26/10/2015
"أوبك" تصر على تطبيق آليات العرض والطلب
«تخمة المعروض» تضغط على سوق النفط وتحد من ارتفاع الأسعار
ارتفع خام برنت إلي 47.95 دولار للبرميل.
أسامة سليمان من فيينا
استهل النفط الخام تعاملات الأسبوع على تحقيق ارتفاعات سعرية عرقلتها المخاوف من استمرار تخمة المعروض، ولم ينجح انخفاض منصات الحفر الأمريكية وخفض الفائدة الصينية في تقديم العون للسوق، لتجاوز تأثير العوامل السلبية الضاغطة في الأسعار.
وتراجعت مراهنات المضاربين على استمرار ارتفاع الأسعار، وسط بيانات ومؤشرات اقتصادية على تباطؤ الطلب بفعل تعثر مؤقت في خطط تحفيز اقتصاديات الصين واليابان وتراجع النشاط الصناعي الأمريكي.
وأدت مشاكل التخزين وامتلاء خزانات المواد، إلى تعمق المخاوف على الاستثمارات في صناعة النفط، التي تشير التكهنات إلى احتمال تعرضها لحالة انكماش حاد.
من جهته، قال لـ"الاقتصادية" البروفيسورامبرجيو فاسولي؛ مدير مركز أبحاث الطاقة في مدينة لوزان السويسرية، إن مستوى الأسعار الراهن غير مناسب لكل المنتجين، ولا يعكس ظروفا أو أوضاعا طبيعية في السوق، متوقعا تجاوز السوق أزمته في العام المقبل بفعل نمو واسع وكبير لمستوى الطلب العالمي على النفط.
وأشار فاسولي إلى وجود قناعة كبيرة لدى دول "أوبك" باستبعاد فكرة التدخل في السوق للتأثير في مستوى الأسعار، في إشارة قوية إلى الثقة التامة بقدرة السوق على التعافي تلقائيا وبفعل الحراك والتفاعل التلقائي بين العرض والطلب، مبيناً أن هناك رؤية واثقة مبنية على خبرة عريضة لأوبك في السوق بأن الأوضاع ستتبدل والظروف ستتغير في الأمد القريب نحو التعافي والتوازن في سوق النفط الخام.
بدوره، أوضح لـ"الاقتصادية" الاقتصادي الألماني سفن شيميل مدير شركة في جي إندستري، أن حديث وزير الاقتصاد الإماراتي عن أن 80 دولارا للبرميل، هو السعر الأمثل للنفط وضغوط فنزويلا لعمل نطاق سعري للنفط بين 70 و 100 دولار، يعطي مؤشرا على تحرك قريب تقوده "أوبك" لتحسين مستوى الأسعار.
وأشار شيميل إلى أن أزمة الاستثمارات النفطية باتت كبيرة في ضوء طول فترة تراجع الأسعار، مشيرا إلى أن الاستثمار هو الضمانة لتأمين الإمدادات وضمان استقرار توفير الاحتياجات من الطاقة، خاصة في ضوء طفرة واسعة ومتوقعة في الطلب العالمي بفعل النمو السكاني وتسارع التنمية. وشدد شيميل على ضرورة وأهمية الإسراع في التحول نحو الاعتماد على موارد متنوعة للطاقة، خاصة موارد الطاقة المتجددة، مشيرا إلى أن ألمانيا لها تجربة رائدة في هذا المجال، حيث ستشكل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح قريبا النسبة الغالبة من مزيج الطاقة الألماني خاصة في المجالات الصناعية وتوليد الكهرباء وغيرها من الأنشطة الاقتصادية الحيوية.
من ناحيته، قال لـ"الاقتصادية" ألكس فولر مدير تنمية الأعمال في مبادرة الطاقة الأوروبية، إن تقلصا حادا بدأ في إنتاج النفط الصخري الأمريكي بسبب تراجع الأسعار، لكن انعكاساته على السوق مازالت محدودة بسبب تخمة المعروض والصعوبات الاقتصادية والانكماش الذي تتعرض له دول الاستهلاك الرئيسية خاصة الصين واليابان. ونبه فولر إلى أهمية اجتماعات المختصين من دول الإنتاج في "أوبك" وخارجها التي بدأت في فيينا الأسبوع الماضي، وتستكمل في اجتماعات لاحقة، مشددا على دورها في تحقيق تفاهم واسع بين المنتجين والتوصل إلى آليات ناجزة وفعالة لتنشيط السوق وتعافي الأسعار وتجاوز تداعيات الأزمة الراهنة.
وأوضح، أن المنافسة الراهنة على الحصص السوقية والمرشحة للتصاعد في الفترة القادمة خاصة بين "أوبك" وروسيا، يجب ألا تبعد المنتجين عن التفكير في التعاون والتنسيق والعمل الجماعي، لأن ذلك في صالح الجميع ومستقبل أفضل للاقتصاد الدولي، لأن اقتصاد اليوم يقوم على التكامل ولا تستطيع دولة بمفردها مهما كانت قوتها مواجهة كل التحديات الاقتصادية.
وفيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط أمس، مع ترقب المستثمرين أسبوعا حافلا بالمؤشرات الاقتصادية المهمة، لكن الأسعار ظلت تتحرك في نطاق محدود، في ظل وجود دلائل على قرب امتلاء مواقع تخزين النفط حول العالم ما يفاقم التخمة المزمنة.
وارتفع خام القياس العالمي برنت 25 سنتا إلى 48.25 دولار للبرميل بحلول الساعة 09:37 بتوقيت جرينتش، لكنه يبقى أقل 11 في المائة من أعلى مستوى سجله هذا الشهر، فيما زاد الخام الأمريكي 24 سنتا في العقود الآجلة إلى 44.84 دولار للبرميل.
وقالت جولدمان ساكس، إن أسعار النفط قد تنخفض انخفاضا حادا مع اقتراب مواقع تخزين المنتجات المكررة من الامتلاء لتتفاقم التخمة التي دفعت بالفعل الأسعار للهبوط أكثر من 50 في المائة منذ حزيران (يونيو) 2014.
واستقرت أسعار النفط العالمية في السوق الأوروبية أمس، قرب أدنى مستوياتها في ثلاثة أسابيع بدعم إيجابي من انخفاض منصات الحفر في الولايات المتحدة وخفض أسعار الفائدة في الصين، في مقابل ضغط سلبي من توقعات استمرار فائض المعروض العالمي حتى النصف الأول من العام المقبل.
وبحلول الساعة 08:05 بتوقيت جرينتش يتداول الخام الأمريكي حول مستوى 44.65 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 44.73 دولار، وسجل أعلى مستوى 44.78 دولار وأدنى مستوى 44.42 دولار.
وارتفع خام برنت إلى 47.95 دولار للبرميل، وسجل أعلى مستوى 48.13 دولار وأدنى مستوى 47.81 دولار.
وانخفض النفط الخام الأمريكي "عقود ديسمبر " يوم الجمعة بنسبة 1.6 في المائة، في رابع خسارة يومية خلال خمسة أيام، مسجلا أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع 44.19 دولار للبرميل. وعلى مدار الأسبوع الماضي فقد الخام نسبة 5.5 في المائة في ثاني خسارة أسبوعية على التوالي بفعل وفرة مخزونات الخام في الولايات المتحدة أكبر مستهلك للنفط في العالم.
وانخفضت عقود برنت في آخر تعاملات الأسبوع المنقضي بنسبة 0.2 في المائة، وسجلت أدنى مستوى 47.44 دولار للبرميل الأدنى منذ الثاني من تشرين الأول (أكتوبر) الحالي. وأعلنت شركة "بيكر هيوز" للخدمات النفطية يوم الجمعة، انخفاض منصات الحفر في الولايات المتحدة بمقدار منصة إلى إجمالي 594 منصة الأسبوع الماضي، في ثامن انخفاض أسبوعي على التوالي، بأدنى مستوى للمنصات منذ تموز (يوليو) من عام 2010.
وفي الصين، خفض بنك الشعب "البنك المركزي " أسعار الفائدة للمرة السادسة خلال أقل من عام، وخفض من جديد الاحتياطي الإلزامي للبنوك، في أحدث خطوات البنك لتحفيز النمو الاقتصادي المتعثر لثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، الأمر الذي قد يحسن من مستويات الطلب على النفط في المستقبل القريب.