عربية عانت في السنوات السابقة من مشكلات الطاقة وارتفاع تكلفتها، ومن هذه الدول الأردن وتونس ولبنان ومصر.
وذكر رئيس المبادرة الأوروبية المتوسطية للطاقة، أن البنك الدولي شدد على أن جميع الدول المستوردة للنفط، عليها استثمار هذا الانخفاض من 115 دولارًا للبرميل في حزيران (يونيو) 2014 إلى أقل من 50 دولارًا حاليا، مشيرا إلى أن موازين التجارة في الدول المستهلكة يمكن أن تتحسن بنسبة تصل إلى 2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي.
ويرى ديبيش أن النتائج الاقتصادية الإيجابية في الدول المستهلكة ستتبلور من خلال عدد من المؤشرات الاقتصادية المهمة وأبرزها تراجع معدلات التضخم والفقر إلا أن بعض الدول العربية المرتبطة اقتصاديا بمنطقة الخليج قد تعاني بعض التبعات الاقتصادية مثل تراجع أعداد السائحين المحتملين من دول الخليج أو انخفاض تحويلات العمالة الأجنبية في الخليج وذلك في حالة استمرار انخفاض أسعار النفط.
وتوقع إيجور ياكوفلف المحلل الروسي أن تشهد الفترة المقبلة اضطرابات اقتصادية في الولايات المتحدة بعدما أدى تراجع الأسعار إلى تعطل الإنتاج في بعض حقول النفط الصخري وتجميد بعض الخطط الاستثمارية الجديدة بعديد من الشركات العالمية.
وأشار ياكوفلف لـ"الاقتصادية"، إلى أن الاضطرابات بدأت أيضا على مستوى العمالة حيث نجد قادة النقابات العمالية في مجال البترول يدعون إلى إضرابات في الولايات المتحدة هي الأولى من نوعها منذ عام 1980.
وأشار المحلل الروسي إلى أن هذه الخلافات تفجرت الآن بعدما دفع هبوط أسعار النفط الشركات الأمريكية لخفض الإنفاق، لافتاً إلى أن روسيا أيضا تواجه عديد من التحديات الاقتصادية بسبب التراجع الحاد في أسعار النفط وهو ما دفع البلاد إلى إجراءات اقتصادية تقشفية لوقف انهيار العملة الوطنية والسيطرة على التضخم، في إشارة إلى قرار بنك روسيا المركزي بخفض سعر الفائدة الرئيسي السنوي من 17إلى 15 في المائة، نظرا للمخاطر الناتجة عن تسارع نمو الأسعار الاستهلاكية وركود الاقتصاد.
ورأى ياكوفلف، أن قرار المركزي الروسي جاء مفاجئا للمتعاملين في السوق وكانوا قد توقعوا سابقا أن يحافظ البنك على أسعار الفائدة السنوية عند مستوى 17 في المائة، ما دامت الظروف غير مواتية لخفضها حيث أن معدلات التضخم في روسيا لا تزال عالية والروبل ضعيف.
وطالب ياكوفلف، بضرورة ضمان استقرار عملية إمدادات النفط في العالم، مع ضرورة الإسراع في عودة الاستقرار لبعض الدول مثل ليبيا التي عانت في الأيام الماضية من الاعتداءات المستمرة على الموانئ النفطية وفى العراق أيضا حيث يسيطر تنظيم داعش على محطة صغيرة للنفط الخام قرب مدينة كركوك الشمالية.
ودعا المحلل الروسي إلى ضرورة القضاء على السوق السوداء في تجارة النفط، التي يقودها "داعش" ومكافحة المضاربات وكل العوامل التي ساهمت في اهتزاز وضعف السوق في الشهور الأخيرة.
من جانبه، قال لـ"الاقتصادية"، الدكتور إبراهيم عزت المختص النفطي ورجل الأعمال المقيم في فيينا، إن دول الخليج الأقل تأثرا بتداعيات تراجع أسعار النفط الخام بسبب الفوائض والاحتياطات المالية إلا أن هذا الأمر غير كاف، وعلى جميع المنتجين تبنى سياسات اقتصادية جديدة تقوم على تنويع الموارد وترشيد الإنفاق العام.